Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

استنادا إلى قضية الهاشمي وبعيدا عنها

رفض (سقراط) عرضا مغريا قدمه له طلابه، يقضي بتهريبه من السجن الذي أودع فيه منتظرا تنفيذ حكم الإعدام بتهمة إفساد عقول الشباب بخرافة إله أثينا. احترامه للعدالة وقوانينها وان كانت جائرة، هو سبب رفضه للعرض، مؤكدا ان هروبه من السجن سيثبت صحة التهمة التي لصقت به، وهكذا تقبل الفيلسوف الإعدام التزاما بمبدأ احترام حكم القضاء.
وعندما اقترح (أرسطو) بناء سور آخر لحماية "دولة المدينة" في أثينا، احتج عليه الحكماء لعدم الحاجة لذلك، فسور أثينا متين ومنيع يحميها من غزوات الأعداء، فضلا عن التكلفة العالية لبناء السور، غير أن الذي لا يدركه المعترضون هو ان السور الذي تخيله الفيلسوف هو سور القانون الذي يحمي "دولة أثينا" من اي عدوان في داخل الدولة!
تلك بعض من المواقف البالغة الدلالة من زمن لم تكتسب فيه الإنسانية آنذاك تجربتها الكافية بأهمية حكم القانون، ولا يتسع المجال هنا، لاستعرض صور أخرى من مواقف كبيرة لزعماء كبار في احترامهم لحكم القانون.
اليوم في العراق وبعيدا عن قضية السيد الهاشمي من التهم الموجه له حسب اعترافات حمايته، وبعيدا عن تسييس القضية، وبعيدا عن تقييم طريقة إدارة هذا الملف، وبعيدا عن الضغوطات التي مارسها المتنفذون على القضاء بجميع تلاوينهم واتجاهاتهم، وبعيدا عن كل تصريحات المعنيين وغير المعنيين بالقضية، بعيدا عن أي ملموسة تقترب من هذه القضية، بعيدا عن كل ذلك، وقريبا من القانون وحكمه، اثبت انه ليس هناك اي شخصية مهما بلغت مسؤوليتها في الدولة، او مكانتها في المجتمع ان لا يطالها القانون.
بعيدا عن قضية السيد الهاشمي، وملابساتها، واستنادا الى البيان الصحفي الموقع باسم القاضي عبد الستار بيرقدار، المتحدث الرسمي باسم السلطة القضائية بتاريخ 2/1/2012، الذي أوصى من خلاله مجلس الوزراء " لإرسال ما لديه من ملفات تخص أعمال إرهابية او تتعلق بالفساد ارتكبها مسؤولون كبار، سابقين او حاليين ان وجدت". هذا المطلب الصريح والواضح جعل المسؤولية بعاتق كل من يمتلك ملفا ما ضد كل من تلطخت يداه بدماء العراقيين، وكان عونا في اي شكل كان من أشكال الأعمال الإرهابية الشريرة، وكذلك اي مجرم فاسد تلطخت جيوبه بالمال العام.

انطلاقا من هذا التصريح الذي أكد "على ان أبواب المحاكم مفتوحة لتلقي اي شكوى مع أدلتها من اي جهة ضد اي جهة" وهذا ما يضع إمكانية أمام كل جهة او مواطن للتقدم بدعوى قضائية ضد اي جهة معنوية كانت ام شخصية مسؤوله بصورة مباشرة، او لمسؤوليتها العامة في إلحاق الأذى والحيف، او تعرض لأي انتهاك في مجال سلامته وحقوقه وحرياته، وكل من لم يحصل على ضمانات اجتماعية او معيشية أمنها له الدستور.
القضاء هو الذي طلب من الجميع هذه المرة، وها نحن نترقب الدعوة الأولى!، وعسى ان نشهد تقديم الملفات التي طالما ردد البعض عن وجودها، فمن يتحفظ على ملف قاتل او فاسد، هو كمن يخفي المجرم عن يد العدالة.








Opinions