Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

الكفّة الراجحة هي للكائن الآن والموجود المتوفر

يدهشنا أن جميع الكلمات ليست خادمة للمعنى الدالة عليه عياناً، فإنها في بعض الأحيان تعمل كدالة للضد مما يرام بها سواء بالنبرة، أو السياق، أو المعنى الضمني. وكذلك ليست جميع الشخوص التي هي بمرأى منا هي تلك المتوقعة أن تكون. وقس على ذلك التسميات والإعلانات وبقية مفردات الحياة اليومية. وليس هذا الكلام تشكيكاً في مصداقية الأشياء من حولنا، الأ أنه دعوة للتمحيص والتفهم المبني لا على الشكليات والصور المسبقة، أو المجردة، بل على ادراك يفوق هذه الحيثيات.

إن الحياة بتتابع لحظاتها المستمر حتى أثناء خلودنا للنوم، تجعلنا، بعلم منا أو لا، أن نغفل اننا نراكم المفاهيم غير الناضجة على المبادئ التي استلمت أصلا مكسوّة بتراكمات عدة لا حصر لها، تجعلنا لا نميز حقيقة هذا المبدأ المعين وتداعيات تشكله أصلا، وهذا ما يحدونا بطبيعة الحال إلى الدنو قاب قوسين، أو أدنى من استخدام العناصر التي في محيطنا على نحو مشوب بعدم فهم إما للعنصر المستخدم، أو الغرض المستخدم لاجله.

فالشخص الماثل أمام هذه اللجة، عليه أن ينظر بشكل أشمل تملأ نظرته الوعي الواسع والتفهم الآني لتفسير ما يقدم إليه من امور للنظر فيها. وهكذا إنسان هو إنسان يومنا الواجب أن يكون لا الإنسان الكائن دون موجبات تذكر، ان لم يكن وجوده صدفة، أو عبئاً يصعب تحمله.

وهذا هو حال معظم مجالات الحياة، اذ كثيرة هي الامور التي يجب ان يكون حالها غير ما هي عليه، إلا ان الكفّة الراجحة هي للكائن الآن والموجود المتوفر. لأن ليس في الوجود أكثر مما هو موجود إلا بالقوة كفكرة. فلنتعامل مع الموجودات على انها ليست هي ريثما تُمَكّن المستحيلات وتتجسد الأفكار، من دون التغاضي عن اللحظة الحالية لأجل ما نرومه.

وهذا ما يدعونا للخروج عن المالوف في نمط حياتنا التي غالباً ما تلوك في حبيها على الرماد المنطفئ للافكار السامية كل ما هو مجتر من التطبيقات. فلا غرو إن سمعنا المغررين بنا في ما نكونه ان كنا واثقين من كينونتنا، لكن الأنكى من ذلك أن علينا سبر غور الصور والخيالات في مسرح عرضنا لنؤدي الدور الواجب أن يكون ولا نرضى فقط بما هو كائن. وكل ما نقوله هو شذرات أفكار واختلاجات مخيلة تطلق أنوارا علّها تؤدي دوراً واجباً أن تكون عليه وليس كما تُرى وحسب.

الراهب آشور ياقو البازي
Opinions