Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

متى إحـتاجَـتْ الواسـطـية إلى ( مَـحـْـرََمْ ) وقـد ولـدَتـْها أمُّـها حـرة شجاعة ؟

قـضـيتُ خـمسة أعـوام مريحة في الكوت / مركـز محافـظة واسط مدرّساً ( كانون الأول 1973 - تشرين الأول 978 )، وخلال عام 1974 كانت لي محاضرات في الثانوية المسائية المخـتلطة حـين أقـبلتْ أعـدادٌ هائلة من الطلبة إلى المدارس من كِلا الجـنسَين للإستفادة من فرصة التعـليم المجاني ، وكم من فـترات إسـتراحة بـين الدروس كانت تـمرّ دون أن أحـسّ بها وأنا في دردشات جانبـية مع الطالبات في ممرات المدرسة ، وفي السنة التالية حاضرتُ في متوسّـطة الكوت للبنات وأجـلس في غـرفة المديرة ومعـها مدرسات أثـناء الفـرص ، أما السنة الأخـيرة منها فـقـد كـُلـِّفـتُ بالتـدريس في معـهـد إعـداد المعـلمات كـمحاضر حـيث الغـرفة الواحـدة الواسـعة للكادر التـدريسي . كان العـمل في المعـهـد متميّـز فـنحـن نهيّء طالبات ناضجات ليصبحـن معـلمات المسـتقـبل ، وكباقي زملائي فإنّ تعاملي التربوي معهنَّ ولباقـتي بالتحـدّث إليهـنَّ ، جـعلاني أكـسب ودَّ جـميعِـهـنَّ كـصديقات عـراقـيات - لا بالمعـنى الغـربي - وإلتقـطـتُّ صوراً جـماعـية وثـنائية مع بعـضهـنَّ داخـل المدرسة ، ولا تـزال أسماءٌ عالقة في ذهـني من شابّات الصويرة أمثال : إقـبال مزهـر سمراء جـميلة الوجه وأيّ جـمال ، مُـنى ( جـبار ! ) حـنطاوية رشيقة القـوام صوتها يرنّ موسيقىً في أذنيّ ، سـلمى صبحي الهماوندي شـقـراء ذات العـينـَين الزرقاوَين ، شـكـرية ( ؟ ) عـراقـية القـوام وغـيرهـنَّ . وفي حـزيران 1978 عـلِمْـنَ أنـني سأكون في الصويرة مراقـباً للإمتحانات الوزارية العامة ، فـَجـِئـْنَ إلى مركـزي الإمتحاني ليستـضيفـنـَّـني عـندهـنَّ بعـد الإمتحان . قـلتُ لإحـداهـنَّ حـين عـرضتْ دعـوتها عـليَّ : مَن عـندكم في البيت ؟ قالت : والدتي وأخي . قـلتُ : وما عُـمر أخـيكِ ؟ قالت : إنه في الصف الثالث المتوسّـط ، قـلتُ لها : أشـكركِ عـلى دعـوتِكِ وأنا أعـتبرها واصلة ، ثم قالت الأخرى : وهـل تمتـنع من المجيءعـنـدنا ؟ سألتـُها السؤال نفـسه فأجابتْ : أخي وهـو طالب جامعي ، فأبـدَيتُ موافـقـتي وقـلتُ إنـني سأكون جاهـزاً في الساعة الثانية عـشرة ظـهـراً . وهـكذا كان حـين حـضرنَ فـتيات أخـريات إلى الدار نفـسها وقـضينا أكـثر من أربع ساعات حـيث كـرم الضيافة وجـمال الجـلسة المليئة بتبادل الآراء والنكات الطريفة ، ثم ودّعـني الجـميع وغادرتُ إلى بغـداد . وفي السنة نفـسها دعـوتُ بعـضَهـنَّ إلى زيارة معـرض بغـداد الدولي وإشـترطـتُ عـليهـن أن يرافـقـنـَـني بـدون عـباءة ( لأن أمّ العـباية تعـني شـيئاً غـير مرغـوب في بغـداد ) فـلبَّـينَ دعـوتي وقـضينا النهار كله سـوية ، وقـبل خـتام سـفـرتهن هـذه حـضرنا لمشاهَـدة مسرحـية في مسرح بغـداد حـين إلتحـقـتْ بنا أخـت منى ( ماجـستير ) وبقـينا حـتى الساعة الحادية عـشر والنصف ليلاً وأخـيراً ودّعـتهـن إلى الصويرة بسلام . هـذا قـبل ثـلاثين سنة ! كانـت أجـواؤنا الإجـتماعـية عـصرية منفـتحة وكانت الأنثى العـراقـية إمرأة تعـمل بجانب الرجـل بشجاعة وبداخـلها ثـقة في نفـسِها ، مثـقـفة واعـية كاملة العـقـل ولم تكـن ناقـصته ، تـدير شـؤونها البـيتية وواجـباتها الوظيفـية ، تعـرف دينها بالتمام وحـدود إلتزاماتها بـدون حـجاب ، تــُقـيِّـم نفـسَها كـعـنصر في المجـتمع مواز للرجل دونما حاجة إلى تقـيـيم الرجـل لها ، يوم لم تكن الفـضائيات قـد طرقـتْ بابنا ولا نـداعـب الإنـترنيت أوالموبايل بأناملنا ( لستُ أتـطرق إلى الوضع السياسي آنـذاك ) فأين نحـن اليوم بعـد ثـلاثين عام من تلك الواسطية ، المرأة الحـرة الجـديرة المعـتزة بكيانها المعـتمدة عـلى نفـسها وشجاعـتها ؟ ما الذي جـرى لتلك الفـتاة الكـيتاوية ( الكـوت ) الأنيقة بحـق كي تـتراجع إلى مستويات واطـئة تقـبل عـلى نفـسها الضعـف والهـوان والتقـوقع داخـل برقـع أو حـلزون فاقـدة ثـقـتها بنفـسها لتـطالب ( بمَحْـرَم ) يرافـقـها إلى مجـلس محافـظتها ؟ هـل دارت عـقارب الساعة إلى الوراء لتعـيش حـياة التخـلف البـدائي وظلامه ؟ هـل فـكـَّرتْ في المعـنى والغاية من المحـرم المرافـق ، أيّاً كانـت التوصيات بشأنه ؟ فإذا كانت بهـذا المسـتوى عاجـزة عـن التفـكير ولا تعي ذلك فإنـنا سنوصيها بأنْ لا ترفـع صوتها أعـلى من مَحْـرَمِها وهـو جالس في ديوان المحافـظة وعـليها أنْ تستأذنه في أية فـكرة تطـرحـها أوإقـتراح تقـدّمه وإلأفـضل أنْ تـناقـشه بشأن ذلك في البـيت وتأخـذ موافـقـته قـبل بـدء الدوام ثم تأتي لتــُكـَـلـّم زملاءها وزميلاتها ( ومحارمهـنَّ ) في ديوان المحافـظة ، وعـنـدئـذ يليق السؤال لنقـول : ما الحاجة إلى وجـودها في المجـلس تاركة دارها وهـو محـرم طبـيعيٌّ وسـتر لها ، ومبتعـدة عـن أولادها وهم بأمس الحاجة إلى وجـودها ؟ وإذا قال أحـدٌ أنَّ المرأة يجـب أنْ تعـمل ، فالنـتيجة الحـتمية هي أنَّ كـل إمرأة عـراقـية عاملة كـمهـندسة ، معـلـّمة ، عاملة في معـمل ، ممرضة ، طبيبة ، محاسبة ........ ستـصبح بحاجة إلى مَحـْرَم يرافـقـها فـتسبّـب في شـلل نصف المجـتمع من أجلها وبـذلك تصبح عالة عـليه بـدلاً مِن بانية ومُـنـتجة فـيه وهـذا لا ترتـضيه ولا نحـن نرتـضيه لها . ثم دعـونا نـنـبّه إلى إحـتمال وارد في هـذه الأيام : ماذا لو إخـتـُطِفَ ( المَحْـرَم ) من بـين يـديها وهي في طريقها إلى مجـلسها ؟ لنـتساءل : أليست الحاجة تـدعـو إلى ( مَـحـْرَمة ) ترافـقه حـين يرافـق حَـرَمَه المصون ، فـتحـميه وتمنع إخـتـطافه وتكون سلامته مضمونة لأنّ العـراقـيّـين أصحاب غـيرة وشهامة إذا إسـتـنجَـدتهم إمرأة ؟


Opinions
الأرشيف اقرأ المزيد
بعثة الصليب الأحمر في العراق والحصة التموينية رغم ان التفجيرات والاغتيالات التي شهدتها بغداد والبصرة والكوت والموصل والرمادي، خلال أيام الأسبوع الحالي، قد احتلت طروحات الأخ ابرم شبيرا والقوش ومأساة الآثوريين عام 1933 ( 2 ) الحلقة الثانية القضية الآثورية والحوادث الدموية التي رافقتها في عام 1933 لم تكن في منأى عن الحراك السياسي في العراق في تلك المرحلة ينبغي وضع حد عاجل لمحنة المواطنين المسيحيين الاصلاء الهجمة الوحشية الشرسة التي تعرض وما زال يتعرض لها المواطنات والمواطنون المسيحيون الأصلاء، والذين لا يستطيع أحداً إنكار أنهم أبناء هذا الوطن الأولين، على الزعامة او الرئاسة .. هيبة وشخصية وثقافة ورحمة اكاديمي مستقل
البعض من البشر في محيطهم يتخيلون انفسهم عظماء وعباقرة حين يكتبون او يخاطبون شعوبهم , فالكتّاب الموهوبين على سبيل المثال من الذين سنحت لهم فرصة الكتابة الحرة يمنحون لأنفسهم الحق في طعن الأخرين في افكارهم كما يشاؤون , معتقدين ان في
Side Adv1 Side Adv2