28 حالة انتحار سجلت في السليمانية وحدها منذ بداية العام-جمعيات حقوقية: عشرات النساء يحرقن أنفسهن كل سنة في كردستان
23/02/2006السليمانية-الشرق الاوسط ـ ا.ف.ب: يدفع اليأس كل سنة عشرات النساء في اقليم كردستان العراق الى احراق انفسهن هربا من وطأة التقاليد والأعراف القبلية القديمة، كما افادت جمعيات للدفاع عن حقوق المرأة في السليمانية، كبرى مدن الاقليم. وأشارت الصحافية بيمان عز الدين التي تعمل في صحيفة «زياني نو» الى تزايد عدد النساء اللواتي يحرقن انفسهن، فيما تفيد احصاءات قسم الطوارئ في مستشفى السليمانية ان ما لا يقل عن 28 امرأة انتحرت بهذه الطريقة منذ الاول من يناير (كانون الثاني) 2006 في المدينة ومحيطها. وقالت روناك فرج التي تدير مجلة «ريوان» النسائية ان «ثمة مائة الى 120 امرأة يحرقن انفسهن بالنار كل سنة في منطقة السليمانية». ورأت روناك فرج، وهي عالمة اجتماع تدير مركز السليمانية للتربية وتوعية النساء، ان هذه الظاهرة تعكس معاناة المرأة الكردية في مواجهة التقاليد القبلية القديمة في مجتمع يشهد تحولا. وأضافت ان هذه الظاهرة لم تتوقف بعد الانتفاضة في المناطق الكردية عام 1991 ولا بعد رفع الحصار عنها عند سقوط نظام صدام حسين في ابريل (نيسان) 2003، معتبرة انها «تعكس وضعا اجتماعيا يائسا تعيشه النساء». وتعاني النساء من الزيجات المرتبة بين العائلات والعنف في المنزل وسوء المعاملة اليومية من جانب العائلة والتبعية المادية والعجز عن إعالة انفسهن، ما يجردهن من حقوقهن الاساسية ويبعث فيهن اليأس. وتتحدر غالبية النسوة اللواتي قررن احراق انفسهن من الطبقات الفقيرة سواء في الريف او في المدينة. وتقول بيمن عز الدين، التي التقت عددا من الضحايا في المستشفيات، ان النار هي الوسيلة الأسهل بالنسبة للنساء اللواتي «ينحصر عالمهن بين مصابيح الزيت والتدفئة بالمازوت والأفران»، في حين ان الانتحار بالأسلحة النارية والأدوية يستلزم تحضيرا ووسائل ليست في متناولهن.
وأشارت الى ان المرأة تسعى من خلال انتحارها الى معاقبة اقربائها سواء والدها او زوجها بإلحاق العار بهم، ولا يمكنها انجاز ذلك إلا من خلال انتحار يستأثر بالانتباه. وروت انها تلقت رسالة من امرأة تعيسة في حياتها الزوجية تعلن لها انها قررت احراق نفسها في 15 فبراير (شباط)، فقالت «نشرنا رسالتها وردا من الصحيفة نتوسل اليها ان تتخلى عن مشروعها من اجل اولادها»، وفي نهاية الامر عدلت المرأة عن الانتحار. وقالت الناشطة من اجل حقوق المرأة انه تم تنظيم حملة عام 2004 تضمنت اعلانات تلفزيونية ولافتات من اجل وقف هذه الممارسات، «لكن الامر لم يجد نفعا». وأوضحت روناك فرج ان «المشكلات الاجتماعية والاقتصادية ظهرت بحدة مع الانفراج السياسي في كردستان. والانتحار بالنار هو تعبير عن ذلك». وتابعت أنه «بعد التحرر السياسي، يحلم الناس بالتحرر الاجتماعي». ورأت بخشان عبد الله زنكنه، النائبة عن الحزب الشيوعي الكردي، ان «الانفتاح السريع على العالم من خلال وسائل الاعلام والانترنت أدى الى فقدان التوازن في مجتمع تسيطر عليه القبلية».