الخيانة والغدر.. ليسوا مرضاً مستعصياً !
استاذ جامعي مستقلقد لا يختلف اثنان من العقلاء في اعتبار هذا الزمان اسوأ زمن تمر به الحياة البشرية في منطقتنا العربية حيث اصبح الغاء الآخر واجتثاثه او قتله واجب يجب تنفيذه من قبل بعض البشر حيث يعتمدونه باعتباره عدل وجهاد ودفاع عن النفس مستندين بذلك الى نصوص عفى عليها الزمن !! كما ان هذا الزمن احتله العملاء والإنتهازيين كما نراهم في غالبية الدول العربية وهم يتفاخرون بعمالتهم وإنتهازيتهم دون خجل او حياء ! في هذا الزمن نرى السارقون والخارجون عن القانون المدني والسماوي على حد سواء يسرحون ويمرحون خارج السجون !
زمن اختلطت فيه العاهرة مع غيرها من ذوات السيرة الحسنة .. زمن ارتدى الباطل ثوب الحق . . زمن قفز فيه من لا يصلح حتى لإدارة نفسه ليصبح وزيرا يدير شؤون الأخرين . . زمن اصبح فيه الغدر والخيانة شهادة يتفاخر بها البعض ويستخدمها كوسيلة للثراء والسيطرة دون وجه حق !
ولا اظن ايضا ان هناك من يختلف معي في ان ما جرى للعراق كان للغدر والخيانة مكان في كل مجريات الأحداث وترتيباتها .. خيانة وغدر هما اللذان اوصلانا لما نحن فيه الأن ! وإلاّ بماذا تفسر اعتبار الحرب على العراق واحتلاله وتدميره على انه " تحرير " واعتبار من تواطئ وتعاون مع المحتل واشترك في زرع الفتنة الطائفية وفسح المجال لمليشيات حزبه للعبث كيفما يشاء وسرق اموال الشعب .. وطنياً ومخلصاً ! وكيف نفسر اعتبار كل من دافع عن وحدة وسيادة العراق ورفض المحاصصة الطائفية شخصا ارهابياً مجرماً , نعم هذا ما يحدث وهكذا هو مقياس الوطنية في العراق الجديد !!
الخيانة والغدر , مرض استمر مع البشرية منذ نشأتها وغذته ايدلوجيات معينة ارادت اجبار الأخرين للألتحاق بها , هذه الأيدلوجيات استمرت في نهجها دون تطوير او تغيير لكي تتماشى مع تطور البشرية الداعي لإحترام حقوق الإنسان في المعتقد والحياة , ولذلك واستنادا لتوجهات هذه الأيدلوجيات احتل سلوك الغدر والخيانة مكانا في نفوس البعض لتحقيق اهداف هذه الأيدلوجيات المتمسكة بنصوصها والرافضة لغيرها !
ويتسائل المرء احيانا .. هل نتواضع ونسامح ونمضي ؟
أم نحقد ونكره ونثأر ؟
هل نحمل آلامنا وجروحنا في نفوسنا ونتركها تتخمر لتصبح بعد ذلك سموماً تقتلنا ؟, هل يطالبنا الضمير في داخلنا بالثأر ؟ أم أن ضميرنا يسعى محاولا إنقاذنا من الغرق في شهوة الانتقام ويطالبنا بالعفو والتسامح والنسيان ؟!
كيف نتصرف وماهي ردة فعلنا أمام مشاعرنا الإنسانية حينما تمر امامنا مشاهد مليئة بالخيانة والغدر اصحابها بعض من اهلنا ! كيف نقف امام الغرباء وندعي باننا اصحاب اعرق حضارة وخير امة اخرجت للناس ؟!
تساؤلات طويلة وكثيرة إجاباتها مختلفة ونسبية حسب بيئة وطبيعة وتربية كل فرد , ولكن وفي كل الأحوال فان الخيانة والغدر لها تأثير مباشر علينا خاصة اذا ما كانت صادرة من اقرب الناس لنا ومن الذين كنا نعتبرهم سندا ومعينا لنا في تحريرنا من ظالمينا ؟!
وخلاصة القول وبعد كل ما حدث من غدر وخيانة لوطننا ولشعبنا , فما زال امامنا فرصا كثيرة لتصحيح الحال .. اليس الوطن اسمى واغلى .. ألا يستحق وطننا الحبيب العراق ان نقف معه في مصيبته في محاولة للتسامح والنسيان دون أن نفقد من شخصيتنا وكياننا وسمعتنا اي شئ , ألا نستطيع العفو عن الخونة والغادرين وإعادة جمع الشمل وزرع المحبة والسلام بين ابناء شعبنا من جديد , ام ان الغدر والخيانة بات ماء الحياة الذي يسري في عروق بعضنا واصبح مرضاً مستعصياً لا يمكن القضاء عليه إلاّ باستئصاله !