Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

"غير صالح للعرض".. أول فيلم عراقي بعد الحرب ..

07/01/2006

ندى عمران: بغداد- (أصوات العراق)

"كل شيء في العراق غير صالح للتعريض الضوئي".. هذا هو المصطلح الوحيد الذي يتطابق مع الوضع النفسي للعراقيين ومع صورة بغداد في الأيام الأولى لدخول القوات الأجنبية عام 2003، وهو المحفز الحقيقي لمجموعة من الشباب المتحمسين لصناعة السينما في البحث عن فرصة لصناعة فيلم عراقي يحاول ان يوثق المآسي والكوارث والنكبات والتناقضات والسرقات والحرائق والضياعات، وكل ما يصعب تصديقه أو مجرد تصوره إلا من خلال فيلم سينمائي. (غير صالح للعرض ) هو الفيلم العراقي الأول والوحيد الذي أنتج بعد الحرب على العراق .. وهو الفيلم رقم واحد بعد المائة بعد توقف صناعة السينما العراقية عند الرقم ( 100 ) .. فكرته هي الرابط الفلسفي ما بين شكل حياة العراقيين اثناء الحرب وما تلاها من احداث ، وهو تكثيف لفكرة الموت، الحياة ، الحرية ، المدينة ، وكل المفردات الاخرى التي شكلت منعطفات مهمة وخطيرة ولازالت في حياة العراقيين .

(غير صالح للعرض) تجربة سينمائية شبابية عراقية هي أشبه بردة فعل على ما تعرض له العراق من احداث جسيمة تصدى لها مخرج عراقي شاب يدعى "عدي رشيد" يبلغ من العمر 30 عاما، كانت بالنسبة له اشبه بمجموعة تحديات شخصية وتحديات فنية ليس اولها تحدي ازمة الفيلم الخام وظروف الوطن الممزق الذي كان المحفز الاول لانتاج هذه التجربة.

وفي زيارة القصيرة لبغداد قام بها المخرج عدي رشيد، قال لوكالة أنباء(أصوات العراق) المستقلة فى رده على سؤال عما يعنى (غير صالح للعرض) وما هي فكرته"تسمية الفيلم بنيويا مشتقة من وضع الفيلم كخامة ومن أيامنا اثناء التصوير أو وضع بغداد أثناء التصوير ، تسمية ( UNDEREXPOSURE ) وترجمتها (غير صالح للتعريض الضوئي) واكتفينا بمفردة (غير صالح) كون الخامة التي اشتغلنا عليها هي خامة سينمائية توقف العمل عليها سنة 1982، وهي خامة غير صالحة للعمل، و كانت اصلا تابعة لدائرة السينما والمسرح ،وقد سرقت ايام السلب والنهب الذي تعرضت له دوائر الدولة، وحصلنا على بعضها من السراق، وبعضها ممن اشتراها من السراق، وهم صانعي الفضة لان الفيلم يمكن استخراج مادة الفضة منه ، واستطعنا تجميع كمية لا بأس بها من الفيلم الخام." أضاف "العنوان هنا كون الخامة توافقت مع وضعنا النفسي في تلك الفترة، فقد كانت الكثير من الاشياء غير صالحة للتعريض الضوئي في بغداد في ذاك الوقت، وفي هذه اللحظة ايضا ،من هاتين اللحظتين اللتين امتزجتا واصبحتا حالة واحدة في داخلنا نحن كادر العمل نعمل في خامة غير صالحة للعمل في ظرف غير صالح للعمل .. في ظرف انتاجي كان من الصعب ان تمشي على ارصفة بغداد لا ان تصنع فيلما ، كل هذه العوامل اجتمعت لاختيار هذا العنوان."

وردا على سؤال عن سيناريو الفيلم وهل كان معدا قبل الحرب ، قال المخرج رشيد "ابدا السيناريو لم يكتب الا بعد ان انهيت المونتاج، بمعنى اننا وضعنا بعض الخطوط الاساسية وعملنا بالطريقة التي كان يتبعها الفنان الفرنسي جان لوك غودار اثناء فترة الستينات، وهي دفتر ملاحظات وبعض الافكار الرئيسية، ومن ثم تتم كتابة المشهد ودراسته اثناء التصوير، لم يكن هنالك سيناريو معد مسبقا .. كان هناك تحضير فكري ونفسي للممثلين ، وماساعدني كون الذين اشتغلوا معي كانوا متلهفين لهكذا نوع من العمل، وهي تجربة اولى في البلد، وربما في الوطن العربي ان تدخل فيلما سينمائيا روائيا بدون سيناريو."

وتابع "تحالفت طموح الممثلين الشباب وخبرات الممثلين الكبار مثل يوسف العاني وانتجت نوعا من التلاحم اثناء تصوير الفيلم."

وعما اذا كان الفيلم هو مجموعة انفعالات لكادر العمل والانعكاسات النفسية قال "الفكرة هي كيف انت كانسان تمتلك منظومة حسية معينة ؟ كيف تتعامل مع المفترق المرعب الذي مررنا به؟ وهو مفترق التعامل مع مفردتين .. مفردة سقوط بغداد، وسقوط نظام ، احتلال ومستقبل جديد ، مدينة تدمر على أمل ان تبنى، وانت وسط هذا كله شاب في عمر الثلاثين، كيف تفكر وكيف تعيش وكيف تتماشى مع الاحداث؟ كانت هذه هي البنية الاساسية ، لذلك بعض النقاد الغربيين اتهموا الفيلم بالذاتية كون بطل الفيلم مخرج سينمائي يحاول صناعة فيلم ، لكننا نحاول ان نكون صادقين الى آخر درجة، وكان من الممكن ان يكون بطل الفيلم يمتهن أي مهنة أخرى، لكن ان يكون مخرجا سينمائيا، فسيكون مترجما فعليا لما نشعر به ، فكانت محاولة قراءة الحدث بزاوية بعيدة عن وجهة النظر الاخبارية او التقريرية، بمعني أنه كان هنالك اقتراب من تحليل النفس الشعري اذا صح التعبير."

وعما اذا كان يعتقد أن الفيلم صالح للعرض فعلا قال رشيد "بالتاكيد هو صالح للعرض، بشرط ان لا تاتي بجاهزية للتلقي، وان لا تأتي وانت تريد ان تشاهد فيلما عن العراق، وان لا تاتي وانت تريد ان تشاهد سينما صنعت ضمن مواصفات مثالية، بل أترك هذه المنظومة وتجرد وادخل قاعة العرض ستجد الفيلم صالحا للعرض.

وعن تداعيات الحرب وظروفها وحول امكانية ان تكون الدافع او الغريزة التي دفعت المخرج لاخراج الفيلم يقول رشيد " الفكرة ليست غريزية بل حتمية ، انا موجود، انا ابن المدينة ، لماذا انا موجود ، فكرة صناعة فيلم بالنسبة لي اشبه برغبة احتضان امراة جميلة ، رغبة وجودية وهي يومية ،يبقى عملية توفير باقي عناصر الانجاز، هذا خاضع لقوى خارجة عن ارادتي، فعندما استطيع توظيف هذا كله في انتاج فيلم فلن اتردد ". وعما اذا كانت قضية الاحتلال الامريكي للعراق وتداعياته دافعا لافكار يمكن تحقيقها في فيلم سينمائي يؤكد المخرج عدي رشيد "انها شغله الشاغل، بغض النظر عن الشعارات التي دخل بها الامريكان الى العراق، فهم قوة احتلال واخلاقيات الاحتلال هي اخلاقيات مطلقة، اخلاقيات الجندي الالماني في فرنسا بعد الاحتلال الهتلري هي اخلاقيات الجندي الامريكي الموجود في الشارع العراقي حاليا ..واذا كنا قد مررنا بلحظة رومانسية لحظة سقوط النظام فاننا الان في اشكال كبير، إشكال عقائدي وسياسي، هنالك مشروع لوضع العراق كمغناطيس لجلب مسامير الارهاب في العالم، هذا كله نزيف داخلي عراقي شخصي ، فهذه قضيتي انا كمثقف، ولكن يبقى.. كيف ساجد ذاتي؟ وكيف ساقول كلمتي؟ . Opinions