Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

الإهانات والضرب آفة مستشرية ... المدرسة في دوّامة الثواب والعقاب

12/01/2006

الحياة:لم ترتم رند (ستّ سنوات) في أحضان أمها الدافئة بعد يوم دراسي شاق بابتسامتها المعتادة، بل وصلت إلى منزلها متوجة بقبعة كرتونية سوداء صغيرة أو بما تسميه معلمتها “قبعة الشيطان”. “كنت أتكلم مع زميلتي في الصف أثناء شرح المعلمة للدرس، ولكن والله عن غير قصد. عاقبتني المعلمة فوضعت على رأسي هذه القبعة السوداء أمام الصف كله! وهي تضعها فقط على رأس التلاميذ الشياطين، الكسالى والمشاغبين. أنا دائماً شاطرة وعاقلة، المعلمة تحبني!” وراحت رند تبكي.

قد يلجأ بعض الأساتذة إلى اعتماد الإذلال كوسيلة عقاب في العديد من المدارس معتقدين أنها ستعلّم الطفل درساً لن ينساه وستثنيه عن تكرار فعلته. الا أنّ الواقع يأتي مختلفاً تماماً. فهذه الوسيلة تشوّه صورة الطفل أمام الطلاب الآخرين ولا تعلّمه التمييز بين الخطأ والصواب بل تؤدي الى تحطيم نفسيته. كذلك الحال بالنسبة الى أساليب أخرى لمعاقبة الطالب أشهرها الضرب بالعصا الذي أثبت فشله في التربية، عدا الآثار النفسية التي يخلّفها في الطفل.

وتقول والدة رند بعدما قصدت مدرسة ابنتها: “أبشع شيء رأيته في باحات المدرسة هو منظر بعض الأطفال المعاقبين وعلى رأسهم هذه القبعات السود الشنيعة. بدوا مذلولين يلفهم الحزن والوحدة. هذا أمر غير مقبول في التربية السليمة”.

ويصبح الأطفال الذين تعرضوا لهذا التمييز، منطوين على أنفسهم يفضّلون الانعزال وعدم مشاركة أصدقائهم الاستراحة واللعب.

وقد يأتي الأهل ليزيدوا الطين بلّة عبر الموافقة على هذا الأسلوب في العقاب، إذ يقول والد تلميذ في المرحلة الابتدائية: “لا تهمّني وسيلة العقاب، المهم أن يكبحوا جماح طفلي الشقي ويربوه”.

لكنّ هذا الوالد لا يعلم أنّه توجد علاقة قوية بين أسلوب العقاب ودرجة الانحراف السلوكي لدى الطفل. فللعقاب قواعد معيّنة حتى يكون في إطار تربوي سليم يضمن السلامة النفسية للطفل ولا ينحرف به ويسبّب له مشكلات خطيرة تؤثر في شخصيته. والأهم من كل شيء ألا تتألّف وسيلة العقاب من إذلال للطفل لأنّها قد تؤدي به إلى الإصابة بأمراض نفسية عدّة.

“نحن الذين ندفع ثمن بعض الطرق الخاطئة في التربية” تقول مرشدة اجتماعية في احدى المدارس الابتدائية، وتضيف: “عندما يصل الأطفال إلى الصفوف العليا، يكتشفون ضعف مثل هذه الطريقة في العقاب، ويفقدون ثقتهم بنا ويصبح من الصعب إقناعهم أو السيطرة عليهم، ونصبح نحن المعلمين على اختلاف شخصياتنا الشيطان في ذاكرتهم!”. Opinions