Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

بعيدا عن التاريخ الأعمى للعراق !



إن من كتب تاريخا أعمى للعراق ، لم يدرك طبيعة الوحدات الأساسية للمجتمع العراقي .. وافتقد فهم علاقاته في التاريخ ! كما انه لم يمتلك خلفيات معرفية بما هو سائد عراقيا منذ أزمان سحيقة : اللغات ، والتقاليد ، والأديان ، والمحليات ، ودور دجلة الحيوي ، وتصانيف الجغرافية الاجتماعية المشتركة .. لقد كان المؤرخ لونكريك منصفا في كتابه " أربعة قرون من تاريخ العراق الحديث " بمساعدة مؤرخ عراقي مسيحي شهير ، ولكن المؤرخ حنا بطاطو ، هتك واقع العراق الاجتماعي عندما اصدر أحكاما بائسة لا علاقة لها بالواقع أبدا .. صحيح انه نجح بتقسيماته وتصنيفاته للعراقيين ، ولكنه تعّمد تشويه تاريخنا الاجتماعي ، وقد شخصّت مثالبه في عدة دراسات لا يسعفني حجم مقالتي هذه من ذكرها .

إن تصويرهم ، العراق ، كونه كيان اصطناعي ، أو دولة اعتباطية ولدت في غفلة من التاريخ ، وكما يروج ويصفق لذلك بعض العراقيين ، اليوم ، عن جهل أو قصد ، يدحض ذلك كله ، تراث مشترك نجده يتمثل في تقاليد وفولكلوريات وفنون عراقية شاركت في صنعها كل الأطياف ، ناهيكم عن دفاعاتهم البطولية عن مدن العراق وجباله وسهوله وعتباته وصوامعه وكنائسه وأديرته وعن كل حدوده .. إذا كان العراق مجموعة مجتمعات طائفية ، فكيف نفّسر شراكة الموصليين للبغاددة في قتال المعتدين ضد عتبات العراق المقدسة ؟ وكيف نفسر عيش الأكراد ببغداد منذ القرن الثامن عشر وحياتهم فيها ؟ وما الذي يجعل الفلاحين الجنوبيين المعدمين ينتقلون إلى ضواحي بغداد ؟ ومن الذي حمي الأرمن الغرباء بنخوة وشرف ؟ وما الذي جعل مجتمع الكرخ والرصافة يتعايش فيه السنة والشيعة منذ أزمان طوال ؟ إذا كّنا نسمع ببغداد جملة ألقاب كالبصري ، والحلي ، والموصلي ، والاورفلي ، والزهاوي ، والسنوي ، والمقدادي ، والشرقي ، وعقراوي ، والتكريتي ، والسامرائي ، والعاني ، والراوي ، والهيتي ، والدوري ، والمنتفجي ، والطويرجاوي والراوندوزي ، والبامرني ، والخالصي ، والمهداوي ، والشيخلي ، والنجفي ، والسماوي ، والدليمي ، والكرخي ، والرصافي .. فهل هي تسميات طائفية أم جغرافية ؟ وهل وجدت اعتباطا من فراغ ، أو أنها تشكّلت في لحظة صنع العراق 1921 ؟ ما التراث المشترك الذي تحمله في جوف تاريخها الاجتماعي ، والقائم على التلاحم والتعايش دوما بلا سفك قطرة دم واحدة ؟ ما اللغة التي تعاملوا معها منذ مئات السنين ؟ هل تنازعوا من اجل البقاء ، أم تعايشوا من اجل العراق ؟ هل كانوا مفككّين ممزقين عرقيا وطائفيا حتى وحدهم البريطانيون على صفحة بيضاء وفق تصميم جديد ، كما يتداول ذلك بعض العراقيين مع الأسف الشديد ! ؟

إنني لا انتقد الآخرين من غربيين ومستشرقين لا يمتّون بأية صلة إلى العراق ، ولكنني انتقد ، كل العراقيين الذين انساقوا يروجّون هذه السذاجة التبسيطية .. وهي فكرة عمياء لا رؤية لها أبدا ، إذ أنها لا تكتفي بالتنكر للتاريخ والجغرافية فقط ، بل تلغي ذاكرة العراق الغنية بالتراث الغني الذي أسهم فيه كل العراقيين منذ آلاف السنين ، وبالتحديد في القرون الخمسة الأخيرة ، وهي اقرب الأزمان إلينا .. إن العراقيين بإغفالهم فلسفة التعايش السلمي ، فإنهم يساهمون إلى جانب غيرهم في هتك تشكيلاتهم القديمة .. ! إن مجتمعنا العراقي لا يمكنه أن يعيش حرا ومستنيرا وموحدا وديمقراطيا .. ما لم يلتئم الوعي في مشروع وطني مدني عراقي لا يفرق بين العراقيين أبدا ..

مجلة الاسبوعية ، 25 ابريل / نيسان 2009

ويعاد نشرها على موقع الدكتور سيار الجميل

www.sayyaraljamil.com




Opinions
الأرشيف اقرأ المزيد
نـــــزار حيدر لفضائية (السومرية) عن مشروع (المصالحة الوطنية): لحقن الدماء، وليس للابتزاز شبكة اخبار نركال/NNN/نزار حيدر/ حدد نزار حيدر، مدير مركز الاعلام العراقي في واشنطن، معالم جديدة لمشروع (المصالحة الوطنية) قائلا: الــيـوم صــدام . . و غــداً كـل الـطـغاة لم يكن الخامس من نوفمبر تشرين الثاني من العام 2006 يوماً عادياً في تاريخ العراق و العراقيين . و هو لن يكون كذلك في تاريخ الشعوب العربية قاطبة . و لا أبالغ في الوصف إن قلت أنه سيكون أحد التواريخ المميزة في الروزنامة البشرية و الذاكرة الإنسانية التي ستمثل بيان لمناسبة 7 آب يوم الشهيد الكلدوآشوري السرياني تحل في السابع من آب الذكرى الثالثة والسبعين لمأثرة سميل البطولية، والمذابح الجماعية التي ارتكبت بحق شعبنا الكلدوآشوري السرياني قراءة عامة في الاساطير العراقية في فترة السلالة السومرية تعددت الآلهة لدرجة أن أصبح لكل شيء إله ولكل ولاية آلهة. فمثلا هنالك إلهة الأرض والانوثة (انيني العذراء), إله الشفع (ننكرساج), إله الفيضانات (تنجرسو), إله الزرع والذكورة (تموز أو أبو), إله القمر (سين),...
Side Adv2 Side Adv1