Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

العراق بحاجة الى جهود المفكرين ونفوذ شعبية لتحديد مصيره السياسي الديمقراطي

DEA بحقوق الانسان
وزيرة سابقا ورئيسة مركز المرأة العراقية للتنمية
بغداد 4تشرين الاول 2006
بينما المسار الديمقراطي بات مطلبا شعبيا للشارع العراقي يتراجع الاحزاب العراقية عن ممارسة واقعية لمباديء الديمقراطية بالرغم من الوعود الوردية خلال الحملة الانتخابية الاخيرة بحجج شتى منها الوضع الامني حيث يخلق نوع من الثقة المهزوزة بالذات لمجموعات عديدة من اتباعهم ليبقى النظام البالي للاتجاه الواحد الذي يأله القائد الاوحد ويجعل منه المصدرالوحيد للالهام والسيرة الحزبية المثلى.عزز الاحزاب العراقية افضل الطرق استراتيجية للوصول الى الشارع باستغلالهم حالة التنوع العراقي وتحويلها من حالة غنى الى حالة ضعف عراقية بصقلهم حاليا رداء التعصب الطائفي او الديني اوالقومي و العشائري. الهدف من ذلك هو استدامة ملكية الكرسي الذي يعتقد الكبار بانهم الوحيدون القادرون على حفظ ما يعتقدونه من التقاليد والاسس الاصيلة وخارجا عنهم فالخيانة والانحراف هو وصفة لكل من ليس منفذا لافكارهم.
أ لم يحن الآوان لينهض المفكر العراقي سواء كان منتميا ام مستقلا, ليوضح المعضلة السياسية التي جعلت من الشعب العراقي موضوع استقطاب نظرات و آراء العالم السلبية حول تجربته في خياره الواضح للنظام الديمقراطي بالثمن الغالي المعروف الذي دفعه ولا يزال يدفعه كل يوم لاجل اقلاع العراق من قبضة الدكتاتورية واعطاء الفرصة لشعبه ليحدد مصيره السياسي ؟ اين جهود المفكرين العراقيين لدعم ديمقرطة العراق بدعمهم مبادرة حركة شعبية تكون فارضة تغييررالواقع كما حدث في الكثير من البلدان التي خاضت تجربة العراق ؟. املي ان يفهم القاريء الموقرما اعنيه بمصطلح المعضلة حينما اتحدث عن السياسة والسياسيون في العراق ما بعد التغيير اي التراجع السياسي الذي يميز الاحزاب العراقية والذي يتعمم اكثر فاكثر.
طال الانتظارسنوات عديدة وساد الفكرالعراقي موضوع اسقاط النظام البائد سواء كان ذلك على مستوى عامة الشعب اوالمفكرين او السياسيين ممن شكلوا المعارضة واغلب قياداتهم لجأوا في حينها الى دول الجوار او الى اوربا والولايات المتحدة الامريكية وغيرها هربا من الظلم . كما ان الضعف الذي كان قد نعتت به المعارضة المذكورة لعدم انسجامها وتشكيلها معارضة قوية على مثال مقاومات دول ارادت شعوبها التحرر والعبور الى نظام آخر يختلف عن الذي كان قبل التحرر, قد انعكس على واقع العراق اليوم لاسباب عديدة منها :
-عدم الدراية الكافية بآليات التغيير المفاجيء الذي كان بعيدا عن حلم المعارضة
-انعدام اي اجندة عراقية لمخطط واستراتيجية سياسية واقتصادية لما بعد التغيير حيث ما من حزب او حركة عراقية قدم برنامج يوحي بامكانية استيعاب البديل المنتظر اي المعارضة التي اصبحت السلطة حاليا , لمعضلات ونتا ئج التغييرغير المدروس عراقيا والمنصوحة بشكل غير علمي وغير واقعي لقوات التحالف محققي التغيير في العراق.
-انعدام روح ومشروع التغيير والاصلاح في الاحزاب السياسية العراقية هذا ما ترك الاحزاب المشاركة في الحكم في العراق منذ اول التغيير الى هذه اللحظة, تتصرف بالسياقات الثورية كما كانت فترة المعارضة والقواعد الضيقة التي كانت مقبولة نوعا ما آنذاك ولم تعد مقبولة باي شكل من اشكال حاليا اي بعد التغيير لانها كما قيل قد اكل وشرب عليها الزمن.
يمكن لنا الاستعانة بامثلة دول عبرت بهذا التدهور السياسي الذي هو نوعا ما تحصيل حاصل لتراكمات الهدم والانعزالية الذي اصاب العراقيون منذ عقود مضت. ان مثل وضع فرنسا قبل ومباشرة بعد التحرير يبدو لي اقرب سياسيا الى الواقع الهجين للعراق اليوم عدا امنيا حيث لا مقارنة بين البلدين بعد التحرير.
فبعد انتهاء وضع الحروب في فرنسا وانتفاء الحاجة الى المقاومة المسلحة اصبح التاريخ الفرنسي حافل بذكر المقاومة الفرنسية كبطلة التغيير من دكتاتورية المحتل الى اجواء الحرية ثم اندثرت مظاهر تلك المقاومة بدخولها الى روح التشكيلات السياسية من الاحزاب وغيرهم من المؤسسات ليبنوا مبدأ المواطنة الذي ضاعف حس الوطنية لدى جميع الفرنسيين لتخلف نظام ديمقراطي يتبناه جميع الاحزاب السياسية في فرنسا حيث الى يومنا هذا جميع الاحزاب الفرنسية وبغض النظر عن اتجاهها الحزبي تعتبر الجنرال شارل دغول المرجع والرمز الفريد لوطنيتهم القوية. كما ان الاصلاح السياسي في البلد المذكور تحقق جراء الضغوطات الشعبية المدعومة من قبل المفكرين والمثقفين والفلاسفة هذا ما خلق ثورة اجتماعية وثقافية حقيقية حققها الشعب الفرنسي بدعمه للجبهة الشعبية من خلال التظاهرات الواسعة كالتي حدثت يوم 14 تموز 1935 وشارك فيها الاحزاب وارباب العمل والنقابات العمالية والجمعيات الخاصة بالمجتمع المدني بانواعها وحيث ثقل مشاركة النساء كان مسيطرا مع مشاركة ملحوظة للمفكرين حيث الجميع طالب الحكومة فيها بالخبز والسلام والحرية. وسرعان ما كان صياغة " برنامج التجمع الشعبي" يوم 15 تموز من قبل الاحزاب الاشتراكي والشيوعي والراديكالي . هكذا كان الشعب من دفع الى تكوين الجبهة الشعبية والشعب هو الذي رفع التحالف الى السلطة بمشاركة انتخابية بنسبة 85% سنة 1936 .بالاضافة الى ان الشعب هو الذي ضغط على الحكومة طوال شهر حزيران باحتلاله المصانع والمحلات. بهذه العملية استطاع العمال ان يراقبوا تنفيذ برنامج التجمع الى درجة اضافة اصلاحات كانت غير واردة لدى المبادرة الاولى فيما يخص العلاقة بين العمال وارباب العمل. بذلك حقق ليون بلوم امنيته في اول خطاب له حين اصبح رئيس وزراء فرنسا قائلا: "يجب فتح جميع الطرق ليتسنى للجميع المشاركة في اللعبة الحرة والمنصفة للديمقراطية".
اما في العراق فالتقصير في اصلاح الاحزاب لانماطها القديمة والمتواصلة في ممارسة سياسات ضيقة النظر ادى الى تقليب الآية سواءا كان ذلك على مستوى وضع الاحزاب ذاتها ام على مستوى الدولة والسلطات الاخرى. فبدلا من التوجه الى تغييرالوضع الحزبي وشأنه الداخلي للمباشرة بمبادرات جديدة نحو الديمقرطة وتحسين الوضع الاداري في مؤسسات الدولة والانصيات الى ألاولويات والاحتياجات الاجتماعية والخدماتية الخاصة بحياة المواطنين, لا يزالوا يعيشوا عدم التوفيق الذي يعم الشارع العراقي تدهورا . هكذا تعجز السلطات العراقية مع المتعددة الجنسية عن الاستجابة الى نداءات الشعب لتحقيق احلام المجتمع من نتائج التغيير المعقدة الي الحياة الآمنة الحرة الكريمة حيث يمكن ممارسة سيادة القانون واحترام حقوق البشر. اما الحلم فهو التخلص من لغة البارود التي كانت مطلوبة خلال مقاومة الشعب العراقي للدكتاتورية وسلب ارادته, ولم تعد مشروعة بعد ان عبر العراقيون مبدئيا عن خيارهم السياسي في تبنيهم مسارالنظام الديمقراطي كهدف اساسي لنضالهم والذي من المفروض حاليا ان يكون هدف جميع السلطات السياسية في العراق وبذلك فقط ستتمكن السلطات من القضاء على جميع انواع التجاوزات الحاصلة ضد امن العراقيين سواء كان ذلك عن الارهاب الدخيل او عن اية جهة عراقية تتورط في مشاريع الهدم بدل البناء.

والحال نرى ان استراتيجية استخدام المظاهر الديمقراطية من قبل الاحزاب العراقية , كالانتخابات والمؤتمرات الواسعة بهدف تحقيق المزيد من المصالح الشخصية والتشبث بالمقاعد حيث لم تؤدي النتيجة الا الى التراجع عن تحقيق اقل ما يمكن من تطوير المسالك الحزبية خوفا من ان يرث غيرهم من الاعضاء ويغيرما اصبح باليا لديهم منذ سنوات عديدة والذي اكرر, ربما كان صالحا لحقبة تختلف عن واقعنا الحالي اختلافا دون مقارنة. اما سبب هذا التقوقع بالمرتبة الاولى هو ضيق الفكر السياسي والآفق التي تحرك عجلة التطور نحو الاسوء وكأنه ثقافة الشرق الاوسط اصبحت لا تعيش الا بمظاهر العنف ودحر ارادة الشعوب وعبادة المتسلط حيث من السخرية لدى الساسة بان يوعي المرء بالديمقراطية الفعلية وممارستها لا بل يعتبر ذلك تهديدا لمالك المقاعد كما في سبيل المثل في تسليم السلطة باصول ديمقراطية سلمية لغير الابكار. هذه الظاهرة السلبية تمارس وبالحاح فضيع من قبل جميع الاحزاب العراقية البارزة على الساحة الرسمية العراقية بما فيهم تجمعات الكلدان السريان الآشوريين التي غالبا ما تحمل في عنوانها كلمة الديمقراطية مثل الحركة الديمقراطية الآشورية في سبيل المثل وليس الحصر. ان استخدام مصطلح الديمقراطية وان كان قد سجل بعض التحقيق له خلال التجمعات الهامة من حين لآخر كما ويسبب في بعض الاحيان دحرا جزئيا لارادة التكتلات والتمثيل الشكلي للحضور في تلك التجمعات, مثل المؤتمرات الواسعة التي من شأنها تقرير مصيرحزب ما اوحركة ما بتجديد نهجهم بما يتناسب ومتطلبات الواقع الحالي لكنه ما زال مفهوم الديمقراطية هو ليس اكثر من كلمة رنانة . فتبقى الممارسة الفعلية مرفوضة من قبل الكبار لان الديمقراطية تتطلب القبول بالمنافسة الشريفة ووسع في الفكر واحتساب لراي ومصلحة الآخرين وقبول التغيير بالرضوخ لارادة الشعب, حتى اذا كان ذلك على مضض.لانه يتعلق الامر بسياق لم يعد بمقدورالجيل السابق استيعاب متطلباته ولا تحمل آليات ممارسته كون اغلبهم لم يختبروه بشيء. فللوقاية من تحريكهم يتحتم اللجوء الى اساليب بعيدة عن احترام حرية التعبير وحق التطور والاختراع والمشاركة الفعالة, باسطدام الشخصيات المتسلطة مع العديد من الكوادر بالحكم عليهم بمحاربة لمختلف الكفاءات السياسية والعلمية غير المشمولة في الحلقات التي تدور حول التكتلات الخاصة بالشخصيات المشار لها في هذا النص وخاصة اذا كانت تلك الكفاءآت من التنظيم ذاته. هذا يدل على عدم ادراك جوهر الديمقراطية كنهج يكرس فسح المجال وحسب حكم الشعب الواعي لهذا النظام لاشخاص وسياسات جديدة خارجة عن ارادة "القائد الاصيل" الذي يغفل عمدا وفي سبيل البقاء على السلطة ومغرياتها, واقع النهج الديمقراطي الصحيح الذي يمهد لا بل يجبر السابق قانونا على التخلي عن السلطة بتحديد الزمن لقيادته سواء كان لدورة ام لدورتين لا غير اواقل حسب اختلاف الانظمة الداخلية لكل تجمع. يبدو ان في جميع الاحزاب والتجمعات العراقية تكتب هذه القوانين حبرا على ورق ليتجرأ القائد الأول وألأخير! ويستصغر بالكفاءات العراقية وقاعدتهم قائلا " في العراق شعبنا لا يفهم الديمقراطية ولا زلنا في بدايتها ووو.." في حين ان اغلبية تلك الأحزاب من عشرات السنين تنادي بالديمقراطية وكما قلنا تزين عناوينها بها . لكن الدليل المؤسف على عدم توجيه الجماهير بالديمقراطية الا من خلال بعض المظاهر مثل اجراء لانتخابات وهي ايضا بعيدة عن ان تكون نزيهة ومنصفة , هو التحشيد لها باستخدام شتى انواع الضغوطات بالقوة وشراء الذمم وغيرها من اساليب خارجة عن القواعد القانونية التي تبنى عليها بداية انظمة الديمقراطيات الجديدة. اما تفسير هذا الواقع المؤلم لا يستطيع ان يكون الا مؤشرا قويا لانعدام ايمان العديد من هؤولاء القادة بابسط مفاهيم الديمقراطية مما ادى الى عدم تعبئة الجماهير بافكار و مباديء الديمقراطية منذ التغيير في العراق حيث بالرغم من استعداد الشعب الكامل لممارسة الدور المطلوب منه, وصل الشارع الى مرحلة يأس ويحكم على المباديء الديمقراطية وكانها جالبة الفوضى والافلات الامني واللاانسجام بين الاطراف المختلفة في العراق وحيث يتسأل المواطن هذه هي الديمقراطية ؟ في حين ان كل عراقي واع تماما من ان مجتمعات غيرنا , منها دون اي ارث حضاري, اصبحت في عالم من التطور والتحضر لا يقارن وكل ذلك بفضل النظام الديمقراطي الذي يسلسل رؤساء الاحزاب والبلد والمسؤولون السابقون ليشهدوا للامكانية الفعلية لتبادل السلطة سلميا تحت سيادة القانون في خدمة مجتمعاتهم كمواطنين انهوا مهامهم الوطنية بالاضافة الى كسبهم استحقاقاتهم واحترام شعوبهم. اما في العراق فاعزي تدهور هذا الامر الى سببين اساسيين:
السبب الاول هو كون الاحزاب العراقية ورثت الكثير عن البعث البائد في اسلوبها لفهم الواقع والشروع الى ايجاد الحلول لمشكلاته. هذه بصمة لا يفلت منها اي تجمع عراقي.
والسبب الثاني والاكثر اسفا هو بقاء تلك الحركات بعيدة عن الشعب واحتياجاته الاجتماعية والفكرية وتطلعاته مشيرين الى وجود فراغ لا بل هوة كبيرة بينهم وبين الجماهير الذي بعد عقود من عبأ الحصار الاقتصادي والفساد الاداري والمالي الذي عزز التخلف وعمق المعاناة في ظل النظام البائد والذي للاسف الشديد عوضا عن ان يعالج السوء بتحول سريع نحو الافضل في ظل سلطات تكرر بانها منتخبة , تتكاثر الازمات ويتفاقم الامن ويتعزز الفساد اكثر فاكثر ناهيك عن انعدام الحس باهمية المصلحة العامة . كل ذلك يؤدي الى عدم قدرة الصف السياسي الحالي على ايجاد الحل السياسي المطلوب.
فالطريق صعب وطويل امام المصلحين!


لم يستغل الاحزاب السياسية في العراق الفرص بعد سقوط النظام البائد. ففي سبيل المثل وليس الحصر
ولطول الخبرة وبالرغم من المصاعب الاقتصادية والامنية في منطقة اقليم كردستان العراق منذ ما يقارب 16 عاما , فسح المجال ان لم يكن امام جميع الحركات السياسية العراقية فامام اغلبيتها بان تتمتع بفرصة ممارسة التغيير نحو ديمقرطة مباديء احزابهم بعيدا عن تقاليد والموانع البعثية من داخل العراق. لكن واقع اليوم يشهد العكس اي حتى تلك التجمعات التي تمتعت بوضع امني خاص و اداري واقتصادي مختلف لا بل افضل من التي في باقي المناطق, لم تنجح في صقل نفسها لمحاولة التخلص من صفات اكتسبوها من الدكتاتورية التي اثقلت كاهل الشعب العراقي لعقود حيث لم يعد المواطن قادرا على ممارسة المطالبة بابسط حقوقه الانسانية. وذلك خوفا من قمع السلطات لتحركاتهم المؤدية الى تذكير تلك السلطات بان الحكم لم يعد ملكا خاصا بايدي بعض الاشخاص المتنفذين فقط وان كانوا منتخبون كما يعلنون ذلك وكان بعضهم انيطوا بحق حذف الفكر والرأي الحر حول مستوياتهم وممارساتهم لانهم يعتقدون بانهم معصومون عن الخطأ بوجود اسمائهم ومنهم بدون حق, على قوائم انتخابية اطلقتهم في الساحة السياسية . من هذا المنطلق على الجميع الانحناء لجميع ممارساتهم والزام الصمت بشكل محكم!
نستنتج بان التغيير الحقيقي لانظمة العالم لا يقوم على ايدي السلطات السياسية التي تبقى تمثيل للجماهير وليس غايتها. فمن يحقق التغييرهي القاعدة الجماهيرية مع مفكريها ومثقفيها وفلاسفتها كما حدث في اوربا انطلاقا من القرن 17 الذي سمي بقرن الانوار كونه قرن نور ذهن الشعوب بكرامتهم وحقوقهم . دون اي شك العراق وعلى جميع المستويات بحاجة ماسة الى دعم المفكرين من جميع الاختصاصات لا بل القاعدة هي الاولى التي تحتاج الى تنوير الذهن وكسب ما تستحقه من معلومات حول حقوقها وآليات الوصول الى الحصول على تلك الحقوق التي لا تعطى بل تؤخذ بقوة الجهد في بث الوعي والمثابرة لفرض احترامها على المتنفذين في السلطات السياسية والادارية والتشريعية وغيرها . كذلك القاعدة الجماهيرية بحاجة الى توعية بواجباتها في اختياراتها وبوعي كامل لدى التصويت لمن سيمثلها في السلطة. هذا هو ما يعنيه الشراكة في السلطة وليس الحصول على قسط من خيرات العراق عبر وزارة ام عدد من الوزارات و مقعد برلماني او عدد من المقاعد البرلمانية, حيث سرعان ما يتحول هذا التوزيع الى ملك شخصي او امتلاك مقرات حزبية اضافية بمثابة مصادر للتمويل والخدمات لمنتسبي الاحزاب المعنية بدلا من ان تكون خدمة للمصلحة العامة اي لعامة العراقيين ,تبنى على الخبرات والكفاءات من حيث يمكن الانطلاق الى النزاهة.
هذا السلوك المعروف بالمحاصصة لا يمكن ان يتخلص منه الساسة العراقيون ومنذ ثلاث سنوات في كافة انحاء العراق يبرهنون عن هذا الواقع الذي لا يؤدي الا الى المزيد من التدهور والتراجع في نظم ادارة سليمة .لانهم كما قلنا سابقا لم يعطوا الاولوية لتدريب كوادرهم اداريا للخدمة العامة في المعنى الحقيقي للصالح العام لما بعد الحرب, بل اتوا بنظرياتهم الحزبية الضيقة الافق التي لو نظرنا الى قوانين الحزب سنرى ان هذه النظريات ليست حتى حزبية لانها لا غير موجودة فبها, بل اضيق من ذلك ,انها نظريات وسياقات خاصة بشخص القائد الاول ربما يثنيه بالفكر والنهج شخص آخر ام لا , و هذا يحاول تفصال جميع القواعد على مقياسه هو.أما الرافض لذلك النمط يعتبر غريب وغير مرغوب ويجب التخلص منه باي وسيلة كانت ومهما كلف ذلك على القضية الاساسية. اعتبر هذا الامر في صلب المعضلة العراقية. لان الوسط العام هو رهينة السلوك السياسي للاحزاب العراقية . فبدلا من ان يفتخر الاحزاب العراقية اليوم بان تكون لها امكانية التنافس بحرية في خدمة العراقيين سواء كان ذلك في الوسط التنفيذي او التشريعي لتضيف شيئا على الموجود الاداري من تحسين والادارة المعاصرة في خدمة النزاهة فهي تحول تلك الاوساط الى اماكن اشبه ما يكون بمقرات حزبية حيث اصبح التجاوزعلى القانون وطرد الموظفين المتعاقدين بشكل نظامي وايضا المتعينين منذ فترات طويلة والمفروض حمايتهم بالقانون العراقي اصبح أمرا طبيعيا لدى اكثر الوزراء والمسؤولين . ذلك لاجل استبدالهم ليس بكفاءات اقوى بل بعناصر تابعة لاحزابها ترى بان انصافها لها هو تعيينها بحق او بدون حق دون الاخذ بعين الاعتبار النتائج السلبية التي تراكمت على الساحة العراقية جراء تلك التصرفات الخارجة عن القانون. حذف الآخر اصبح ثقافة عراقية انتقلت من الاحزاب السياسية الى الادارة بحيث هناك من يقول "انا القانون ماذا يعني.. اذهب وقدم الشكوى اينما تريد" معتبرا نفسه بنفوذه فوق القانون ! ففي العالم الغربي عندما يتغير الوزير ليس ذلك امرا يشغل بال الموظف لان المكلف القادم (اي الوزير) من اية جهة حزبية كان لا يمكن له التصرف خارج اطار القانون . سيادة القانون لا تعني سيادة الحزب. وتغيير وتطوير كادر الوزارة ام المؤسسة الحكومية لا يعني طرد الموجود الغريب عن حزب الوزير بل يعني استيعاب ودعم هذا الموجود بسياسة مؤسساتية جديدة ترفد الوسط الاداري بافكار واستراتيجيات جديدة وايضا بكفاءات قوية ليس على حساب الموجود بل بحق تلك الكفاءآت .
انهي بتاكيدي مجددا, ان العراق بحاجة الى جهود المفكرين ونفوذ شعبية لتحديد مصيره السياسي الديمقراطي لاجل التفاهم بين مختلف الفئات السياسية العراقية ودعوتهم الى الانسجام واستيعاب مدى الخطورة التي تهدد مستقبل الجميع . فالالتفاف حول الاولويات الوطنية في حل المعضلة السياسية الحالية في ظل ظروف يتفاقم فيها التصعيد الطائفي والتراجع الامني يفتح آفاقا أخرى للمصالحة الوطنية التي يجب تحقيقها بين مختلف الاطراف المتنازعة على السلطة وليست بين العراقيين كشعب. لانه ما من فئة عراقية غاضبة مع فئة اخرى بسبب الاختلاف الطائفي او غيره! بل تقع المسؤولية بالدرجو الاولى على الاطراف السياسية والحكومة والكتل التي تشغل مقاعد مجلس النواب لانه بغياب سلطة القانون تعكس الحالة السلبية للنزاعات المذكورة على الشارع برمته . لهذا جميع الاطراف السياسية والشخصيات ذات نفوذ في المجتمع كالمراجع الدينية والعشائرية وحتى الأاسرعلى مستواها الضيق وباستغلال جهود النساء, مسؤولة عن تعزيز مبادرات التوافق والتفاهم والالتصاق بمعاناة الشعب العراقي الذي يستحق وضعا يختلف عما هو عليه حاليا. والله في عون الجميع.
_____________ Opinions