Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

علاوي: هناك ضبابية في سياسة العراق تجاه دول الجوار.. واتهاماته لها أمر محزن

25/08/2009

شبكة اخبار نركال/NNN/
رئيس القائمة العراقية في حديث لـ"الشرق الاوسط": 7 سنوات مرت على تغيير النظام والحكومة لا تزال تخاف من قبر صدام
الشرق الاوسط - معد فياض /
الاثنين 24 آب 2009 – الشرق الاوسط العدد 11227

حمّل الدكتور إياد علاوي، الرئيس الأسبق للحكومة العراقية، ورئيس القائمة العراقية الوطنية، والأمين العام لحركة الوفاق الوطني، الحكومة العراقية «المسؤولية الكاملة والمباشرة عن تدهور الأوضاع الأمنية في العراق»، مطالبا الحكومة بـ«الإعلان أمام الملأ عن مسؤوليتها عن هذا التدهور. وعزا ذلك إلى «عدم استعداد وجاهزية القوات المسلحة والقوات الأمنية بعد انسحاب القوات الأميركية من المدن».
وقال علاوي في حوار اجرته معه "الشرق الاوسط" في لندن «إن الحكومة لم تكن واضحة وصادقة وواقعية عندما أطلقت التصريحات وتحدثت عن استعداد القوات المسلحة والقوات الأمنية لتحمل مسؤولياتها الأمنية، والتفجيرات التي تحدث كل يوم تقريبا، وفي بغداد أخيرا، خير دليل على ذلك».
وانتقد رئيس القائمة العراقية أداء السياسة الخارجية للعراق، وتوجيه الحكومة العراقية الاتهامات «لدول الجوار والدول العربية، مشددا على أهمية بناء علاقات متينة مع العرب لأنهم يشكلون عمق العراق الاستراتيجي».
ووصف رئيس أول حكومة بعد نظام صدام حسين الحكومة العراقية باعتبارها «لا تتمتع بالثقة بالنفس»، وأنها طوال أربع سنوات «استنزفت الوضع العراقي ولم تقم بأي شيء للعراقيين. وعلى الرغم من تفاؤله الحذر بشأن الانتخابات القادمة، وبـ«العراقيين الذين سينتصرون لأنفسهم من أجل تغيير الأوضاع، فإنه شدد على أهمية «نزاهة هذه الانتخابات» التي وصفها بالمهمة جدا. وفيما يلي نص الحوار..
* وصف بعض السياسيين العراقيين الحملات الانتخابية المقبلة بأنها ستكون معركة تكسير عظام، فهل ستكون كذلك؟
ـ إن شاء الله لا. أنا لا أريد أن أسميها بمعركة تكسير عظام، لكنني أعتقد أنها ستكون انتخابات مهمة، وستحدد مستقبل الوضع في العراق وما سيكون عليه البلد في السنوات القادمة. وبالتأكيد سيكون هناك تزاحم وتنافس شديد وأتمنى أن تُجرى في أجواء نزيهة، وأن يشارك فيها الشعب العراقي بالكامل، ولا أعتقد أنها ستكون معركة تكسير عظام، اللهم إلا إذا جرت بشكل ناقص، وحدث الكثير من التزوير مثلما حدث في الانتخابات السابقة، أو تم حجب حق شرائح معينة من العراقيين من المشاركة في الإدلاء بأصواتهم، أو أن يتم منع مرشحين والسماح لآخرين بترشيح أنفسهم، عند ذلك ستكون النتائج خطيرة، وما سيليها سيكون أكثر خطورة.
* لماذا الانتخابات القادمة مهمة.. ما هو الاختلاف عما سبقها أو ما سيليها؟
ـ هذه الانتخابات تجرى في أجواء انسحاب القوات الأميركية من العراق، تجرى وهناك إشكالات كبيرة في موضوع العراق في ما بعد هذا الانسحاب، يضاف إلى هذا أن هذه الانتخابات تجرى والمنطقة بعمومها تعيش حالات من اللااستقرار، بدءا بأفغانستان وباكستان ومرورا باليمن والصومال وفلسطين ولبنان، كما أن إيران تمر الآن بمرحلة مهمة، وهذا ما يكسب الانتخابات القادمة أهمية كبيرة جدا.
* هل تعتقدون أن هناك تغييرات مهمة سوف تحدث بعد هذه الانتخابات؟
ـ نحن نأمل وبالتأكيد في حدوث تغييرات مهمة، وإذا أردنا أن نستحضر نموذجي انتخابات مجالس المحافظات الماضية، وانتخابات إقليم كردستان الأخيرة وما حصل من متغيرات غير متوقعة، فبالتأكيد نتائج وتجارب هذه الانتخابات سوف تنعكس إيجابيا على باقي مناطق العراق، لهذا أنا أتصور أنه من المهم الاستفادة من نتائجهما، وأن تكون الانتخابات القادمة نزيهة، وأن يسهم عموم العراقيين فيها، فعند ذاك نستطيع التحدث عن انتخابات نزيهة وشفافة وجيدة، ومن الممكن أن تحصل مفاجآت فيها وأهم هذه المفاجآت هي أن العراق سوف يشهد انحسار التيار الديني السياسي والطائفي، والتيار الذي يؤمن بتسييس الدين مقابل نهوض وتقدم التيار الوطني العلماني، هذا هو توقعي الشخصي، وأكرر أن الانتخابات ستنجح إذا أجريت بشكل نزيه. لكن للأسف فإن المؤشرات تتجه نحو التجارب السيئة والتزوير.
* لكننا منذ اليوم نلاحظ وبوضوح أن هناك كتلا وأحزابا وشخصيات سياسية عراقية بدأت تتصارع استعدادا للحملات الانتخابية، وهناك تبادل اتهامات بين الكيانات السياسية، وقد قال نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي في مقابلة مع «الشرق الأوسط» أخيرا إن هناك تصفيات سياسية تجري، وذلك على خلفية سرقة مصرف الزوية ومقتل 8 من حراسه..
ـ بالرغم من اختلافي مع الأخ عادل عبد المهدي فكريا، إلا أنه مناضل وسياسي مهم، وله تاريخ نضالي من أجل العراق، وينحدر من عائلة طيبة وعرفت بمواقفها الوطنية، ومن المؤسف أن تصل الأمور إلى توجيه الاتهامات جزافا من أجل سقوط هذه القائمة أو تلك الشخصية، وغالبا ما تمارس أجهزة السلطة مثل هذه الأساليب ضد الآخرين، وأذكر أنني شخصيا قد تعرضت إلى مثل هذه الحملات الرخيصة، ووجهت لي هذه الأجهزة تهما باطلة، منها مثلا محاولتي للقيام بانقلاب عسكري، أو اتهامي بالمسؤولية عن الأحداث التي قام بها «جند الإسلام» في النجف، أو تعاوني مع عزت الدوري، وأعتقد أن ما حصل مع الأخ عادل عبد المهدي هو خارج إطار القانون والدستور، إذ ليست هناك تهمة توجه إلى شخص عن طريق الإعلام قبل إجراء التحقيقات أو المحكمة القانونية وظهور النتائج، والقاعدة القانونية، وهذا أمر غير معهود، وبحسب الديمقراطيات التي تعتمد القانون أساسا لها فإن المتهم بريء حتى يدان، أما اتهام أو الإيحاء بمسؤولية الأخ عادل عبد المهدي والإساءة إلى تاريخه النضالي فهو أمر يؤسف له فعلا، وذلك بسبب اتهام أحد العاملين في حمايته في جريمة قتل أو سطو، فهذه مسألة غير أخلاقية وغير سليمة ومخيفة، وتعكس نوايا غير سليمة، لهذا عندما أتحدث عن نزاهة الانتخابات، فأنا لا أعني فقط نزاهة صناديق الاقتراع، وإنما نزاهة الموقف ابتداء من الآن، وهذا يشمل التهديد والتهميش ومنع الآخرين من الترشيح وعدم إعطائهم الفرص.
لهذا من غير المعقول أن تجرى الانتخابات في ظل هذه الأجواء المشحونة التي تتضمن إيحاءات وتهما خطيرة توجه قبل المحاكمات وقبل أن يتخذ القضاء قراره في صحة ما حدث، يضاف إلى هذا أن ما حصل مع عبد المهدي مسألة واضحة، وبقدر تعلق الموضوع بتفكيري، فأنا لست رجل أمن أو تحقيق، أنا طبيب، لكن أن توضع الأموال المسروقة في جريدة تصدر عن مكتب الأخ عادل ويتهم أحد ضباط حمايته بالمسؤولية فهذا يبدو مدبرا، ولنفترض غدا أن أحد أفراد حمايتي ارتكب خطأ ما، فهل هذا يعني أنني مسؤول عن هذا الخطأ؟ لذلك كان يجب معالجة هذا الموضوع، لكن يبدو لي أن هناك تصفيات وثأرا، وهذا لا يجوز على الإطلاق.
* هناك بعض أعضاء القائمة العراقية قد خرجوا من القائمة، فمن سيبقى؟
ـ الغالبية سيبقون ضمن القائمة باستثناء من اختار الخروج، ومن أردنا نحن إخراجه لأسباب تتعلق بعمل القائمة. نحن نحترم قرار من اختار مسارات أخرى، سواء الانضمام إلى كتل ثانية وهذا حقهم وحق أي مواطن في اختيار من يشاء ومن يريد أن يتحالف معه، ولهذا أنا اعتقد أن استحقاقات المرحلة القادمة تختلف عن الاستحقاقات السابقة، لهذا يجب أن توضع النقاط على الحروف في موضوع التوجه إلى الأمام، وعلينا أن نحسم معا هل نحن وطنيون أم أننا نؤمن بالطائفية السياسية؟.. هل نحن وطنيون أم نؤمن بالإسلام السياسي وتسييس الدين؟.. هل نحن وطنيون أم أننا نؤمن بتقسيم العراق إلى قطاعات وكانتونات؟ هل نريد عراقا ديمقراطيا وحقيقيا ولكل العراقيين أم نريد عراقا يهمش أجزاء واسعة من المجتمع العراقي؟.. من سيكون معنا يجب أن يؤمن بخطنا الوطني ويعمل من أجل عراق لكل العراقيين بعيدا عن المحاصصة الطائفية وتسييس الدين وتهميش الآخرين. أما من يريد أن يبقى في القائمة العراقية وهواه ومصالحه مع قائمة أخرى فهذا لا يجوز وغير صحيح. القائمة العراقية مفتوحة لمن يؤمن بنهجنا الوطني، وأيضا أبوابها مفتوحة لمن يريد الخروج والابتعاد عن هذا النهج. نحن أكثر القوائم انفتاحا، ولا نخضع لقرارات الحزب الواحد، على عكس القوائم أو الكتل الأخرى التي بطبيعة تكوينها سواء كانت طائفية أو سياسية فإنها تخضع لقيادة وسياسة ورئاسة ولإجراءات تفرض على أعضائها، أما نحن فليس لدينا مثل هذه الإجراءات، وإنما قرارات القائمة تتخذ بالتصويت وبالأغلبية، خاصة القرارات الاستراتيجية، وعلى سبيل المثال لا الحصر، نحن ناقشنا القرار الذي يتعلق بالاتفاقية الأمنية بين العراق والولايات المتحدة، أنا كنت مع الموافقة المشروطة، ووضعت ثلاثة شروط من أجل الموافقة، وهي الاستعدادات العسكرية العراقية، الإصلاحات السياسية والاستفتاء العام على الاتفاقية، والعمل من أجل الخروج من الفصل السابع مع الاحتفاظ بقرار أممي بحماية أموال العراق في الداخل والخارج، لكن الرأي العام الذي توصل إليه أعضاء القائمة هو الموافقة على الاتفاقية بغض النظر عن الشروط باستثناء شرط واحد وهو الإصلاح السياسي والاستفتاء العام، مع ذلك رضخت للأغلبية التي صوتت داخل القائمة للموافقة على الاتفاقية، بينما كنت أنا وأحد الإخوة ضد الموافقة ولم أعترض، والآن يدفع العراق وشعبنا ثمن الموافقة غير المشروطة على هذه الاتفاقية، هناك مشكلة مع الكويت حول الفصل السابع، وهناك مشكلة الاستعدادات العسكرية والأمنية في العراق، وإشكالات تتعلق بتنفيذ وثيقة الإصلاح السياسي التي لم يعد لها أي وزن أو قيمة، وحتى الاستفتاء فإنه شبه ملغى. أقول هذا لأبرهن أن قائمتنا ديمقراطية والآراء تطرح داخلها بوضوح، وأنا حقيقة أستغرب أن يقول البعض إن القائمة العراقية توجهها ديكتاتوري، أو أن القرارات تتخذ بها بصورة فردية، حتى موضوع الاشتراك في حكومة المالكي (نوري) أنا كنت ضده منذ البداية، واعتبرت أن هذه الحكومة سوف يكون مصيرها الفشل، وأنها ستكرس للمزيد من الطائفية، وأن توجهاتها الطائفية خطيرة، وسوف يتفتت المجتمع العراقي، ولكن مع ذلك ونزولا على رأي الأكثرية في القائمة وافقت على الاشتراك في الحكومة. هذا هو ما سيحدد البقاء أو الخروج من القائمة، وموضوع ذكر أسماء من سيخرج فهذا ليس بذات قيمة. هناك بعض أعضاء القائمة يريدون الانتماء إلى قائمة الائتلاف العراقي الموحد (الذي يترأسه عبد العزيز الحكيم)، وآخر يريد الانتماء إلى قائمة يقال إن المالكي سيترأسها، وهذا حق من حقوقهم، وسيبقون بالنسبة لنا زملاء، وهذا الموضوع لا يشكل بالنسبة لنا أي عائق، فالقائمة العراقية تشكلت طوعيا وستبقى كذلك، والقائمة في الانتخابات القادمة ستضم أسماء لعراقيين مؤمنين بحق بالخط الوطني، ولم يكونوا في يوم من الأيام في خنادق أخرى غير الخط الوطني.
* ما هو برنامجكم السياسي خلال الانتخابات القادمة؟
ـ برنامجنا يتركز في نقاط أساسية واضحة تعالج الأزمة الراهنة في العراق، ومنها موضوع مجتمع العدالة والرفاهية، والذي هو يعتمد على تحقيق وتوفير الخدمات للمجتمع العراقي، ومنها الماء والكهرباء والخدمات الصحية والتعليم والنقل وتقليص البطالة جهد الإمكان وتوفير فرص العمل للعراقيين وتوفير السكن، ويعتمد مشروعنا في تحقيق مجتمع العدالة على الابتعاد والخروج من الطائفية السياسية، وتبني العدالة في المجتمع لكل العراقيين وأن يأخذ القضاء مجراه في التعامل مع القتلة والإرهابيين. أما الجانب الآخر من برنامجنا فهو النهوض ورفع درجة الاستعداد بالجانب الأمني والعسكري بما يضمن سيادة ووحدة وأمن العراق، وأن يكون له جيش قوي يدافع عن الوطن ومؤسسات دستورية راسخة باستطاعتها حماية الديمقراطية. هذا هو ملخص برنامجنا، ولم ندخل في تفاصيل نظرية تموه على المواطن، بل نطرح برنامجنا بصورة مباشرة ليفهمه كل عراقي ويعرف ما هي احتياجاته وماذا سنوفر له. العراقي يحتاج لأن تصان كرامته وحياته وحريته، يحتاج العمل والسكن والدراسة والطب، وغيرها من الخدمات، وهو بحاجة أكبر إلى العدل وسيادة المؤسسات القانونية ليشعر بأنه في عراقه، وأن العراق كله له، عراق للجميع من غير أن نحرم أي مواطن من عراقيته لأنه كان عسكريا في جيش بلده أو كان موظفا في حكومة بلده، أو أنه كان بعثيا، أو أن هذا من التيار الصدري أو من التيار الفلاني، أو أن هذا سني وذاك شيعي، وهذا مسيحي وآخر كردي. العراق يتسع لنا جميعا، هكذا وجد وهكذا يجب أن يبقى، ومن دون ذلك لا يتعزز شعور المواطنة الحقيقية لدى العراقي. هذا هو برنامجنا بكل وضوح وبساطة، برنامج بلا سفسطة أو أدلجة أو تنظير. ونحن نكاد نكون الوحيدين الذين طرحنا برنامجنا الانتخابي للمواطنين وأعلناه عبر مواقعنا على شبكة الإنترنت، من أجل مناقشته وانتقاده وتعديله أو الإضافة إليه، لأننا نعتقد أن البرامج السياسية هي في النهاية يجب أن تصب في خدمة الشعب العراقي.
* تحدثتم عن سحب القوات الأميركية من العراق، وكانت الحكومة العراقية قد تحدثت كثيرا عن استعداداتها الأمنية التي ستعوض عن هذا الانسحاب، لكن الواقع أوضح عكس ذلك، إذ ارتفعت حدة وعدد التفجيرات في العراق عامة وفي بغداد خاصة..
ـ هذا أكيد، الحكومة لم تكن صادقة في حديثها عن هذا الموضوع، ونحن نبهنا إلى ذلك منذ وقت مبكر، وأنا شخصيا، ويتذكر ذلك زملائي في القائمة العراقية، وخلال مباحثاتنا مع الجانب الأميركي فيما يتعلق حول الاتفاقية الأمنية، كنت واضحا في طرح موضوع أهمية استعداد القوات العراقية والقوات الأمنية لتحمل الاستحقاقات الأمنية، وأن تكون على درجة عالية من الكفاءة والجاهزية، وإذا لم يتوافر ذلك إلى جانب تحقيق وثيقة الإصلاح السياسي والاستفتاء الشعبي على الاتفاقية وخروج العراق من الفصل السابع ليتمتع العراق بسيادته الكاملة وحفظ أمواله في الخارج، فإن هذه الاتفاقية ستكون ناقصة. والأحداث برهنت الآن أن الحكومة لم تكن واضحة وصادقة وواقعية عندما أطلقت التصريحات، وتحدثت عن استعداد القوات المسلحة والقوات الأمنية لتحمل مسؤولياتها الأمنية، والتفجيرات التي تحدث كل يوم تقريبا، وما حدث في بغداد أخيرا برهن عدم صحة هذه التصريحات وعدم دقتها.
* من المسؤول في اعتقادكم عن تدهور الأوضاع الأمنية بهذه الصورة المروعة؟
ـ الحكومة بالتأكيد. ويجب أن تعلن الحكومة مسؤوليتها بشكل واضح وصريح عن ذلك للملأ. في الحقيقة أنا أستغرب جدا تصريحات رئيس الوزراء عندما يقول أنا أحذر من تفجيرات ستقع قبل الانتخابات. هو رئيس الوزراء، والمفروض أن لديه الإجراءات والمستلزمات والإمكانيات والعساكر وقوى الأمن الداخلي التي تستطيع حفظ الوضع الأمني والنهوض بالمسؤولية. أما أن تطارد قوى الأمن الداخلي نائب رئيس الجمهورية وتحاول إلصاق تهمة به، وبعدها يمسكون بعض الصدريين (التيار الصدري) ويلصقون بعض التهم بهم، ثم يلقون القبض على الصحوات ويلصقون تهما أخرى بهم، فهذا ليس عمل قوى الأمن الداخلي. يجب أن تطارد هذه القوى الإرهابيين وتقضي على الإرهاب الذي سفك دم الشعب العراقي ودمره. تصور، بعد سبع سنوات من تغيير نظام النظام السابق تمنع الحكومة العراقيين من زيارة قبر صدام حسين، وبعد سبع سنوات يقولون للناس: احموا أنفسكم. وبعد سبع سنوات الحكومة تطارد البعثيين وتخاف من صدام وهو في قبره، هذا يعكس عدم الثقة بالنفس، ويعكس أيضا من جانب آخر أن قوى المعارضة العراقية، وأنا بضمنها، التي قاتلت نظام صدام حسين جاءت بجهود الدول الكبرى ولم تأت هي بنفسها لتغير النظام في العراق، لهذا لا تمتلك الثقة بنفسها بشكل واضح.. وهذا يعكس خللا في الوضع العراقي، وخللا في الوضع الأمني، وخللا في الوضع السياسي العام الذي آمل أن تعالجه الانتخابات القادمة إن شاء الله، آمل، هذا أملي، لكني مثلما ذكرت ليست عندي ثقة في نزاهة الانتخابات القادمة.
* عرفتم بعلاقاتكم العربية الوثيقة، سواء قبل أن تكونوا رئيسا للحكومة العراقية أو خلالها وبعدها، وقد حرصتم خلال حكومتكم على توطيد العلاقات بين العراق والدول العربية، لكننا نلاحظ تدهور هذه العلاقات الآن، ما السبب برأيكم؟
ـ للأسف، وأنا فعلا آسف لأن العراق اليوم يعتبر أن كل دول الجوار هي دول معادية له، فالحكومة ضد تركيا لأنها، وحسب الحكومة، جمعت المقاومة والبعثيين في لقاءات واجتماعات كان قد حضرها الأخ طارق الهاشمي (نائب رئيس الجمهورية)، وسورية ترسل إرهابيين، والأردن يتآمر، والسعودية ترسل المسلحين، هذه مسألة يؤسف لها حقا، هذا من جانب.. ومن جانب آخر أصبح الانتماء العربي في العراق معيبا، وصارت مسألة من يدعي أنه ينتمي إلى العرب وهو جزء من العرب جريمة أو تهمة، في الوقت الذي أنا أؤمن فيه بأن قوة العراق من قوة المنطقة العربية والإسلامية، ومن هذا المنطلق عملت، سواء عندما كنت في المعارضة، أو عندما صرت رئيسا للوزراء، وعندما خرجت من رئاسة الوزارة، وأعتقد أننا ما لم نكن في منطقة مأمونة وأمينة وآمنة للجميع من دون تدخل في الشأن الداخلي فسيكون هذا هو التوتر بعينه ومصدرا للمشاكل لكل المنطقة. لهذا أنا أستغرب سياستنا الخارجية، فبدلا من اتهام تركيا يجب الانفتاح عليها والتحاور معها خاصة أنني أعرف أن القيادة التركية حريصة على التواصل مع العراق وإيجابية، والرئيس التركي (عبد الله غول) الذي تربطنا معه علاقات طيبة وممتازة حريص على وحدة وسلامة العراق، وحتى في موضوع القضية الكردية أنا تحدثت مع الرئيس التركي وبدأت الأمور تتحسن. لكن السؤال هو: ما هي سياسة العراق الخارجية.. وما هو سبب هذه الاتهامات؟.. لنأخذ مثالا الاجتماع الذي حصل في تركيا بين المقاومة العراقية والأميركيين، فقد كانت الحكومة العراقية تعرف كل تفاصيله، وكان هناك ممثل عن وزارة الحوار الوطني العراقية وموجود في هذه الاجتماعات، وكان الجانب الأميركي يبلغ الحكومة بكل شيء وبالتفصيل، لهذا أنا أستغرب من الزوبعة التي أثيرت، ومن التصريحات التي تحدثت عن أن «تركيا تتآمر علينا مع الأميركيين» وأن «أميركا تتآمر علينا»، مع أن أميركا هي التي تحمي الأوضاع في العراق، وأيضا إلصاق التهمة بنائب آخر من نواب رئيس الجمهورية وهو طارق الهاشمي. هذا كله يشير إلى عدم وضوح، وأن هناك ضبابية في سياسة الحكومة الخارجية سواء حيال دول الجوار أو العمق العربي للعراق، إذ من غير المعقول أن نتهم هذه الدول اليوم وفي اليوم الثاني نريد أن نقيم علاقات معها أو نطلب منها أن تبعث بسفرائها. هذا الموضوع محزن، وأيضا تتحمل الحكومة العراقية مسؤوليته. وبغض النظر عن آرائنا في سياسات الدول العربية، سنبقى نحن إخوة وأبناء قومية ومنطقة واحدة، وسيبقى كل منا يحتاج إلى الآخر.
* هذه هي الأشهر الأخيرة من عمر الحكومة العراقية، وبعد أربع سنوات باعتقادكم ماذا حققت هذه الحكومة؟
ـ لا شيء. الخدمات في تراجع، الكهرباء في تراجع، المياه في تراجع، الزراعة في تراجع، الصحة في تراجع، الأوضاع الحياتية في تراجع، الاقتصاد في تراجع، حتى الوضع الأمني الذي تحسن نسبيا وبصورة مؤقتة نتيجة الزيادة في عدد العساكر الأميركيين تراجع جدا، وعاد العنف بقوة إلى العراق، وهو عنف قاتل ومدمر ومجرم، والآن صار يستهدف الأبرياء بشكل مخيف، وبصورة مبرمجة باتجاه إثارة الفتنة الطائفية في البلاد. لهذا أنا أرى أنه ليس هناك أي شيء تحقق، وإنما تم استنزاف إمكانيات العراق، واستنزاف الوضع العراقي، واستنزاف الوضع الداخلي، ومرة أخرى أقول إن أملي كبير في الانتخابات القادمة، وأن ينتصر العراقيون لأنفسهم لتغيير الأوضاع.
* هل لنا أن نتحدث عن تحالفات القائمة العراقية التي تترأسونها؟
ـ حتى الآن ليس هناك أي تحالف، بل هناك حوارات مع معظم القوى السياسية، وتحقق أكثر من لقاء وكذلك مع شخصيات وطنية حتى نصل إلى المشتركات وإلى نقاط الاتفاق والاختلاف مع الآخرين، وهناك تحالفات سوف تحصل قبل الانتخابات وأخرى بعدها، وهذه الحوارات سوف تستمر لشهر. لكن ما يخيفني هو عودة المشاريع الطائفية مرة أخرى إلى الساحة العراقية لأنها، بالتأكيد، أضرت بالعراق وبالشعب العراقي.
* ماذا تعني بعودة المشاريع الطائفية، ألا تعتقدها قائمة؟
ـ الآن هناك دعوة لعودة الائتلاف مثلما تأسس على الرغم من أنهم يريدون وضع صبغة خارجية له باعتباره ائتلافا وطنيا. نحن لا نشكك في وطنيتهم، لكننا ضد نهج الطائفية السياسية، ونعتقد أن هذا النهج لن يقود العراق إلى حالة الاستقرار.. نحن كلنا مسلمون وننتمي إلى مذاهب، أنا شخصيا شيعي وأحترم الدين الإسلامي والمذاهب، لكن هذا لا يعني أن أستغل المذهب سياسيا للتمييز وتصنيف المجتمع العراقي والتعامل من منطلقات مذهبية.
* تتعرض حرية الرأي والإعلام وحياة المثقف العراقي للخطر والتهديد، حتى إن الأمور وصلت إلى حد تهديد المثقفين من خلال منبر صلاة الجمعة في جامع براثا، بينما هناك قرارات لوزارة الداخلية لمنع مواقع على شبكة الإنترنت، ألا تعتقد بخطورة هذا الموضوع؟
ـ أساس الحريات هو سيادة القانون واستقلال القضاء، ونحن لا نزال نفتقر إلى ذلك. لهذا الحديث عن الحريات، وعلى رأسها حرية الرأي وحرية التعبير وحرية الصحافة وحرية الحصول تداول المعلومات، لا يعني أي شيء ما لم يكن هناك قانون واضح وسائد، وقضاء نزيه يحمي هذه الحريات، والحريات الأخرى التي هي من حق المواطن. هذا غائب عن العراق، وبدلا عنه هناك القمع والتهميش والاعتقال والقتل والإقصاء من دون أن يكون هناك قانون رقيب وقضاء يكون الفيصل بين المتهم والبريء. الديمقراطية بحاجة إلى مسألتين لتتجذر في المجتمعات، هما القانون والمؤسسات. نحن بلا مؤسسات متكاملة، وليس لدينا قانون أو قضاء مستقل.

Opinions