Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

شر البلية ما يضحك, وما أكثر البلايا في عراقنا "الجديد"!!

تتطلع المرأة في عشرات الدول المتحضرة أن تحتل موقعها المناسب لا في العمل السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والبيئي فحسب, إذ أن هذا لأمر مفروغ منه, بل هي تسعى لاحتلال المناصب الرئاسية في الوزارات وأجهزة الدولة والمصارف والشركات الكبرى التي لا يزال الذكور يهيمنون على الكثير منها. ويوماً بعد يوم تفرض المرأة نفسها على هذا المراكز القيادية بحيث أصبحت تنافس الذكور حقاً لا بل بمعارفها وخبرتها وحكمتها ودرايتها الإدارية والمالية والثقافية والصحية والتعليمية..الخ فحسب, بل وبما تحققه من نجاحات مميزة في المجالات التي تأخذ على عاتقها قيادتها. وهو أمر ينعش العقل ويفرح القلب ويبهج النفس, بعد أن عانت المرأة في جميع بقاع الأرض من شراسة الفحولية المغتصبة لكل مجالات الحياة إلا المطبخ ورضاعة الأطفال والبيت, والكثيرات منهن كن سجينات لدى الذكور الأوباش!
في هذه الفترة حيث تتفتح عقول المجتمع على المرأة ودورها في الحياة بمختلف جوانبها, نجد عراقنا الجديد يقيد المرأة بأشد القيود الممكنة التي تتجاوز حتى ما ألفناه في العراق في النصف الأول من القرن العشرين حين كان جميل صدقي الزهاوي وحسين وأمينة الرحال وغيرهم يناضلون في سبيل حقوق المرأة, أو حتى في سنوات الخمسينيات والستينيات والسبعينيات من القرن العشرين, في هذه الفترة بالذات تفتقت عبقرية مجلس محافظ واسط مثلاً على طلب حمايات للنائبات في مجلس المحافظة من أفراد عائلاتهن, والذي شُجب من غالبية الناس في العراق وتعجب العالم بانزعاج ًمن إبداعات بلاد الرافدين, بلاد الحضارات القديمة في الموقف من المرأة. وكان الناس أكثر عجباً وسخرية حين خرج جيش المهدي النسوي ولا يرى الإنسان منهن سوى عيونهن القادحات شرراً والسلاح الفتاك بأيديهن الذي لا يليق بالمرأة ولا بالرجل, وحيث ساد اللون الأخضر واللون الأسود! وقد اعتبر من عجائب الدنيا العراقية الجديدة!, بعد أن كانت حدائق بابل المعلقة إحدى عجائب الدنيا السبع.
أما اليوم, ومع بدء الحملة الانتخابية, فقد تفتقت عبقرية زوج أحدى المرشحات للانتخابات النيابية القادمة بنشر صورته بدلاً عن صورتها ليروج الدعاية لانتخاب السيدة أم سجاد. وبدلاً من أن يعرفها بما قامت به من أعمال لخدمة الشعب العراقي, عرف بنفسه وبأخيه وعشيرته! ويبدو أن الرجل يفكر أن يأخذ مكانها إن فازت بالانتخابات ويجلس على مقعد في مجلس النواب باعتباره زوج المنتخبة, وباعتبار أن النساء عموماً "ناقصات عقل وحكمة", ويحق له تمثيلها في المجلس, واعتبر هذا الترشيح بمثابة "كيان النزاهة والبناء"!! هل سمعتم يا بنات وأبناء العراق بمثل هذه الصرخة الجديدة في عالم الدعاية الانتخابية, بهذه (الپلتيقة) أو (القوانه) الجديدة المعطوبة التي لم يسمع بها العباد ولا من قبلها في البلاد. يقول السيد المحترم زوج المرشحة للانتخابات "انتخبوا من هو منكم وفيكم السيدة أم سجاد". كيف تكون هذه السيدة منا وفينا وهي لا تنشر صورتها ولا تريد رؤيتنا ولا تريد أن نراها ولو محجبة, كما هو حال النساء في مجاهل أفغانستان! زوج السيدة أم سجاد رجل متين البينان, يزن ما يقرب من مئة كيلوغرام ولا يزال يمتلك شعراً على رأسه فهو ليس بأصلع ومقبول من حيث الشكل رغم جهامته, ويستطيع حماية زوجته, فهو سيكون ضمن الحماية ويتسلم راتب الحماية, كما يبدو, وهذا كاف لانتخاب زوجته. ولكن ما علاقة كل ذلك بالمرشحة ذاتها؟ العلم عند مفوضية الانتخابات التي توافق على مثل هذه الدعاية الانتخابية!
هل يمكن أن يصل العراق إلى هذا الدرك اللعين؟ هل يمكن أن يقبل الشعب بمثل هذه السخرية القاتلة؟ هل يمكن أن تقبل المرأة بهذه الهيمنة الذكورية, بهذه الإهانة المباشرة؟ وهل يمكن لمثل هذه المرأة أن تدافع عن حقوق المرأة في العراق؟ وهل يمكن مقارنتها مثلاً بالسيدات ميسون الدملوجي ونرمين عثمان وهناء أدورد أو الكثيرات الأخريات في رابطة المرأة العراقية ومجلة نون وغيرهن ممن وضعن أنفسهن تحت مجهر المجتمع ليقدر دورهن في الحياة العامة ومصالح الشعب؟ نعم يمكن أن يصل العراق إلى هذا الدرك بفضل البعض الكثير من حكامنا الجدد, بفضل أولئك الذين يصدرون القرارات التحريمية, تحريم نزع العباءة في المدارس, تحريم مصافحة المرأة للرجل, تحريم الخمور, حتى العرق محرم, هذا الذي قال فيه العراقيون, "ما طول بالنخل تمر ما جوز من شرب الخمر", قال ابن خلدون, صاحب المقدمة, ما معناه, إن العراقيين أذكياء أطلقوا على مشروبهم المفضل اسم "العرق", والعرق غير محرم بالقرآن, إذ أن المحرم هو الخمرة! كان هذا في القرن الرابع عشر الميلادي, فهل نحن العراقيين والعراقيات واعون لما يجري في العراق من تخريب للقيم الإنسانية والعامة. حتى وزير التربية أصبح يدعي إعادة بناء العقل العراقي وهو الذي يحتاج إلى من يعيد بناء عقله ويصحح مسار تفكيره!
وهكذا يعيش الشعب في العراق تحت حكم المحرمات, وهو نوع شديد من أنواع الاستبداد, نوع خاص وظالم, بعد أن كان العراق يعيش تحت وطأة استبداد عنصري شرس ومن نوع آخر. إن التجربة الحياتية تبدأ بمثل هذه المحرمات, كما حصل في البصرة, وكما طالبت إحدى النائبات المحصنات والمحسنات, لينتهي إلى استبداد شمولي قاتل. وإيران نموذج صارخ وقاطع ودال على ما أقول. لقد قال رئيس الوزراء الحالي في إحدى لقاءاته مع العشائر بأن الحكم لن يخرج من بين يديه بعد اليوم, ولكن الكثيرين أدعو ذلك. وكان آخرهم صدام حسين, ولكنهم أصبحوا في خبر كان, فلو دامت لغيرك ما وصلت إليك! 28/1/2009 كاظم حبيب
إليكم نص الإعلان, فهو حقيقة وليس مزحة!


Opinions