الدفاع عن الاقليات واجب انساني ووطني مقدس
ان ما يحصل اليوم في العراق تحديدا من اعمال وحشية وبربرية من قتل وتهجير واغتصاب واضطهاد للمواطن العراقي عموما وللاقليات خصوصا يندى له جبين البشرية ويدعو للحسرة والحزن ، وخصوصا لشعوب مؤسسة لاولى الحضارات البشرية في وادي الرافدين والعالم ومن اولى السلالات التي اخترعت الكتابة والقوانين ومفاهيم الحضارة الانسانية ، والادهى انهم ليسوا حاليا طرفا في اي معادلة تتعلق بالحكم او اي من الامور السياسية سواء من المسيحيين بكافة قومياتهم الاشوريين والكلدان والسريان والارمن او من الصابئة المندائيين او الكرد اليزيديين وغيرهم من طوائف شعبنا العراقي العزيز ومع ذلك تتم بحقهم تلك الافعال الشنيعة الغادرة بحجج ومسميات من مخلفات عصور الظلام ، عصورالقرون الوسطى وما قبلها والتي تنم عن عوق فكري ومنطق مريض من قبل من يقوم بتلك الفظائع الشنيعة فهو لايفهم معنى الوطن والمواطنة ، فمفهوم المواطنة في المقاييس المتحضرة في دول العالم المتحضر لا علاقة لها بالدين والقومية والاتجاه الفكري بل انه (الوطن)للجميع ويكون مقياس الوطنية فيه بما يقدمه الانسان لتقدم وتطور بلده اقتصاديا ، اجتماعيا ويسعى لرفاهه ، ثم ان الاخر (اي من الاقليات) هو اخ بالانسانية قبل ان يكون اخ بالمواطنة ، اما ما يتفوه به الجناة بأن ذلك فرض ديني ويجب فعله اي الجزية او القتل فهو امر مناقض لكل ماهو عقلاني وانساني ويجب عليه يصحو من تلك الترهات قبل فوات الاوان وقبل ان تتلطخ اياديه بتلك الافعال المشينة ، اي دين هذا او فكرة التي تدعو لمثل تلك الجرائم ، ان الاهم يجب ان يكون الانسان بالدرجة الاولى ، اما ان يكون لكل شخص ايمانه او اعتقاده بدين او عقيدة او فكرة معينة بشرط عدم المساس والتعدي على حقوق الاخرين فهذا أمر آخر .. في الماضي لم تكن تلك التسميات موجودة في مجتمنا العراقي اي مسيحي شيعي سني صابئي .... الخ ولم اكن اعرف ماذا يعني ذلك فكل ما كنت اعرفه اننا عراقيون جميعا ولكل واحد منا حق متساو مع الجميع في هذا الوطن ، هكذا تربيت وهكذا نشأت ، ففي ايام الفتوة وبداية الشباب درست في الاعدادية الشرقية في منطقة الكرادة ببغداد وكان نصف الاساتذة وتقريبا ثلث الى نصف الطلبة من المسيحيين والاخرين من المسلمين ورغم كوني لامسيحيا ولامسلما الا ان ذلك لم يكن ليشكل فرقا لدي وكانت من اجمل ايام الدراسة والصبا وذكريات لاتمحى من البال .. ان احترام الاقليات هو احترام للذات قبل ان يكون احترام للاخر واحترام لقدسية الانسان ودوره كقيمة عليا في بناء الاوطان ، ومن الممكن ان ان يكون هذا الذي يدعو الى تصفية الاقليات في زمن معين او مكان معين هو نفسه من الاقليات في زمن ومكان آخرين . ان ما يضمن تحقيق المفهوم المتحضر للمواطنة هو بفصل الدين عن الدولة فصلا تاما وانتهاج العلمانية فالتجارب في كل انحاء المعمورة في الماضي والحاضر اثبتت انها هي الضمانة الوحيدة لتحقيق العدالة والمساواة بين ابناء الوطن الواحد وهي التي اوصلت تلك المجتمعات المتحضرة لما هم فيه من تقدم وتطور وسلام . لنقف كلنا بوجه اعداء الانسان والوطن من القتلة السفاحين ونعمل كل ماهو ممكنا للقضاء عليهم وملاحقتهم اينما كانوا.
zoris0@yahoo.com