بصراحة إن القيادة الكوردية لم تُنصف الشعب الكلداني بما يضاهي تضحياته
habeebtomi@yahoo.noالشعب الكوردي على مدى عقود طويلة مضت ، هُمشت حقوقه من قبل حكومات توالت على حكم العراق منذ انبثاق الحكم الوطني العراقي بعد انهيار الدولة العثمانية في اعقاب الحرب العالمية الأولى ، وقد عرفت منطقة كوردستان بمصطلح (شمال العراق او الشمال ) ، وحينما عاد حكم البعث ثانية في تموز سنة 1968 شرع في إخضاع المنطقة عسكرياً وسياسياً ، فلا حقوق قومية كوردية ولا اقليم كردستان ، فالرسالة واضحة هي انها امة عربية واحدة من المحيط الى الخليج ، وإن كل القاطنين في هذه الأرض هم عرب اقحاح ، وكل من يدعي بقومية اخرى فهو يكفر بمبادئ هذه الأمة ويعمل على تمزيقها ، فالتجانس القومي كان حاجة ثورية ضرورية وفق السياق الفكر القومي العروبي في تلك المرحلة وربما الى اليوم .
وفي العراق فإن العهد الملكي كان امتداداً للحكم العثماني في هيمنة السنة على مقاليد الأمور . فكان يعطى اهمية للرابطة الدينية المذهبية بين العرب السنة من الحكام وبين الأكراد . فكانت تتعكز على معادلة الدين الواحد وهو الدين الأسلامي والمذهب الواحد وهو المذهب السني الذي يجمع الأكراد والعرب ، وهكذا كانت نقاط الجمع بين الحكام والشعب الكوردي هو الدين إضافة الى المذهب .
وهنا نسأل الأخوة الأكراد :
لماذا كل تلك الحروب بين ابناء الدين الواحد والمذهب الواحد ؟
والجواب واضح ومعروف وهو ان الحروب بين الطرفين كانت بسبب التباين القومي للشعب الكوردي وليس الحقوق الدينية او المذهبية ، إنما الحقوق (القومية ) للاكراد هي التي شكلت الفيصل في اشعال تلك الحروب .
نأتي الى المفيد في موضــوعنا ، لماذا يصر الأخوة الأكراد على تهميش الحقوق القومية للشعب الكلـــــداني ؟ إن الشعب الكلداني قطن هذه الديار منذ أزمنة موغلة في القدم ، وساهم ببناء الحضارات على هذه الأرض الطيبة ،وهو من المكونات العراقية الأصيلة وهو ايضاً من المكونات الكوردستانية ، فإضافة الى الأكراد ثمة العرب والكلدانييــن والتركمان والشبك والأيزيدية والآشوريين والسريان والأرمن والكاكائيين ..
إن الشعب الكلداني يساهم بكل إخلاص وتفاني في بناء العراق رغم ما لحق به من القتل والتشريد والأبتزاز والظلم ، كما ان القومية الكلدانيـــــــة هي القومية الثالثة في الخارطة القومية العراقية ، وإن الدستور الأتحادي يضمن لابناء هذه القومية حقهم في الوجود وفي الكينونة على ارض العراق .
لكن في اقليم كوردستان مع الأسف يجري تهميش هذه القومية ويفرض على أبنائها ان يكونوا تحت الوصاية الآشورية والأحزاب السياسية التابعة لها ، لاسيما المجلس الشعبي وهو حزب سياسي آشوري لا يمكن ان يلبي طموحات الشعب الكلداني القومية ، بل ان هذا الحزب ( المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ) يعمل على غمط وإلغاء اللغة الكلدانيـــــة والتاريخ الكلداني والتراث الكلداني والقومية الكلدانية ، فكيف يكون مثل هذا الحزب ممثلاً لشعبنا الكلداني ؟
(((( هل يقبل الشعب الكردي ان يعمل تحت وصاية حزب لا يحمل الهوية الكردية ؟ )))) .
فلماذا يقبل شعبنا الكلداني ان يعمل تحت وصاية حزب ليس كلدانياً ؟
اقول :
إن الشعب الكلداني كان له دور رئيسي في دعم الحركة التحررية الكردية منذ انبثاقها في ايلول 1961 بقيادة القائد الكوردي المعاصر ملا مصطفى البارزاني . لقد انخرط مئات الكلدانيين في هذه الحركة ومنهم الكثير من المقاتلين الشجعان ومنهم من استشهدوا ، وطال عوائلهم الملاحقات والسجون والويلات والتشريد ، ولا يمكن نسيان جريمة الأعدامات الجماعية التي طالت قرية صوريا الكلدانيــــة . وإضافة الى ذلك اصاب التدمير والتخريب عدداً من الكنائس والأديرة الكلدانيــــــة منها دير الربان هرمز قرب القوش ودير مار ياقو في محافظة دهوك .
لقد برز عدداً من القادة من شعبنا الكلداني في الثورة الكردية ومنهم المناضلين توما توماس ، وسليمان بوكا ويوسف حنا القس ،وقيصر منصور الذي اغتيل في بغداد عام 1971 والمرحوم حميد حنو الذي مات شنقاً وغيرهم كثيرين من الشهداء الأبرار من شعبنا الكلداني .
وممن ساهم في الثورة ورفدها بثقافته وقلمه عدداً من رجال الدين الكلدانييــــن ومنهم الخوري بولص بيداري ، والأب فرنسيس داود من أرادن ،والاب يوسف بري من السليمانية ، والأب روفائيل رئيس دير الربان هرمز الذي اعتقل وحكم عليه بالأعدام لكن بعض الجهود الدولية افلحت في الأكتفاء بنفيه الى خارج العراق ، ومنهم ايضاً المطران توما رئيس مطران زاخو والأب عمانوئيل رئيس ..
لقد كانت مساهمة الشعب الكلداني كبيرة في الثورة التحررية الكردية التي قادها المرحوم ملا مصطفى البارزاني ، لكن اليوم فإن هذا الشعب لا يُنصف بما يضاهي تضحياته من اجل كوردستان .
إن الموقف المنصف والموضوعي من اقليم كوردستان رئاسة وحكومة وشعباً والحزب الديمقراطي الكوردستاني بالذات ، ينبغي ان يجعلوا من شعبنا الكلداني شريكاً رئيسياً وعلى مختلف الصعد في اقليم كوردستان .
في المقدمة ان يعاد اسم القومية الكلدانية الى مسودة الدستور الكوردستاني وكما هو مدون في الدستور الأتحادي .
والنقطة الثانية التعامل مع شعبنا الكلداني مباشرة من خلال من يمثله من أحزاب سياسية قومية كلدانيــــــة ، وهي حزب الأتحاد الديمقراطي الكلداني ، والمجلس القومي الكلداني والمنبر الديمقراطي الموحد ومنظمات المجتمع المدني الكلدانيــــــة ومنها الأتحاد العالمي للادباء والكتاب الكلدان ، ومؤسسة الكنيسة الكلدانية وبمنأى عن اي وصاية من أي حزب آشوري او غيره .
إن إنصاف شعبنا الكلداني يعزز المسار الديمقراطي والتعايش السليم في اقليم كوردستان .
حبيب تومي / اوسلو في 6 / 2 / 2010