جاءك الموت يا تارك الصلاة؟
لم يدرك الدكتاتور العراقي السابق بأنه هناك قوة أعظم منه وأقوى وهو يسحق طيلة اربعين عاما كل من يعارضه او يختلف معه، وربما ايضا ان عنجهيته وضيق افقه جعله يعتقد ان لا آخر غيره وإن الطبيعة كما يقول تكون مساعدة للناس على الشر وفي الاعتراض عليه، رغم أنها آوته في جحر منها لعدة ايام او اشهر، فقرر بعد حادثة الدجيل التي جزت رأسه إزالة كل تلك الغابات والبساتين الجميلة حول دجلة دون ان يعرف انها كانت بداية السقوط.وحينما أطلق بضع ثوار عدة اطلاقات على إحدى طائراته العمودية في أقصى جنوب العراق، قرر إزالة واحدة من أقدم مسطحات الماء في العالم وتجفيفها وتدمير مجتمعاتها وبيئتها الفريدة من نوعها بين المجتمعات الإنسانية تلك هي الاهوار العراقية، وربما كانت رأسه قد اصطدمت بجبال كردستان حينما فكر هو وابن عمه علي الكيمياوي إزالتها، وبذات ردة الفعل الهتلرية تصرف ازاء حلبجة وشقيقاتها من مدن كردستان حينما أمطرها بالغازات والأسلحة الكيمياوية، وقبلها فعل ما فعلته امريكا في فيتنام باستخدام اسلوب الأرض المحروقة، فقتل مئات الآلاف من سكان كردستان العراق ودمر ما يقرب من خمسة آلاف قرية جبلية بما فيها من حيوان وأشجار وينابيع مياه ودور عبادة ودراسة، وهجر اكثر من نصف مليون انسان من مكانه الى امكنة نائية وغريبة عن بيئته، حتى ضن ان لا رئيسا غيره ولا قوة الا قوته!؟
ولقد شهدنا أخيرا نهايته المخزية ليس على كرسي المشنقة كما أراد ان يعوض في فعاليته، بل حينما عثروا عليه مختبئا في تلك الحفرة وأخرجوه بذلك الشكل المهين، وقد تذكرت هذه المشاهد وأنا أراقب إلقاء القبض على رئيس ساحل العاج في غرفة نومه بعد ان تسبب في مقتل الآلاف من الأهالي بسبب تشبثه بالسلطة وتوهمه بأنه القوة العظمى في بلده فانتهى خاسئا مهزوما الى زنزانته!؟
وهكذا يستمر مسلسل كشف عارات هؤلاء الطغاة، فقد أزاحت العاصفة التي تضرب سواحل المتوسط والخليج الغطاء عن حقيقة من يحكم تلك البلدان الذين يتساقطون الواحد تلو الآخر، حيث شهدنا هروب الرئيس زين العابدين حينما اختصر الطريق الى جده تاركا ملايينه الورقية والمعدنية في دواليب غرفة نومه وهرب، وظهر الآخرون على حقيقتهم الدموية كما نشاهدهم في زنقات ليبيا وميادين صنعاء ودرعا البطلة، حيث بدأوا بالوضوء قبل سكرات الموت بلحظات لتأدية الصلاة التي تركوها منذ استبدوا في حكمهم، وهم في مهب العاصفة يقارعون طوفانات من المنتفضين، لا تهمهم حمامات الدماء التي سيخلفونها في هروبهم او سقوطهم المشين، كما سقط رئيس ساحل العاج لوران غباغبو، تراهم يخطبون ويعلنون انهم سيصلحون ما أفسدوه في سنوات مجونهم السياسي كالذي يدركه الموت ويتذكر الصلاة، ولات حين مناص وصدق من قال:
جاءك الموت يا تارك الصلاة؟
kmkinfo@gmail.com