لا تقولي الرحيل
لاترحلي لاني لاأتحمل سماع تلك الكلمةانظري الى دفاتري
لقد لغيت واجباتي ورسمت صوركي
انظري الى كتبي
لقد مسحت العلوم ونقشت اسمكي
لاتقوليها
سأتحدى العالم لو قررتي الرحيل,وسأحرق كلمة الوداع,وأنسج من رمادِها حروف البقاء
لاتنقشي الحروف السوداء على القلوب البيضاء,وإن قررتي .سأغلق الطرق والمعابر
وأضع حراسا على طول مِحوَر الأفق وسأحطم الموانئ ,وأضرم النار بالسفن,وأدمر المطارات
وسأحرق كل الطائرات,
وان قلتيها
سأدخل حربا مع اكون بارودها عنفوان القلب وقتلاها قراصنة الإحساس
سأقصم ظَهر الرَحيل بقِشَة الأصرار والبقاء
سأقطع الأيادي التي تُلَوح بالوداع ,واجعَلها أوتادا تَمسك بالأرض وتَثَبّت خيمة البقاء
لاترحلي
فالرحيل هو أقدام ,هو مجاذيف,هو عجلات ,بل أجنحة تُسيرُها الهواء
فلا تقولي الوِداع
أني لاأكره ولاأستطيع أن أكره بل
أكره كلمة الوداع
أكره أثار الأقدام
وخطوط العجلات في التراب
وأكره صفير خلو الديار
والصور على الجِدارِ
وأكره ذِكرى من رحَلوا وتركوا الوِقارِ
وأكره الحقائب وصالات السفر وحتى أمتُن السفن
بل أكره حتى أصابع الكف الخَمسَة
وأكره النسيم الذي يحركُها
لاترحلي
فبالرحيل تجتثين بُقَع الحُب البيضاء
وتستأصلين خارِطة العمر الخضراء
لاتقولي تارحيل فمن رحل الدنيا فهو ملك المالك
ومن رحل عنا قتل النَبضَ وخاصم الخالق
لاترحلي وتَسلبي ألوان الورود
لاتتضاهري حتى بالرحيل
لان ظهور الرحيل يعني سُبات النجوم وشِتاتَ الشَمس
فلو كان للنجوم بريقا وللشمس دِفئا
فأنت البريق والدفئ والحنان
بل جميع مفاتيح الأمان
وإن لم يكن لليل قمرا,فأنت ِ زينَة الليل وضياءهُ
لاترحلي وتضرمي النار بالنفس اليابسة
ولاتزيدي اللَهيبَ بالروح الملتَهِبة
ولاتكوني الهواء الذي يأجِج صفيرِها
ولاحطبا يَمّدَ بقاءها
ولاسببا في أحمِرار سعيرِها
بل كوني آبارا تُطفئ أوجِها
وترابا يَخمِد فتيلِها ويَدفن وميضها
لاتقولي الوداع
فلو كان طعم الصبر مُرّ,فطعم الوداع مسموم لاذع
وسمومَهُ لاتقتل بل تبقى تقتل
فهي موتُ حي بل عذاب موشوم بالهلاك
وموت النبضات وموت للهواجس
نهــــأد حنـــــاني
هولاندا
07-10-2007