أليس هناك أسلوباً أفضل في حل المعضلات غير أسلوب شد الحبل؟
يزداد القلق في صفوف الأوساط الشعبية, وبشكل خاص في صفوف القوى الديمقراطية والأوساط الثقافية العراقية في الداخل والخارج من الغيوم المتلبدة في سماء العراق وأكثر من أي وقت مضى, ومن تزايد التراشق أو اتخاذ إجراءات متبادلة أو تصريحات من الطرف الحكومي في بغداد والطرف الحكومي في أربيل, التي لا تساعد في كل الأحوال على توفير المناخ المناسب لحل المعضلات القائمة. ويبدو أن البعض يراهن على خلط الأوراق والتمتع باحتمال الصيد في الماء العكر. ومثل هذه الأساليب استخدمت في السابق وأدت إلى عواقب وخيمة على الشعب العراق بكل مكوناته وضاعت الكثير من المكاسب بفعل تلك الصراعات وتحولها إلى نزاعات دموية.إن الأسلوب الوحيد والأمثل في حل المعضلات هو أسلوب الحوار والجلوس إلى طاولة المفاوضات وليس محاولة السير على أسلوب جر الحبل, إذ ليس في هذا الجر أي رابح, بل إن الجميع خاسرون. ومن لا يصدق ذلك عليه أن ينظر إلى تاريخ العراق الحديث منذ تأسيس الدولة العراقية حتى سقوط الدكتاتور الأهوج صدام حسين.
نحن بحاجة إلى عقلانية في معالجة الأمور وبعيداً عن التعصب القومي العربي أو الكردي, إذ كلاهما يقود إلى مزيد من التوتر من التباعد والتوتر والتوجه صوب التفكير باستخدام اسلوب كسر عظم, لن يربح منه أي طرف.
أليس المفروض أن نفكر, كيف تمكنت مجموعة من البعثيين والقوميين والإسلاميين في الحصول على الأغلبية في مجلس محافظة نينوى وأن تشكل الحكومة بالتحالف مع قوى أخرى, وبعيداً عن قائمة الحدباء المتآخية ؟ ألا يجعلنا نفكر بارتباط هذه النتيجة بسياسة غير سليمة مورست من قبل القوى الكردستانية التي كان لها تأييد جيد في محافظة نينوى ولم تستطع كسب الرأي العام هناك, رغم مرور عدة سنوات على وجودهم في الموصل؟ أعتقد جازماً بأن المسئولين الكُرد في محافظة نينوى قد ارتكبوا الكثير من الأخطاء والتي ساعدت في وصول مجموعة من القوميين والبعثيين الأكثر مناهضة للكُرد إلى مجلس محافظة الموصل. وهي مشكلة يفترض أن تُقّيم بصورة جديدة ومن قبل القوى الكردستانية المشاركة في حكومة الإقليم ومن الأحزاب السياسية الكردستانية عموماً.
إن أوضاع العراق الراهنة لا تحتمل ممارسة لعبة جر الحبل من الطرفين على مستوى العراق أو على مستوى المحافظات, ولن تنفع سياسة إدارة ظهر البعض للبعض الآخر, إذ لن يستفيد منها سوى أعداء الشعب العراقي المتربصين له بالمرصاد والذين بدأوا فعلاً بتوجيه ضربات جديدة للأمن الهش في بغداد والموصل وفي غيرهما من المدن.
إن الحكومة العراقية التي دعمت محافظ الموصل أثيل النجيفي, في تصلبه, وفق التصريح الذي أدلى به, لن تساعد على إيجاد حلول عملية للمشكلات القائمة ولن تنهي مقاطعة قائمة الحدباء المتآخية, كما أن المقاطعة وعدم فسح المجال لمحافظ الموصل في الوصول إلى احتفال في بعشيقة هو الآخر لن يعالج المشكلة, بل يزيدها تعقيداً ويدفع بالأمور إلى الصدام غير المبرر, كما أن التصريح بأنهم لن يسمحوا للإدارة في نينوى أن تشرف على الأقضية الكردستانية, أي تلك التي يجري الحوار بشأنها حالياً وبمساعدة الأمم المتحدة لن تعالج الأمور بالحكمة المطلوبة.
إن استخدام العقل والحكمة والهدوء هو الطريق الوحيد لمعالجة مشكلات العراق الراهنة والمستقبلية وليس بجر الحبل من أي طرف كان!
9/5/2009