Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

مابين نعال ابو تحسين وحذاء منتظر , تاريخ حافل بجرائم البعثيين

بالتأكيد لو تجرأ منتضرعلى ضرب صدام بالحذاء لما جاء بوش الى بغداد فقد كان صدام يحكم على الناس من خلال نواياهم , وليس من خلال الادلة والمحاكمات العادلة , وهذا ما صرح به عند الحديث عن محمد عايش المغدور في مذبحة التنصيب عام 1979 , حين قال كنت أرى نقطة سوداء في قلبه .

أقول هذا في بداية حديثي عما قام به منتظر الزيدي من قذف حذاء على رئيس دولة زائر للعراق في حضرة رئيس وزراء العراق المنتخب من قبل ملايين العراقيين. فلو كان منتضر الزيدي يعلم بأن العقوبة هي الاعدام له ولأهله ولجيرانه واقرباءه واصدقاءه كما كان يحدث ايام صدام , بالتأكيد , ما كان ليقوم بفعلته النكراء تلك .

وتحضرني بهذه المناسبة ذكرى طالب المستنصرية المسكين الذي رمى قنبلة يدوية بدائية الصنع على طارق عزيز , فقد ذكرت جريدة الثورة الناطقة باسم حزب البعث في اليوم التالي أن الطالب المذكور وجميع افرد عائلته قد نالوا جزائهم العادل . وقد ذكر نفس الخبر اسماء اخوة واخوات هذا المسكين , وقال نفس الخبر بأنه تم استقدام احدى أخواته المتزوجة في البصرة لتنال جزاءها العادل مع باقي افراد اسرتها . ياترى لو علم منتظر الزيدي بأن مصيره ومصير عائلته سيكون نفس مصير طالب المستنصرية وعائلته , هل سيقدم على ما فعله ؟ وهل سيتجاسر ليقوم بهذه الفعلة التي يود الاعلام المغرض على اظهارها بالبطولية ؟ أجزم بأن من المستحيل عليه أن يفكر مجرد التفكير بفعل عمل مشابه ولو من بعيد لما قام به تجاه الرئيس بوش والسيد المالكي .

وحين تشاجر اثنان على لعبة الدومنة في احدى مقاهي جنوب العراق , ضرب احدهم الاخر بالنعال الذي طار ليسقط على صورة القائد الضرورة , فما كان من أحد رفاق منتظر الزيدي إلا أن تبرع بأن " رقعه بأمة" وهذا مصطلح يستعمله العراقيون للدلالة على كتابة تقرير حزبي حارق خارق حيث تبدأ التقارير الحزبية بكلمة " أمة ... عربية واحدة ... الخ" . وقد أدعى كاتب التقرير , رفيق منتظر , بأنه تم رمي الحذاء على صورة الرئيس بصورة مقصودة . فكانت نتائج هذا التقرير كارثية كما هو متوقع وحتى صاحب المقهى لم ينجو من هذه المعركة النعالية وآثارها المدمرة , حيث أنه لم يبادر باعلام الحزب بالموضوع بل أتهم بأنه حاول التستر عليه .

من هنا يرتبط نعال ابو تحسين برمزية استعادة الشعب لحريته ورغبته بمحاسبة صدام المجرم عن جرائمه بحق العراقيين , بينما يعبر حذاء منتظر عن المرارة لفقدان البعث سلطته في العراق مهما حاول الاعلام البعثي تأطيرها بأطر الوطنية , فالصراع الذي يجري في العراق أنما هو بين جهتين لا أكثر , جهة تؤمن بالتغيير وتعمل على تدعيمه وجهة تحارب التغيير وتريد العودة الى الوراء . ومابين التاريخين , تاريخ نعال ابو تحسين , وحتى حذاء منتظر , حقبة مارس فيها البعث باكورة خبراته الاجرامية وأضهر فيها رصيده المضموم من الاموال والاعلام والمجرمين والتافهين.

أن الاطار الذي لايمكن أن يخرج عن حدوده هذا العمل الارعن هو أنه تعبير صارخ عن حنين بعض العراقيين للعبودية فقد افقدتهم الحرية اتزانهم . ولايمكن تفهم هذا العمل خارج اطار العمل البعثي المنظم والمخطط له من قبل جهات اعلامية وحزبية تعمل من الداخل والخارج لدفع بعض المهزوزين نفسيا للقيام بمثل هذا الاعمال . وبالتالي فهو عمل متسق مع العمليات الارهابية التي تقوم بها مجاميع البعث والتكفيريين.

وبنظرة بسيطة للاعلام العربي الذي يتهيأ للشروع باحتفالات اطلاق سراح منتظر من السجن , نرى مفارقة واضحة هي أن هذا الاعلام بمجمله يخرج من دول حليفة لامريكا , بل يزورها بين حين وآخر قادة اسرائيل دون أن يفكر أحد يوما باحراجهم بسؤال لا أن يرميهم بحذاء . ومعنى هذا الشيء هو أمر واحد ألا وهو انهم ليسوا ضد امريكا بل ضد عمل جورج بوش الذي أزاح صدام وراهن على ثقافة العراقيين وايمانهم بالديمقراطية . فكان هم منتظر وكل من سانده ويسانده , وكل من يتهيأ لتكريمه هو القول لامريكا بان ازاحة صدام خطأ , والديمقراطية في العراق خطأ , وليس في العراق شعب متساو في الحقوق والواجبات بل هناك حكام أزليون ومصفقون أزليون . وكان يمكن أن يستمر هذا الوضع الى ما لانهاية لولا جورج بوش نفسه , الذي رماه منتظر بالحذاء .



Opinions