Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

تذكار مار عبدا الأسقف الشهيد

مار عبدا الأسقف الشهيد: بعد أن توفي الملك بهرام الرابع[1]، خلفه ابنه يزدجرد الأول وذلك سنة 400 م، ومع أنه كان فظاً غليظاً، لكنه كان لطيفاً مع المسيحيين في بداية حكمه. ثم أثار عليهم اضطهاداً شديداً، وضمدت نار هذا الاضطهاد بواسطة مار ماروثا أسقف ميافرقين، الذي أقبل مراراً بسفارة جليلة من لدن ثاودوسيوس ملك الروم،[2] إلى يزدجرد لعقد الصلح بين المملكتين. لكنه مع ذلك كان يأمر بعض الأحيان بقتل الذين كانوا يتنصرون من المجوس.

وفي السنة الأخيرة من حياته اضطهد مرة ثانية المسيحيين، وكان السبب أن قسيساً يدعى هشو " هوشاع " هدم في مدينة هرمزد ارداشير[3] بيت نار كان مجاوراً للبيعة، كان المسيحيون يتأذون من قيّميه ومدبريه.

وكان الأسقف على تلك المدينة يدعى مار عبدا، وكان عالماً جليلاً ممتلئاً فضائل مسيحية، فإليه نسب المجوس حريق بيت النار. وسعوا به لدى الملك وقالوا له: " إن الذين من النصارى يدعون أساقفة وكهنة وشمامسة ورهباناً، يخالفون أوامرك، ويحتقرون عظمتك، ويهينون آلهتك، ويسخرون بالنار والشمس، ويهدمون معابد النار، ويحملون على الضلال كثيراً من أهالي المملكة، ويعلمونهم السحر والنفاق ". فاغتاظ الملك غيظاً شديداً، وسن أنيابه مستعداً بشدة غضبه للافتراس. فأمر بهدم الكنائس والأديرة، والقبض على الأساقفة والكهنة، وقتل منهم جماً غفيراً.

ومن جملة الذين قبض عليهم مار عبدا الأسقف والكاهنان هشو وأسحق، وأفرام الشماس، وداذوق ودورثان العلمانيان، وفافا أخو مار عبدا الأسقف. وسيقوا جميعاً إلى باب الملك. ولما مثلوا بين يديه، قال لهم بغضب شديد: " لماذا تخالفون أوامرنا، وتحتقرون التعليم الذي قبلناه من آبائنا، فلا تأبون إلا تكميل إرادتكم، والتوغل في الضلال المبين ".

فرد الجميع بالقول: " نحن لا نقبل التعليم الذي يأمر بالسجود لعدة آلهة، ولا نرضى بإهانة الإله العظيم الذي خلق جميع الأشياء، فنحن لا نسجد إلا لرب واحد، خالق العالمين لا إله إلا هو وحده. وأما المخلوقات فلا تريد إلا استخدامها ".

فقال الملك لمار عبدا: " أنت المقدَّم على هؤلاء المسيحيين، فلمَ تحملهم على مقاومة أوامرنا، وهدم معابدنا ".

فرد عليه الكاهن هشو غاضباً: " نحن لم نهدم بيعة الله ومذبحه المقدس ".

فصاح به الملك غاضباً: " لم أسألك أنت بل الأكبر منك، فعليه أن يجاوب ".

فرد عليه الكاهن هشو: " إن تعليمنا يأمر ألا يستحي الصغير والكبير بكلام الله، إذا ما أحضره الملك فاستنطقه. وقال لنا أيضاً مخلصنا يسوع: إني أعطيكم فهماً وحكمة، لا يتمكن أعداؤكم من مقاومتها. فحق كلامنا سواء قاله الصغير أم الكبير ".

فقال الملك: " وما هو تعليمك أيها الجسور المتكلم عن رئيسه ".

فرد هشو: " إني مسيحيي عبد الله الحي، الذي ما من أحد يستطيع سبيلاً إلى أن يلومه، ويقول له ماذا تصنع ".

فقال الملك: " إذاً لصحيح إنك هدمت معبد النار ".

فرد هشو: " إني أنا هدمت معبد النار لأنه بيت الله، وأنا أطفأت النار لأنها ليست بنت الله كما تزعمون، بل جارية تخدم الملوك والأغنياء والصعاليك والفقراء، وهي مخلوقة عديمة الحياة تتولد من الحطب ".

فتوهج الملك غضباً فأمر بقتلهم جميعاً، وكان استشهادهم سنة 421 م.[4]

ويحتفل بتذكار مار عبدا الأسقف الشهيد في الجمعة الثانية من سابوع إيليا.



--------------------------------------------------------------------------------


1_ الملك بهرام الرابع ( 388 _ 399 ): بهرم هو اسم ستة ملوك ساسانيين. ويعرف بهرام الرابع كرمنشاه، أزدادات في عهده العلاقات الطيبة رسوخاً وتعاون مع الرومان لدرء خطر الهونيين الزاحفين من المناطق الشمالية على كلتا الإمبراطوريتين. وقد استفاد المسيحيون في المشرق من هذه العلاقات. ولم يستأنف بهرام المسالم الاضطهاد بصورة رسمية شاملة ضد المسيحيين، ولو هناك بعد الحوادث التي جرت بحق المسيحيين خلال عهده. تاريخ الكنيسة الشرقية الأب ألبير أبونا ج 1 ص 42.

2_ الملك ثاودوسيوس الثاني ( 408 _ 450 ): ثاودسيوس اسم ثلاثة من ملوك الرومان. وبعد موت ثاودسيوس الأول ( 379 _ 395 ) قسمت الإمبراطورية الرومانية إلى قسمين شرقية وعاصمتها بيزنطية، وغربية وعاصمتها روما. أما ثاودسيوس الثاني فهو إمبراطور بيزنطي ابن اركاديوس وخلفه. تأثر كثيراً بزوجته افدوكيا وبأخته، فمال إلى رأي نسطور ودعا إلى عقد مجمع أفسس، حيث خذل. أسس جامعة القسطنطينية سنة 425 وأمر بجمع القانون الثيودوسي. المنجد في الأعلام ص 204.

3_ هرمز ارداشير: إن أول من بناها هو أردشير وكانت تسمى هرمز أردشير. والأهواز كورة بين البصرة وفارس، وسوق الأهواز من مدنها. ويقال أن سابور بنى بخوزستان مدينتين سمى إحداهما باسم الله عز وجل، والأخرى باسم نفسه. ثم جمعهما باسم واحد وهي هرمزدادسابور، ومعناه عطاء الله لسابور. وسمتها العرب سوق الأهواز يريدون سوق هذه الكورة المحوزة. والأهواز سبع كور، لكل كورة منها اسم ويجمعهن الأهواز. معجم البلدان ياقوت الحموي ص 284 _ 285.

4_ سيرة أشهر شهداء المشرق القديسين المطران أدي شير ج2 ص 297 _ 300.




Opinions