حكم ذاتي لشعبنا الكلدواشوري حق دستوري وليست إجتهاد حزبي !
في ظروف كالتي يمر بها العراق اليوم من كافة نواحيه السياسية والإقتصاديه والعسكرية, وهو يرضخ تحت سلطان الإحتلال , يكون من الطبيعي جدا قدر هكذا وطن مبتلي فاقدا لأبسط مقومّات السيادة والأمن والإستقرار والتي نشهد دلائلها صبحا ومساء في تفاصيل حياة ابناء شعبنا اليومية,وبالرغم من تمشدق البعض منّا بوجود مؤسسات او موثقات ديمقراطيه يمكن لنا بناء بعض الأمال عليها, كوجود برلمان منتخب, او دستور مكتوب, ومنظمات مجتمع مدني , او حكومة وحدة وطنيه كما سبق للبعض وصفها , يفترض أن تكون هذه المقومات بمسمياتها وبمصداقية توصيفاتها هي الضمانات ألتي يتم التعويل عليها في إعادة بناء الوطن إبتداء من خلق فرص العمل وإنتهاء بتوفير أبسط أجواء الأمن والإستقرار لشعب العراق الجديد , أربع سنين مرّت , والبعض منّا يحاول أن يتناسى بأن الغلبة واليد الطولى في الفعل السياسي والعسكري والإقتصادي لا زالت هي من حصة الكتل الكبيره التي أتخمتنا بشعارات الديمقراطية و حقوق الإنسان بالتزامن مع أسخن حلات العنف والقتل الطائفي والديني , مقابل صراخات ونداءات المستضعفين الفاقدين لأبسط حقوقهم , تلك النداءات والمطالبات ألتي باتت لا تلقى أذانا صاغية من لدن المتنفذين من الكتل السياسية الكبيره إلا في حالات إستثنائية وهي حين تستمكن نواعير و طواحين هذه الكتل الديناصوريه في ضخامة مشاريعها من تدوير وترويض كل ما يتم طرحه أمامها بالصيغة التي تؤدي إلى فلك خدمة مصالحها .إذن لابد لنا من التركيز قليلا على عملية التمييز العقلاني ما بين تثبيت الذي نريده ونطالب به كحق مشروع لنا في وطننا العراق وبين توقيت وظرف طرح هذا المطلب و ألأروقة المكانية الصحيحه ألواجب إختيارها في حال إرتأى أي حزب او حركة او تجمّع تبّني فكرة تفعيل ما قد تمّ تثبيته وطنيا و بالإجماع , سواء تم ذلك تحت سقف البرلمان العراقي أو بموجب ما تم الإشاره إليه في فقرات وبنود الدستور بعد إستكمال إجراء التعديلات عليه,وفي خلاف ذلك سنكون أشبه بالذي يضع الماء في الهاون ويدق منتظرا تحويل الماء إلى عسل!!
من ناحية أخرى والتي أعتبرها من أكثر الأمور حساسيّة في أسلوب تعاطي البعض منّا هي الحالة المرضيه ألتي يزمن البعض على ممارستها بدوافع شتّى في مجال عدم إعارة أي أهمية للوضع الطاريئ و لدرجات لصراع الدائر ما بين القوى والفصائل الكبيره بطائفيتها و عرقيتها ألتي تحيط جغرافيا بأماكن تواجد أبناء شعبنا (الكلدواشوري السرياني المسيحي), وربما يكون الدافع الأمني المتدهور هو سبب معقول نسبيا يدفع بنا نحو إتجاه قبول المجهول من أجل التخلص من السيّئ, لكن يجب أن نتذكر دائما بأن أحلى الخيارات التي يرى في طرحها المراقب (س) خيرا لأهلنا , تكون من المحتمل وفي نفس الوقت مبعث إستياء ونفور عند الطرف المقابل (ص) .
ليصحى الجميع إذن و كفانا قذف و ملامة للأخر ما دام أعظم العيب وأفحشه هو فينا, لأننا نحن بأنفسنا قد أوصلنا حالنا الداخلي إلى الدرك الذي لم يعد لصوتنا أذنا تسمعه , أنه لمن الغرابة فعلا أن نقرأ ونسمع من البيانات والتصريحات ألتي تتهافت زرافات ووحدانا,بالشكل وبالكم الذي بات من الصعب على أي خبير دولي او قانوني إختصاصي الخروج من حالات الهذيان هذه بمشروع رزن ووطني يضع حد لمعاناة طويلة و يحترم فيه تطلّعات شعب توالت وكثرت نكباته ويساعده كي يولي فيه إلإهتمام الكافي للإعتبارات المحيطة به و لأسس و ثوابت الإنتماء التاريخي الحقيقي للوطن .
إنّ تحقيق الطموحات و إستخلاص القرارات مّما يتمخض عن الأوضاع الشاذه والإستثنائيه هو أمر لا يقبله العقل السياسي الملتزم, ولا يمكن أن يستسيغه كل من يمتلك قدرا من الإحساس النزيه أوتحمل للمسؤولية الملقاة على عاتقه.فمسألة إقرار مصير ومستقبل شعب لا يمكن أن يكون إلا عبر مباحثات تجريها جهات معنيه لها باعها و صلاحياتها بحسب المعايير الدستورية والبرلمانية ألتي حازت عليها بالإنتخابات العلنيه, لأن العمل والتباحث بموجب أحكام الدستور و تحت سقف البرلمان المركزي هو وحده ألذي يشكّل الضمانه القانونية لمستقبل أي خطوة يتم إنجازها وحماية اي قرار يتم إتخاذه.
إذن في البدء, مطلوب من أحزابنا مجتمعة فتح قنوات حوار فيما بينها كي على الأقل تتمّكن من وضع صياغة صريحة و مقبولة للجغرافية المراد التعاطي معها وطنيا , ومن ثم تثبيت معالم و أوصاف النظام الإداري ألذي يرتأيه الجميع بحسب ما وارد في الحقوق الدستوريه, أي أن مسالة إنفراد أي حزب أو اي مجموعة تحسب نفسها ممثلا دون أي تخويل قانوني او دستوري يسمح لها تداول هذا الشأن أو في إستصدار بيانات إنفرداية وبينيه يكون عملا لا يمتلك أية شرعية يمكن الإعتماد عليها , بعد إنجاز هذه الحورات الداخليه والخروج منها بصيغة يتفق عليها الجميع , يتم الإنتقال منها إلى حوارات مع الجانب العراقي الرسمي في بغداد وهكذا مع الكتل السياسية الكردية والإسلامية (سنيّة وشيعيه), وبإكتمال ملف هكذا حوارات نكون قد أنجزنا و بهدوء مرحلة متواضعة و مقبولة على مستوى الوطن, ومتابعة هذا الملف لاحقا تكون لزاما على كل جهة شاركت في تشكيل صفحاته الأساسية , لأنه يكون قد إكتسب الصفة القانونيه والشرعية الوطنيه ألتي تحتم وتفرض على الجميع تناوله ومتابعة مراحل إنجازه دو أن يكون فيها تحميل منيّة هذا على ذاك, وحين تتوالى خطوات متابعة إستحقاقات التغييرات ألتي ستحصل في عموم البلاد , سيكون ملف موضوع الحكم الذاتي لأبناء شعبنا الكلدواشوري السرياني إحدى فقرات أجندة وبرامج إنجاز تلك التحولات الوطنيه ,وهكذا سيكون كل ما يتم قوله او إقراره مسندا و مصادق عليه بموجب أحكام وقوانين الدستور وليست بموجب رغبات ومصالح جهات حزبية أو منافع شخصيه لا يمكن لها أن تعطي أيّة ضمانات في المستقبل.