الانتخابات البرلمانية الصربية الأخيرة ومشاهدات متدرب

سام وليم *

كانت صربيا "إحدى مكونات جمهورية يوغسلافيا الاتحادية السابقة" على موعد مع الانتخابات البرلمانية في الحادي والعشرين من كانون الثاني الماضي، شاركت فيها عشرون قائمة من الأحزاب والتحالفات الحزبية، وصوت 60.4% من الصربيين الذين يحق لهم التصويت في الانتخابات، وبروح التنافس والديمقراطية انتهت الانتخابات بدون أي انتهاكات او خروقات تذكر، وبزيادة عدد مقاعد الأحزاب الديمقراطية على الأحزاب الأخرى.
يتكون البرلمان الصربي من 250 عضوا منتخبا لدورة برلمانية من أربع سنوات، ولتسجيل الحزب او الإتلاف ضمن قائمة الانتخابات يجب عليه الحصول على 10.000 توقيع، وللدخول الى البرلمان وعلى عكس الحال في العراق هناك عتبة يجب على الحزب المتنافس تخطيها الا وهي الحصول على نسبة 5% من إجمالي المصوتين في الانتخابات.
الأحزاب المشاركة في الانتخابات كانت على مستوى عال من الاستعداد للدخول في المعركة الانتخابية والفوز بأكبر عدد من الأصوات، فالحملة الانتخابية الناجحة للأحزاب ركزت على الاستغلال الصحيح للوقت والمال من اجل استهداف الناخب برسالة واضحة ومقنعة وقصيرة.
الأحزاب الصربية.. استهدافاتها وقضاياها وشعارها في الانتخابات
ومن الأحزاب المشاركة في الانتخابات الحزب الديمقراطي، توجهه ديمقراطي اشتراكي على الطريقة الأوربية، الذي استطاع مضاعفة عدد مقاعده، تأسس الحزب الديمقراطي في عام 1919 بعد ان ساد جو من الديمقراطية المملكة التي تشكلت في عام 1918 وسميت مملكة الصرب والكروات والسلوفينيون، المملكة كانت ديمقراطية ذات نظام برلماني، واستمرت ما بين عام1918 وعام 1928 استطاع الصرب خلالها تشكيل دولة ذات نظام برلماني بالإضافة الى وجود تعدد حزبي.
المستهدفون من حملة الحزب الديمقراطي كانوا من المتمدنين، والطبقة الوسطى، بالإضافة الى الشرائح المؤيدة لمشروع الانضمام الى الاتحاد الأوربي. ومن القضايا التي طرحها الحزب اثناء الحملة كيفية جعل الحياة أفضل، والدخول الى الاتحاد الأوربي. اما عن الرسالة والشعار السياسي الرئيسي للحزب التي وجهها خلال حملته كانت ”لأن الغد لا ينتظر“، بالإضافة الى شعارات أخرى مثل "نحن يجب أن نتحرك بسرعة نحو الإتحاد الأوروبي"، "تأمين الوظائف للناس".
والحزب اللبرالي الديمقراطي توجهه اشتراكي متحرر، تأسس في عام 2006 "منشق عن الحزب الديمقراطي" واستطاع خلال عام واحد من دخول البرلمان بـ 15 مقعداً للتحالف الذي هو من ضمنه والمتكون من أربعة أحزاب، المستهدفون من الحملة كانوا من الشباب والنساء ومن الناس المؤمنين بالديمقراطية، القضايا التي طرحها الحزب أثناء حملته الانتخابية كانت إظهار سلبيات الحكومة الماضية، والإشادة بدور ونشاطات رئيس الوزراء السابق المقتول "زوران جنجج"، بالإضافة الى حق تقرير المصير لكوسوفو، الشعار الرئيسي للحملة كان "لأنه يعتمد علينا"، بالإضافة الى رسائل حول الاقتصاد الحديث، والشباب كأولوية، بالإضافة الى الدخول الى الاتحاد الأوربي.
حزب مجموعة السبعة عشر G17+ وهو حزب ليبرالي محافظ في صربيا تم تأسيسه من قبل 17 خبير "اقتصادي ومؤرخ وسياسي وعالم" في بداية تأسيسه عام 1997 كانت منظمة مجتمع مدني، وفي عام 2002 تحول الى حزب سياسي ودخل البرلمان في عام 2003 بـ 32 مقعداً، وشعاره الرئيسي في الحملة الانتخابية البرلمانية لهذا العام كانت "الخبرة قبل السياسة". ولان الحزب انسحب من الحكومة السابقة وحسب تحليلات واستبيانات توقع الحزب في هذه الانتخابات الحصول على عدد اقل من المقاعد، وهذا ما حدث فقد حصل الحزب على 19 مقعد فقط علما ان الحزب كان يتوقع الحصول على عدد اقل وهذا يدل على المصداقية والاعداد الجيد ، ورغم كل شي بقى الحزب الى نهاية الانتخابات يعمل ضمن خطته الانتخابية.
الإعدادات للحملة الانتخابية الناجحة
الإعداد الصحيح للحملة أتى بثماره فهذه الأحزاب قامت بالبحوث اللازمة للإعداد للحملة، ووضعت استراتيجيات لأهداف الحملة وقامت بتحديد عدد الناخبين المطلوبين لتحقيق الفوز، وتحليل الناخبين واستهدافهم، ووضع خطة للاتصال بالناخبين. وعند دخولك الى أي مبنى من مباني هذه الأحزاب فأول شيء ستلاقيه هو تقويم كبير على الحائط مثبت فيه اليوم والعمل الذي سيقومون فيه في ذلك اليوم أثناء الحملة الانتخابية ومن سيقوم به، هذا بالإضافة الى تقسيم العمل داخل كل مقر للحزب الى مدير الحملة وهو المسؤول المباشر عن جميع نشاطات الحملة، وفريق الأصوات المضمونة: مهمته تدوين أسماء الناس المضمونة أصواتهم للحزب في قاعدة بيانات على الحاسوب وتسليمها للمركز الرئيسي في العاصمة لكي يتم دمجها مع بقية الأسماء المضمونة وفي وقت لاحق يقوم هذا الفريق بالاتصال بهؤلاء الأشخاص من اجل تذكيرهم بموعد الانتخابات وحثهم للذهاب اليها، واعادة الاتصال بهم في نفس يوم الانتخابات للتأكيد عليهم مرة اخرى. وفريق المراقبين: وهم الأشخاص الذين سيراقبون الانتخابات "مراقبين ووكلاء في نفس الوقت" في القاعة الانتخابية في يوم الانتخابات، ومع ملاحظة انه في صربيا يكون المراقبون في يوم الانتخابات من الأسماء المرشحة من الحزب نفسه ويحق لكل حزب وضع مراقبين اثنين في القاعة الانتخابية. والفريق الإعلامي: وهو فريق يقوم بتصميم وطبع ومنتجة المواد الإعلامية للحزب. والفريق اللوجستي: وهذا الفريق يقوم بتأمين سيارات لغرض إيصال الناس الى مراكز الانتخابات في حال كونهم بعيدين عنها، بالإضافة الى توفير المتطوعين او غير المتطوعين من اجل لصق المنشورات وتوزيعها. وفريق من باب الى باب: الذي يعتبر من اكثر الطرق فعالية لإقناع الناخبين من خلال القيام بزيارات الى مساكنهم من منزل الى منزل، وغالبا ما يتأثر الناخبون بالحزب الذي كلف نفسه عناء القدوم للقائهم. والفريق المالي: وهذا الفريق يقوم بالبحث عن الناس الذين باستطاعتهم التبرع من اجل الحملة.
الوسائل الإعلامية المستخدمة خلال الحملة الانتخابية
أما عن الوسائل الإعلامية المستخدمة أثناء الحملة الانتخابية فهي أفلام الفيديو من اجل عرضها في التلفزيون، مطبوعات كبيرة (Billboards)، ومطبوعات صغيرة (Posters)، منشورات صغيرة، بعض الأحزاب قامت بطباعة نشرات خاصة بنشاطات الحزب وأهدافه خلال الانتخابات على شكل صحف، كما وتم طباعة شعار الحزب للحملة الانتخابية على أقلام او قداحات او بالونات او على علب الشاي وتوزيعها على الناس ولان الانتخابات تزامنت مع أعياد الميلاد ورأس السنة الميلادية فقد تم استخدام دعايات الأعياد في الحملة، استخدام الانترنت لنشر دعايات الحملة، استخدام طاولات وخيم في الساحات العامة من اجل توزيع المنشورات (Street stands)، وعقد اللقاءات والتجمعات في الميادين والقاعات، بالإضافة الى حملة من باب الى باب التي سبق وان ذكرناها سابقاً.
اما عن العملية الإعلامية للانتخابات فلا يجوز لأي تلفزيون ان يعطي أكثر من 30% من وقت الإعلان الكامل للحملة الانتخابية في التلفزيون، كما يوجد منظمة لمراقبة أخبار الأحزاب التي تنشر في التلفزيون بالإضافة الى جهة حكومية، وفي حال بث اي شيء يمس اي مكون صربي يتم مباشرة إلغاء ترشيحه من الانتخابات.
نتائج الانتخابات
وهذه بعض النتائج التي حصلت عليها الأحزاب في صربيا
• استطاع الحزب الديمقراطي من الفوز بـ 64 مقعد في البرلمان بعد ان كان لديه 34.
• تحالف الحزب اللبرالي الديمقراطي حصل على 15 مقعد، الحزب اللبرالي تكون في عام 2006 أي لم يشارك في الانتخابات السابقة.
• حزب مجموعة السبع عشر حصل على 19 مقعد بعد ان كان لديه 31 كرسي في البرلمان السابق.
• الحزب الراديكالي الصربي حصل على 81 مقعد بعد ان كان لديه 82 مقعد في البرلمان السابق.
• الحزب الديمقراطي الصربي حصل على 47 مقعد بعد ان كان لديه 53 مقعد في البرلمان السابق.
• الحزب الاشتراكي الصربي حصل على 16 مقعد بعد ان كان لديه 22 مقعد في البرلمان السابق وهو حزب الرئيس الصربي ميلوسوفتج الذي كان مطلوب لمحكمة لاهاي بسبب جرائم الحرب التي ارتكبها، وتوفي في السجن قبل انتهاء محاكمته.
*مشارك في الدورة التدريبية التي نظمتها منظمة الـ "NDI" للاطلاع على الانتخابات البرلمانية في صربيا.