Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

لا .. يا سيادة الوزير!

لم يكن بين المطالب التي بحثتها الكتل البرلمانية النافذة في مداولاتها، وهي تعد لعقد جلسة البرلمان يوم11 الشهر الجاري، مطلب واحد يخص المواطن واحتياجاته، بل تركز الجدل بينها على تقاسم المناصب بين قيادات الكتل الكبيرة المتنفذة.

واتخذت المحادثات مسارا واحدا لاقتسام السلطة والمغانم والامتيازات وفق المحاصصة المعتمدة ذاتها، ولكن تحت عنوان ملطف هو "حكومة الشراكة الوطنية ". وفي هذا ما يشير الى عدم حدوث تحول نوعي في قناعات القوى المتنفذة. بل انه يؤكد مرة أخرى حقيقة ان الصراع بين هذه القوى يدور حول السلطة والنفوذ.

اما الأسباب التي تكمن خلف توافقها في هذا الخصوص فهي عديدة، بينها الخوف من فقدان كل شي، وشدة الضغوط والتدخلات الدولية والإقليمية، وسعة الفعاليات الاحتجاجية التي قامت بها القوى الديمقراطية، ودور منظمات المجتمع المدني، وحكم المحكمة الاتحادية بإنهاء الجلسة المفتوحة. وهذا ما يدفع الى القول ان اتفاقها لم يعبّر عن قناعات خاصة بها، وانما نجم عن شتى الضغوط والعوامل، التي ليس بينها المضي في بناء خط سياسي يخرج البلاد من أزمة نظام الحكم المستعصية، المستندة إلى المحاصصة والانقسام. وهذا ما يبقي المخاطر قائمة، وهي تنذر بالانفجار في حال حصول أي خلاف حول هذا المنصب او ذاك.

ان توزيع المناصب الخاصة بالرئاسات لم ينهِ المحاصصة، بل فتح بابا جديدا للخلاف، حول تقاسم الوزارات هذه المرة، يبدأ بين الكتل البرلمانية وينتهي بين أعضاء كل كتلة على حدة. واتضح هذا جليا في الجلسة البرلمانية آنفة الذكر، التي دارت الخلافات فيها حول أمور ليس للمواطن العراقي شأن فيها. اما القضايا العامة التي تؤرقه، ومنها ما يتعلق بالوضع الأمني واستتبابه، وإعادة بناء البلاد وإطلاق حملة الإعمار، ومكافحة الفساد، وتحسين الوضع المعيشي للناس، وتقديم الخدمات للمواطنين، ومكافحة البطالة، والعمل على الحد من الفقر، وتقديم الدعم المادي والمعنوي لذوي ضحايا النظام السابق وضحايا الإرهاب، وتطوير شبكة الحماية الاجتماعية .. اما هذه القضايا وأمثالها، فلم نسمع ان تعارضات نشأت بينهم في شأنها، ولا انها طرحت أصلا في جدول عمل الاجتماع.

على العكس، نسمع بين الفينة والأخرى، وأمام كل أزمة مالية حقيقية او مفتعلة، عن نوايا للتجاوز على بعض المكتسبات التي تحققت للمواطنين، سيما تلك المتعلقة بالوضع المعيشي. ونقرأ عن توجهات لشن هجوم على لقمة خبز الفئات الفقيرة ومحدودة الدخل.

ونشير هنا الى المخاوف التي أثارتها تصريحات وزير التخطيط د. علي بابان لوكالة "السومرية نيوز"، التي قال فيها أن "الدولة تعاني من ترهل كبير بسبب وجود أعداد كبيرة من العاملين غير المنتجين في دوائرها"، ونسي الترهل الناجم عن كثرة كبار المسؤولين ذوي الرواتب الفلكية! وألمح السيد الوزير ولو بحذر الى إمكان المس برواتب الموظفين والبطاقة التموينية، وكأن سد العجز في الموازنة الاتحادية للعام المقبل (2011) لن يمكن تحقيقه إلا بما المح إليه..

انه لمما يثير الانتباه حقا ان معالجة العجز المالي تطرح بصورة، توحي بعدم إمكان تجاوزها إلا عبر زيادة حدّة الفقر في العراق .. وكأن ذلك قدر لا مفر منه!


Opinions