الجمعة العظيمة
القراءات الطقسية:القراءة الأولى: أشعيا 52 / 13 _ 15 هوذا عبدي يوفق يتعالى ويرتفع . . .
+ أشعيا 53 / 1 _ 12 من الذي آمن بما سمع منا ولمن . . .
القراءة الثانية: غلاطية 2 / 18 _ 21 فإني إذا عدت إلى بناء ما هدمته . . .
+ غلاطية 3 / 1 _ 14 يا أهل غلاطية الأغبياء من الذي . . .
القراءة الثالثة: لوقا 22 / 63 _ 71 وكان الرجال الذين يحرسون يسوع . . .
+ لوقا 23 / 1 _ 12 ثم قامت جماعتهم كلها فساقوه إلى . .
+ متى 27 / 19 وبينما هو جالس على كرسي القضاء . . .
+ لوقا 23 / 13 _ 23 فدعا بيلاطس عظماء الكهنة . . .
+ متى 27 / 24 _ 25 فلما رأى بيلاطس أنه لم يستفد . . .
+ لوقا 23 / 24 _ 45 فقضى بيلاطس بإجابة طلبهم . . .
+ متى 27 / 51 _ 54 وإذا حجاب المقدس قد انشق . . .
+ يوحنا 19 / 23 _ 42 وأما الجنود فبعدما صلبوا يسوع . .
الجمعة العظيمة: وتدعى جمعة الصلبوت. ما أن لاح الصباح حتى سيق يسوع أمام الوالي الروماني بيلاطس البنطي[1] بصحبة حنان وقيافا وبقية أعضاء السنهدريم مع جمهور غفير. وكان يسوع يسير صامتاً في شوارع المدينة حتى بلغوا به قصر هيرودس القديم حيث كان يقيم الوالي الروماني.
أصغى بيلاطس إلى شكاوى أعضاء السنهدريم، إلا أن الوالي المتغطرس الذي اعتاد أن يحتقر هذا الشعب لكذبه وريائه، لم يذعن لدعواهم بأن المتهم مشاغب يفتن الشعب، فقد وجده هادئاً لا يتكلم، ولم يصدق أنه يدعي الملوكية بعد ما صرح يسوع بأن ملكه ليس من هذا العالم. فتخلصاً من هذه المسئولية وتزلفاً إلى هيرودس الذي كان ناقماً على بيلاطس أرسل يسوع إليه. وعندما لم يلق هيرودس جواباً من يسوع على طلباته الفضولية، ألبسه ثوباً أبيض وأعاده إلى محكمة بيلاطس.
كان بيلاطس يخشى ثورة تحدث في اليهودية فيقع تحت سخط قيصر[2]. فرأى من مصلحته أن يسلم البريء إلى الموت بعد ما دفعه إلى الجلادين إرضاءً للمشتكين. وظن أن غسل يديه يكفيه تهدئة لضميره المضطرب، وأن انصياعه لليهود يحفظ له مركزه المدني. إلا أن ضميره ظل يؤنبه مدى الحياة. أخيراً وجد بيلاطس وسيلة أخرى لإنقاذ البريء من أيدي خصومه، خاصة وأن امرأته أرسلت تعيذه من جريمة القضاء على البار. وكانت العادة عند اليهود أن يعتقوا سجيناً في عيد الفصح تذكاراً لإنعتاقهم من عبودية مصر.
وكان يومئذ في سجن أورشليم رجل أثيم ولص خبيث يمقته الشعب مقتاً عظيماً يدعى برأبا[3]. فعرض بيلاطس على اليهود أن يطلق من يختارونه من الاثنين: الأثيم برأبا أو البار يسوع. إلا أن البغض الثائر في نفوسهم حملهم على طلب إطلاق الأثيم والقضاء على البريء. وللحال استجاب بيلاطس لطلبهم، فنزعوا عن يسوع الثوب الأرجواني الذي ألقي عليه ازدراءً، وأمروه بحمل الصليب.
وسار المحفل من دار الوالي إلى أحد أبواب المدينة، وتقدموا في طريق تؤدي إلى الحقل. وبعد سير طويل ظهرت على المحكوم علامات الانحطاط بتأثير الجوع والسهر والجلد وفقدان الدم، فهوى ثلاث مرات على الأرض. وأخيراً دعي سمعان القيرواني لحمل الصليب عنه.
وكانت الساعة الخامسة قبل الظهر وقد خرجت المدينة لمشاهدة المحكوم عليه، وهناك بنات أورشليم ممن سمعن الشاب ألعجائبي، وراقت لهن عذوبة تعاليمه، كن واقفات ينثرن دموع التفجع للمنظر الكئيب. فألتفت إليهن يسوع وعزاهن وأنبأهن عن هذه الأمة الجائرة وقال: " إذا كانوا قد صنعوا هذا بالعود الرطب، فماذا يكون بالعود اليابس ".
ولما بلغوا موضع العذاب المعروف بالجلجلة أو الجمجمة لينصبوا فوقه شجرة الحياة، وارتفعت بين صليبي لصين مجرمين. فسرعان ما أفرعت وأثمرت، ودشن ثمرتها الأولى اللص اليمين الذي تاب وطلب من يسوع أن يذكره في ملكوته، فوعده يسوع بأنه سيكون معه اليوم في الفردوس. وفيما هو يصلي إلى أبيه في طلب الغفران لجماعة الصالبين، كان يلقي نظرة الانعطاف على أمه مريم الواقفة تحت الصليب، تشاطره عمله الفدائي الشاق. فاشتد عليه مخاض الموت، ونادى أباه فلم يسعفه. وسأل العالم رحمة صارخاً: " أنا عطشان " فلم يجبه إلا بقطرات خل ومرارة كوت شفتيه الداميتين فصاح: " ها قد تم " وأحنى رأسه المقدس الذي كان مرتفعاً إلى الدقيقة الأخيرة وأسلم الروح.
لبست الطبيعة ثياب الحداد، فالتفحت بظلام قاتم. وتصدع الهيكل فأنشق حجابه إلى شطرين. ومادت الأرض فتشققت صخورها وانفتحت قبورها. وكان ثمة النهار قد آذن بالانصرام، ولم يبقى لدخول العيد إلا ساعتان فقط، فكان لا بد إذاً من تنزيل المجرمين من الصلبان لئلا يكد منظرهم بهجة العيد، فسبق جندي وطعن بحربة جسد يسوع في القلب الذي هو مستقر الحياة، فخرج دم وماء. إلا أن الشهيد العظيم كان قد فارق الحياة. فأعطي الجسد الطاهر ليوسف الرامي بإجازة رسمه، فأخذه وحنطه وكفنه وأودعه في قبر جديد في بستانه.[4]
يبدأ إنجيل الآلام بقراءة من إنجيل لوقا يحدثنا عن مثول يسوع أمام بيلاطس الذي كانت علاقته باليهود سيئة للغاية، فقد أضعف من صلابته الرومانية وعدالته، مراعاة المنفعة الذاتية والحلول الوسط. ولم يكن لديه أدنى شك في براءة يسوع. ففي ثلاث مرات متتالية يعلن أن يسوع بريء، لكن خوفه من اليهود بسبب تهديدهم له بأن يشكوه إلى القيصر جعله يتصرف على عكس ما عرف أنه حق، ففي يأسه اختار نقيض الحق.[5]
ثم ننتقل إلى إنجيل متى والذي يحدثنا عن حلم زوجة بيلاطس، هذا الحلم المزعج الذي جعلها تحذره من المساس بحياة يسوع البار. ورغم أن بيلاطس كان مقتنعاً أن يسوع كان بريئاً، وكان القانون الروماني لا يسمح بإعدام رجل بريء، لكنه خاف من اليهود ورضخ لرغبتهم مرغماً.[6]
وننتقل مرة أخرى إلى إنجيل لوقا الذي يبين لنا عن إرادة بيلاطس لإطلاق يسوع. عندما طلب منهم أن يتركوا يسوع عنده ليجلده ويؤدبه ثم يطلقه، لكنهم رفضوا عرضه هذا. وعندما طلب منهم أن يختاروا من يطلق لهم يسوع أم برأبا، طلبوا منه أن يطلق برأبا. وعندما اشتد صراخهم ليصلب، رضخ إلى طلبتهم. لقد حوكم يسوع ست مرات أمام السلطات الرومانية واليهودية. لكنه لم يدن مطلقاً في جريمة تستحق الموت. وحتى عندما سلم إلى اليهود لتنفيذ حكم الموت فيه، لم يدن بأية جريمة.[7]
ونعود مرة أخرى إلى إنجيل متى الذي يحدثنا عن رضوخ بيلاطس لليهود، فمع أنه كان مقتنعاً أن يسوع بريء، وما كان يساق ضده من تهم من قبل رؤساء اليهود ليس سوى حسد لمعلم له شهرة بين الشعب أكثر مما لهم. فقرر أن يترك اليهود يصلبون يسوع، قناعة منه للحفاظ على الأمن والسلام، واستمراراً لمركزه المهدد أن يقتلع منه. ومع أنه غسل يديه، إلا هذا لم يمح ذنبه.[8]
وننتقل مرة أخرى إلى إنجيل لوقا ليحدثنا عن بدء مراحل تنفيذ حكم الصلب. وينفرد لوقا دون بقية الإنجيليين بذكر بكاء بنات أورشليم، عندما لاقاهن يسوع وهو يسير في طريقه نحو الجلجلة. وطلب منهن أن لا يبكين عليه بل على أنفسهن. فقد علم أنه في غضون أربعين سنة من ذلك الحين، يخرب الرومان أورشليم ويهدمون الهيكل. وفيما يسوع يقتاد في طرقات أورشليم، خار تحت ثقل الصليب، فأمسكوا رجلاً من القيروان يدعى سمعان، ووضعوا عليه الصليب ليحمله بدلاً عن يسوع المنهك. ولم وصلوا إلى مكان الصلب صلبوا معه اثنين من المجرمين على مرتفع خارج أورشليم. وكان الرومان قد جعلوا تنفيذ حكم الموت على المجرمين علناً عبرة لبقية الشعب. ومن على الصليب طلب يسوع المغفرة من أبيه لمن صلبوه، فاستجاب الله لهذه الصلاة إذ فتح طريق الخلاص حتى لقتلة يسوع وصالبيه. وقد قال قائد المئة: " حقاً كان هذا ابن الله ". وسرعان ما دخل الكثير من الكهنة إلى الإيمان المسيحي.
وكانت العادة أن يقتسم الجنود ثياب المحكوم عليه بالموت، وعندما ألقوا القرعة على قميص يسوع تمموا ما قاله داود النبي في مزاميره: " وعلى ثيابي اقترعوا ".
أما لص اليمين الذي كان على وشك الموت، اتجه نحو يسوع طالباً الغفران، فقبله في نعيم فردوسه. فيسوع المتألم وهو في أسوأ الأحوال، ظل رحيماً، ومذكراً لنا أن الذين يتوبون حتى في آخر لحظة سيكونون مع الله في ملكوته. ويذكر طقس كنيسة المشرق اسمي اللصين من خلال ترتيلة تقال ليلة سبت النور: " أحدهم طيطوس والآخر دوماخوس: لصان صلبا مع الكنز السماوي، الذي عن يمينه لم يكف عن السرقة، وفي سرقته الأخيرة اختلس الفردوس وهو يصرخ ويتوسل: أذكرني ربي ومخلصي غافر الخطايا، عندما تأتي في مجد ملائكتك العظيم، لأنني أعترف أنك الله يا رب. وكان الأشرار يصرخون أصلبه أصلبه يا رؤوف أرحمنا ".[9]
وفي منتصف النهار غطت الظلمة الأرض لمدة نحو ثلاث ساعات، وبدت الطبيعة كلها كأنها تنوح على المأساة القوية لموت ابن الله. ويرمز هذا الحدث الهام إلى عمل يسوع على الصليب.
وكان الهيكل يتكون من ثلاثة أقسام: الأروقة لعامة الشعب، والقدس يدخله الكهنة فقط، وقدس الأقداس لا يدخله سوى رئيس الكهنة فقط، مرة واحدة في السنة في يوم الكفارة، ليكفر عن خطايا الشعب. وفي قدس الأقداس يوضع تابوت العهد، مكان حضور الله. وكان ستار الهيكل الذي انشق هو الحجاب الذي يحجب قدس الأقداس عن العين. فبموت يسوع انشق الحاجز بين الله والإنسان. ويمكن لكل الناس الآن أن يتقدموا إلى الله مباشرة بالمسيح.[10]
ونعود للمرة الأخير إلى إنجيل متى الذي يبين لنا أن موت يسوع كان مصحوباً بأربعة أحداث معجزية هي: الظلمة، انشقاق حجاب الهيكل، زلزلة، قيامة بعض الأموات من قبورهم. فلم يمر موت يسوع دون أن يُلاحظ، بل قد عرف كل إنسان أن أمراً خطيراً قد حدث.[11]
ويختم إنجيل الآلام بقراءة من إنجيل يوحنا الذي يحدثنا عن المراحل الأخيرة من قصة الصلب. وبينما كان يسوع ينازع على الصليب، طلب من يوحنا الحبيب صديقه الحميم أن يرعى ويعتني بأمه العذراء مريم. ومن المرجح أن يوسف البتول كان قد مات عندئذ. وبما أن يسوع جاء ليكمل عمل الله للخلاص، وليدفع ثمن القصاص الكامل عن خطايانا. وبعد أن أكمل كل شيء، أسلم روحه. وبموته انتهى كل نظام الذبائح المعقد، لأن يسوع حمل عنا خطايانا، وجعلنا نتقدم ونتقرب إلى الله بحرية بفضل ما صنعه من أجلنا. وكانت الشريعة تمنع العمل بعد غروب شمس يوم الجمعة، حيث يبدأ يوم السبت. ولهذا السبب أراد رؤساء اليهود بإلحاح أن ينزلوا جسد يسوع من على الصليب، ويدفنوه قبل غروب الشمس. وكان الجنود الرومان يكسرون أرجل المصلوبين للتعجيل بموتهم. وعندما تفحصوا يسوع المسمر على الصليب، لم يكسروا رجليه لأنهم تأكدوا أنه قد فارق الحياة. وهناك دليل آخر على موته هو خروج الدم والماء من أثر طعنة الحربة في جنبه. لقد مات يسوع في وقت ذبح خروف الفصح، ولم تكن تكسر عظمة من عظام حمل الفصح الكفاري. ويسوع هو حمل الله، وهو الذبيحة الكاملة التامة عن خطايا العالم كله. وكان يوسف الرامي ونيقوديموس يتبعان يسوع سراً في الخفاء، فقد خشيا أن يعلنا ذلك بسبب مركزيهما في المجتمع اليهودي. إلا أنهما غامرا بسمعتيهما من أجل دفن يسوع. وأسرعا في عملية الدفن ليتجنبا العمل يوم السبت. فحملا جثمان يسوع إلى بستان قريب، وكان في البستان قبر هو عبارة عن مغارة منحوتة في تل صخري. وبعد أن طيبا جسده بالمر المخلوط بالعود، ولفاه بأكفان من الكتان، وضعا جسده المقدس في تلك المغارة، ودحرجا حجر كبير أمام مدخلها. إن هذه التفاصيل الحية عن موت يسوع هامة، بصفة خاصة في كتابة يوحنا لإنجيله، فقد كان شاهد عيان لما جرى.[12]
وتتضمن رتبة الجمعة العظيمة في كنيسة المشرق قراءة هولالا ث من مزامير داود والذي يضم المزامير من 22 وحتى 30.[13] أما المزمور 141 " يا رب إليك صرخت فأسرع إليَّ . . " فيرتل بلحن بين جوقين. وبعد القراءات يتضمن تقليد كنيسة المشرق إلقاء المترأس ثلاث مواعظ تتحدث عن الآلام، وبين كل موعظة يرتل الجوق ترتيلة من وحي المناسبة. ثم ترتل " الكاروزوثا " نذكر بعض من أبياتها: " * لنقف حسناً كلنا بالحزن والاهتمام ولنطلب قائلين يا رب ارحمنا. * حيٌّ نزل إلى مثوى الأموات، وأعلن بشرى سارة للنفوس الموقوفة في الجحيم: نطلب منك. * يا من بجروحه شفيت جروحنا، وبقتله قتل قاتلنا: نطلب منك. * يا من لألمه أظلمت النيرات، ولبست كل الخلائق حزناً وغماً: نطلب منك. * يا من بموته شق القبور، وأقام الموتى لتوبيخ صالبيه: نطلب منك. * يا من مزج دمه بدمنا، وأوفى ديوننا بذبيحة شخصه على قمة الجلجلة: نطلب منك. * أيها الراعي الذي أسلم نفسه عن رعيته، وخلصها بدمه. خلص يا رب حياتنا من السوء وترحم علينا. ".[14]
وبعد الانتهاء من المناداة ترتل الترتيلة الملكية " باساليقي " وهذه ترجمتها: " لما كنت معلقاً على الصليب أيها المسيح، رأتك الخليقة عارياً وارتجفت، والسماء أطفأت نور ضياء الشمس المجيد. والهيكل أيضاً أظهر حزنه بالحجاب الذي انشق، والأرض أيضاً ارتعدت لما رأت وقاحة الصالبين، والراقدون اندهشوا وتعجبوا من قبورهم بالأعجوبة العظيمة، وهم يصعدون المجد لقوتك العظيمة يا رب. ".[15]
ثم يجلس الجميع ليستمعوا ترتيلة من الشعر الكنسي طويلة نسبياً لكنها غنية بمعانيها. نذكر منها: " * في آلام ربنا خيم الحزن. وتعجب الملائكة والبشر. فنهض الموتى المدفونون. وخرجوا من قبورهم وهم يرتلون. المجد للابن الذي تنازل. وعلق من أجلنا على الخشبة. وصرخ بصوته الحي. فأرعد الأرض والسماء. * استيقظ يا آدم الأول. وأنظر الابن الوحيد. يتألم كالخاطئ. من يد الشعب اليهودي. * استيقظ وقم يا هابيل المظلوم. الذي قتله أخوه الظالم. وأنظر مخلص العالم. يموت من أجل حياة العالم. * استيقظ يا ملكيصادق الحبر[16]. يا من لم يقدم لحماً على المذبح. وانظر الابن الذي يهب اليوم. سره بخبز وخمر. * استيقظ وقم يا هارون الكاهن. وانظر زرعك الفاسد. صار حقلك اليوم. زؤاناً عوض الحنطة. * استيقظ يا صموئيل كبير الكهنة. وأنظر رب الكهنة. قد أصعده الكهنة على الصليب. كالخطأة والمذنبين. * استيقظ يا داود المزمر. وأخرج اليوم من القبر. خذ القيثارة والكنارة. ورتل بالمزمور. شعب بلا رحمة. ثقبوا بلا رحمة. يدي الابن الآتي من العلى. ليخلص الشعب والشعوب. قسموا ثيابه بينهم. وألقوا القرعة على ردائه. وكالكلاب أحاطوا بالأسد. وهو لم يكلمهم. *استيقظ وقم من التراب. يا سليمان[17]بحر الحكم. وأنظر رب الحكمة. تهينه الجهالة. * استيقظ يا دانيال النبي. وانظر عمانوئيل. الذي أخبرك عنه جبرائيل. أن يعذب من بني إسرائيل. * استيقظ يا ميخا[18] وأنظر الراعي. الذي أتى ليرد الضالين. فقام عليه اليهود. وصلبوه كالخاطئ. * استيقظ وأنهض يا ناحوم الألقوشي[19]. وأنظر إلى الابن الحي. الذي بشر بالسلام للمرذولين. وهم اعتبروه مذنباً. * استيقظ وأنهض يا حبقوق[20] المختار. وأنظر هيكل الغفران. فقد أنشق بآلام الرب. والروح منه أرتحل. * استيقظوا أيها الآباء. يا من متّم على رجاء القيامة. وعلى رأس الجلجلة. ترون رب كل البرايا. * ويل للشعب الكافر. أظلمت الشمس والقمر. ولم يؤمن قلبهم الأعمى. بما جرى حقاً. * ويل للشعب اليهودي. لتغربه عن ربه. وليس له كاهن ولا نبي. لا ملك ولا راءٍ. * ويل لليهودية. الصالبة ربها. والطوبى للكنيسة المختارة. التي صارت ساجدة لربها. ".[21]
ثم ترتل هذه التسبحة: " المجد لك يا الله ( 3 ). نهاراً وليلاً. دوماً في كل حين، برحمتك يا الله تحنن علينا. نطلب منك الرحمة، ومغفرة الخطايا. أبعد الشيطان عنا، الذي ينصب الفخاخ لنا دوماً. واحفظنا بعلامتك الحية، ليرى الشرير ويتحول عنا. أحل علينا يا رب، بيمينك المليئة رحمة. يا رب بمراحمك للأبد، لا تهمل أعمال يديك. ليكن صليبك سوراً لنا، أيها المسيح الذي خلصنا بصليبه. لك المجد ربنا يسوع، والشكر للآب مرسلك. والتهليل للروح القدس، من الأزل وإلى الأبد. ".[22]
ثم يرتل هذا المدراش: " الردة: الشعوب المخلصة بالصليب (2) تلعن الشقي. * أخذني العجب لأتكلم (2) عن يهوذا الغشاش برهبة. الألم يرعبني وعقلي يقول لي: بالبكاء أروِ قصته، وبالدموع أذكر الشقي. * كان في حصة التلميذ (2) وكان يقف على مروج خصيبة على مائدة التطويبات، امتص ماء الحياة، الخروف الوديع الحقيقي صار ذئباً وافترس راعيه. * كان في عداد الرسل (2) وبين الاثني عشر أسس كرسيه، حسد الشيطان وكمن الشرير ونصب فخاً وصاده، هوذا كرسيه مدمر وملقى في الحفرة. ".[23]
ثم يركع الشماس أمام الجلجلة ليرتل طلبة الآلام. وبعد الانتهاء منها يصعد المترأس ليحل المسامير عن يدي ورجلي المصلوب، ثم ينزله ويضعه في نعش، لتبدأ دورة زياح دفن المصلوب، ليتبرك منه المؤمنين.
--------------------------------------------------------------------------------
1_ بيلاطس البنطي: أقامته الحكومة الرومانية والياً على اليهودية سنة 29 م. وكانت قيصرية مركز ولايته. وكان يصعد إلى أورشليم إلى دار الولاية فيقضي للشعب هناك. ولم يرضى عنه اليهود لأنه كان قاسياً غير مهتم إلا لمنافعه الشخصية. وقد سلم يسوع لليهود مع أنه اعترف ببراءته وعدم اقترافه جرماً يوجب تسليمه. واستمر حكمه بضع سنين إلى ما بعد صعود يسوع. وقد أقيل من وظيفته لقسوته، وقد نفي إلى فرنسا ومات هناك. ويقول بعضهم أنه مات منتحراً. قاموس الكتاب المقدس ص 207 _ 208.
2_ قيصر: لقب رسمي للأباطرة الرومانيين أخذ من اسم يوليوس قيصر الشهير. وقد ولد يسوع في أيام أوغسطس قيصر ( 31 ق . م _ 14 ب . م )، ثم صلب في عهد طيباريوس قيصر ( 14 ب . م _ 37 ب . م ). قاموس الكتاب المقدس ص 754.
3_ برأبا: اسم آرامي معناه " ابن الأب ". وهو رجل اشتهر بسفك الدماء وفعل المنكرات. وكان ملقى في السجن لعلة القتل وتحريك فتنة بين الشعب. قاموس الكتاب المقدس ص 157.
4_ مراحل الأسبوع العظيم مقال الأب ( المطران ) سليمان صائغ مجلة النجم السنة الثامنة 1936 العدد 3 ص 91 _ 93.
5_ التفسير التطبيقي للعهد الجديد ص 296.
6_ التفسير التطبيقي للعهد الجديد ص 108.
7_ التفسير التطبيقي للعهد الجديد ص 297.
8_ التفسير التطبيقي للعهد الجديد ص 108.
9_ الحوذرة " مدار السنة الطقسية " الجزء الثاني ص ىكذ.
10_ التفسير التطبيقي للعهد الجديد ص 298 _ 300.
11_ التفسير التطبيقي للعهد الجديد ص 110.
12_ التفسير التطبيقي للعهد الجديد ص 380 _ 381.
13_ الحوذرة " مدار السنة الطقسية " الأجزاء الثلاثة ص 229 _ 235 من الترقيم الغربي.
14_ الحوذرة " مدار السنة الطقسية " الجزء الثاني ص ىقر.
15_ الحوذرة " مدار السنة الطقسية " الجزء الثاني ص ىقر.
16_ ملكيصادق: اسم سامي معناه " ملك البر ". وهو ملك شاليم أي أورشليم. وكاهن الله العلي أخرج خبزاً وخمراً إبراهيم في وادي شوى وأخذا عشراً منه. هو رمز إلى المسيح الذي هو كاهن على رتبة ملكيصادق. وذلك أنهما كاهنان ليسا من سبط لاوي، وليس لكهنوتهما بداءة ونهاية معلومة، وهما ملكا البر والسلام. والظاهر أنه كان محافظاً على سنة الله القديمة بين شعب وثني، ولذلك كانت له الأسبقية على إبراهيم وعلى الكهنة الذين تسلسلوا منه. قاموس الكتاب المقدس ص 922.
17_ النبي سليمان: اسم عبري معناه " رجل سلام ". هو ابن بتشابع والملك داود وخليفته. بنى هيكل أورشليم وأشتهر بحكمته. لكنه تغاضى في سنواته الأخيرة عن العبادات الوثنية. وضع حكم قضائي مشهور بإنصافه وطرافته. معجم الأيمان المسيحي الأب صبحي حموي اليسوعي ص 269.
18_ النبي ميخا: اسم عبري معناه " من كيهوه ". أحد الأنبياء الصغار وصاحب سفر ميخا، معاصر النبي أشعيا. تنبأ في أورشليم في القرن الثامن ق . م، على عهد آحاز. معجم الأيمان المسيحي الأب صبحي حموي اليسوعي ص 495.
19_ النبي ناحوم الألقوشي: اسم عبري معناه " معزّ ". أحد الأنبياء الصغار. صاحب سفر ناحوم، وهو مؤلف خليط ينبئ بسقوط نينوى. تنبأ ما بين سنتي 663 و612 ق . م. معجم الأيمان المسيحي الآب صبحي حموي اليسوعي ص 505.
20_ النبي حبقوق: اسم عبري معناه " يعانق "، وهو ثامن صغار الأنبياء. كان من سبط لاوي، وأحد المغنين في الهيكل. قاموس الكتاب المقدس ص 287.
21_ الحوذرة " مدار السنة الطقسية " الجزء الثاني ص ىقر _ ىك.
22_ الحوذرة " مدار السنة الطقسية " الأجزاء الثلاثة ص ظز _ ظس.
23_ الحوذرة " مدار السنة الطقسية " الجزء الثاني ص ىك _ ىكا.