Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

مرَّ عام وقتلتك غير معروفين يا أبا إلياس!! .. فهل هم صادقون في ذلك؟؟

ها نحن أمام الذكرى الأولى لاستشهادك يا أبا إلياس على أيدي قتلة مجرمين نتنين لا يعرفون معنى الحياة وربما لا يعرفون لماذا قتلوك, إذ أن العارفين بأسباب القتل هم من يقف خلفهم من أعطاهم القرار بتوجيه كاتم الصوت إلى رأسك النير وقلبك الطاهر ونفسك الأبية وشخصك الدافئ وشخصيتك الحميمة مع الجميع...

الأجهزة الأمنية للدولة الأمريكية والأجهزة الأمنية "للدولة!" العراقية لم تصل كلها حتى الآن, كما يقولون, إلى تشخيص أو معرفة القاتل أو الجهة الموجهة للقتل, فهل نحن على بينة لما يجري في العراق؟ وهل هم صادقون؟

لا استطيع أن أتهم أي إنسان بهذا القتل, فأنا لست محققاًً قانونياً ولا قاضياً ولا أملك البراهين الكافية لكي أوجه اصابع الاتهام إلى من سفك دمك إيها الإنسان الطيب والصديق الحميم. ولكن أنا وغيري نستطيع أن نشخص بوضوح كامل تلك الإيحاءات التي تطلق بين فترة وأخرى لكي توجه بعض الناس وبعض الجهات لقتل من تشاء بتلك الإيحاءات. فالتهديد والوعيد أو التعبير عن الكراهية أو عدم الارتياح في الوزارة من هذا المسؤول الكبير المتنفذ أو ذاك المرتبط بهذه الجهة الظلامية أو المتطرفة أو المتعصبة طائفياً ودينياً أو تلك, هي كافية حقاً لكي يوجه كاتم الصوت نيرانه صوب هذا الرأس أو ذاك. وهكذا كان الأمر ببساطة مع الإنسان العقلاني المتنور كامل شياع, حيث قتل في وضح النهار بكاتم صوت ليكون درساً لمن يسير على دربه!! فهل هم قادرون على منع التقدم والتطور بمثل هذا الجرائم الدنيئة؟ كلا وألف كل, بل هم الخاسرون في نهاية المطاف وفي المحصلة النهائية.

بالأمس عشنا تجربة جديدة اقترنت بالمقال الذي كتبه الصحافي السيد أحمد عبد الحسين, بالأمس ارتفع صوت, وأي صوت, من على منبر جامع براثا مهدداً متوعداً بالويل والثبور لمن كتب هذا المقال, شاتماً إياه متحدثاً باقبح الكلمات, أرعبت مسؤول الجريدة وخشى على وظيفته وربما على نفسه أيضاً, قادت إلى إبعاد الرجل من الصحيفة الرسمية التي يعمل بها صحيفة الصباح التي يفترض أن تكون ناطقة باسم كل العراقيات والعراقين ويفترض أن تكون معبرة وحرة عن اراء كل المواطنات والمواطنين. ولا ندري كيف سيتطور الأمر مع الزميل أحمد عبد الحسين, إذ ليس لدينا القدرة على حمايته ونتمنى له السلامة من تلك الكلمات الحاقدة التي يمكن أن تتحول في لحظة ما ومن قبل شخص ما أو أكثر إلى رصاصات تصيب القلب والعقل. فهعؤلاء الناس أدرى بأن كلماتهم لدى بعض الجهلة تعني أشياء كثيرة ومنها الموت!!

إنها الكلمات, إنها الجريمة غير المباشرة التي ارتكبت وأدت إلى استشهاد كامل عبد الله شياع, المستشار الثقافي في وزارة الثقافة العراقية. ولكنها في واقع الأمر تشير إلى الجهة أو الجهات التي نفذت العملية ضد هذا القامة الثقافية الديمقراطية الشامخة في العراق والعالم العربي. وعلينا غيقاف مثل هذه الجرائم غير المباشرة والمباشرة, فهم نحن قادرون؟

لا يجوز أن نتحرى عن القاتل المباشر فهو مأجور, وحين يلقى القبض عليه يمكن أن يجد من اتسأجره قاتلاً آخر لتنفيذ أوامر القتل .. وهلمجرا, فالقتلة المأجورون كثرة في عراقنا الحبيبو عراقنا الجائع والمريض والمتخلف في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ العراق, بل علينا أن نتحرى عن "من يقف وراء القتلة", على من دفع مالاً أو موقعاً للقاتل في الجنة, لجاهل أهوج لكي يمارس القتل. على المسؤولين في أجهزة الأمن, إن كانوا جادين, أن يفتشوا عن القتلة في الخطب وفي التصريحات وفي الأحاديث التي أطلقت قبل قتل الأستاذ الراحل كامل شياع من جانب مجموعة غير قليلة من الذين كانوا يعملون مع المستشار الثقافي من هويات طائفية جارحة ومقيتة ألَّبت وحرضت على قتل كامل شياع. وهي لا تزال تحرض على قتل آخرين. وعلينا أن نتذكر تلك الضجة التي افتعلت حين اقيم مهرجان المربد في ايام 26 و27 و28 من شهر نيسان من هذا العام في البصرة, وقيل أنهم بعثيون يريدون الاحتفال بميلاد الدكتاتور صدام حسين في 28 منه! أفليس هذا تحريضاً وبغض النظر عن قائله ضد هذا الإنسان أو ذاك أو ضد هذه الجماعة أو تلك؟ ألا يحق لنا أن نطالب بإبعاد مثل هؤلاء الطائفيين الحاقدين عن مواقع المسؤولية التي لا يستحقونها وهم قابعون في واحدة من أكثر الوزارات أهمية ومسؤولية في المشاركة في نشر الوعي الثقافي, نشر الاعتراف المتبادل والتسامح والتفاعل والتعاون, نشر المحبة وضد الكراهية والحقد بين الناس, نشر فكر وشرعة حقوق الإنسان وليس اغتصاب حق الحياة أو الدفع باتجاه اغتصاب حياة إنسان.

أتوجه إلى مجلس الوزراء ورئيس الوزراء ووزارة الداخلية ووزارة الأمن الوطني وأجهزة الأمن العراقية لتذكيرهم جميعاً بأنهم لم يؤدوا حتى الآن واجبهم الرسمي باكتشاف قتلة كامل شياع وقتلة شهداء آخرين سقطوا في العاصمة بغداد وفي وضح النهار, سواء في الشوارع أم في البيوت وبأساليب شتى. نتمنى عليهم أن يكثفوا الجهود لاكتشاف من يقف وراء كل ذلك أولاً, ولكي يمنعوا المزيد من القتل المماثل ثانياً, ولكي يضعوا حداً للمحرضين على القتل سواء من على المنابر أم في قاعات واجتماعات احتفالية أو حزبية أو غير ذلك ومحاسبتهم أياً كان الموقع الذي يحتلونه والمكانة التي يتمتعون بها, فهم حين يقومون بذلك لا يستحقون تلك المواقع ولا تلك المكانات.

إلى عائلة ورفاق واصدقاء وقارئات وقراء الشهيد كامل شياع أحر التعازي القلبية والمشاركة الوجدانية بالخسارة الفادحة, وله الذكر الطيب والدائم.

19/8/2009 الموجوع بموته كاظم حبيب

Opinions