علاوي : لن نكون شاهد زور على الوضع العراقي و يلوح بالاتجاه إلى المعارضة« إذا لم يفلحوا بالتغيير»
24/06/2006ديوان العراقي /
هدد الدكتور اياد علاوي رئيس القائمة العراقية الوطنية، بأن حزبه سيتحول الى قوة معارضة، اذا فشل في التغيير المنتظر منه، لكنه أكد أنه سيعطي التجربة الحالية «مدة كافية» لإحداث الاصلاحات المطلوبة.
وقال علاوي لـ«الشرق الأوسط» من بغداد «إذا رأينا أن هناك اصرارا على الإيذاء والتهميش والاستمرار بالتنكيل بمناضلينا وبالعراقيين الشرفاء.. وان نهج المحاصصة سوف يستمر، سنلجأ لمقاومته بأساليب أخرى منها العمل المعارض.. وتعبئة الجماهير للوقوف ضد هذه الممارسات». ورغم أنه قال إن من المبكر الحكم على أداء الحكومة والبرلمان، لكنه أكد أن حركته ستنسحب من الجهازين التشريعي والتنفيذي «إذا وجدنا أن اشتراكنا لا يحقق ما نؤمن به».. وأضاف «لن نكون شهود زور على الواقع العراقي».
وأكد علاوي أن هناك جهات تعمل لإبعاد العراق عن عمقيه العربي والإسلامي، وانه يملك دليلا مثل مضايقة السفارات العربية وآخرها سفارة دولة الامارات العربية. وقال ان تقسيم العراق الى فدراليات او دويلات لن يقي الكيانات الجديدة من شرور العنف والتشرذم، مؤكدا انه مثل هذا المشروع سيكتب له الفشل. وقال ان قوة العراق تكمن في تعدد أعراقه وثقافاته. وانتقد علاوي تصرفات قوات التحالف، وقال ان «العراق بسببها أبعد ما يكون عن النمو والتمتع بثرواته، مثلما حدث في مناطق اخرى مثل افغانستان والصومال وفلسطين ولبنان وسورية». وفيما يلي نص الحوار:
* كيف تقيم الوضع العراقي، ووضع الحكومة، والشارع؟
ـ ما يزال من المبكر تقييم عمل الحكومة ومنهج عملها، لكن بالتأكيد ان مبدأ المحاصصة الطائفية ما زال موجودا.. وبالتالي لا يمثل حقيقة روح الوحدة الوطنية. كنا نأمل من القوى السياسية المشاركة في العمل السياسي ان تتجاوز الجهوية والمحاصصة، لكن يبدو لي ان الممارسة بدأت تكرس هذه المسائل بقوة وعلى أكثر من صعيد، وآخرها مسألة توزيع اللجان في مجلس النواب. وهذه بتقديري لا تمثل الوضع الصحي الذي يمكن ان يقود العراق الى الاستقرار.
* هل جاءت مشاركة قائمتكم في الحكومة من باب القول إن جميع الكتل السياسية شاركت في الحكومة؟
ـ اشتراكنا له أبعاد؛ نحن نحمل مشروعنا الخاص وهو غير بعيد عن نبض وإيمان الشارع العراقي.. وهو الايمان بعراق موحد ولكل العراقيين. اشتركنا بالجانب التنفيذي في الحكومة حتى نعمق هذا الايمان والتوجه الوطني والابتعاد عن المحاصصة وإلغاء الميليشيات وحل الاجهزة القمعية التي تشكلت من قبل حكومة الائتلاف السابقة. اذا لم نفلح او نؤثر في الأحداث سواء في الحكومة او مجلس النواب، ويبدو انه الاتجاه الغالب، فبالتأكيد لن نستمر في السلطة التنفيذية وسيكون وجودنا أمرا لا قيمة له. الجانب الثاني: ان مشاركتنا في الحكومة جاءت تلبية لرغبة الكثير من العراقيين. هناك جزء واسع من العراقيين يشعرون بالخوف على العراق وعلى مستقبله في حالة عدم مشاركتنا.
وبالرغم من انه لا يزال من المبكر الحكم على الأحداث، ولكني أكرر ما أقوله؛ وهو اننا إذا وجدنا ان اشتراكنا لا يحقق ما نؤمن به.. فلن نستطيع الاستمرار.. ولن نكون شهود زور على الواقع العراقي.
* ما هي الطريقة الأخرى التي ستختارونها؟
ـ من المبكر الحديث عن ذلك، ولكن هناك خيارات كثيرة للعمل الوطني؛ منها ان نبقى في الشارع نكافح مع العراقيين لننبه للأخطاء ونناضل مع الجماهير ونحاول ان نستخدم علاقاتنا الاقليمية والدولية لتوضيح ما يجري في العراق الآن من تداعيات خطيرة وتوترات عرقية وطائفية وجهوية تنذر بعواقب وخيمة جدا. وسائل العمل الوطني متعددة والطرق مختلفة، ونحن مثلما ناضلنا في السابق، فحتما لن نتوقف عن هذا النضال حتى يستقر شعبنا ويرتاح. أمضينا أكثر من ثلاثين عاما من النضال الدامي والمرير لتغيير النظام، ثم النتيجة أن وصلنا الى ما نحن عليه الآن، حيث الاقتتال والذبح بين العراقيين انفسهم وتوزيع حقائب طائفية وحصص جهوية وعرقية بصورة غير معقولة، فيما البلد يتراجع واقتصاده يتدهور ووضعه مأساوي جدا.
* هل ستتحولون الى قوة معارضة؟
ـ قد نتحول الى قوة معارضة، لكننا بالتأكيد سنعطي للتجربة مدياتها الكافية، وإذا رأينا ان هناك اصرارا على الإيذاء والتهميش والاستمرار بالتنكيل بمناضلينا وبالعراقيين الشرفاء، وان نهج المحاصصة سوف يستمر، فسوف نلجأ لمقاومته بأساليب أخرى؛ منها العمل المعارض وتعبئة الجماهير للوقوف ضد هذه الممارسات.
* هناك شعور أن هناك من يحاول إبعاد العراق عن عمقيه العربي والإسلامي؟
ـ جزء من مشاركتنا في الحكومة هو اننا نشعر أن جزءا من مشروعنا الوطني هو التواصل مع الدول العربية والإسلامية والتواصل المتكافئ من بقية الدول، نحن نلاحظ ان هناك نهجا لأبعاد العراق عن عمقيه العربي والإسلامي من قبل قوى موجودة في العراق.
* لصالح من هذا الإبعاد او عزل العراق عن الدول العربية والإسلامية؟
ـ بالتأكيد هذا لا يصب في مصلحة العراق ولا في صالح الدول العربية او الاسلامية، دعني أضرب لك مثلا حقيقيا بسيطا، حدث ان مجرما فجر نفسه في سوق في مدينة الحلة وقتل الكثير من العراقيين الأبرياء، في أواخر أيام وزارتي اي بعد الانتخابات الاولى، وكنا في مرحلة تسليم الحكومة، اتضح ان هذا الانتحاري اردني الجنسية، فقامت الدنيا ولم تقعد ضد الأردن وكأن الاردن حكومة وشعبا ساهموا بهذا التفجير، مع اننا والجميع يعرف ان العمل ارهابي لا علاقة للحكومة او الشعب الاردني به، بل ان الاردن أكثر الدول محاربة للإرهاب وساعدت وتساعد الشعب العراقي باستمرار. لكن عندما ساهمت الحكومة الاردنية بجهدها وبشكل رئيسي لتتبع مكان المجرم ابو مصعب الزرقاوي الذي قتل المئات من العراقيين الابرياء وتمت تصفيته، مرت الحكومة العراقية على القضية مرور الكرام، وتم ذكر الأردن مرة واحدة من غير ذكر التفاصيل. هذا دليل على ان الوضع مأساوي، وان هناك جهودا لإبعاد العراق عن محيطيه العربي والإسلامي.
هناك جهود مستمرة لإبعاد العراق عن بعض الدول الاسلامية، وأنا عندي براهين على ذلك؛ مثل مضايقة السفارات العربية وكانت آخرها سفارة دولة الامارات العربية المتحدة، بالرغم من الايادي البيضاء للامارات في العراق ودعم العراق والعراقيين سواء في أوقات نضالهم ضد صدام او بعد سقوط نظام صدام، وكلنا نتذكر مبادرة الشيخ زايد (رحمه الله) عندما أراد تجنيب العراق ويلات الحرب، وطالب صدام بالتنحي، وطالب العرب بتبني المبادرة، بالرغم من ذلك تعرضت سفارة الامارات الى سلسلة من الاعتداءات وكذلك سفارات الاردن ومصر، وكلنا نتذكر الشهيد السفير المصري وكانت حينذاك استجابة رائعة من الرئيس المصري حسني مبارك عندما رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي المصري في العراق الى مستوى سفارة وبعث بسفير. لمصر دور متميز في العراق، وفي الأقل نتذكر استضافتهم لمؤتمر شرم الشيخ، ناهيك عما قدمته مصر لقضية الشعب العراقي والمعارضة العراقية أيام النضال ضد نظام صدام. حركتنا، الوفاق الوطني العراقي، كان لها مقر في مصر، وكذلك الحزبان الكرديان الرئيسيان، الحزب الديمقراطي الكردستاني (برئاسة مسعود بارزاني) والاتحاد الوطني الكردستاني (برئاسة جلال طالباني)، وكانت لنا هناك مؤتمرات مهمة، ومع ذلك كان هناك عمل منظم ضد سفارات هذه الدول وعمل منظم لتهميش العلاقات ضد هذه الدول. حتى سورية تم تهميش العلاقات معها، ففي عهد حكومة الجعفري لم يذهب اي مسؤول حكومي الى سورية. فإذا كانت هناك تهم موجهة الى سورية فعلينا الذهاب الى هناك والتباحث معهم، أنا عندما كنت رئيسا للحكومة ذهبت الى سورية وكذلك عندما خرجت من الحكومة، وتحدثت مع الاخوة المسؤولين السوريين بكل وضوح عن المشاكل الموجودة في العراق.
هناك نهج متعمد لعزل العراق، مع العلم أن اخواننا في الحكم سواء كانوا من القوى الاسلامية او الكردية وغيرها، استضيفوا من قبل هذه الدول. خذ السعودية مثلا، أول اجتماع لنا مع حزب الدعوة خلال الانتفاضة عام 1991 استضافته الرياض، كل الاحزاب والشخصيات السياسية ومنهم الجعفري (ابراهيم) كان مقيما في السعودية. من غير المعقول ان نقف ضد هذه الدول او نحاول الابتعاد عنها او إيجاد الذرائع لتهميش العلاقات معها. ونفس الشيء يحدث مع باكستان وتركيا. هذا لا يخدم العراق ولا يخدم المنطقة. نحن سنبقى أبناء منطقة واحدة وأبناء مصير مشترك وعلينا ان نلتقي ونسمي الأمور بمسمياتها، بالرغم من اني لا اقول ان هذه الدول كاملة ومتكاملة وان ليس لبعضها مشاكل مع العراق، علينا ان نصل معها الى نتائج مهمة تؤدي الى استقرار العراق واستقرار المنطقة. انا زرت عددا من الدول العربية مؤخرا وتحدثت معهم لتوجيه الدعوات للحكومة العراقية لإعطاء فرصة جديدة، عسى ولعله ان يتعظ الاخوة في الحكومة ونعطيهم فرصة جديدة للتواصل مع اشقائهم العرب ومع الدول الاسلامية الاخرى، وهذا ما نتأمله ان يحدث ونعتبر هذا من المسائل الخطيرة التي يمر بها العراق.
* هل تعتبر ان ما يتحقق في العراق اليوم هو تطبيق للديمقراطية؟
ـ بالشكل الذي يحصل الآن، بالتأكيد لا، وما حصل من قتل وإرهاب ضدنا بالذات في الانتخابات الاخيرة والتي قبلها، دليل على ما أقوله، كانت هناك حملة ظالمة ضدنا وأعني ضد القائمة العراقية، ضحينا بـ 13 شهيدا خلال الانتخابات، وبلغت الصلافة لدى البعض انه حتى من فاز في الانتخابات من قائمتنا استهدف بقضايا اجتثاث البعث والقوانين التعسفية القمعية التي جاء بها البعض، وللأسف تبنتها دول التحالف في العراق. كل هذه سلوكيات منافية للعمل الديمقراطي، ناهيك من استخدام الرموز الدينية والى آخره لضرب توجهنا والهدف واضح، هو وضع العراق وفق المحاصصة والتوزيع العرقي والجهوي. ونحن ضد هذا المشروع وسنقف ضده.
* هل تعتقد ان الدول المشاركة في قوات التحالف حققت للشعب العراقي ما وعدت به من ديمقراطية ورخاء وسلام؟
ـ الجواب عن هذا السؤال نجده في باكستان وأفغانستان وفي الصومال وفي فلسطين ولبنان وسورية العراق. وأنا اتحدث عن العراق.. ما حصل ويحصل في العراق كارثة كبيرة، وهي كارثة على المنطقة، وحتى الآن النتائج غير ظاهرة، وما زلنا في بداية الطريق. لهذا أنا ادعو لحوار واضح وصريح من منطلق الصداقة والمصالح المشتركة، خاصة مع الولايات المتحدة وأوروبا.. فيما يجب ان يحصل وما سيحصل في العراق. وهذا دور يجب ان تقوم به الحكومة والقوى السياسية العراقية. اعتقد ان الوضع العراقي يعرف نفسه بنفسه، وهو أبعد ما يكون عن الاستقرار وعن الهدوء وسيادة القانون واستقلاليته، وابعد ما يكون عن النمو وتمتع العراقيين بثرواتهم.
* هناك من يعتقد ان الحل للقضية العراقية هو تقسيم العراق الى ثلاث دول او الى ثلاث فيدراليات، كيف تنظرون الى ذلك؟ ـ للإجابة علينا طرح السؤال التالي، هل الفدرالية ستقي الكيانات من شرور المشاكل؟ هل سيكون هذا التقسيم سلميا ولا يحمل طابع العنف؟ هل سيكون هذا التقسيم محصورا بالحدود العراقية ام سينتقل الى دول المنطقة؟ وماذا سيحصل لدول المنطقة؟. للعراق وزن وإذا اختل التوازن في العراق وأصابه تقسيم، فماذا سيحصل في المنطقة. وجود العراق بكيانه الكامل مسألة مهمة وفقدان هذا الكيان سيعصف بالمنطقة، لأننا نتحدث عن قضية نظرية لا نعرف مدياتها إذا حصلت لا سمح الله، لا على العراق ولا على المنطقة. لهذا أنا اعتقد أن على العراقيين وعلى كل من يحب العراق وعلى أشقاء العراق التصدي لهذا الموضوع.
هذا الموضوع هو ليس معركة العراق فحسب، بل معركة المنطقة بكاملها، وأنا شخصيا لا اعتقد أن العراقيين مؤمنون بالتقسيم، لربما هناك حفنة ضالة مؤمنة بالتقسيم، لكن المجتمع العراقي ضد هذه المسألة، وقوة العراق هي بتلاوينه المختلفة. وعلينا أن نحول هذه التلاوين من قوة مدمرة الى قوة لبنائه. التقسيم خطة ستسقط لصالح المشروع الوطني العراقي وهي نظرية خائبة وستندحر.