محافظة بغداد والاخلاق في المادة 17 من الدستور
مبادرة محافظة بغداد كانت بحق مفاجئة لمعظم مكونات شعبنا! تتجلى مفاجئتنا وفي هذا الوقت بالذات في اتجاهين! سنغوص فيهما لاحقاً، وكان المبرر لمحافظة بغداد هو المادة 17 من الدستور! اذن نحن امام تطبيق الدستور بحرفيته ومهنيته وتناقضاته، عليه نرى ان كانت محافظة بغداد على حق قانوني باستنادها الى المادة 17 من الدستور ام لا؟ والا تكون المحافظة في كفة اخرى خارج ما يصبو اليه قادة العراق الجديد وكأنها توجه رسالة الى الاسلام السياسي المتعصب وبالاحرى الى دولة العراق الاسلامية تقول لقادتها:نحن معكم قلباً وقالباً! وها نحن بدأنا بغلق محلات بيع الخمور والنوادي الليلية التي يعيش ويرتزق من وراءها (الكفار واهل الذمة) را/ الرابط ادناه (الاتجاه الاول)المادة 17 من الدستور
اولا: لكل فرد الحق في الخصوصية الشخصية بما لا يتنافى مع حقوق الاخرين والآداب العامة
وقد استند ت محافظة بغداد على نص الدستور اعلاه، وحددت ان النوادي الليلية ومحلات بيع الخمور هي مخلة بالاداب العامة، لا نعتقد بل نؤكد ان هناك هيئة تسمى هيئة السياحة (ان كانت باقية على قدميها لحد اليوم) هي التي تمنح اجازات لفتح النوادي الليلية ومحلات بيع الخمور، وذلك وفق شروط محددة بقانون، من هذه الشروط بعد هذه الاماكن عن مناطق السكن والمدارس ودور العبادة بمسافة معينة يحددها القانون، ولا نعتقد ايضاً ان يجرأ احدهم في فتح نادي ليلي او محل بيع المشروبات الكحولية ويصرف مبالغ كبيرة دون ان يأخذ اجازة بذلك؟ وخاصة ان هناك من الاسلام السياسي المتعصب والمتشدد هو المسيطر على مرافق الدولة العراقية اليوم، وكذلك المنظمات الارهابية وما يسمى بدولة العراق الاسلامية التي فجرت معظم محلات بيع المشروبات الكحولية (منها محل كاتب هذه السطور) اذن نحن امام حالة سلب حقوق جماعية بأسم الدين وتطبيق الشريعة الاسلامية، ولكنها الحقيقة المُرًة، كيف؟
تناقضات في الدستور
المادة (2)
اولا: الاسلام دين الدولة الرسمي، وهو مصدر أساس التشريع
آ- لا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت واحكام الاسلام
ب- لا يجوز سن قانون يتعارض مع مبادئ الديمقراطية
ج – لا يجوز سن قانون يتعارض مع الحقوق والحريات الاساسية الواردة في الدستور
ولكن المادة (1)
جمهورية العراق دولة مستقلة ذات سيادة، نظام الحكم فيها جمهوري نيابي (برلماني) ديمقراطي اتحادي
اما المادة 14
"ان العراقيين متساوون امام القانون دون تمييز بسبب الجنس او العرق او القومية الاصل اواللون او الدين او المعتقد او الراي او الوضع الاقتصادي او الاجتماعي"
ولكن المادة 41
"ان العراقيين احرار في الالتزام باحوالهم الشخصية حسب دياناتهم او مذاهبهم او معتقداتهم او اختياراتهم وينظم ذلك بقانون"
يمكن ان يرجع وأد البنات بقانون، اذن هنيئاً لك ايتها المرأة العراقية في المادة 41، نقول الوأد ولا نقول الحجاب واللباس وغير ذلك الذي يدخل ايضا في صلب موضوع حقوق الانسان (الاتجاه الثاني)
اذن نحن لسنا امام تناقض في مواد الدستور وحسب، بل نحن امام الضحك على الشعب وسلب حقوقه وحرياته الاساسية من خلال خلط الاوراق من الغاء المادة للمادة التي تليها الى تكريس نموذج خاص وشريعة واحدة وهي (الشريعة الاسلامية) والغاء باق الشرائع والاديان عملياً ودستورياً ايضاً من خلال هذه الضبابية والتناقض الواضح والصريح بين مواد الدستور، فلا يحتاج المتابع والمختص الى مجهر او صفنة او تفكير في تفسير المواد اعلاه كنموذج، وخاصة ان كان ملم بانواع الديمقراطية وماذا تعني؟ وكذلك ما هو نظام الحكم الجمهوري والنيابي (البرلماني) هل يلغي التنوع والتعدد؟ ام يقبل بالاخر ان يعيش بكرامة وحقوق متساوية (المادة 14)
النتيجة
ان كان نظامنا نظام جمهوري وبرلماني وديمقراطي حقاً اذن اصحاب النوادي الليلية ومحلات بيع الخمور لا تنطبق عليهم الشريعة الاسلامية، بل لهم وضعهم الاجتماعي والاقتصادي والقانوني ولهم حق الراي والمعتقد والدين ،،،، المادة 14! ويعلم الجميع ان اصحاب محلات بيع المشروبات الكحولية واصحاب النوادي الليلية هم من المسيحيين او اليزيديين وقليل من الصابئة ولا يحق للمسلم قانوناً وحسب الشريعة الاسلامية ان يزاول مثل هذه الاعمال، (ويدخل شريك في كثير من الاحيان بعقد خارجي) اذن هل يدخل هذا الاجراء في خانة الاضطهاد المنظم لشعبنا، لسكان ما بين النهرين الاصلاء؟ والا نطلب من محافظة بغداد التي هي الجهة المنفذة وليست صاحبة القرار، ولكن محتمل في عراق اليوم ان تكون هي المشرعة وهي المنفذة في نفس الوقت، في هذه الحالة لا يمكننا طلب تفسير لمواد قانوناً وهل نحن لنا حقوق اصلاً؟ ام نبقى جسر رغماً عنا؟
وهناك ملاحظة اخيرة يمكن ان تساعدنا الى الغاء القرار او تأجيله على الاقل الى ان يتم دراسة الموضوع من النواحي الانسانية والاقتصادية والحضارية والتي يدخل تنفيذ هذا الامر في صلب سمعة الدولة العراقية ان كانت دولة القانون والمؤسسات حقاً ام دولة المذاهب والطوائف والميليشيات، ومن جانب آخر لتتطلع محافظة بغداد على مئات بل آلاف القوانين والصادرة من مؤسسات وجهات عليا الى هيئة السياحة لتنفيذ غلق مثل هذه المحلات وفي آخر لحظة يتم التريث للأسباب الواردة اعلاه، انها مسؤولية اخلاقية تجاه هذه الفئة التي لها اخلاق مسؤولة تجاه الاخرين
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=370256.0
shabasamir@yahoo.com