Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

قراءة عامة في الاساطير العراقية

في فترة السلالة السومرية تعددت الآلهة لدرجة أن أصبح لكل شيء إله ولكل ولاية آلهة. فمثلا هنالك إلهة الأرض والانوثة (انيني العذراء), إله الشفع (ننكرساج), إله الفيضانات (تنجرسو), إله الزرع والذكورة (تموز أو أبو), إله القمر (سين),... وكانوا يعتقدون أن السماء ممتلئة بالملائكة والأرواح والشياطين, كما أنهم كانوا يتقربون من المعابد الممتلئة بالآلهة عن طريق الأزواج والطعام والمال.
وتصف إحدى الأساطير السومرية كيف علمت آلهة الحكمة آداب الحكمة لأريدو جميع العلوم, ولم تخف عنه من أسرارها إلا سرا واحدا - هو سر الحياة الأبدية التي لا تنتهي بالموت. وتقول أسطورة أخرى أن الآلهة خلقت الإنسان منعما سعيدا, لكنه أذنب وارتكب الخطايا بإرادته الحرة, فأرسل عليه طوفان عظيم عقابا له على فعله, فأهلك الناس كافة ولم ينج منه إلا رجل واحد هو تجتوج الحائك, وإن تجتوج هذا خسر الحياة الخالدة لأنه أكل فاكهة شجرة محرمة .
أما قناعة البشر (أبناء أرض سومر) بالأسطورة الإلهية فقد كانوا بكامل الإيمان بها ودون أي احتجاج, ولكن عندما زاد الأمر بالنسبة للكهنة الذين يتحدثون باسم الآلهة فيقومون بطلب المزيد من المال والطعام.., ثار بعض الاشخاص مثل أورو كاجينا ولوثر من بعده, فأخذوا ينددون بنهمهم وجشعهم , ويتهمونهم بالرشوة في توزيع العدالة, وبأنهم يتخذون الضرائب وسيلة يبتزون بها الزراع والصيادين ثمرة كدهم ..
وهذا النص التالي دعاء تضرع به الملك جوديا للآلهة (بو) و يقول فيه :
ملكتي, أيتها الأم التي شيدت لكش ..إن الذين تلحظينهم بعينيك ينالون العزة والسلطان, والعابد الذي تنظرين إليه تطول حياته, أنا ليس لي أم - فأنت أمي, وليس لي أب - فأنت أبي..., إن عندك علم الخير, أنت التي وهبتني أنفاس الحياة, وسأقيم في كنفك أعظمك وأمجدك, وأحتمي بحماك يا أماه.

أسطورة الخلق العراقية زمن سومر
إن أسطورة الخلق هي مثال جيد على الخيال الأسطوري السومري وواحدة من أطول القصائد القصصية السومرية الموجودة . إذ يتكون النص من 466 سطرا حفظ منها 375 سطرا بشكل كامل أو جزئي . يبدأ الشاعر بترتيلة يحمد فيها الإله انكي باعتباره الإله الذي يراقب الكون والموكل بأمور الخصب وتكاثر الأغنام والماشية . ثم تلي ذلك أنشودة في تمجيد الذات قيلت على لسان انكي نفسه توضح علاقته بالآلهة العظيمة الأخرى في سومر مثل آنو وإنليل وننتو. تتبعها أنشودة أخرى في تمجيد الذات أيضا يمتدح فيها انكي قدرة كلمته على نشر أسباب الخير والرخاء في البلاد ويشيد فيها أيضا بعظمة معبده المسمى (ابزو) ثم يصف رحلته الممتعة في أهوار سومر في قاربه (ماركور) الذي أسماه (وعل ابزو), وهي رحلة نتج عنها أن قامت بلدان مكان (عمان) ودلمون (البحرين) وملوخا (الهند) بإرسال السفن المحملة بالبضائع للإله السومري انليل في نفر. وبعد ثغرة في النص نجد الإله انكي في قاربه مرة أخرى وهو يقوم بنشر أسباب الخير في الكون (وبتقرير المصائر) للبلدان ابتداء وقبل كل شيء ببلاد سومر فرفع من قدرها باعتبارها أرضا مختارة مقدسة ذات نواميس إلهية لا تمس وهي بلاد اتخذ الآلهة مساكن فيها. ثم بارك انكي أسرابها وقطعانها ومعابدها ومزاراتها. وبعد أن ينتهي من سومر ينتقل الإله انكي إلى مدينة أور فيسبغ عليها نعمه وخيراته ثم يتوجه إلى الجنوب نحو ملوخا ودلمون ويفعل الشيء نفسه من أجلها. لكنه على النقيض من ذلك ينزل لبلاد سومر. أما في الغرب وهي المنطقة التي عرفها السومريون بأسم (مارتو) فيقدم الإله انكي إلى سكانها البدو هدية مناسبة هي الماشية .
بعد أن فرغ انكي من تقرير المصائر لسومر والبلدان المجاورة لها ينصرف إلى انجاز سلسلة من الأعمال الحيوية للأرض وخصوبتها وقدرتها على الانتاج. فملأ النهرين العظيمين دجلة والفرات بالمياه العذبة وأوكل مهمة الإشراف عليها إلى الإله ENBILULU و ملأ الأهوار بالأسماك والبردي وعين عليها إلها قال عنه الشاعر السومري, إنه (كان يحب السمك). ثم اتجه انكي بعد ذلك إلى البحر حيث أقام له معبدا هناك أسماه (ابسو أو ابزو) (بمعنى مياه العمق). ونصب الإلهة نانشة مشرفة عليه. وأخيرا دعا الإله انكي المطر لينهمر على الأرض وأوكل مهمة الإشراف عليه وتنظيمه إلى أشكور إله العواصف.
ثم تذكر الأسطورة أن الإله انكي توجه بعد ذلك لتفقد احتياجات الأرض فأولى عناية خاصة بالمحراث والفدان والحقل الممهد المنظم ويخلق الحبوب والخضروات على اختلاف أنواعها وأصنافها وأنه نصب الإله اشكان مشرفا عليها . ثم أوجد المعول والآجر وجعل الإله ف مشرفا عليهما. وأخيرا فإنه أرسى الأسس وصف الآجر وبنى البيت وجعله تحت اشراف إله البناء .ثم توجه الإله انكي إلى السهول العالية فغطاها بالنباتات وضاعف ماشيتها ونصب الإله سموكان مشرفا عليها. ووضع مرابط الغنم وحظائرها وأمدها بالسمن واللبن وأقام عليها الإله دموزي . ثم قام بعد ذلك بتحديد حدود المدن والبلدان بأحجار خاصة مميزة وعهد مهمة تنظيمها إلى الشمس أوتو. وأخيرا فإنه جعل فن الحياكة من نصيب المرأة ونصب إلهة النسيج صششص مسؤولة عن تلك الحرفة.


الأسطورة العراقية زمن بابل

إن الحضارة البابلية هي أكثر الحضارات الزاخرة بالأساطير في نظري وخاصة تلك الأساطير التي تتعلق بآلهة بابل التي يبلغ عددها 65.500 إله!!. كما أن هذه الآلهة في الغالب ما تكون إمتدادا لآلهة السومريين, لذلك أخترت الآلهة عشتار نموذجا للإله الأسطورة:

عشتار (الآلهة ) :
لأن عشتار - ولها مسميات أخرى كعشتروت اليهود وإستارثى وافرديتي اليونان وفينوس سومر وإيزيس مصر , فكل مسمى يرمز لعشتار بالنسبة لأمة من الأمم - أكثر الإلهات ذكرا وتأثيرا فأني سأذكرها كنموذج الآلهة المكسورة (كإمرأة ). عشتار إله للخصب والحرب والجمال والإزدهار والحب والربيع والرحمة والأمومة وإلهة العاهرات والأمهات, وهي العذراء المقدسة والأم العذراء. لقد عرضت عشتار بكل عظمتها الزواج على جلجامش, لكنه رفض بحجة أنه لا يثق بها, أليست هي التي أغوت أسدا , ثم قتلته? وقصة عشتار وتموز - أو كما تقول الأسطورة السومرية فينوس وأدونيس - حيث تقول الحكاية أن تموز وهو إبن الإله العظيم (إي) كان يرعى غنما تحت الشجرة العظيمة إريد (التي تغطي الأرض كلها بظلها) وبينما هو يرعاها إذ شغفت بحبه عشتار وأختارته زوجا لها في شبابه , ولكن خنزيرا بريا قتل تموز فهوى تموز ككل الموتى لل- (أرالو) (الجحيم) وحيث كان الجحيم تحت حكم إرشكجال (أخت عشتار) التي تغار منها. فتحزن عشتار ثم تعتزم الذهاب للجحيم لتعيد الحياة لتموز, وذلك بغسل جروحه في مياه إحدى العيون الشافية. وعندما تقف عند باب الجحيم تطلب الدخول, وكما هو القرار القديم الذي ينص بأن لا أحد يدخل الجحيم إلا العراة, قامت عشتار بخلع شيء مما تلبسه كلما دخلت من بوابة, ولكن عندما رأتها ارشكجال غضبت وأمرت نمتار بحبس عشتار وتسليط كل الأمراض عليها. وبينما عشتار في الجحيم أسيرة يتوقف كل شيء على الأرض فتحس الآلهة بهذا الأمر, فتأمر ارشكجال بإطلاق سراح عشتار فتخضع للأمر لكن عشتار ترفض الخروج دون حبيبها تموز, فيجاب طلبها, وتعود عشتار للأرض فتعود الأرض إلى ما كانت عليه.



قصة الخلق العراقية زمن بابل
تعتبر أسطورة الخليقة البابلية المعروفة بفاتحتها اينوما - ايليش (عندما في العلا) من أهم المؤلفات الشعرية التي عرضت تفصيلا لمسألة خلق الكون حسب المعتقدات الدينية لسكان وادي الرافدين . وقد اصطلح المعنيون بالدراسات المسمارية على تسميتها بأسماء أخرى مشابهة تقريبا مثل (قصة الخليقة) و (ملحمة الخليقة) و (ألواح الخليقة السبعة).
كتبت أسطورة الخليقة البابلية شعرا على سبعة ألواح و يروي مجموع أبياتها 900 بيت (سطر) دون احتساب الأجزاء المفقودة من اللوح الخامس . ولذلك يمكن القول أن القصيدة بشكلها الكامل كانت تناهز ألف بيت شعر. ونظرا لأهميتها من الوجهة الدينية, باعتبارها تتضمن الأفكار والمعتقدات الأساسية الخاصة بخلق الكون والإنسان في بلاد وادي الرافدين. فقد كانت القصيدة تنشد, وربما يجري تمثيل أحداثها أيضا , في عيد رأس السنة البابلية وهو عيد اكيتو. وبالرغم من هذه الأهمية التي تمثلها أسطورة الخليقة البابلية , إلا أنها كقصيدة لا ترقى في أسلوبها وفي صورها إلى مستوى قصائد بابلية أخرى نخص بالذكر منها ملحمة جلجامش. ولا يعرف على وجه اليقين الزمن الذي ألفت فيه هذه القصيدة لأول مرة, ولكن المتفق عليه بين الباحثين أن آخر جمع وتأليف لها حدث في أواخر العصر البابلي (1500 - 1400 ق. م, أي ربما في العصر الكشي) علما بأن القصيدة تستمد كثيرا من الآلهة وخلق الكون والإنسان من أطول سومرية تعود إلى زمن أقدم من هذا التاريخ بعدة قرون. ويشخص بدور البطل في أسطورة الخليقة البابلية الإله مردوخ كبير الآلهة بابل, أما الآشوريون فأنهم جعلوا من إلههم القومي آشور بطلا لهذه الأسطورة.
تقول الأسطورة أن الكونية بدأت من أبسو (مياه العمق, العذبة) وزوجته تيامة (المياه المالحة - البحر) ونتيجة الامتزاج بينهما خرج الكثير من الآلهة كلخمو ولخامو ثم انسار وكيشار. إلى أن بلغوا 500,56 إله. ملؤوا الكون لدرجة أن جدهم أبيسو لم يستطع أن يشعر من ضجتهم بالنوم والراحة. فقام الجد وفقا لخطة ممو وزيره بالعزم على قتلهم, وعندما علم أحفاد الآلهة بذلك استشاروا ايا (انكى السومري) إله المعرفة والحكمة, فقال لهم: شلوا حركة أبسو ثم أقتلوه ففعلوا ما قاله وارتاحوا, وعندما علمت تيامة بمقتل زوجها قررت الانتقام له فحضرت جيشا كبيرا برئاسة كنكو الذي عينته قائدا للجيش وزوجا لها. ولما وصل الأمر للآلهة الفتية ارتعدوا مما سمعوه عن قوة الجيش , فهم أيا باستشارة الجد انشار الذي نصحه بمواجهة تيامة, لكنه جبن, فطلب من إله السماء آنو فعل ذلك, لكنه أيضا فشل رغم عظمته . حينها أجتمع الآلهة الفتية واختاروا مردوخ أقوى وأعظم الآلهة كي يقوم بالمهمة وأعطوه القوة السحرية التي تحطم الكواكب , ثم هموا لمحاربة تيامة وقتلها بل شطرها لنصفين صنع منهما الأرض والسماء وقتل كنكو الذي خلق الإنسان من دمه .






أسطورة قصة الطوفان العراقية زمن بابل
تقول أسطورة الطوفان البابلية أن الآلهة كانت مثل البشر تعمل وتعاني شقاء كبيرا , ذات يوم تعب الآلهة كثيرا وقد قرروا الذهاب للبطل , الحاجب القديم إنليل في معبده وإعلان الحرب عليه , ولما رأى حارس المعبد ذلك أيقظ سيده إنليل , فتساءل إنليل عن سبب الحضور وأرسل الحارس ليسأل الآلهة عن سبب إعلانهم الحرب عليه فأجابوه أنهم تعبوا ويريدون أن يأتوا ببشر يحلون مكانهم ويوفرون لهم الراحة بدل من المشقة فاجتمع إنليل والآلهة وآلهات النسل (الوالدات) حيث قرروا خلق الإنسان من الطين وذلك من خلال ذبح آلهة ومزج لحمها ودمها بالطين ولتكن صوت الطبل - روح الإله - روح للإنسان . بعد سنين انزعج الإله من ضجيج البشر فأمر بقطع المؤن عن الناس وبحبس المطر ولتعصف الرياح الأرض وليقمع الإنسان . وكان هناك إلهين عظيمين واحد منهم هو الذي أمر بالطوفان الذي سينزل على البشر والإله الآخر الذي نبه الفقير النجار فقال له ابني سفينة لك ولأهلك لتبقيك على قيد الحياة ففعل النجار ما أمره الإله , وهكذا استطاع الإنسان أن يبقى على قيد الحياة بحماية الإله .


عن مجلة ميزوبوتاميا

Opinions