Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

اين شمال العراق ايها السادة؟

للانسان رأس واقدام... لبعض الاشياء سطح وقاعدة... ولاخرى أعلى واسفل وللاوطان شمال وجنوب....عدا العراق فأنه لا شمال له في هذه الايام... لان ثمة أناس يعيشون هناك يشمئزون من شمال الاشياء جميعاً الى درجة انهم يسمون هذه المنطقة (شمال العراق) بجنوب كردستان. فهم يركزون بل يلحون في ذكر وسط وجنوب العراق ويكنونه الوسط السني والجنوب الشيعي وكأن هناك خط ماجينو يفصل سنة العراق عن شيعته!! وهم يطالبون بقيام فيدرالية أو اقاليم أو حتى نظام دولة المدينة كما كانت ايام اور السومريين ويرغبون بل يمنّون النفس بتقسيم كل شيء..! طبعاً لا لشيء الا ليشطبوا شمال العراق عن باقي اجزاءه ويحتفظون به لنفسهم كردستاناً عزيزاً فريداً وحيداً مصاناً...!

هكذا فأن هذه الشريحة من الشعب العراقي التي هي احدث الشرائح في عراقيتها (تاريخياً) اذا كانت ترغب وتعتز بهذه التسمية يوماً..!! لا تقبل بالجغرافية لكي لا يسمع ابنائها في المدرسة كلمة شمال العراق. ولا تقبل بالتاريخ اطلاقاً لكي لا يسمعون البتة باسماء واخبار الامبراطوريات العراقية كالاكدية والبابلية والامبراطوريات الاشورية الثلاث والعباسية....الخ. لان هذه الامبراطوريات كان لجميعها شمالاً وهذا الشمال كان دوماً ارضاً تابعة لبابل وأكد وآشور ونينوى وبغداد...الخ كما لا يسرهم سماع مصطلح ارض آشور وبابل ولا يعرفون الخط التاريخي السياسي, خط سمراء ـ هيت. هذا الخط الفاصل بين بلاد بابل التي تمتد جنوبه وصولاً الى الخليج العربي، وبلاد آشور التي تمتد شماله وصولاً الى بحيرة وان وبحيرة اورميا وجميع حوض الفرات الشمالي (جنوب شرق تركيا الحالي).

ويتخبط الساسة الاكراد في طروحاتهم كثيراً من خلال وسائل الاعلام... لانهم يرغبون شيء ويقولون شيئاً آخر. فهم يقولون علناً ان كركوك مدينة كردية وهي قلب كردستان ويجب ان تكون عاصمة لهم... وعندما يجري الحديث حول عدم وجوب التمادي الكردي في احداث التغيير الديموغرافي لهذه المدينة في المدن والمناطق العراقية....والا سوف يتم اتخاذ اجراءً من قبل جهات خارجية لمنع ذلك، يقولون "ان كركوك مدينة عراقية اولاً واخيراً ويحق للعراقيين جميعاً العيش فيها وان من واجب العراقيين الدفاع عنها ضد التدخل الخارجي".

فهم أي الاخوة الاكراد يريدون تأريخاً خاصاً بهم وجغرافية خاصة تتماشى مع مطامعهم لكي لا يذكرهم احداً بأن اقليمهم الكردستاني هو بلاد آشور اولاً، والعراق الجبلي في عصر العباسيين وشمال العراق في جغرافية العراق الحديث ثانياً. ولكي لا يسمعون قول الحق بأن شمال العراق لغيرهم حقوقاً وطنية مشروعة فيه.

وان الاشوريين من دون العراقيين جميعاً هم أولى به لانه وطنهم الام ومنذ الازمنة السحيقة وبأنهم اي الاكراد هم آخر الناس الغرباء سكنوا هذه الجبال قوة وعنوة لقاء الدعم الذي كانوا يقدمونه للجيوش العثمانية الغازية للبلاد العربية. عند قدومهم الى الديار الاشورية (العراق الشمالي) كجماعات بشرية مؤازرة لهذه الجيوش بمختلف قبائلها وفصائلها. ولاقوا كل الدعم والاسناد من لدن قادة هذه الجيوش في ضرب وازاحة المواطنين الاصليين في هذه المناطق أو تكريدها بالكامل لقاء خدماتهم الجليلة في الاسناد اللوجستي للعثمانيين. وبعد استتباب الوضع لصالح بني عثمان جنح الى الاستقرار هؤلاء الاكراد الرحل ايضاً على جميع الاراضي الخصبة التي استحوذوا عليها بموافقة اسيادهم العثمانيين. وهكذا تأسست الامارات الكردية في مجمل البلاد الاشورية (شمال العراق).

والملفت للنظر ان معظم مشايخ ورآسات هذه الامارات الكردية مع بدء نشوئها اتخذت لها اصول وانساب عربية تقربها الى بني العباس في بغداد وبني أمية في دمشق، والكتاب الكردي الاول (شرفنامة البدليسي) رغم كونه قد ألف بالفارسية لعدم نضوج وصلاحية لغتهم للكتابة بها يوم تأليفه حوالي مطلع القرن السابع عشر للميلاد. يزخر بمثل هذه القصص البعيدة عن العلمية. ولعل ذلك لم يكن الا ارضاءً للعرب المسلمين ليقبلوا بهم اسياداً واشرافاً في ارض ليست ارضهم واظفاء نوعاً من الشرعية على وجودهم في هذه الارض والبلاد.

ازاء هذه الحالة اللاواقعية علمياً وديموغرافياً وتأريخياً، نعتقد بأن سؤالاً وجيهاً يتوجب توجيهه الى السيد رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء في الحكومة العراقية المؤقتة وهو: "اين شمال العراق ايها السادة ؟" لانهم يرددون كثيراً لفظة اقليم كردستان بدلاً من شمال العراق بمناسبة وبغير مناسبة...!! Opinions