Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

التغرب النفسي في المجتمعات المتقدمة اسرع واعمق من عملية التطبع والاحتواء

الجزء الاول
قامت في السنوات الماضية وما زالت تقوم محاولات عديدة لمعرفة مصير الامراض النفسية وما اتصل بها من علل في حياة انسان المستقبل وتشمل هذه المحاولات ليس فقط امكانية تزايد او تناقص هذه الامراض وما يتوقع لها من علاجات جديدة وانما تشمل وضع انسان المستقبل بشكل عام وهذا ما نطمح اليه في بحثنا هذا . بما في ذلك التحولات الاجتماعية والاقتصادية والعلمية واثارها المفردة او المجتمعة على عقل الانسان و واجباته وهناك من يتوقع القضاء كليا على جميع الامراض النفسية عن طريق مسح اسبابها او الوقاية منها بشكل او اخر وهناك من يتوقع ان تتطور الوسائل العلاجية الى اكتشاف الوسيلة العلاجية التي تستطيع ازالة الاعراض المرضية النفسية حال قيامها او بتكوينها المناعة الكافية لمقاومتها اما حسب وجهة نظري المتواضعة هي غير ذلك حيث ارى ان الامراض النفسية ستبقى ملازمة لبني الانسان مهما طال الزمن وان وضع انسان المستقبل ينذر بالخطر وبأنه سيكون اكثر تعاسة ومعاناة واكثر تهيئة للجرف والانهيار حيث أن انسان المستقبل سيكون عاجزا عن مواجهة التغير في محيطه والتكيف على متطلباته الكثيرة والمتغيرة والمعقدة . اما حجتي عن وضع الانسان في المستقبل فهي تستند الى عدة اسباب منها ان التقدم الحضاري للانسان في هذا العصر قد زاد زيادة مطردة من انتشار وعمق للمعاناة النفسية في حياة الانسان المعاصر. ولهذا من المنطق ان نتوقع اطراد ذلك مع التزايد الواضح في التقدم الحضاري ان يصل التقدم العلمي وما يفرضه من ضرورات من التغيير في نمط الحياة الى خلق حالة من الشدة والتعقيد والارباك تفوق مقدرة العقل البشري على تحملها او ملاقاتها بالتكيف وقد يضطر بسبب ذلك الى اللجوء لوسائل مساعدة من الدواء لتساعده على تحمل كل ذلك او التهرب من ملاقاته كما هو في الواقع تزايد الاضطرابات النفسية مع تزايد التقدم العلمي وتزايد نسبة الناس الذين يلجأون لعون الدولة كالرعاية الاجتماعية او ما يماثله فعلاً لاثر العمل والبطالة على الشخصية والحياة النفسية وكذلك التوصل الى فهم ادق لمدى حاجة الانسان لكل من الانفراد والاتصال الاجتماعي لضمان سعادته وصحته النفسية وامكانية التوصل الى ادوية يستطيع بواسطتها التحكم في بعض مظاهر حياته النفسية من تعب وخيال وغيرها من المظاهر التي ترد في حياتنا اليومية .
من الواضح ان الانسان المعاصر يسير في ثورة من العلم وهو في نفس الوقت صانع هذه الثورة وسيرها وليس هناك من شك في ان الثورة العلمية قد رفعت الكثير من المعاناة التي لا ضرورة لها وقد انعكس ذلك بالتخفيف الى حد كبير من وطاءة المعانات العقلية والنفسية في التقليل من اسبابها احياناً بعلاجها وتاهيل اصحابها احياناً اخرى غير ان التقدم العلمي قد احدث في حياة الانسان مالابد منه من تحولات اجتماعية واقصادية وثقافية بعيدة المدى الكثير من التحولات ادت الى التغيير في علاقة (الفرد مع محيطه) كما ادت لدى الكثيرين من الناس الى قيام شعور(من الغربة عن المحيط وعن النفس المألوفة) ومع ان مثل هذه النتائج هو امر متوقع لأي حالة تغيير وان بالامكان التغلب عليه واحتواء اثاره الا (ان الظواهر تدل على ان عمليات التغرب النفسي في المجتمعات المتقدمة والاخذة بالتطور هي اسرع واعمق من عمليات التطبع والاحتواء التي يعيشها الانسان) وكان من شأن ذلك ان يزيد الارهاق في حياته وان يعرضه بشكل اوسع للوقوع في مختلف الاضطرابات النفسية والسلوكية واذا كان هناك من يجادل في ان هذه الامراض وانتشارها في مجملها اقل مما مضى فأن هذا الجدل هو غير الواقع حيث ان معظم الاضطرابات النفسية والسلوكية قد (تسترت) عند الظهور المباشر لوسائل متعددة منها اللجوء الى تبليد احاسيس الادمان والتعود على الكحول والادوية والعقاقير ومنها الى الاستهلاك بشتى انواعه وعدم الأستقرار في السكن او العمل وتحديد الفكر عن طريق الاستسلام للترفيه الثقافي لوسائل البث والاعلام المختلفة .وهو الحال الذي يعيشه الكثير من اخواننا وابناؤنا العراقيون في المهجر في بلاد الغربة لكن كل هذا ومعانات اخرى كثيرة يعيشونها اقول رغم كل ذلك لا زالت الهجرة مستمرة من بلدي الحبيب العراق العظيم الى ارض الله الواسعة ...!!!سؤالي اليس هذا دليل واضح وصريح لوجود اسباب اكثر قسوة وتأثير على ابناء شعبنا وهم في وطنهم الاصلي من معاناتهم المذكورة في المهجر لكي يستمروا بالهجرة وترك الوطن؟؟ ثم اليس من واجب الحكومة ان تعالج تلك لاسباب ولو الرئيسية منها.....؟؟؟
وهل يوجد غير الشعب العراقي الاصيل يهتم ببناء العراق وتطوره؟؟ واذا فرغ من سكانه الاصلين ماذا ستكون النتيجة ....؟؟؟ لايعلمها الا الله وهناك حكمة رغم بساطتها كنا نسمعها دائما (عينك على مالك دوى) .
واخيرا لنا ان نرى بأن واقع الانسان النفسي (لابد ان يكون مرعباً لو حدث وتوقفت فجأة جميع هذه الوسائل التعويضية السائرة لمعاناته النفسية "وقد لا يحدث ذلك في القريب العاجل " غير ان الذي هو حادث الان هو ازدياة الحاجة الى جميع هذه الوسائل التي تعين الفرد على تحمل وضعه الحياتي ) والتي ذكرناها سابقا.
وسيليه الجزء الثاني
عادل فرج القس يونان
بغداد العراق 30 نيسان 2011

عادل فرج القس يونان
بغداد العراق 30 نيسان 2011

Opinions