الخطف في العراق .. تمارسه جماعات منظمة وأخرى عشوائية
28/08/2006بغداد - هدى جاسم : استطاعت (مي)، وهي الطالبة بالمرحلة الاعدادية، ان تحرر نفسها من يد خاطفيها بعد ساعات فقط من اختطافها في منطقة المنصور ببغداد. وتقول (مي) البنت الوحيدة لعائلتها الغنية التي تسكن في بغداد منذ عشرات السنين، ان المختطفين حاولوا في بداية الأمر أن يقتربوا منها بحجة التسول «وما إن فتحت حقيبتي حتى داهمتنا سيارة نوع أوبل ليضعوني فيها ويتركون أبي وأمي في حيرة من أمرهم أمام الصدمة».
لكن مي روت لـ«الشرق الأوسط» كيف استطاعت بحيلة والقوة الجسدية التي تدربت عليها في احدى نوادي بغداد في صغرها واستمرت في تدريباتها في داخل البيت، كيف تحدثت مع خاطفيها الثلاثة وهم شبان صغار لا تبدو عليهم علامات الاجرام، كما تقول، لكنها اكتشفت من خلال حواراتهم انهم يحاولون تشكيل نواة لعصابة خطف صغيرة تدر عليهم ارباحا طائلة. وأشارت مي الى أنها رمت بنفسها من شباك السيارة عندما مرت دورية للشرطة زاحمت المكان الذي كانت توجد فيه السيارة، مؤكدة ان احد الخاطفين كان يحمل مسدسا في يده، لكنه وكما تعتقد لا يعرف الرماية كما تبين من طريقة امساكه للمسدس.
وقالت انها استطاعت الهروب والعودة الى اهلها من منطقة الحرية الى منطقة المنصور التي اختطفت فيها.
لكن حالة مي لا تشبه حالة ياسر الذي افتداه أهله بعشرة الاف دولار مع كيلو من الذهب، وكان هذا طلب المختطفين الذين وكما يقول ياسر لم يكونوا يمتلكون الطعام له، وكانوا يسكنون في احدى دوائر الدولة المنحلة الى حين الافراج عنه بعد سبعة عشر يوما. وأكد ياسر انه كان خائفا جدا من ان يقدم هؤلاء على قتله، بعد ان سمعهم يتحاورون فيما بينهم على طمس معالم جريمتهم في حالة عدم تلبية أهله لمتطلباتهم. وقال ياسر إن والده لم يخبر الشرطة خوفا على حياته، وقد لبى كل ما أراد المختطفون منه، وقد غير مكان سكنه وأهله بعد هذه الحادثة. وحالة العديد من المختطفين الناجين من الموت هي ذات حالة ياسر، فهم اما ان يقوموا بتغيير عنوان سكنهم أو يرحلوا خارج العراق، اما من كان نصيبه الموت، فلن يجد غير دائرة الطب العدلي (المشرحة الرئيسية في بغداد) مكانا له، الى ان يجده ذووه بعد عناء طويل في البحث عنه. ويقول مصدر في الطب العدلي، رفض الكشف عن اسمه، لـ«الشرق الاوسط» إن أغلب حالات القتل التي تأتي الى الدائرة «هي حالات خطف ومن ثم قتل، وقد تسلمنا خلال الشهرين الأخيرين اكثر من 200 جثة كان اغلبها من المخطوفين، الذين بدأنا بمعرفة ذويهم قبل وصول جثثهم الينا، فما ان يختطف شخص ما حتى يبدأ ذووه بالبحث عنه في ثلاجات الدائرة لدينا والعديد منهم لا يتسلم جثة ولده بعد حوادث القتل والتتبع أمام الدائرة من قبل جهات مسلحة مجهولة لذوي المختطفين في محاولة لقتلهم».