تصريحات مهمة للأستاذ حميد مجيد موسى في الموقف من التيار الديمقراطي في العراق
أدلى الأستاذ حميد مجيد موسى, سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي, بتصريحات مهمة إلى جريدة البيان الإمارتية بتاريخ 10/12/2010 حول جملة من الأمور التي تمس واقع العراق ومشكلاته وقواه السياسية وخاصة حول قوى التيار الديمقراطي, حيث يشكل الحزب الشيوعي جزءاً اساسياً وحيوياً منه. إنه الحزب الذي في مقدوره أن يلخص تجربة النضال خلال العقود المنصرمة في مجال عقد التحالفات السياسية وبلورة أهميتها والدروس المستخلصة منها وسبل تحقيقها خلال الفترة القادمة بالنسبة للقوى الديمقراطية العراقية. جاءت هذه التصريحات في فترة حرجة من تاريخ العراق تميزت بعدد من الظواهر السلبية التي لا بد من الإشارة إليها لنقدر مدى أهمية تلك التصريحات وضرورة العمل من أجل تنشيط قوى التيار الديمقراطي العراقي:1. الأزمة الطاحنة والشاملة التي تعصف بالبلاد والتي تجلت بشكل خاص بالعجز عن تشكيل الحكومة العراقية نتيجة الصراعات الطائفية على السلطة والمصالح الذاتية للقوى التي يفترض أن تشكل الحكومة في ضوء نتائج الانتخابات الأخيرة, علماً بأن الأزمة في جوهرها بنيوية, أي أزمة نظام سياسي تشمل الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأمنية وبيئية وخدمات عامة.
2. الهجوم الجديد لبعض القوى السياسية المشاركة في الحكم وفي مجالس المحافظات المناهضة للديمقراطية وحقوق الإنسان وحرياته العامة وللثقافة الوطنية الديمقراطية العراقية والتي برزت هذه الظاهرة بشكل صارخ في الموقف من اتحاد الأدباء والكتاب في العراق وغلق النادي الثقافي والاجتماعي بقرارات تحريمية غير مبررة تضر بمجمل العملية الثقافية والسياسية في البلاد وتسيء بشكل كبير جداً إلى كل القوى المشاركة حالياً في الحكم, ما لم تسع إلى إلغائها والتصدي لهذا التيار الظلامي في البلاد.
3. استمرار ممارسة قوى الإرهاب للقتل على الهوية الدينية على نحو خاص, كما حصل في كنيسة "سيدة النجاة" أو غيرها, رغم إلقاء القبض على المزيد من الإرهابيين القتلة في العديد من محافظات العراق في الآونة الأخيرة , إلا أن الدم ما والدموع لا زالا يسيلان على أرض العراق.
4. تفاقم التدخل الأجنبي الإقليمي والدولي في الشأن العراقي وتزايد تأييد السياسات الإقليمية والدولية, وخاصة الإيرانية والسعودية والأمريكية, لنظام المحاصصة الطائفي وإضعافها المستمر للقوى الديمقراطية والسعي لتهميشها وعزلها عن المجتمع وعن التأثير في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
5. ضعف التيار الوطني الديمقراطي عموما, وقوى اليسار خصوصاً, وتشتته ومصاعب الوصول إلى قواسم مشتركة وبرنامج مشترك ووحدة عمل مشترك ما بينها, في حين تستوجب الضرورة تحقيق ذلك وبأقصى سرعة ممكنة.
6. تفاقم البطالة في المجتمع العراقي سواء المكشوفة منها أم المقنعة, واتساع قاعدة الفقراء وتعاظم الفجوة بينهم وبين الأغنياء, والتي سوف تقود إلى مزيد من الاستقطاب وإلى تشديد التناقضات والصراعات السياسية. وهي مسألة مرتبطة بغياب إستراتيجية واضحة وسياسات اقتصادية سليمة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وتنظيم صادرات واستيرادات العراق ومكافحة الفقر والبطالة.
7. الفساد المتفاقم الذي قاد ويقود إلى توفير فرص أفضل لتحرك واسع النطاق لقوى الإرهاب والاستفادة منه لصالحها باتجاهات مختلفة وضد العملية السياسية في العراق.
إن كل ذلك وغيره يجعل من الجهد الذي يبذل اليوم من جانب الحزب الشيوعي العراقي للملمة وتجميع وتوحيد عمل قوى التيار الديمقراطية أكثر من ضرورة مهمة في الوقت الحاضر وفي المستقبل المنظور. وقد نشط الحزب الشيوعي في الاتجاه الصحيح في ضوء تصريحات الأستاذ حميد مجيد موسى, والتي, كما تبدو له ولي, عملية معقدة وصعبة للغاية بسبب عوامل موضوعية وذاتية كثيرة جاء على ذكرها سريعاً, ولكنها ليست مستحيلة, خاصة وأن نواتها قد توفرت اليوم في لجنة التنسيق قوى التيار الديمقراطي في العراق والتي بدأت تتشكل لها لجان مماثلة مستقة عنها ومتعاونة معها في آن واحد في داخل العراق وفي الخارج, والتي سوف تحتاج إلى مزيد من الجهود والعناية والرعاية لكي تتسع في العراق بتنظيمات ديمقراطية ويسارية جديدة وعدم وضع شروط أمام من يريد الالتحاق بهذا التكوين الجديد والاستفادة من الخبرات التي تراكمت منذ عقود في العمل الجبهوي, إضافة إلى تأمين التعامل المتساوي بين الجميع وبتواضع جم.
والأهم من كل ذلك, والذي اشار إليه الرفيق أبو داوود, يبرز في تأكيده الخاص على العمل مع الشعب وعلى أرض الواقع العراقي ووفق حاجات ومصالح فئات المجتمع, أي أن تكون ساحة عمل قوى التيار الديمقراطي المجتمع والفئات الاجتماعية والمهنية المختلفة.
إن الواقع الجديد في العراق يتطلب من قوى التيار الديمقراطي بلورة نشاطه كتيار فكري وسياسي واجتماعي وثقافي معارض لسياسة الحكومة العراقية الحالية وبرنامجها الضبابي الراهن وطرح برنامج بديل يعبر عن مصالح الشعب وقضاياه الأساسية وفق منظور قوى التيار الديمقراطي وفي إطار العملية السياسية الجارية. أي إن موقف المعارضة السياسية لا يعني عدم تأييد السياسات والإجراءات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الجديدة والجيدة التي تتخذها الحكومة وتمارسها فعلاً, ولكن قوى التيار الديمقراطي تسعى إلى نقد السياسات الخاطئة والسلبية والطائفية ...الخ وطرح البديل لها, وهو الأمر الجوهري الذي يسمح بتعزيز صلات التيار الديمقراطي بالشعب واستعادة ثقة الشعب وعلاقته النضالية به.
إن الطريق طويل وشاق من أجل بناء عراق مدني ديمقراطي اتحادي مستقل, ووضع ثروات البلاد الوطنية في خدمة التنمية الاقتصادية والبشرية والعدالة الاجتماعية.
إن الالتزام والتطبيق المسؤول والحيوي لما جاء في تصريحات الأستاذ حميد مجيد موسى حول سبل لملمة قوى التيار الديمقراطي والتعامل الواعي والفعال في ما بينها والانفتاح على الجميع دون استثناء ما دامت تلك القوى والشخصيات تضع نصب أعينها بناء الدولة العراقية الديمقراطية الاتحادية وحماية حقوق الإنسان وحرياته العامة ومستقبلة الآمن ..الخ, يمكنها أن تعجل بتوفير مستلزمات نهوض جديد وحيوي لقوى التيار الديمقراطي في المجتمع العراقي ويساهم في دفع البلاد بالاتجاه الصحيح.
إن التحرك السياسي الراهن يفترض أن يعي بوضوح ودقة واقع ميزان القوى السياسي المختل حالياً في غير صالح قوى التيار الديمقراطي, وأن تغيير هذا الميزان صعب ومعقد جداً وطويل الأمد ومحفوف بالمخاطر والعقبات. ولكنه سيتغير لا محالة بفعل عاملين جوهريين, وهما:
1. السياسات الخاطئة التي تمارسها منذ سبع سنوات القوى الطائفية المتحكمة بسياسة البلاد حالياً والتي لا تتلائم مع مصالح المجتمع ووحدة النسيج العراقي الضرورية لوحدة العراق ومستقبله المشرق من جهة,
2. والسياسات الديمقراطية والسلمية التي يفترض أن تمارسها قوى التيار الديمقراطي لكي تتمكن أن تحل محل تلك القوى الحاكمة حالياً التي يفقد الشعب ثقته بها, إذ أن القوى الديمقراطية تعتبر القوة الحقيقية القادرة على بناء الدولة الديمقراطية العراقية والاتحادية المنشودة من جهة أخرى.
إن هذه الوجهة تفترض ضمان التعاون مع كل القوى الديمقراطية على صعيد العراق كله وعلى صعيد كل القوميات في العراق, إذ من المهم تعزيز قدرات الحركة الديمقراطية العراقية لتساهم في تغيير ميزان القوى لصالح كسب قوى أخرى تتعاون اليوم على اساس تحالفي مع قوى طائفية وتنتهج مبدأ المحاصصة الطائفية, ولكن مثل هذا التحالف ليس من مصلحتها على المدى البعيد, ومنها قوى التحالف الكردستاني.
إن التداول السلمي الديمقراطي للسلطة هو الذي يفترض أن يسود في البلاد. وفي ظروف البلاد الحالية, حيث يميل ميزان القوى الراهن لصالح القوى التي تقود الحكم حالياً, فأن المهمة التي تواجه القوى الديمقراطية تتركز في العمل على تغيير ميزان القوى من خلال كسب تأييد الشعب وثقته بها ومشروعها الديمقراطي للتغيير.
ومن أجل أن يطلع من يقرأ مقالي على تصريحات الرفيق أبو داوود بأمل أن يتعرف مباشرة على أهميته في إدراك أهمية وضرورات التنازل والتواضع والمساواة في العمل الجبهوي المنشود ودون إبعاد أي طرف من الأطراف أو الشخصيات الجدية الراغبة هي الأخرى في تقديم التنازلات المطلوبة لتحقيق العمل المشترك ضم التيار الديمقراطي أدرجه كملحق فيما يلي:
نعتبر ما هو عام ومشترك أساسا يستحق أن نتجاوز من اجله العقبات
حميد مجيد موسى للبيان الإماراتية:
نعمل على بث الحيوية والوحدة لقوى التيار الديمقراطي
بيّن سكرتير الحزب الشيوعي العراقي حميد مجيد موسى أن ضعف التيار الوطني الديمقراطي في العراق، وتشتته، هو عامل أساسي من جملة العوامل التي جعلت الأمور في البلاد تأخذ هذا المنحى المعقد. وقال موسى أن هذا الضعف له مسبباته الكثيرة، الموضوعية والذاتية، وفي مقدمتها الظروف القاسية التي واجهها التيار، إضافة إلى التشويش وعدم وضوح الرؤية الذي يسود العملية السياسية في البلاد، التي ارتكزت على الاستقطابات الطائفية والعرقية والمناطقية.
جاء ذلك خلال حوار أجرته معه جريدة (البيان الإماراتية)، حيث أكد على إن ضعف التيار الديمقراطي، للأسباب المعروفة، خسارة كبيرة للشعب العراقي ولقدرته في التأثير على مجريات الأحداث السياسية، ومن اجل وضع العملية السياسية في الاتجاه الصحيح، وتجنيبها الثغرات والنواقص والعثرات، التي لم تعد خافية على الإنسان الواعي.
نهوض التيار لم يتوقف
وحول استعادة التيار الديمقراطي لحيويته في الآونة الأخيرة، من خلال المبادرة التي أطلقها الحزب الشيوعي العراقي للملمة هذا التيار وإبرازه من خلال نشاطات جماهيرية عديدة، قال السكرتير أن "نهوض التيار الديمقراطي لم يتوقف، رغم كل العراقيل"، موضحاً ان "الظرف المعقد الحالي له تأثيره الحتمي في استنهاض الحركة الجماهيرية الواسعة، وبشكل خاص، قوى التيار الديمقراطي التي تحمل في قناعاتها المشروع الوطني الديمقراطي، الذي يعبر عن مصالح أبناء شعبنا، شغيلة اليد والفكر، من العمال والفلاحين والموظفين وذوي الدخل المحدود". وأكد موسى على أن: "التيار لا يناضل من اجل الديمقراطية السياسية فقط، رغم أهميتها، وإنما هو أيضا ذو بعد اجتماعي، يتمثل في النضال من اجل مصالح شغيلة العراق، فهو له أصول وجذور عميقة في المجتمع العراقي، وله أساس موضوعي في هذا المجتمع، ولكن ما عاناه من قمع وإرهاب طوال ما يزيد على أربعين سنة، اضعف من حضوره الآن، وساهم في ذلك ما عاناه من تشرذم وتفتت وتباينات ومنازعات قللت من قدرته على الفعل المباشر". وقال موسى: "ان الظرف الحالي يضع أمام المعنيين في القوى الديمقراطية مسؤولية تاريخية في التحرك الجاد والمسؤول لتجاوز الصعاب والنزعات الأنانية، والبحث عن المشترك الموحد والمقبول، لكي يستطيع هذا التيار أن يلعب دوره المنشود في إطار حركة شعبنا الوطنية الواسعة، هناك جهود غير قليلة بذلت في هذا السياق".
مهمة صعبة
وحول لملمة التيار الديمقراطي وقواه قال موسى:"يبدو أننا أمام مهمة صعبة ومعقدة، تتطلب تصورا سياسيا وفكريا ناضجا، واتصالات واسعة وجهودا مضنية مثابرة، لتأمين تقارب قوى هذا التيار وشخصياته والتئامها وفق صيغة من صيغ التحالف والنشاط المشترك، لكي يفعل التيار فعله في الحياة السياسية العراقية. وفي هذا الصدد، سعينا إلى عقد لقاءات للتوصل إلى صيغ عمل مشترك ونشاطات جماهيرية ومؤتمرات، وتكونت لدينا تجربة ومحصلة معرفية ووعي لحقائق هذا التيار، وسنجند كل ذلك مع إمكانيات الحزب للإسراع في إيجاد الصيغة الفعالة لبث الحيوية والنشاط والوحدة لقوى التيار الديمقراطي".
الأطر التنظيمية
وحول صيغ التعامل بين مكونات التيار الديمقراطي وصيغ عمله الميداني قال :"في قناعتنا أن المشكلة ليست في الصيغ والأطر التنظيمية، فهذه يمكن أن تأتي كمحصلة لتصاعد النشاط المشترك لقوى التيار الديمقراطي، ويمكن التوصل إلى ما هو مقبول من الصيغ والأطر، بناء على القناعات التي تتولد حول العمل المشترك، والمدى الذي يجب أن يأخذه هذا العمل المشترك من حيث الموضوع، ومن حيث الزمن، ومن حيث المهام". وتابع: "إذا اعتبرنا أن العوامل الموضوعية التي أحاطت ولا تزال، بعمل قوى التيار الديمقراطي، هي خارج إرادة وقدرة هذه القوى على تجاوزها وتعديلها، فلابد أن نركز على الجانب الذاتي، والشيء الأول الذي نحتاجه هو أن نعتمد على الناس، على النشاط الجماهيري، كي لا تبقى النقاشات نخبوية فوقية، فعندما يكون لنا اندماج واختلاط وفعل جماهيري، عند ذلك نتحرر من الكثير من الإشكاليات والعقد، ويتحرك كل طرف وفق إمكانياته وقابلياته وقدرته على الفعل والنشاط، ويجب أن نتخلص من الحساسيات والنزعات الحزبية الضيقة، و«الأنا» المضخمة".
وأوضح: "اننا نعتبر ما هو عام ومشترك أساسا يستحق أن نتجاوز من اجله تلك العقبات والعراقيل، التي تحد من تعاوننا ومن لقائنا في النشاط الوطني الديمقراطي المسؤول، ولنبدأ من الذات، حيث آلينا على أنفسنا أن ننطلق بمنتهى العقلانية والواقعية والمرونة والرغبة في العمل مع الجميع واحترام استقلاليتهم بعيدا عن الهيمنة والتسلط والاحتكار، وهذا ما أثبتناه نظريا وعمليا في ممارساتنا التي نعيشها ويعيشها البلد منذ سنوات". وأشار إلى: "النشاطات الواسعة التي تبادر منظماتنا إلى إقامتها في كل أنحاء العراق، والتجمعات التي يجري تنظيمها لصياغة أشكال من التعاون والعمل المشترك والنشاط الفعال لحماية مصالح الشعب في مختلف المحافظات، وبضمنها بغداد، كذلك تعاوننا مع جميع منظمات المجتمع المدني، ورعايتنا ودعمنا فعالياتها بدون رغبة أو مسعى لفرض قناعة معينة أو لفرض توجه معين بمعزل عن مشاركة الآخرين في صياغة التوجهات المطلوبة، المنسجمة مع حاجات النضال السياسي العام".
التعاون مع القوى السياسية
وعن القوى التي يعمل معها الحزب الشيوعي من اجل استنهاض التيار الديمقراطي قال حميد موسى: "نرغب في التعاون مع الجميع، مع كل من يعز عليهم امن واستقرار العراق وديمقراطية العراق وتقدمه.. هذه رغبة في العمل مع من يتعامل معنا بمثل ما نتعامل معه، من احترام وتقدير، وهناك من هم اقرب إلى مشروعنا الفكري وعندهم الرغبة في أن نتعاون إلى آماد زمنية بعيدة وعلى مراحل اجتماعية طويلة، وهذا التعاون له مستلزماته، وهناك أيضا من يعملون في إطار توجه التيار الديمقراطي، ومن هم مصرون على بناء مؤسسات سياسية ديمقراطية في البلد.. يكفي أن تبنى العلاقات على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، واعتماد أساليب سليمة ونزيهة ومستقيمة في العلاقات السياسية دون هيمنة، ودون محاولات إقصاء وتهميش".
وأوضح: "أما من يجعل من معنى وجوده ونشاطه السياسي العمل على تخريب الحزب الشيوعي والإساءة إليه، فهو ليس من القوى التي نستطيع أن نتعامل معها.. لن نتعامل مع احد يشتم يوميا الحزب الشيوعي، ويسعى للإساءة إليه، فهذا موضوع ثان ومختلف تماما، وأهلا وسهلا بمن يقول ويعمل من اجل رفع الحساسيات والعمل المشترك باحترام متبادل".
نظام مدني لا يعادي الدين
وبشان الخلط بين العلمانية والديمقراطية قال حميد مجيد موسى :"جرى للأسف الشديد تشويش متعمد في تفسير معاني العلمانية، أو في صياغة معالمها، وذلك من اتجاهات مختلفة.. قسم اعتبرها توجها معاديا للدين، أو اتجاها إلحاديا، وهي ليست كذلك إطلاقا، بعض المتزمتين البعيدين عن الإدراك الواعي لا يحتملون اختلافا مع طروحاتهم، وهم من المتعصبين المتطرفين، وآخرون اعتبروا أن هدف العلمانية الرئيس هو مواجهة الدين!"، مبيناً ان "الأمر ليس كذلك، فالتوجه العلماني كما عرفناه في التاريخ مع ظهور ملامحه في أوروبا وانتشاره في العالم، هو نزعة تريد أن تفصل الدين عن الدولة، وتعطي الدين حقه في ميادين النصح والإرشاد والعبادة، وتعطي الدولة تخصصها في إدارة شؤون البلد واقتصاده وعلاقاته السياسية ونظامه الإداري وعلاقات الناس مع بعضها"، موضحاً ان "البشرية جربت التداخل وأسفر ذلك عن نتائج سيئة، لأنه حينما يكون الدين حاكما في الدولة بكل تفاصيلها، وبكل تشعباتها، فانه يلحق أذى كبيرا بالدين ذاته من ناحية، وبالناس من ناحية ثانية، فعندما تسود أحكام قاطعة.. ماذا عن الديمقراطية وحرية المواطنين وعن النزعات المدنية؟". وقال:"نحن نسعى إلى نظام مدني، والمدني يختلف عن الديني، لكنه لا يعادي الدين. للدين حقه، وله توجهاته وله موقعه، ولكن للدولة اختصاصاتها وخصوصياتها ونظامها وأساليب عملها التي لا تتداخل كليا وبشكل مطلق مع الدين".
وعن امكانية وجود نزعة دينية ديمقراطية في المجتمع العراقي، أكد موسى: انه حول هذا المفهوم هناك اجتهادات وتصورات مختلفة، حين نتحدث عن المتدينين، فليس كل المتدينين متطرفين، وليس كل المتدينين معادين للديمقراطية، كذلك ليس من الصحيح الحديث عن أن كل علماني هو ديمقراطي، أو انه لا يوجد دكتاتوريون ومستبدون ومتطرفون تحت لواء العلمانية.. والمجتمع البشري شهد أمثلة كثيرة على أولئك الذين مارسوا الاستبداد وأقاموا الأنظمة الفاشية، وكانوا خلال ذلك ضد المؤسسات الدينية وضد اندماج الدين بالدولة. بالنسبة إلينا تكتسب العلمانية محتواها الحقيقي والعميق حينما تندمج بالديمقراطية.. هناك من يقول أن إحدى سمات العلمانية هي الديمقراطية، وهذا غير صحيح، لان للمفهومين استقلالية نسبية في معانيهما".
وتابع: "العلمانية تكون أصيلة وجادة ومفهومة عندما تمتزج بالديمقراطية، فهي عند ذلك تتسم بالعقلانية، وتتسم بالواقعية في الأساليب والممارسات، وبعكس ذلك يمكن أن تورطها بالحروب والاستبداد والبيروقراطية والعنف وما شاكل، فنحن من القوى التي تدعو إلى ديمقراطية علمانية، ديمقراطية تحترم الدين والمتدينين ولا تنفي الديمقراطية عن الكثير من المتدينين، وليس كل علمانية هي ديمقراطية أو عقلانية أو واقعية، فقد شهدنا الكثير من النماذج السيئة التي تدعي العلمانية ولكنها معادية للديمقراطية وحقيقتها فاشية استبدادية".
10/12/2010