ما معنى أن تطالب كتله بضمانات مكتوبه من كتله أخرى
مر أكثر من نصف عام على ظهور نتائج الانتخابات بفوز اربعة قوائم تقدمتها قائمة العراقيه التي حصلت على 91 مقعد برئاسة اياد علاوي رئيس وزراء سابق ,تلتها قائمة دولة القانون ب 89 مقعد برئاسة السيد نوري المالكي رئيس الوزراء الحالي ,ثم جاءت بعدها قائمة الائلاف الشيعي ثم القائمة الكرديه,وبعيدا عن جدال تحديد الكتله التي يحق لها تشكيل الحكومه , فان النتائج وضعت السيد المالكي وحزبه في حال الخائف من فقدان منصبه وخسارة سلطة حزبه الشيعي, لذا إستغل سلطته بالضغط على الجهات القضائيه لتبتدع مخرجا بتفسير المادة الدستوريه ذات العلاقه بأحقية الكتله الاكبر في تشكيل الحكومه, الغرض من ذلك واضح لا لبس فيه وهو تفادي خسارة رئيس الوزراء وحزبه الشيعي وتفويت الفرصه على الاخرين.طيلة اشهر ما بعد الانتخابات والشعب يشهد ويسمع بحوارات وسجالات واصطفافات متذبذبه ثم تحالفات وقتيه وبين تدخلات المرجعيات وتصريحاتها و مواقف أنظمة من خارج الحدود , إقترب الأمر الان من أرجحية كفة المرشح المالكي على منافسيه عادل عبد المهدي بعد ان خابت آمال السيد علاوي في تولي مهمة تشكيل الحكومه والسبب ايضا واضح حيث رفض الجانب الايراني وتماطل الامريكان في تصحيح الموقف,وقد تتحقق هذه الارجحيه بعد ان تعهد المالكي للصدريين الذين سبق وأعلنوا في بداية الماراثون رفضهم القاطع لتولي المالكي دورة ثانية لرئاسة الوزراء لأسباب أعلنوها في الصحف والفضائيات وفي مناسبات عديده وعلى السن مسؤوليهم ابتداء من السيد مقتدى الصدر الى أصغر كادر صدري, ولكن الأمر الآن أختلف ,هنا يتساءل المواطن عن سبب هذا التغييرالمنقلب في الموقف الصدري, والجواب بكل بساطه هو الوعد الروحي او التحريري الذي قدمه المالكي كرأس للسلطه والضمانات التي تعهد بها للصدريين في حال توليه الرئاسة مره ثانيه , أقول ضمانات للصدريين وليس للعراقيين ,ةعلى ما يبدو ان ما يهم الصدري هوفقط الشان الشيعي الذي هو جزء منه .
ولأن ضمان أصوات الصدريين لا تكفي لتحقيق المالكي الرقم المطلوب لتشكيل الحكومه ,يبقى عليه كسب تاييد الاكراد له ايضا,وهذا معناه ان يقدم لهم ايضا الضمانات في الموافقه على الورقة المتضمنه تسعة عشر مطلب متعلق بالشأن الكردي وصلاحيات ومصالح الاقليم الكردي , لاحظ سيدي القارئ جيدا ان الإخوة في الكتلة الكرديه وبسبب عدم ثقتهم ببقية الكتل ومنها كتلة المالكي , هم ايضا يطالبون بضمانات لهم ويجب ان تكون مكتوبه وموقعه امام شهود دولييين .
يا ترى ماذا سيكون مطلب القائمة العراقيه كشرط لتأييد المالكي , هل ستطالب هي أيضا بضمانات مكتوبه وموقعه من قبل دائرة قضائيه كي يكتسب المالكي الشرعيه التي تعيده الى سدة رئاسة الوزراء , وهل سيفعل نفس الشيئ السيد عمار الحكيم رئيس المجلس الاسلامي الشيعي وحزب الفضيله معه ؟ أنها أسئله ليس القصد منها ان نجيب عليها بنعم او لا, بل ما نريده هو ان نفهم حقيقه واحدة وهي موضوعة هذه الضمانات المكتوبه والشفهيه التي تتبادلها الكتل السياسية الفائزه فيما بينها بينما الشعب هو نفسه الذي طالت معاناته وستطول مادام هذا الحس هو السائد ما بين هذه الكتل السياسيه المحاصاتيه.
في كل المفاهيم السياسيه والأعراف الدوليه , هل يعلم السادة السياسيين أن هذه المسماة بالضمانات المتبادله هي دليل واضح على اولا :إنعدام الثقه فيما بين الذين يصفون أنفسهم شركاء النضال والمظلوميه وثانيا أن الدستور الذي يطبل به الاخوه هو كذبه لا يصدقها حتى الذين صاغوها , وثالثا بان القضاء الذي يفترض به العدل في أصدار احكامه هو الاخر لا ثقة لهم به بعد ان تم تسييسه ورابعا أن القسم الذي يؤدونه في البرلمان هو قسم مزور وباهت وخامسا أن الشعب فعلا في مأزق مع هذه القيادات وكأنهااي كتلنا السياسيه الاربعه في صراعاتها اشبه ما تكون بشركات رجال اعمال ترى ان مصالحها لا تتحقق إلا في عقد الاتفاقات وتصريح بالضمانات المصدقة من كاتب عدل قضائي يضمن إنسيابية تحقيق الزياده في ارباحها وارباح المنضوين معها , إذن أين أصبح العراقيون بشكلهم العام وهيبتهم الوطنيه كونهم مواطنون يريدون العيش بالتساوي ودون أي تمايز في الحقوق والواجبات؟
ولان مسألة الضمانات وتبادل تقديمها ما بين الكتل يعني اننا لسنا في بلد أسمه وطن للجميع تحكمه ديمقراطيا حكومه الأغلبيه الأنتخابيه ,إذن ما فائدة الانتخابات ان كان المراثون مهما نتج عنه يبقى محصور بين اربعة متسابقين ينتهي بهم المطاف الى إجتزاء منافعهم باتفاقات وضمانات شفهيه او مكتوبه , وهذا يؤكد لنا أن الشعب و الوطن ستحكمه كتلة طائفة من اجل خدمة الشريحة التي تمثلها تلك الكتله زائدا منح فسح مجتزءة من فضاء الوطن للكتل الاخرى كي تنعم بما تريده من اجل بقاء وديمومة قيادتها لشرائحها, أنا متأكد بأن العراقيون يدركون هذا الامر وإن قبلوا به فانهم يفعلون ذلك اليوم على مضض من شدة معاناتهم , لكن كلمة الحق يجب ان تقال , طريقة طلب و تقديم الضمانات معناه الكل يتربص بالكل والكل لا يثق بالكل وعدا ذلك فهو قفز على الديمقراطيه وإستخفاف بالدستورالذي وضعوه هم أنفسهم , انه تعالي على العراقيين وإجحاف بحق الغير المنضوين تحت مشاريع ومصالح هذه الكتل الاربعه, ولا يخفى على احد بأن الامريكي يدرك هذه المسأله جيدا ويدرك اكثر بانها عمليه ترقيعيه لا يمكن ان تنقذ العراق من حال البؤس والتصارع , بل ستعمق من ظاهرة الإصطفاف الفئوي والطائفي تحت غطاء المسميات المخادعه كالتوافقيه الديمقراطيه وحكومة الوحدة الوطنيه والشراكه الوطنيه وما شابه ذلك من مصطلحات انكشفت نواياها واتضحت نتائجها.