Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

ما هكذا يتم التضامن مع شعب البحرين يا مجلس النواب!!

يمر شعب البحرين بظروف عصيبة. لم يكتفِ النظام الملكي الطغموي في البحرين بقمع الشعب، بجميع طوائفه المطالبة بمملكة دستورية منذ عام 1975، بالإستعانة بقواته القمعية المتكونة أساساً من مرتزقة أجانب، وإذا به يستعين، هذه المرة، بالقوات السعودية والإماراتية تحت مسمى "قوات درع الجزيرة" وهي قوات أنشأها "مجلس التعاون الخليجي" بهدف درء أي عدوان خارجي على أي عضو فيها وليس للتدخل في الشؤون الداخلية للأعضاء وقمع الشعوب.

لم يدعْ الحكام السعوديون المتخلفون الشموليون أي مجال للشك بأن منطلقهم طائفي بحت. وهذا ما أثار حفيظة رجال الدين الشيعة والسنة والجماهير بمختلف إتجاهاتها الدينية والطائفية والقومية والسياسية، خاصة وأن العراق هو موطن المرجعية الأول للشيعة في العالم، وأعتقد أن العراقيين على حق. وهناك عدة سوابق تأريخية على هذا المنوال. فعندما هاجمت قوات حلف شمال الأطلسي صربيا (أكبر جمهوريات الإتحاد اليوغسلافي السابق)، بسبب مشكلة كوسوفو، إنطلقت التظاهرات في شوارع أثينا تضامناً مع الشعب الصربي؛ وعزت الصحف الغربية ذلك التضامن في حينه إلى التشابه الطائفي بين البلدين المسيحيين رغم أن اليونان عضو في حلف الناتو والإتحاد الأوربي.

أما الثورات العربية في كل من تونس ومصر واليمن وليبيا فقد تمت مباركتها ومساندتها على لسان الحكومة والبرلمانيين والسياسيين العراقيين من كافة الأديان والطوائف والأعراق والأحزاب والتنظيمات المدنية المتنوعة، ولم ينفرد رجال الدين بموقف خاص بهم لأن تلك الثورات خلت من ذلك البعد الطائفي.

أبدى مجلس النواب العراقي يوم الخميس 17/3/2011 موقفاً جيداً من حيث المبدأ عندما أدانت كافة الكتل السياسية فيه القمعَ الذي يتعرض له الشعب البحريني والتدخل الخارجي لدعم هذا القمع. ويشير هذا الموقف إلى إهتمام ممثلي الشعب، بمختلف أديانهم وطوائفهم وقومياتهم وتنوعاتهم السياسية، بكلمة الحق وحقوق الإنسان غير آبهين بالجانب الطائفي. وهذا، بدوره، يسقط رهان البعض على الطائفية أو العنصرية ويدفع، إلى الأمام، مسألةَ تلاحم الشعب العراقي على أسس الديمقراطية وحقوق الإنسان، ويُسرع في إستكمال بناء العراق الجديد على أساسهما.

لديَّ ملاحظتان هامتان بهذا الصدد وهما:

أولاً: أنا أختلف كلياً مع الأسلوب الذي إختاره مجلس النواب بالإجماع للتعبير عن تضامنه مع الشعب البحريني، وذلك بتعليق عمله لمدة عشرة أيام حسبما أذاعت فضائية "الحرة – عراق".

إن التضامن لا يتم بإيذاء الذات ما ينجم عنه تحجيمٌ لما يمكن تقديمه للشعب البحريني نفسه. فالعراق بأمس الحاجة إلى قوانين لإسناد حركة التنمية وتوفير الخدمات لشعبه كي يجتاز مرحلة المعاناة ويصبح بإمكانه، وهو شعبُ الغنى المادي والروحي والموقع الستراتيجي، أن يلعبَ دوراً فعالاً على النطاقين الإقليمي والعالمي، آنئذ سينفع البحرين وغير البحرين بأفعال ملموسة تتخطى الكلمات.

هناك حاجة لتشريع (3000) قانوناً لإستكمال المنظومة القانونية للبلد وهناك حاجة لمعالجة (13500) قانوناً للتعامل مع القوانين السابقة التي ما عادت صالحة في العراق الجديد. هذا إلى جانب الدور الرقابي الهام لمجلس النواب. فإذا ما علمنا بأن المجلس السابق قد شرَع (200) قانوناً فقط فلنتخيل كم من الوقت يحتاج المجلس الحالي لإنجاز مهامه؟

من جهة أخرى فإن صوت مجلس النواب وهو ملتئم يومياً ويؤدي واجباته الإعتيادية ويراقب تطورات الأحداث البحرينية واليمنية والليبية ويتخذ القرارات المناسبة لمناشدة برلمانات العالم لتوفير الدعم للشعوب الشقيقة هناك، لهو أشد وأمضى بدلاً من تعليق الإجتماعات وإنصراف كثير من النواب لبيوتهم أو للسفر؛ وفي ذلك إغضابٌ للناس وتأجيجُ إتِّهامٍ للكتلة الأكبر بالتصرف الطائفي، والناس على حقً.

أعتقد أن الكتلة البرلمانية الأكبر، أي التحالف الوطني بجميع فصائله، تتحمل المسؤولية الأولى بهذا الصدد وعليها وعلى رئيسها، الدكتور إبراهيم الجعفري، المبادرة لتلافي الخطأ وقطع هذه الإجازة قبل فوات الأوان وإثارة غضب الجمهور مرة أخرى.

بهذه المناسبة، أقولها للكتلة الأكبر وللمتطرفين منها، بالذات، بكل ودٍ وصراحة وأضع الإحتمالات المستقبلية العملية أمامها والمخاطر المحدقة بها، أقولها بدافع الحرص على الناس وعلى المسيرة الديمقراطية التي لا يمكن الحفاظ على وحدة العراق وسلامة أهله بدونها: 1- هذا التعليق ليس السبيل الصحيح لإظهار التضامن والمؤازرة. 2- إذا أردتم الإستعراض أو إبهار الآخرين بقدرتكم على التعطيل والتحدي الفارغ وعدم مراعاة شعور الناس بضمنهم شارعكم أنتم، فهذا هو الطريق الخطأ الذي يفضي إلى الإفلاس. 3- وإذا كابرتم وتَعَنَّتُم وراهنتم على محاولة السيطرة على الحكم في العراق، موحداً أو مجزَّءاً، بالقوة فستواجهون معارضة وهجراً من مرجعيتكم حسب مواقفها المعلنة، أولاً ؛ وستواجهون ثورةً شعبية تتقدمها جماهيركم قبل غيرها. 4- الطريق الأضمن لكم هو خدمة الناس أولاً وقبل كل شيء وخاصة الفقراء منهم وبسرعة، فلا تظلموهم بمثل ما ظُلموا به قبلاً أو أكثر. والطريق إليه يسيرٌ ومأمونٌ بفضل ثراء العراق وحيوية شعبه. إنه طريق يضمن للناس ولكم العيش الكريم القادر وحده على إعلاء كلمتكم وإستقطاب إحترام الجماهير في الدنيا كلها نحوكم إذا كنتم تبحثون عن ذلك. يستدعي هذا الطريق تعزيز الديمقراطية التي تستدعي، بدورها، رفع مستوى عمل مجلس النواب وعدم إضاعة دقيقة واحدة من وقته سواءاً بالعطل والإجازات أو ببحث الأمور الجانبية والمناكفات والمزايدات. ستتعاظم ثروات العراق وليس هناك من سبيل لصرفها لخدمة أصحابها أي الناس لأن قوانين الدولة مكبِّلة لأيدي المنفِّذين ومرحِّبة بالفساد والمفسدين وينبغي تعديلها. إن العملية التشريعية بطبيعتها بطيئة، فكيف ستصبح إذا ما تراخى أصحابها النواب وتمددوا؟ بصراحة إن الناس بدأوا يفقدون الثقة بجدوى الديمقراطية وبمجلس النواب بالذات ويعيرون أذناً صاغية لكلام الطغمويين عن "الدكتاتور العادل"؛ فتنبهوا.

ثانياً: أخاطب الحكومة والبرلمان والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني فأقول: لا تفسحوا المجال أما حكام البحرين الطغمويين وحكام السعودية للمناورة وربط قضية الشعب البحريني بمسألة الصراع الإقليمي بين أمريكا وإسرائيل من جهة وبين إيران من جهة أخرى حول الملف النووي، علماً أن إيران قد لا تبالي بإحباط هذه المناورة وقد تحاول إقحام نفسها بصورة تسيء للبحرينيين. إن الصوت العراقي سيكون أكثر مسموعاً وأشد فاعلية لو تم الحديث المباشر مع أمريكا حول الموضوع خاصة وأن تصريح وزيرة الخارجية الأمريكية بشأن التدخل السعودي في البحرين كان لصالح القضية البحرينية، وأن المجتمع الدولي قد أبدى تعاطفاً أيضاً.


Opinions