العراقيون يفضلون الدواء العراقي والعربي
15/09/2006أصوات العراق/
بعد سقوط النظام السابق عام 2003 أصبح العراق واحدا من أكبر الأسواق المفتوحة أمام مختلف البضائع والسلع مختلفة المنشأ التي ترد إلى البلاد من مختلف أنحاء العالم...والادوية والعقاقير الطبية بطبيعة الحال من بين هذه السلع التي وجدت طريقها إلى السوق العراقية.
وأصبح العمل في مجال الادوية والعقاقير الطبية عملا تجاريا رائجا يحكمه اقتصاد السوق فيما انحسرت إلى حد كبير الرقابة الرسمية على تجارة الأدوية في العراق الجديد ولم يتبق سوى مهنية العامل في مجال الصيدلة وأخلاقياته التي تحكم عمله.
وبنظرة سريعة على سوق الدواء في العراق نجد أنه رغم أن السلع الأجنبية المنشأ بمختلف أنواعها مفضلة عند العراقيين والعرب ، إلا أن الملفت للنظر أن هذا الأمر لا ينطبق على الأدوية ،حيث يثق كثير من العراقيين بالدواء العراقي والعربى على مثيله القادم من وراء البحار.
ويقول الصيدلي حيدر حميد مدير صيدلية أدوية التاج في مدينة السماوة لوكالة أنباء ( أصوات العراق) المستقلة " العراق أصبح سوقا للأدوية المقلدة لا سيما الصينية والهندية المنشأ ، بينما لاوجود للتقليد في صناعة الأدوية العراقية والعربية وشركات الأدوية العالمية المعروفة كونها موثوق بها ومسجلة بوزارة الصحة العراقية منذ سنين."
وأضاف "لقد دخلت إلى العراق أدوية صنعت في مصانع غير معروفة سابقا تصنع ،حسب علمنا ،خصيصا لسوق العراق المفتوح ، كما أن هناك شركات جديدة أنشئت في الصين والهند مثلا خلال السنوات الثلاث الماضية فقط لتصدر أدويتها إلى العراق، والآن بإمكان أي تاجر إدخال أدوية إلى العراق وبيعها لأن العمل في تجارة الأدوية أصبح مفتوحا للجميع."
وأشار حيدر إلى أن " أدوية تلك المصانع غير المعروفة مع أنها لا تؤدي إلى أضرار أو آثار جانبية عند المرضى الذين يتعاطونها إلا أنها غير فعالة كالدواء الأصلي معروف المنشأ الموثوق به والمسجل لدى وزارة الصحة."
وأوضح أن " أسعار تلك الأدوية تكون أرخص بصورة كبيرة قياسا بأسعارها في الدول الأخرى، فمثلا سعر عقار (داوانين) مثلا في العراق لا يتجاوز 500 دينار بينما يصل سعره في دول أخرى كالأردن إلى ما يعادل 6000 دينار عراقي ،ومع أن الدواء المستورد معفي من الضرائب حاليا إلا أن هذا الفرق في الأسعار وبهذه النسب يخيف ويثير الشك في تلك الأدوية التي تدخل إلى العراق الآن."
أما الصيدلي أبو محمد،34 سنة، أوضح أن "الأدوية المتوفرة الآن هي أرخص مما كانت عليه قبل ثلاث سنوات لأن غالبيتها مستوردة من مصانع ليست بالأفضل وقد تكون في بعض الأحيان رديئة كما أن بعض تلك الشركات غير رصينة، ولا أستبعد أن تؤدي هذه الأدوية التي ملأت العراق إلى مضاعفات وآثار جانبية عند المرضى أو على الأقل لن تفيده كما هو الدواء المستورد من شركات معروفة."
وأشار أبو محمد إلى " تأثير انقطاع الكهرباء على تخزين الأدوية وقال " انقطاع الكهرباء يؤدي إلى إفساد أنواع كثيرة من الأدوية، كأدوية (الانسولين) الخاصة بمرضى السكري لأنه يجب حفظها في درجات حرارة معينة وإلا تفسد أو على الاقل لن تصبح ذات فائدة للمريض."
كما يقول حيدر حميد "نحن الآن وبسبب انقطاعات التيار الكهربائي لا نتعامل بالأدوية التي يتطلب حفظها درجات حرارة معينة لأنها ستفسد بالطبع ، ولهذا السبب أصبحت الأدوية التي تحتوي على هرمونات كأدوية مرض السكري وأدوية علاج العقم لا تؤخذ إلا من صيدليات القطاع الحكومي فهي توجد غالبا في المستشفيات والمراكز الصحية التخصصية والتي تتوفر فيها مولدات كهر بائية تعمل حين ينقطع التيار الكهربائي."
وعن مستوى الربح الذي يجنيه الصيدلي العراقي يقول حيدر حميد" أرباح الصيدلي قلت كثيرا خلال السنوات الثلاث الماضية ، لأن البيع أصبح محكوما بالمنافسة بين الصيدليات مع عدم وجود تسعيرة رسمية لبيع الأدوية."
ويضيف "سابقا كانت نقابة الصيادلة هي التي تحدد التسعيرة التي يجب أن تباع بها الأدوية وتراعي عند تحديدها نسبة من الربح للصيدلي تصل إلى 40% ،أما الآن فالعملية برمتها يحكمها قانون السوق ولا تتجاوز نسبة الأرباح التي يحصل عليها الصيدلي 10% من سعر الأدوية."
وعن الأوضاع الأمنية وتأثر سوق الأدوية بها يقول حيدر حميد لـ ( أصوات العراق) "غالبا ما تواجهنا صعوبات أمنية كثيرة عند جلبنا الأدوية من المذاخر الرئيسية في بغداد بالإضافة إلى مصاعب الطريق التي لم تعد آمنة بسبب انعدام الأمن ومخاطر التعرض للتسليب." وأضاف "عندما تستهدف شحنة أدوية في الطريق وهي قادمة من خارج العراق فان هذا ينعكس بشكل مباشر على أسعار الأدوية ، فمثلا خلال السنتين الماضيتين استهدفت أكثر من خمس شاحنات تحمل الأدوية من سوريا في طريقها إلى بغداد، فتأثر سوق الأدوية السورية وشحت من السوق وتصاعدت أسعارها لفترة من الزمن."
ويقول محمد جبار ،40 سنة،أحد الذين يفضلون الدواء عراقي المنشأ على غيره لـ ( أصوات العراق) " أنا أثق في الدواء العراقي رغم أن ثمنه ضعف ثمن مثيله العربي أو الأجنبي، الذي تنوعت أشكاله وتوفرت بشكل كبير خلال السنوات الماضية،لأن تأثيره الدوائي جيد ولا أحتاج مع استخدامه الى تكرار صرف الوصفة الطبية كما هو الحال مع الأدوية الأجنبية المنشأ."
وتتحدث أم أحمد،60 عاما، لـ ( أصوات العراق) فتقول " أنا أستخدم مادة (الباراسيتامول )بانتظام ولا أثق بأي صناعة سوى العراقية ،فأنا أستخدم الباراسيتامول المصنع في سامراء باستمرار وان لم يتوفر أبحث عن بديل له."
وأضافت " حتى إني وللتجربة جربت استخدام البديل الهندي أو غيره فلم يطرأ علي أي تحسن ،لذا أنا باقية على استخدام الدواء العراقي."
وعلى الرغم من توفر الأدوية الأجنبية ورخص أسعارها،إلا أن العراقيين كأم أحمد ومحمد ،وغيرهما ، أصبحوا يثقون بالدواء العراقي والعربي ويفضلوه على مثيله الأجنبي .. ورغم أن هذا الأمر يبعث قدرا من الاطمئنان على استمرار صناعة الدواء العراقية وإمكانية نهوضها إلا أنه في الوقت نفسه يطرح تساؤلا هل ستستمر هذه الثقة لفترة طويلة أن ستسبب الاوضاع التي تشهدها البلاد في إجبار المواطن العراقي للجوء للمنتج الاجنبي وترك العراقي أو العربى