مدينة أفلاطون والمنطقة الآمنة للمسيحيين
نجد في نظرية المُثلْ لأفلاطون(428 - 348 ق.م) سيطرة العقل على العاطفة والرغبة كما يوضحها في فِكرةْ "مدينته الفاضلة"، رأى فيها مدينة متكاملة، متميزة، تتكون من ثلاث فئات"طبقات"، الفئة الأولى : فئة الحكام أو الملوك والفلاسفة - وهي الأقلية، تتميز بعلمها ومقدرتها وكفائتها العقلية "سيطرة العقل"، أما الفئة الثانية : فئة الجنود والتي تتميز بأن روحها متوافقة مع فضيلة الشجاعة، وتتميزبسيطرة "العاطفة"، والفئة الثالثة : فئة العامة، الأكثرية، تتكون من المنتجين والعاملين والحرفيين، وتتميز بسيطرة "الرغبة"، كلنا نعرف بأن "الرغبة والعاطفة والعقل" موجودة عند كل إنسان بدرجات متفاوتة، انها نسبية أيضاً، عليه فالفئة التي تسيطر عليها الرغبة : هي فئة تأخذها الحياة المادية ورغبة في التملك، وهذه فئة رجال الأعمال والقوة الانتاجية، اما فئة العاطفة "الجنود" : حيث تهتم بالنصر والنياشين والفخر بالسلطة لا التملك، وتكون من القوة الدفاعية، اما فئة العقل : لا تتطلع لا الى التملك ولا الى النصر، حيث تلجأ الى المعرفة والحكمة، وهي القلة الحاكمة، نرى من خلال طرح أفلاطون ان القوى الانتاجية "تنتج ولا تحكم"، والقوة الدفاعية تحمي ولا تحكم، والقوة المعرفية والفلسفية تحكم، حيث يرى افلاطون أن الرغبة بحاجة الى تنوير معرفي، والعاطفة بحاجة الى توجيه فلسفي "عقلي"، فهل بامكان التاجر والغني أن يحكم؟ أو بامكان القائد الذي تعود على النظام العسكري ان يحكم؟ (را/ 88 محاورة الجمهورية 434س و 473د / نوال الصائغ - المرجع في الفكر الفلسفي - دار الفكر)من خلال قرائتنا الى ما قاله الفيلسوف في القرن الرابع قبل الميلاد هو سيطرة العقل على العاطفة والرغبة، يرى الانسان كوظيفة لا كشخصية، يدعو الى بناء مجتمع مثالي عن طريق الفكر والعقل لا عن طريق الاحساس أو الحس، ربما سائل يسأل : وما علاقة أفلاطون ونظريته ومدينته بالمنطقة الآمنة؟، أو حكم ذاتي أو أقليم أو أية تسمية أخرى يرغب السياسي والمثقف ورجل الدين ،،، أن يطلق عليها على ضوء إنتماءه القومي والسياسي ،،،،، نقول : ان افلاطون قبل 25 قرناً من الزمان قد وضع فكرة وأساس لبناء مدينة فاضلة يعيش فيها الجميع بأمان، وقد كان له تأثير كبير على الفلاسفة والمفكرين من بعده وخاصة القديس أوغسطين، واستمر تأثيره عبر القرون الوسطى، وفي عصر النهضة تم تجديد لأفكاره "قسم سارفي نهجه مع تجديده لمواكبة العصر والتطور، والقسم الآخر نقده كما فعل تلميذه "أرسطو 384 - 322 ق.م) الذي يعتبر "ملك التفكير العلمي" المعتمد على الملاحظة، حسب نظريته "الجوهر/ الشيئ" بالمنطق والمعرفة العلمية، وسعادة الأنسان،حياة مستمرة،الحرية الشخصية،،، ولحد يومنا هذا نرى في كل موقف أو خطاب أو رأي أو بحث ودراسة وفكر كل لاهوتي وفيلسوف وباحث وطالب علم، أثر من آثار الفيلسوفين العظيمين، وبدليل - أي فكر أو موقف لا يخلو من العقل والعاطفة والرغبة والمعرفة والحكمة ،،،، ومن الواحد والكثير، والذات والغير، والجنس والنوع، والكل والجزء،،،،، عليه ما بالنا نحن الآن، وقد مضى عشرات القرون على ما طرحه الفيلسوفان، من فكر وعقل وحكمة وأحاسيس وعلم ومعرفة في كيفية بناء أنفسنا، مجتمعنا، شعبنا، وطننا، حياتنا، قيمنا، ولم نضف شيئاً ولو على قدر حبة خردل سوى أضيف "ديننا".
ماذا لو كان أفلاطون وأرسطو ها هنا الآن؟ لنتصورماذا كانا يفعلان! ما هي النظريات والطرق والأشارات والأعمال التي كانوا سيرشدوننا اليها، ماذا كان يفعل أرسطو لو كان له هذا الكم الهائل من مصادر ومعلومات وأفكار ونظريات تركها له هؤلاء الفلاسفة والعباقرة والعلماء في مختلف الأختصاصات؟ أتصور ان أفلاطون وأرسطو كانا يقودان شعبيهما ومجتمعهما ومن ثم وطنهما نحو "العدالة والسعادة والفضيلة"، ويكون موضوع أو فكرة المنطقة الآمنة، أو أية تسمية أخرى كانت قد حسمت سلباً أو إيجاباً، لا بل نذهب الى أبعد ونقول ان هذه الفكرة كانت قد تجاوزها الزمن! نعم إن قارنا تفكير الفيلسوفين وقد مضى عليه 2500 عام، لِمَ لا! وهل يوجد أحد وقد مضى على وفاته 2420 سنة ولحد الآن حي بفكره؟ نعم لا تقولوا يسوع، "إنه الرب"، نتكلم عن واقعنا قبل ماضينا، هل تعلمون أن أفلاطون كان متأثراً بإعدام أستاذه سقراط؟ فكم سقراط عراقي أُعدِمَ ؟ وكم طفل وكاهن ذبح؟ وكم شاب قتل؟ وكم مرأة قتلت؟ وكم فتاة هتك عرضها؟ وكم عائلة هُجِرتُ وشُردت وأسْتولِي على أملاكها؟ ألا يكفي أن نتأثر ولو بنسبة تأثير أقلاطون؟
ليتقدم أي كان ويقول: اني أستحق أن يطلق "عليه"، لقب فيلسوف، أو مفكر، أو لاهوتي،أو عالم،أوأستاذ،أو مدرس،أو و أو،،،ويقول : ها أنذا، ليقل ما العمل! وهنا الخطأ والصواب، والا ماذا يعني السكوت؟ بالرغم من وجود عدة شهاداة عليا يحملها كل واحد، ويضعها في الجهة الرئيسية من الديوان لتكون عند نظر الزائرمباشرة! ربما يرد أحدهم ويقول: ماذا تريدون أن يعملوا؟ نجاوب: أيكون هناك سينودسين؟ وهناك 12 حزباً لفئة واحدة؟ أكان بيتنا باق بدون ترميم وتجديد؟، أنرى مثل هذا التشرذم والضياع؟ نعم هناك طبقات في المجتمع، ولكن لِمَ هناك فصل بينهما في كل مرفق؟ ليكن هناك نظام وقانون ودستور ومؤسسات، ولكن العلاقة الداخلية وجوب أن تكون علاقة أخوة ومحبة وليست علاقة سيطرة وقول نعم فقط،والا فقدنا جزء من إنسانيتنا وحريتنا الشخصية، نعم لسنا بحاجة الى طبقة تنظيف الأكتف، ولا الى فئة تقديس الأشخاص، ولا الى المصالح الشخصية على حساب الآخرين، ولا الى الذين دائماً مع القوي والغني،(نرى ونسمع دائماً ان المسئول الفلاني أو رجل الدين قد زار بيت فلان الذي يقدم دائماً السمك والمشروب الفاخر، وعند الخروج هناك حتماً مظروف مغلق! وفي اليوم التالي هناك قرارات!!!،،، وقليل هم الذين يزورون الفقراء، اما المحتاج والفقيرهو الذي يذهب اليهم ويرجع في كثيرمن الحالات (بخفى حنين)، هؤلاء أو هذه الطبقة هي التي تؤخرنا وتضع الحواجز لكي تحجب الحقيقة ولا نرى الواقع كما هو، لا يوجد في المسيحية نعم ولا! بل هناك نعم نعم - لالا، لا نكتب من أجل النقد وحسب، وانما لتبيان الحقيقة التي نضع رأسنا في الرمال كلما توجهت الينا، ونستمر ونقول بنسبية الحقيقة، وكل طير يعرف رفاقه وسربه، ومهما كتبنا وقدمنا الأثباتات وبالأرقام، دائماً هناك سكوت مطبق! ونحن نعلم لماذا.
وعليه نقول مرة أخرى إن كانت فكرة وموضوع منطقة آمنة "أو أي مسمى آخر" من صالح المجموع لنبني عليها بعقد مؤتمرات لكل طرف بمشاركة كافة شرائح المجتمع لتوحيد الرأي والموقف، وان كانت الادارة الذاتية "مثلاُ" لجماعتنا في سهل نينوى لصالحهم ولصالح الشعب، ليكن بعد الاستفتاء الشعبي، ويبقى الباقون في المركزإن شاؤوا! لِمَ لا، مع ضمانات دستورية، لنستفد من الظروف الموضوعية مرة واحدة في تاريخنا، "نطرح أفكار ليس إلا"، والأهم هو رأي شعب الداخل، لننور طريقنا وخاصة لنا خاصية لم تكن موجودة لدى أفلاطون وأرسطو ألا وهي (المسيحية). ك2 / 2008