Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

صدام والفخ الأمريكي / كتاب في حلقات/ الحلقة السادسة

22/7/2009
نظام صدام في مأزق
لم يقدر نظام صدام حسين الأمور تقديراً صائباً، أوقع نفسه بالفخ، وجره تعنته إلى نقطة اللا عودة.
فقد استهان صدام بالتطورات التي حدثت على المستوى العالمي، بعد انهيار المعسكر الاشتراكي، وبداية تفكك الاتحاد السوفيتي، وظهور الولايات المتحدة كقوة عظمى وحيدة في العالم، دون منازع.
وقد أخذ صدام الغرور من تعداد جيشه وأسلحته، التقليدية منها وأسلحة الدمار الشامل الكيماوية والبيولوجية والجرثومية، وصواريخه بعيدة المدى، إضافة إلى سعيه الحثيث لامتلاك القنبلة النووية.
وقد ظن صدام نفسه قادر على منازلة الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين، الذين لهم مصالح كبرى في الخليج تجعلهم على استعداد لعمل كل شيء من أجل الحفاظ عليها، حتى لو أدت إلى حرب ذرية، ووصل الأمر بصدام أن يقف أمام عدسات التلفزيون، يستهزئ بقوة الولايات المتحدة، وتكنولوجيتها العسكرية قائلاً:
{إن طائرة الشبح التي يهددوننا بها لا تخيفنا، وإن بإمكان راعي الغنم أن يسقطها ببندقية البرنو!، أضاف صدام قائلاً: إنني واثق كل الثقة بأننا سننتصر إذا ما قامت الحرب، وإننا سوف نهزم الجيوش الأمريكية وجيوش حلفائها، ونعيد جنودهم إلى بلادهم بالأكفان!}.(1)
بهذه العقلية كان يفكر صدام، وقد جعل من نفسه القائد الضرورة الذي لم تنجب الأمة العربية قائداً مثله من قبل. وقد بلغ به الغرور حداً جعله يفاجئ حتى اقرب أصدقاء العراق، في غزوه الكويت.
فقد كان من المفروض أن يجري مشاورات مع الاتحاد السوفيتي، الذي تربطه به معاهدة صداقة وتعاون إستراتيجي حول خططه لغزو الكويت، ويقف على حقيقة موقفه من مغامرته تلك، فلا ُيعقل أن ُيقدم بلد صغير كالعراق على تحدي الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين، دون أن يكون له سند كالاتحاد السوفيتي.
وهكذا فوجئ صدام بأن الاتحاد السوفيتي يقف ضد مغامرته، ولا يؤيده فيها، بل يطالبه بالانسحاب الفوري من الكويت، ويؤيد كل القرارات التي أصدرها مجلس الأمن ضد العراق.
وبدلاً من أن يعيد صدام حساباته، ويتدارك الأمور قبل فوات الأوان، فإننا نجده يصعّد الأزمة أكثر فأكثر.
فقد أعلن عن مطالب جديدة، بربط مسألة احتلال الكويت بمشاكل الشرق الأوسط، طالباً انسحاب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة، وانسحاب الجيش السوري من لبنان، وذهب إلى أبعد من ذلك فطالب بتوزيع الثروة النفطية على الدول العربية الفقيرة. (2)
كانت تلك كلمة حق أراد بها باطل، فلو كان صدام يهتم بمصالح الشعوب العربية إلى هذا الحد، فقد كان الأولى به أن يهتم بمصالح شعبه أولاً وقبل كل شيء.
لكنه بدلاً من أن ينهض بمستوى معيشة شعبه، زجه في حرب دموية لا مبرر لها، ولا مصلحة له فيها مع الجارة إيران، دامت 8 سنوات، وأغرق العراق وشعبه بالدماء، وجاءت الحرب على الأخضر واليابس، كما يقول المثل.
وخرج العراق منها وهو مثقل بالديون، وقد فقد كل مدخراته، وأصيب اقتصاده بالانهيار التام، وبدلاً من أن يحاول صدام إصلاح أوضاع العراق الاقتصادية، عن طريق نبذ الحروب، وسياسة التسلح، وتبديد ثروات البلاد، فإنه لجأ إلى غزو الكويت، وأوقع العراق بمأزق جديد، يفوق بمئات المرات، المأزق الإيراني، ولم يحسب أي حساب لما يمكن أن تؤدي مغامرته هذه بالعراق من مآسي وويلات.
لقد كان التساؤل على أفواه الجميع:
كيف جرأ صدام حسين على تحدي الولايات المتحدة؟
هل كان هناك أدنى شك بان صدام يقود العراق إلى معركة خاسرة؟
لقد كان المواطنون العراقيون في تلك الأيام يتساءلون عن سر موقف صدام، وكان يدور في ذهنهم احتمالين:
الاحتمال الأول: ربما يكون قد أصاب صدام مَسّ من الجنون، جعله يقنع نفسه بقدرته على دحر الجيوش الأمريكية وحلفائهاالغربيين.
الاحتمال الثاني: أن صدام كانت لديه القناعة بأن الولايات المتحدة، التي سهلت له الأمر للإقدام على مغامرته، حين التقى بسفيرتها [أيريل كلاسبي] أعطته الضوء الأخضر لاحتلال الكويت، تعويضاً لخسائره في حربه مع إيران، نيابة عنها، وأن ما تفعله من استعدادات حربية ما هو إلا زوبعة في فنجان لا تلبث أن تضمحل وتزول، وليست فخاً نصبته له الولايات المتحدة لتوقع العراق فيه، من أجل توجيه الضربة القاضية له، وتحطيم قدراته العسكرية والاقتصادية وتعيد العراق إلى الوراء عشرات السنين.
وعندما أدرك صدام، في نهاية الأمر أن التحشيدات الأمريكية والحليفة
في السعودية لا يمكن أن تكون لمجرد التهديد، أو لذر الرماد في العيون، والسكوت عن احتلال الكويت، حاول أن يقدم التطمينات للولايات المتحدة لعله يثنيها عن القيام بالهجوم على العراق.
فقد تعهد للقائم بالأعمال الأمريكي في بغداد بأن العراق لا ينوي مطلقاً التعرض للمصالح الأمريكية والغربية في المنطقة، وبشكل خاص مصالحها النفطية، وأنه ليس له أطماع في السعودية، ولا أي بلد خليجي، وأن احتلال الكويت يتعلق بمسألة تاريخية تؤكد أن الكويت تاريخياً جزء من العراق، وكان قضاءً تابعاً لولاية البصرة
كما أعرب صدام حسين للقائم بالأعمال الأمريكي عن استعداده لإقامة علاقات طيبة مع الولايات المتحدة، ورجاه أن ينقل كل ما دار في اللقاء، وعلى وجه الخصوص ما تحدث عنه شخصيا، إلى الرئيس بوش بصورة مباشرة، وقد وعده القائم بالأعمال بأن يفعل ذلك.
ومن جانبه، طالبه القائم بالأعمال بأن يسمح للرعايا الغربيين بمغادرة العراق، حيث سبق لصدام أن أحتجزهم في العراق كرهائن، ليمنع كما أعتقد، الولايات المتحدة وحلفائها من ضرب العراق.
لكن صدام أبلغه انه يعتبرهم ضيوف على العراق !!، وأن لا خطر عليهم، إلا إذا كانت النية مبيته لضرب العراق، وانتهى الاجتماع بعد ذلك بين الطرفين، على أمل أن يلقى جواباً من بوش.(3)
وانتظر صدام حسين أي إشارة من الجانب الأمريكي، لكنه كان يحاول عبثاً، فقد كانت التحركات الأمريكية تجري بأسرع ما يكون لإكمال التحشد استعداداً للهجوم على العراق.
ولم يكن الرئيس بوش على استعداد لفتح أي قناة اتصال مع صدام حسين وإجراء أي نقاش معه، حتى ولو قرر العراق الانسحاب حقاً، فقد كانت الخطة قد تقرر تنفيذها مهما كانت الظروف، لكي تنهي الولايات المتحدة التهديد العراقي لمصالحها في الخليج لسنين طويلة.
لقد حاول صدام في آخر المطاف، وبعد أن أدرك أن الحرب باتت وشيكة، أن يوصل إشارات للولايات المتحدة عن نيته للتراجع، ونقل إلى ياسر عرفات أفكاراً جديدة لكي يوصلها بدوره، عن طريق وسيط آخر مقرب من مراكز السلطة في الولايات المتحدة، وكانت تلك الأفكار تتضمن ما يلي:
1 ـ موافقة العراق على الانسحاب من الكويت.
2 ـ موافقة العراق على عودة أسرة الصباح إلى الحكم من جديد.
3 ـ تواجد عراقي في جزيرة بوبيان، وعودة منطقة الرميلة الجنوبية للسيادة العراقية.
4 ـ تنازل الكويت عن الديون المستحقة على العراق.
5 ـ دخول قوات عربية بصورة مؤقتة إلى الكويت، لحين عودة أسرة الصباح إلى الحكم، وترتيب الأوضاع الأمنية في البلاد.(4)

لكن محاولات نظام صدام كلها ذهبت أدراج الرياح، ولم يعد له متسع من الوقت لأي مناورة للانسحاب من الكويت، وحفظ ماء الوجه، فقد كان الأمر بالنسبة للولايات المتحدة قد انتهى، أن صدام قد دخل المصيدة، ولا يمكن أن تطلقه من جديد.
لقد كان هَمْ الولايات المتحدة تأمين الحشد الكافي، بأسرع وقت ممكن، لضمان عدم تعرض السعودية لخطر هجوم عراقي، ولذلك فلم تتحدث في بادئ الأمر عن التصدي للعراق، بل ادعت بأنها جاءت بقواتها لحماية السعودية ودول الخليج الأخرى.
وعندما أصبح لديها من القوة ما تستطيع حماية السعودية، كشفت عن خططها، وأعلنت عن توجهاتها الحقيقية بأنها لن ترضَ فقط بسحب العراق لقواته من الكويت، أو طردها بالقوة، بل زادت على ذلك بأنها تريد نزع أسلحة العراق ذات الدمار الشامل.(5)
وفي حقيقة الأمر، وكما أثبتته الأحداث فيما بعد أنها كانت ترمي إلى أبعد من ذلك بكثير إنها كانت قد صممت على تحطيم البنية الاقتصادية للعراق، تحطيماً شاملاً، وإعادة العراق إلى ما قبل الثورة الصناعية، كما قال وزير الخارجية الأمريكية [جيمس بيكر] وزير خارجية لطارق عزيز في لقاء [جنيف] قبيل نشوب الحرب بأيام.
استمرت الولايات المتحدة وحلفائها بتحشيد القوات العسكرية، وكان النظام العراقي يرد على ذلك التحشيد، بتحشيد المزيد من قواته حتى جاوزت النصف مليون عسكري، معززين بآلاف الدبابات والمدفعية والصواريخ، وكان الشعب العراقي يضع يده على قلبه، وهو في أقصى حالات القلق لما يمكن أن يحل به، وبالوطن، نتيجة تهور وغرور الدكتاتور الأهوج.
لقد تم إحكام طوق الحصار على العراق، وقُطعت السبل أمام نفطه، وتوقفت أنابيب النفط عن الجريان، أخذت السفن الحربية الأمريكية والحليفة تجوب مياه الخليج، وتوقفت السفن المتوجهة إلى العراق، والقادمة من موانئه، وجرى تفتشها، ومصادرة حمولتها.
كان النظام العراقي يعتقد بأن ليس بإمكان الولايات المتحدة منع العراق من بيع نفطه ونفط الكويت، لما يمكن أن يسببه المنع من نقص في الأسواق العالمية، ويؤدي بالتالي إلى ارتفاع كبير في الأسعار. وبالفعل فقد ارتفعت الأسعار من 13 دولار إلى ما يقرب 40 دولاراً، لكن الولايات المتحدة سارعت للتدخل، وطرحت من خزينها الاستراتيجي في الأسواق العالمية
كميات كبيرة من النفط.
كما أوعزت إلى أصدقائها من الدول المنتجة للنفط، وعلى رأسها السعودية ودول الخليج، إلى رفع معدلات الإنتاج، وعدم التقيد بحصص الإنتاج، وبدأ الإنتاج يتصاعد لدى معظم دول الأوبك التي كانت تواقة لزيادة إنتاجها متجاوزة حصص الإنتاج التي كانت قد أقرتها منظمة الأوبك، وهكذا عادت الأسعار إلى الهبوط من جديد.
وفي الوقت الذي حُوصر النفط العراقي والكويتي، وتوقفت موارد العراق النفطية، كانت الأرصدة العراقية في المصارف الأجنبية قد جُمدت، مما أوقع النظام العراقي في حيرة كبرى، لا يعرف كيف يخرج منها، وكل ما فعله هو لجوئه إلى التصعيد مرة أخرى، حيث أعلن النظام أن الرعايا الأجانب سوف يحجزون في كافة المرافق الاقتصادية والعسكرية كرهائن لمنع أي هجوم تشنه الطائرات الأمريكية والحليفة، مما أثار غضب واستنكار عالمي واسع على زج المدنيين في مخاطر الحرب.

وعلى الفور بادرت الولايات المتحدة إلى تقديم مشروع قرار إلى مجلس الأمن تحت رقم 664، في 18 آب 1990، والذي اقره المجلس، وقد عبر القرار عن قلق المجتمع الدولي من حجز الرعايا الأجانب، وطالب العراق بأن يؤمن مغادرتهم العراق على الفور، وحمل العراق مسؤولية أي ضرر يمس سلامتهم وصحتهم . وكان النظام العراقي قد أخلى كافة فنادق الدرجة الأولى في بغداد وحجز الرعايا الأجانب فيها. وفيما يلي نص القرار 664:
قرار رقم 664
إن مجلس الأمن :
إذ يشير إلى غزو العراق للكويت وإعلان ضمه إليه، وإلى القرارات 660، 661، 662، وإذ يشعر بالقلق البالغ بالنسبة لسلامة ورفاه رعايا بلدان ثالثة في العراق والكويت، وإذ يشير إلى التزامات العراق في هذا الشأن، طبقاً للقانون الدولي. وإذ يرحب بالجهود التي يبذلها الأمين العام من أجل إجراء مشاورات عاجلة مع حكومة العراق بعد أن أعرب أعضاء المجلس في 17 آب 1990، عن انشغالهم وقلقهم .
وإذ يتصرف بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، يقرر:
1ـ يطلب أن يسمح العراق بخروج رعايا البلدان الثالثة من الكويت والعراق على الفور، وأن يسهل هذا الخروج، ويسمح للموظفين القنصليين بأن يقابلوا على الفور وباستمرار أولئك الرعايا.
2ـ يطلب أيضاً أن لا يتخذ العراق أي إجراء يكون من شانه تعريض سلامة، أو أمن، أو صحة أولئك الرعايا.
3ـ يؤكد من جديد ما قرره في القرار 662 في 1990، من أن قيام العراق بضم الكويت باطل ولاغٍ، ويطلب لذلك أن تلغى حكومة العراق أوامرها بإغلاق البعثات الدبلوماسية، والقنصلية في الكويت، وبسحب الحصانة من تلك البعثات وأن تمتنع عن القيام بأي عمل من هذه الأعمال
في المستقبل.
4ـ يطلب إلى الأمين العام للأمم المتحدة أن يقدم إلى مجلس الأمن في اقرب وقت ممكن، تقريراً عن مدى الالتزام بهذا القرار. (6)

الملك حسين يقابل الرئيس الأمريكي بوش:

حاول الملك حسين أن يبذل جهداً من جديد، لعله يستطيع منع الكارثة، وقرر أن يزور بغداد، ويلتقي بصدام حسين، وبالفعل توجه إلى بغداد في 12 آب، والتقى بصدام، وأجرى معه تقيماً دقيقاً للموقف الخطير، وحتمية الصدام، وما يمكن أن يجره على العراق بصورة خاصة والعالم العربي بصورة عامة.
لم يُذع أي شيء عن نتائج اللقاء، وعاد الملك حسين إلى عمان في اليوم التالي، واتصل بالرئيس بوش هاتفياً طالباً مقابلته، وجرت الموافقة على اللقاء خلال ثلاثة أيام، وغادر الملك حسين إلى واشنطن، وبصحبته السفير الأمريكي في عمان، وبعد ساعات من وصوله التقى الرئيس بوش في مقره الصيفي، وحاول الملك حسين على ما يبدو التوسط بين صدام والرئيس بوش، وربما كان يحمل معه تنازلات من صدام.
إلا أن الرد من بوش جاء سريعاً وحازماً بأن لا وساطة، ولا مفاوضات مع صدام حسين بأية حال من الأحوال، وكان ما قاله بوش للملك حسين الأتي:
{أرجو أن تسمعني جيداً، البترول بالنسبة لنا أكثر من ضرورة، وهو أسلوب حياة وأنا لن اسمح لهذا الرجل، يقصد صدام، أن يسيطر على ثلث إنتاج نفط الخليج اليوم، وعلى ثلثي احتياطيات البترول غداً. لن اسمح لنفسي أن اترك دكتاتوراً يضع يده على شريان حياتنا}.
ثم سكت بوش برهة ليعود مرة أخرى ويقول للملك:
{ إنني ترددت كثيراً قبل أن أوافق على مقابلتك، فأنت كنت في بغداد قبل 24 ساعة من اتصالك التلفوني بي، وكان ترددي في تحديد الموعد لك هو خشيتي من أن تظهر زيارتك وكأن بيني وبين ذاك الرجل [يقصد صدام حسين] أية وساطة وأنا لا أريد ذلك، ولا الكونجرس، ولا الرأي العام الأمريكي يسمحان به}. (19)
ورد الملك حسين على الرئيس بوش قائلاً:
{أن الرئيس صدام حسين مستعد للانسحاب من الكويت}.
ورد عليه بوش قائلاً:
{إن صدام يريد الانسحاب بموجب شروط، ونحن لا نقبل بأي شروط، يجب عليه أن ينسحب من الكويت بدون قيد أو شرط، وتعود أسرة الصباح إلى الحكم، ثم نرى بعد ذلك ما يلزم عمله!!}.(7)
كان واضحا ًأن عبارة [ ما يلزم عمله] تعني في القاموس الأمريكي نزع أسلحة العراق، وتقليص جيشه، وتدمير أسلحة الدمار الشامل، ومنشأته الذرية والكيماوية والبيولوجية والصاروخية.
ولم يكتفِ الرئيس بوش بكل ذلك، بل زاد عليه محذراً الأردن من عدم الالتزام بقرارات الأمم المتحدة فيما يخص إحكام الحصار المفروض على العراق، وهدد بان السفن الحربية الأمريكية والحليفة سوف تقوم بهذه المهمة.
وهكذا فشلت مساعي الملك حسين، وعاد إلى بلاده صفر اليدين، وفي طريق عودته إلى بلاده، مّر الملك حسين بلندن، والتقى رئيسة وزراء بريطانيا ماركريت تاتشر، وكان بوده أن يناقش معها الأزمة، إلا انه فوجئ بتاتشر تلقي عليه محاضرة صارمة عن وقوفه الخاطئ بجانب صدام حسين، وتحذره من مغبة الاستمرار على هذا النهج.(8)
وغادر الملك حسين إلى باريس، والتقى الرئيس الفرنسي [ميتران] وتحادث معه حول الأزمة، إلا أن حديثه لم يحقق أي شيء.
ولم يكد الملك حسين يصل عمان، حتى بادرت الولايات المتحدة إلى تقديم مشروع قرار جديد إلى مجلس الأمن برقم 665 في 25 آب، يقضي بفرض حصار بحري على العراق والطلب من جميع الدول التعاون في هذا المجال، وهذا نص القرار:
مجلس الأمن : قرار رقم 665 (12)
إذ يشير إلى قراراته 660 ، 661 ، 662 ن 654 ، لعام 1990، وإذ يطالب بتنفيذها الفوري والتام، وقد قرر أن يفرض الجزاءات الاقتصادية بموجب الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة، وذلك في قراره 661 في 1990، وتصميماً منه على إنهاء احتلال العراق للكويت، وهو ما يعرض للخطر وجود دولة من الدول الأعضاء، وعلى استعادة السلطة الشرعية للكويت، وسيادتها وسلامتها الإقليمية، مما يتطلبه التنفيذ العاجل للقرارات السالفة الذكر.
وإذ يشجب ما تعرض له الأبرياء من خسائر في الأرواح، بسبب الغزو العراقي للكويت، وتصميمه على منع المزيد من هذه الخسائر، وإذ يثير جزعه الشديد استمرار العراق في رفضه الامتثال للقرارات 660 ، 661 ، 662 ، 664 ، لعام 1990، وخصوصاً تصرفات الحكومة العراقية التي تستخدم السفن الرافعة للعلم العراقي لتصدير النفط ، يقرر:
1ـ يطلب من الدول الأعضاء التي تتعاون مع حكومة الكويت، والتي تنشر قوات بحرية في المنطقة، أن تتخذ من التدابير ما يتناسب مع الظروف المحددة، وحسب الضرورة في إطار مجلس الأمن، لإيقاف جميع عمليات الشحن البحري القادمة والخارجة، بغية تفتيش حمولتها ووجهتها، والتحقق منها، ولضمان التنفيذ الصارم للأحكام المتعلقة بهذا الشحن، والتي ينص عليها القرار 661 في 1990.
2ـ يدعو الدول الأعضاء، بناء على ذلك إلى التعاون حسب اللزوم لضمان الامتثال لأحكام القرار 661 ، مع استخدام التدابير السياسية والدبلوماسية إلى أقصى حد ممكن، وفقاً للفقرة 1 أعلاه.
3ـ يرجو جميع الدول أن تقدم من المساعدة ما قد يلزم الدول المشار إليها في الفقرة 1 من هذا القرار، وفقاً للميثاق.
4 ـ يرجو أيضاً الدول المعنية أن تنسق أعمالها الرامية لتنفيذ فقرات هذا القرار الواردة أعلاه، على أن تستخدم بالشكل المناسب آليات لجنة الأركان العسكرية، تقدم بعد التشاور مع الأمين العام، التقارير إلى مجلس الأمن، ولجنته المنشأة بموجب القرار 661، بهدف تيسير رصد تنفيذ ذلك القرار.
5 ـ يقرر أن يبقي هذه المسألة قيد نظره النشط .

حامد الحمداني
www.Hamid-Alhamdany.com


Opinions