بِلا مَأْوَى .......
الجمعة 2 / 1 / 2009يَعِيشُ الفُقَراء بَيْنَنا ، لَكِنَّنا نَنْسَاهم ، أَوْ نَتَنَاسَاهم
تَعاضُد مَعَ كُلِّ مَنْ لاسَقْفَ لَهُ ، يَحْتَمِي بِهِ ، ويَلْتَجِئُ إِلَيْهِ
بِمُناسبةِ اليَوْم العَالَمِيّ لِمُكافَحَةِ الفَقْرِ ، والَّذِي يُصادِف
17 / 10 مِنْ كُلِّ عام
هُنا مَشاهِدٌ مِنْ بَعْضِ أَيَّامِ الفَقِيرِ المُتَّعاقِبَة
بِأَسْرارِها وهُمُومِها الصَغِيرة ، الكَبِيرَة ، الكَثِيرَة
( 1 )
بَكَى ......
مادَرَى بِهِ سِوَى اللَّيْل
مارأَتْ دُمُوعَه غَيْرُ العَتَمَة
غَيْرُ العَتَمَة ، مادَرَى بِهِ أَحَد
( 2 )
هذا البَرْدُ قارِص
واللَّيْلةُ قاسِية
والرِّيحُ بِلا قَلْب
مَجْنُونةٌ
عاتِية
( 3 )
دُودِيَّة أَمْعائِهِ
مُعَطَّلة
ومَعِدَته خَاوِيَة
وهَذِي الأَحْزان
على القَلْبِ
رُكام ٌ..... رُكام
( 4 )
أَيْنَ حَجَراً
يَسْنُدُ إِلَيْهِ رَأْسَه
هامِساً لنَفْسِهِ
" إِلى غَدٍ بِلا صَباح "
مُتَسَكِّعاً في لَيالِي البَرْد
بِلا مَأْوَى
مُتَشرِّداً .... شارِداً
باحِثاً عن بَعْضِ دِفْءٍ
ولَفْحَةِ ضَوْءٍ
مُتَسَلِّقاً العَتَمَة
أَمْلاً في شُعاع
( 5 )
مالِكُ الضَجَرِ
سَئِمٌ
بَطِرٌ
بِهِ مَرّ
وحَسَدَهُ
على حُرِّيَّتِهِ
على تَفَلُّحِ قَدَمَيهِ
على اثْتِلاجِ كَفَّيهِ
وعلى تَيَهانِهِ
في الشَّوارِعِ البَارِدَة
حَسَدَه
حَتَّى ازْدادَ بُؤْساً وشَقاءً
( 6 )
وتَاليةً
ثَرِيَّاً
بِهِ جَاز
فاحْتَقَرَهُ
ثُمَّ حِيْناً حَسَدَهُ
على رَاحَةِ بَالِهِ
وقِلَّةِ هُمومِهِ
حَسَدَهُ ..... حَسَدَهُ
حَتَّى أُصِيبَ
المُتَشَرِّدُ " السَّعِيد "
بِالبَرْدِ القَامِعِ
وأُغْشِيَ عَلَيْهِ بِوِشايَةٍ
مِن الجُوعِ
( 7 )
عَمِلَت الرِّيحُ
أَهْوالاً في عَباءَتِهِ
وأَتَتْ بِالعَجَبِ العُجَاب
.
مُثَقَّبة
مُهَلْهَلة
بِالرتُوقِ مُزَخْرفَة
( 8 )
جَمِيلٌ مُحَلِّقٌ
بِجِنْحِ اللامُبَالاةِ
بِهِ عَبَر
وأَمْعَنَ
مِنْ عَباءَتِهِ المُتَقَطِّعة
غُرَّ النَّظَر
سَالَ لُعَابُ مُخَيَّلتِهِ
غَمْغَمَ :
" تَصْلُحُ صَرْعَة في عالَمِ الأَزْياء "
( 9 )
مَرُّوا ..... ومَرُّوا
مَرَّ كُلٌّ بهَوَاه
لا فَطِنَ أَحَدٌ
أَنَّهُ خاوِي البَطْن
جائِع
وفَرائِص مِن البَرْدِ تَرْتَعِد
لا فَطِنَ أَحَدٌ
فمَنَحَهُ
لُقْمَة
أَوْ مِعْطَفاً
أَوْ ......
كُلٌّ بِهَوَى هَمِّهِ مَرّ
.
.
.
كُلٌّ بِهَوَى ماحَلا لَهُ وهَمّ
مَرّ
( 10 )
حَسَدوهُ على بَطَالتِهِ
ثُمَّ
عَلَيْها لامُوه
ما أَدْرَى
مارّاً حاسِداً
أَوْ لائِماً
بِما هو فيهِ
( 11 )
لا مُوهُ على بُؤْسِهِ
وعَلَيْهِ ازْدَرُوهُ
لا يَداً مُدَّتْ لَهُ
تَنْتَشِله مِنْ مِحْنَتِهِ
( 12 )
لَوْ لاكَهُ المَوْت
" والمَوْت ..... باهِظ التَّكالِيْف "
أَنَّى لَهُ أَنْ يَحْظَى بِقَبْر !!
مَجْهُولاً سيَبْقَى
كما عاش
.
.
.
.
هذا الفَقِير
هَلْ كانَ ومات ؟ ؟
بقلم : شذى توما مرقوس
..................
الهَوامش : ــ
ــ دُودِيَّة الأَمْعاء : كِنايَة عن الحَرَكةِ الدُودِيَّة لِلأَمْعاء .
ــ تَفَلُّحِ قَدَمَيهِ : أَصابَهُ فيهما تَشَقُّقٌ مِن البَرْدِ .