Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

ألاقليات في العراق..والحلول العقيمه

تشكل الاقليات في العراق جزءا اساسيا من اي معادله سياسيه قد توضع في البلاد انطلاقا من البحث المستمر عن الحلول الممكنه لما يعانوه من مشاكل في تهميش هويتهم او التقليل من شأنها في الوقت الذي كانت هذه الاقليات يوما تشكل حضارة من حضارات العراق القديمه التي رفدت البشريه بالكثير من العلوم والاداب والقوانين والعلوم التطبيقيه التي مثلت الاساس في معظم الاحيان عند العلماء لتطويرالنظريات والقوانين البشريه كما هو الحال مع الحضارة البابليه القديمه والاشوريه التي خلفت للبشريه الكثير من العلوم والشرائع التي لازالت تشكل جزءا من الحضارة الانسانيه...

وبلا ادنى شك يقف الكثير من الباحثين عاجزين عن اعطاء هذه الحضارات حقها في البحث لا سيما بعد ان فقدت معظم هذه الابحاث مصداقيتها في بعض الاحيان لانها تكون خاضعه لمؤسسات الدوله التي لا تنشر اية تفاصيل تتعارض مع القيم السائده في المجتمعات العربيه اليوم وكذلك يتملكهم الخوف من عمق تأثير معطيات البحث على الانسان المعاصر والذي يجهل الكثير من العلوم التي انجبتها هذه الحضارات ولا يحمل في طيات افكاره سوى ما تشيعه وسائل الاعلام الحكوميه التي تحاول دائما تصوير هذه الحضارات على انها وثنيه لا قيمه فعليه لها كما كانت تفعل وسائل الاعلام في كل من العراق وسوريا التي كانت تتخوف من البحث المعمق في هذه الحضارات حتى لا تترك اثارها في الاجيال الحاليه وكذلك لا تؤثر في طبيعة تفكيرهم..

بل وابعد من ذلك عندما تتجاهل نتائج البحث التي تقوم بها البعثات الاوربيه التي تنشر تفاصيل ابحاثها وتحاول الحكومات هذه عدم الاصغاء للمطالبه بالترجمات الفعليه لهذه الابحاث ومعظم جهود الترجمه كانت فرديه تحسب للباحثين الذين سطروا هذا الجهد ووضعوه بين يدي الانسان والسبب كما قلت هو الخوف من ان تؤثر نتائج هذه الابحاث على نمط التفكير عند المواطن الذي يخضع لعملية تلقين سلبيه في المعلومات التاريخيه التي تخص وطنه ..

وانطلاقا من تشبع المواطن بهذا النمط من التفكير تخترق الحكومات عقول الجماهير وتجعلها تميل الى صفها دون شعور بعوامل التخدير التي تعرضت لها وبالتالي تصبح الجماهير نفسها تعارض تطلع الاقليات في الحصول على حقوقهم التي لا تتجاوز في بعض الاحيان المطالبه بممارسه عاداتهم وتقاليدهم وتعليم ابناءهم وبناتهم لغتهم الاصليه وحكم مناطقهم بأشخاص ينحدروا منها وليس من اماكن بعيده وتفرض عليهم نمط حياة اخرى مغايرة لما يطمحوا اليها كما فعل البعث بهم في العراق, واقليات العراق عانت طويلا من قمع السلطات التي تحكمت في البلاد وقراره عبر العصورمنذ سقوط نينوى وحتى يومنا هذا وبدلا ان تحاول الحكومات ابراز الجوانب المشرقه الانسانيه والعلميه في هذه الحضارات راحت تحاول في الكثير من الاحيان طمس معالمها وابراز النقاط التي تصب في خدمة مصالحها فقط والتي تتناسب مع سياستها فبدءا من الحضارة الكلدانيه التي قامت في بابل والتي شكلت مرحله مضيئه في التاريخ الانساني لانها قدمت نظاما اجتماعيا اقتصاديا متفوقا في ذلك العصر و طورت انظمه وقوانين شكلت مفصلا عظيما في القوانين الانسانيه بشكل عام وانتهاءا بالدوله الاشوريه التي حققت الكثير من المنجزات العلميه والثقافيه فأنها جميعا تمثل الاساس الذي قامت عليه الحضارة الانسانيه بأسرها..

يقول الدكتور ملفين جورج كايل الاستاذ في معهد زينيا للدراسات اللاهوتيه في ميزوري الامريكيه(من نقطه مركزيه في مكان ما من بلاد ما بين النهرين توزعت الفصائل البشريه بأتجاهات الارض الاربعه هو امر لا يقبل النقض والجدل.)

ورغم ان بعض الباحثين يفسرون هذا الرأي يقصد به انطلاق الحضارة والعلوم ولا يقصد به الفصائل البشريه ككائنات لانهم استندوا الى نظريه التطور واصل الانواع فأن الانسان حقق اسلاخه من المرحله الحيوانيه بأزمان متفاوته في قارات الارض الاربع وهي ربما تكون قريبه الى الواقع لكن المهم هو ان هذه الحضارات هي المنبع الذي رفد البشريه بالعلوم المختلفه..

ما يخصنا اليوم هو تعامل الحكومات المتعاقبه منذ تأسيس الدوله العراقيه الحديثه عام 1921 والتي تمثلت بطرق ملتويه تفتقد للمعالجه السليمه الخاليه من عقدة النقص تجاهها,فأعطاء الاقليات حقهم في التعبير عن هويتهم بشكل حضاري يسهم الى حد بعيد في اغناء الهويه الوطنيه العراقيه وليس اضعافها كما يعتقد البعض فيما اذا لو كان هناك اهتماما حقيقيا فعالا بالهويه الوطنيه وجذور منابعها,والعراق ليس البلد الوحيد في العالم الذي يضم اقليات تشكل لوحته الوطنيه والجغرافيه وتعطيه صورة مشرقه لفسيفساء قلما وجد على ارض بلاد اخرى غير بلادنا لكن احدا لم ينظر الى الموضوع بتجرد في الحكومات السابقه وكثيرا ما شابت النظره اليهم الشك والتخوين وهي صيغه تفتقد لادنى حس اخلاقي في التعامل مع هذه القضيه الحساسه..

وينظر البعض اليوم الى قضيه حصول هذه الاقليات على القليل من حقوقها على انه محاوله للبحث عن كيان مستقل لها كما هو الحال في موضوع الاقليات في سهول نينوى رغم ان من ابسط الحقوق ان تمارس هذه اللاقليات حقها الطبيعي في التعبير عن حضارتها دون تأثيرات من هذا الطرف او ذاك او حتى التشكيك بأنتماءاتهم الوطنيه...

وتنظر معظم الاطراف الى العمليه السياسيه الحاليه بريب وقلق بعد ادراج بعض المواد التي تدخل في اطار تغيير التبعيات الجغرافيه والمناطقيه لبعض البلدات والمحافظات في دستور الدوله الجديد بعد سقوط الدكتاتوريه..

فهذه الاقليات اليوم حائرة بين البقاء تحت تبعيه الدوله المركزيه والتي تعيش المناطق التابعه لها تحت جحيم الحرب والارهاب وبين الانتماء الى مناطق كردستان التي تعيش حاله شبه استقرار منذ عام 1991 ورغم ان الظروف التي تحيط بالبلاد شاذه بكل المقاييس في ظل سيطرة الارهاب على معظم المناطق القريبه من تواجد هذه الاقليات, والحقيقه ان الطريقه التي يتم التعامل بها مع هذا الملف تفتقد الى الاساليب الحضاريه التي اتبعتها العديد من الدول في معالجة مسأله الاقليات فلا الظروف السياسيه ولا الامنيه تسمح بأجراء استفتاء شعبي نزيه للعمليه لا سيما بعد سيطره الارهاب على الموصل والمناطق الاخرى التي تعيش فيها الاقليات والقضيه هذه بالتحديد تحتاج لظروف مستقرة يكون فيها الامن مستتبا يستطيع الانسان فيها التعبير عن رأيه دون خوف او تأثيرمن اطراف سياسيه تزايد على المواقف التي يمكن ان تكون نتاج اراء الجماهير بشكل حر..

ان ما يشعل وتيرة النقاشات اليوم حول الاقليات في العراق هو الظروف العصيبه التي تحيط بهم والتي اوقعتهم تحت سطوة عناصر الارهاب والظلام التي لا تعلم شيئا عن قيم الحضارة والانسانيه وهذه التهديدات لا تشكل خطورة على حياتهم وتواجدهم فحسب بل تشكل تهديدا مباشرا للمعالم الحضاريه التي امتلكها العراق عبر تاريخه الطويل فالارهاب يريد افراغ العراق من هذه الحضارات كما فعلت طالبان في افغانستان وتقوم اليوم بقتلهم وتهجيرهم امام مراى ومسمع العالم باسره في مقدمته الولايات المتحده وجيشها في العراق والهجرة التي يتعرضوا لها لا تصب الا في خانة افراغ البلد من صروح حضاريه عملاقه اسهمت في اغناء العراق وتاريخه الطويل بالعلم والمعرفه..

العراق اليوم اكثر من اي وقت مضى بحاجه الى اعطاء ابناءه حقوقهم المشروعه في التعبير عن انفسهم لا ان يتم فرض قيود جديده لا تجعلهم الا اسيري حاله اللامخرج من امرين اسوءهما مرعلى هذه الاقليات التي شكلت العمق الحضاري والتاريخي لبلادنا..

ان اعطاء الموضوع حلولا صحيحه لا يؤدي الا الى تقوية عامل الوحده بين الشعب ويسهم في النهايه في اعطاء الهويه الوطنيه العراقيه ثقلا حقيقيا مؤثرا في وحدة ابناءه ويسهم ايضا في تمسكهم في هذه الهويه الوطنيه بقوة.. Opinions