لقاء مع الرسام الكاريكاتيري والفنان التشكيلي مهند الليلي
مهند الليلي فنان مبدع يستهويه الفن ويسحره...فهو ينحت وينقش ويخط ويرسم ويكتب. الموسيقى بالنسبة له عالم خاص من البوح والتنفيس فهو يلحن ويعزف ويغني.
يقول فناننا الشاب أن للرسم طقوس خاصة بالنسبة لي, كأنما أكون في قمة الأشتهاء لوجبة لذيذة حيث تستهويني الى حد أني أرسم بكل أصابعي وتفاصيل يدي وبأنفي وبلساني فيما لو تطلب الأمر.
أما الكتابة عنده فهي كالرسم, حيث يحاول أن يتنفس من خلالها, وقد نشرت له العديد من الفنون الكتابية ولكنه في النهاية أحب أن يتخصص في كتابة المقالات الساخرة بعيدا عن التجريح والأسفاف. هو يتناول المواضيع التي تعجز لغة الكاريكاتير أن تقدمها.
أما عن ساعات ليله ونهاره حدثنا الفنان قائلاً... الليل بالنسبة لي هو مصدر إلهامي وتأملي وأثارة ذكرياتي, وبالتالي هو مراجعة لنفسي وذاتي وقد أنتهي بعدها في البدء بهندسة كل أعمالي. أما نهاري فإنه البوح والحرية لتنفيذ أعمالي التي يغلق فمي ويسكت.
1ـ في البدء نود أن نعرف من يكون مهند الليلي...الانسان/ الفنان؟
ـ مهند الليلي انسان قبل كل شيء. أنا أتوسط عائلة متكونة من خمسة أفراد. كفنان أتمنى أن أرضى عن نفسي في يوم ما, كنت أتمنى أكمال دراستي في أكاديمية الفنون الجميلة ولكن الأقدار جعلتني احمل دبلوم الكهرباء ومع ذلك اقتحمت عالم الفن بمختلف أطيافه الجميلة. أعشق البساطة وأحب الطبيعة والناس وما زال الله ينعم علي بنعمة العزوبية.
2ـ مهند الليلي رسام كاريكاتيري وتشكيلي ..حدثنا عن بداياتك وفي أي منها تجد ذاتك أكثر؟
ـ أنا أرسم منذ الطفولة وكنت متفوق بالرسم في كل المراحل الدراسية. عملت مع الفن التشكيلي ولكن الكاريكاتير جذبني أكثر لقوته وجرأته ووضوحه ووجدت أن الكاريكاتيرست هو رسام تشكيلي بحس صحفي بعيداً عن التفاصيل المملة.
3ـ الى أي مدرسة تنتمي؟ ولماذا أخترت هذه المدرسة ؟ وماذا أضفت لها؟ وبمن تأثرت من الفنانين العراقيين؟ وأين تجد نفسك بينهم؟
ـ أنا من المدرسة الشعبية التي تحاكي واقع الإنسان العراقي. إخترتها لأنها الأقرب لمعاناتي وهمومي الشخصية, وقد تأثرت جداً بغازي الرسام وقلدته في بداية الأمر, غير إن مؤيد نعمة عرفني ما هو الكاريكاتير, وما هي خطوطه الساحرة المختزلة, وفعلا لقد حاولت أن امزج بين المدرستين وبالتالي أصبح لي خط ثابت خاص بي بنصيحة من مؤيد (رحمه الله). أما عن مكاني بين الرسامين فأجد نفسي آخرهم لأنني الأقل عمراً وخبرة.
4ـ ماهي فلسفتك تجاه أي عمل فني كاريكاتيري؟ وهل توجد علاقة صداقة بينك وبينها؟
ـ كل لوحة ارسمها هي قضية بالنسبة لي, وفلسفتي هي إخراج المعاني المكبوتة من معاناة وأختلاجات قد لا يفهمها الآخرون, وقد لا أستطيع البوح بها إلا عن طريق التعبير بها فنياً, وبلا شك لولا وجود صداقة حميمة بيننا لفشلت وفقدت قدرتي على الأستمرار.
5ـ ما اللوحة التي تمنيت أن ترسمها؟ وما هي أقرب الأعمال بالنسبة اليك؟ وهل تحتفظ بلوحاتك؟
ـ كل لوحة رائعة لها رسالة أتمنى لو إنها كانت خارجة من بين اصابعي, وجميع أعمالي قريبة لنفسي ولذلك فهي ليست للبيع وأنا أحتفظ بجميع لوحاتي لأراجع من خلالها الخط البياني لتقدمي.
6ـ هل يوجد أي علاقة بين رسوماتك الكاريكاتيرية /التشكيلية وبين التحولات الأجتماعية, الأقتصادية و السياسية من واقع العراق؟ وماذا تريد أن تقول للمتلقي من خلال رسوماتك؟
ـ أنا أتنفس وأعبر عن نفسي من خلال لوحاتي ولأني أعيش واقع العراق فأن رسوماتي تحكي ذلك الواقع, سيما الواقع المأساوي للفرد العراقي لذلك أحاول أن أوصل للمتلقي معاناة من لا صوت له من الفقراء والمحتاجين ولإنها صادقة لا تمدح ولا تجامل فهي توجه ضربة لاذعة لأصحاب الضمائر الميتة لكونها صرخات بوجه الظلم والفساد.
7ـ الفنان أكثر حساسية من غيره...والرسم يأتي من معاناة معينة كيف ترى ذلك؟ هل تبدأ بتنفيذ الفكرة أم أنها تأتي تلقائيا من خلال عملك؟ وهل اللوحة تشارك همومك وأفراحك؟
ـ الأفكار تاتيني خلال تجوالي في الأسواق وسيارات الأجرة وأحتكاكي بالناس لأني أنظر إلى الأمور بحاسة كاريكاتورية لها علاقة بهم المواطن مثلما ذكرت. وأحول الأحداث فوراً إلى استوديو تحليل فكري وساخر ليولد الكاريكاتير, واللوحة أختزل فيها همومي وأفراحي, وأختياراتي تعتمد على البساطة والتقرب من الواقع لذلك تجديني والحمد لله دائما أصل بلوحاتي إلى أكثر من وصلت إليه في مخيلتي.
8ـ هل تأثرت بأحد من الأسرة أو أحد من الأقارب؟
ـ والدي رسام وخطاط بارع, وقد ورثت منه تفانيه وأخلاصه من أجل العمل. والدتي قارئة جيدة وناقدة لأعمالي, ولا يوجد كاريكاتيري في عائلتي سواي.
9ـ مارأيك بالأعمال الفنية التي تعتمد على أستخدام الطرق التكنولوجيا بدلاً من أستخدام الريشة؟
ـ أنا مع التطور ودخول التكنلوجيا, ولكن ليس على حساب العناصر الأساسية, فلا اعتقد أن الآلة تستطيع نقل الأحساس مثلما تفعل اليد. لذا فالتكنلوجيا وجدت لخدمة الفن وليس لتحل محله.
10 ـ في أعتقادي أن الرسم الكريكاتيري يشغل حيزا كبيراً من أهتمام المواطن... فهل يهتم أيضا بنفس المقدار بالفن التشكيلي؟
ـ المواطن العراقي بطبيعة الحال يحب الفكاهة نتيجة للملل الذي سببته السياسة. وإهتمامه بالفن التشكيلي أقل لأنه يتصور الكاريكاتير هو نكتة يهرب بها من واقعه, مع العلم ان الكاريكاتير ليس بنكتة.
11ـ في كم معرض شاركت للآن؟ هل حصلت على جوائز؟
ـ اشتركت في أربعة معارض كاريكاتيرية مشاركات سطحية, ومع ذلك حصلت في جميعها على الجوائز منها جائزة أفضل لوحة في مهرجان وزارة الثقافة عام 2005. أما مشاركتي الأخيرة فكانت فاعلة كماً وحضوراً وقد حصلت على درع لعام 2009 وذلك حيث أختيرت أعمالي من قبل الجمهور كأفضل أعمال مقدمة في المعرض.
12 ـ هل تتقبل النقد الموجه للوحاتك؟
ـ جداً.. حتى لو كان جارحاً, وأبحث بين كلمات الإطراء على النقد ولكني في الحقيقة أرحب بنقد المواطن العادي, أما الناقد فلا. لأني لا أعترف بشيء اسمه ناقد, فالنقد هو من حق الجميع.
13ـ ماهي طموحاتك وأمنياتك المستقبلية؟
ـ أعد العدة لإقامة معرض شخصي الأول برعاية جريدتي (المواطن) الصادرة في بغداد, كما أن لي أمنيات ومشاريع مستقبلية أخطط لها على أمل أن ترى النور.
14 ـ أن الصحافة والأعلام كانت ومازالت تلعب دوراً مهماً في حياة المجتمعات وتؤثر فيها بالصميم...هل للصحافة والأعلام دور في نقل الصورة الكاريكاتيرية؟
ـ الصحافة مهنة وصنعة, وقد نشرت عبر رحابها جميع رسومي الكاريكاتيرية, قد غطت نشاطاتي الفنية وقد عملت في مختلف الفنون الصحفية إلى جانب الكاريكاتير, وأضافت لي الشيء الكثير من الخبرة والدراية وحسن التناول وأتمنى أن أكون قد أضفت شيئاً في بلاط صاحبة الجلالة.
15ـ كيف ترى المشهد الفني (الكاريكاتيري/التشكيلي) في العراق؟ وما هو موقع المرأة فيه؟
ـ الفن التشكيلي أوسع من ناحية الأهتمام والتقدير, أما الكاريكاتير فيعامل معاملة (النكتة) على إنه أضحوكة, ويأتي في مؤخرة إهتمام رؤساء التحرير لجهلهم الفاضح به, وانا أعطيهم بعض العذر كون الكثير من الرسامين يتناولون الكاريكاتير بمجموعة من (الشخبطات) بأفكار باهتة وسطحية مما يهبط بمستوى الكاريكاتير كفن ساخر شديد التأثير. أما المرأة فلها خطوات وحضور في مجال الفن التشكيلي, أما الكاريكاتير فلا توجد هنالك رسامة بهذا الأختصاص.
16ـ كلمة أخيرة توجهها للمتلقي؟
ـ أشكر الست ثائرة البازي على هذه الأتفاتة الرائعة , وأشكر المتلقي على منحه وقته الثمين. وأقول له أن فن الكاريكاتير هو ليس نكتة مضحكة, إنه الكوميديا السوداء التي تصور معناتنا ومآسينا بشكل ساخر إعتماداً على قاعدة شر البلية ما يضحك, والكاريكاتير فن خطير يسبب الكثير من المشاكل لأنه فن يهز العروش...أجل يهز العروش.