Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

العراق ومعضلة الانتخابات التشريعية

العراق دولة تعاني الكثير من المشاكل ومن اهمها معضلة الديموقراطية ،انها مسألة مصالح لدى بعضهم، اصبح الجلوس على الكرسي تحت قبة البرلمان، حلما يرواد الجميع، هناك منافع كثيرة تحققت لمن يجلس على كرسي البرلمان ابتداء من الرواتب العالية والمخصصات وانتهاء بجوزات السفر الدبلوماسية لهم ولأبنائهم ، هل هذه هي صورة الديموقراطية التي ارادت الادارة الامريكية ان تجعلها نموذجا يحتذى به في منطقة الشرق الاوسط ؟ ان الوضع العراق الحالي وكيف وصل الى هذا الحال هو من اكبر سيئات العالم المتحضر.
بعد مخاض عصير توصل البرلمان العراقي في اللحظة الأخيرة الى اتفاق حول قانون الانتخابات التشريعية المثير للجدل ، ويمهد لاجراء الانتخابات في السابع من اذار 2010 . خطوات قليلة تفصلنا عن ملحمة الإنتخابات التشريعية العراقية ، هذه الإنتخابات التي يفترض أنها سانحة جميلة لصياغة الهوية العراقية وإلباسها الملابس الزاهية بكل ألوان الطيف السياسي سيما إذا توافرت الشروط المطلوبة لقيامها من حيث إرساء القيم العليا لمبدأ الشفافية والمساءلة والنزاهة دون إستخدام الحيل الماكرة التي من شأنها تقويض الجهود الوطنية الخيرة والمخلصة ، مما قد يؤدي إلي إخراج البرنامج الإنتخابي عن هدفه المنشود وهو بالطبع تحكيم رأي الشعب حول الأوضاع السياسية والامنية بالبلاد عبر جسر الديموقراطية إلي أياد صادقة نبيلة تستطيع أن تخرج البلاد من تلك الأزمة الجاثمة على صدرها ، ولعل هذا التسابق الحميم نحو كرسي البرلمان من قبل القيادات السياسية التقليدية يسبقه برامج وأطروحات يفترض أنها تنصب مباشرة في تطوير وتنمية البنى التحتية على المستوى الوطني والإضطلاع بأسس الحل الشامل للمشاكل العراقية العالقة، إلا ان هؤلاء الساسة قد عكفوا على عنصر التعبئة وحشد المؤيدين والأنصار وذلك دون الإلتفات إلي الجوهر الأساسي من إنتخابهم ألا وهو إخراج العراق من ساحة التجاذب الاقليمي والدولي و النكبات المحدقة به من كل النواحي الامنية والإقتصادية والإجتماعية والسياسية ، وهذا مما يجعلني أعتقد ان بعضهم يتخذ من التسابق للوصول إلي كرسي البرلمان واجهة إجتماعية لا هوادة فيها ، وليس المقصود من هذا التسابق الحميم الإضطلاع بحل مشاكل البلاد حيث يبقى التحدي الرئيسي ماثلا أمامهم في الوقت الحاضر حول كيفية التعاطي مع المشكل العراقي ووضع الحلول الناجعة التي تخرج البلاد إلي بر الأمان حفاظا على الهوية العراقية، من التشرذم على غرار بعض الدول التي فشل برلمانتهم في إرساء دعائم الحكم الديموقراطي ، فأنفرد العقد وتمخض عن ذلك تقسيم الدولة الأم الى دويلات صغيرة تحكمها المليشيات الحزبية والدينية والعشائرية التي إنغمست في الفتنة وأعمال العنف والإقتتال والبطش بمصائر العباد.
قد يستطيع الناظر رؤية الاوضاع السياسية وما آلت اليه بالعين المجردة اذ انها تأزمت وتعقدت وقد تنذر بتفجر أزمات جديدة تعصف بالبلاد إلي هوة سحيقة ما لم يتم تدارك الوضع قبل إستفحاله وإتخاذ المواقف الحاسمة لوأد الفتنة في مهدها. ففي ظل ضبايبة الرؤية التي تكتنف مسيرة الأحداث السياسية بالبلاد وإرتفاع وتيرة التوتر السياسي بين تيارات القوى السياسية العراقية المختلفة وعدم التوافق بينها حول مشروعات وحدوية تأصل لمواقف وطنية مسؤولة تجسد عراقة واصالة ولائها راسخة تقي البلاد شر الشقاق والاختلاف والفتنة العرقية والطائفية التي قد لا تبقي ولاتذر في ظل تراكم الغبن السياسي والإجتماعي والتمادي في الظلم والطغيان والتغاضي عن المسائل الجوهرية والأمن الوطني الذي ظل المحور الأساسي مما أحدث فراغا سياسيا كبيرا في التعاطي مع القضايا الوطنية الملحة ، فضلا عن أزمة كركوك على أنه التهديد الرئيس للأمن الهش في البلاد في وقت تستعد فيه القوات الأمريكية لانهاء الاعمال القتالية في شهر أب المقبل ، تمهيدا للانسحاب الكامل من العراق بنهاية سنة 2011 والتي تداخلت خطوطها مع القضايا الأخرى العاصفة التي قد تقف ضمن المعوقات التي تسد أفق الحل السياسي الشامل للمشكل العراقي. أنه من السابق لأوانه التكهن بما قد تؤول إليه الأوضاع في البلاد بحسبان الإضطراب الذي يسري في عروق الوطن إلا أن الرؤية الفاحصة تنبأ عن واقع مرير ينتظر البلاد على رصيف الأحداث. فهلا وعت القيادات السياسية مدى الخطورة المحدقة ، وتنازلت عن حصتها من الكبرياء الزائفة وخلعت رداء العنصرية الطائفية وارتدت رداء التسامح ونشر الحب والسلام بين الناس كعهدها في مختلف العصور والدهور وعكفت على محاور الحلول المستعجلة التي قد تخفف من وطأة المأساة التي نحن بصددها ولا سيما قد بدأ العد التنازلي لمارثون الإنتخابات التشريعية العراقية؟

wadizora@yahoo.com
اثينا 24 أذار 2010
Opinions