Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

مقتطفات من خطاب السفير كريستوفر هيل في معهد السلام الامريكي

18/02/2010


شبكة أخبار نركال/NNN/


واشنطن العاصمة/ 17 شباط/فبراير 2010
إنه لشعور بالسعادة الجمة أن أكون هنا في المعهد الأمريكي للسلام.
أعتقد حقاً أن هذا وقت هام بالنسبة للعراق. وأعتقد أنه وقت هام بالنسبة للعلاقات الأمريكية- العراقية. وأعتقد أنه عندما ننظر إلى الوراء، سيكون وقتاً من أهم الفترات الحرجة، لأننا الآن عشية الإنتخابات الوطنية في العراق، والتي ستجرى في غضون أسبوعين ونصف أسبوع. كنت أتكلم مع رئيس الوزراء منذ بضعة أسابيع، وقلت له: تعرف، "لدينا إنتخابات. عندكم إنتخابات بعد 30 يوما." وقال: "في الواقع بعد 28 يوماً و7 ساعات من الآن." ومن ثمً، أعتقد أن كل شخص يدرك أهمية اللحظة إدراكاً تاماً.
وهو عام تستعد فيه القوات المسلحة لتخفيض عددها بعد سبع سنوات من الخدمة البطولية حقاً حقاً. إنه عام سوف تكون القوات الأمريكية فيه خارج العمليات القتالية، وسوف تترك في مكانها، إعتباراً من فصل الخريف المقبل، وحدات عسكرية لتقديم المشورة والمساعدة، ولكن لن نشترك بشكل مباشر في أي عمليات قتالية.

وهو أيضاً عام تنمو فيه سفارتنا. فهي بحق سفارة غير عادية. وسنكون موجودين هناك، السفارة الأمريكية ستبقى هناك، للمدى الطويل. والذين يقيسون مصالحنا في العراق بمقياس حجم وجود قواتنا هناك، أود أن أقول أن رأيهم ليس صائباً. لأننا مهتمون بعلاقة طويلة الامد. وسفارتنا هناك رمز أكيد لتلك العلاقة.
إنه أيضاً عام تأذن فيه الإمكانيات الإقتصادية الجديدة بدخول العراق إلى حقبة جديدة، الآن. ولدينا عدد من عقود النقط التي أبرمت مع الشركات العالمية. وأصبح العراق يتحرك إلى الأمام إقتصادياً.

وقد مضى عام الآن على إعلان الرئيس أوباما عن رؤيته للعراق في خطابه الذي ألقاه في كامب ليجون، وأعتقد أن الوقت أصبح مناسباً لطرح بعض الملاحظات من الميدان في بغداد. واسمحوا لي أن أطرح آرائي بقدر ما أستطيع عن الطريق الماثل أمامنا نحو المستقبل.

سوف يكون هذا العام صرحاً بالنسبة للولايات المتحدة والعراق مع تحول جهودنا من وجود "يتقدمه العسكريون" إلى وجود "يتقدمه المدنيون". وسوف تنضج دينامية علاقتنا بالحكومة العراقية، ومع هذا التحول يطّبق الفريق المدني-العسكري الأمريكي الدروس الصعبة المستفادة من السنوات السبع الماضية.

أنا والجنرال أوديرنو نؤمن بعزم الرئيس القوي على مساعدة العراق لكي يصبح أخيراً مكاناً يعيش فيه مواطنوه وهم أحرار من الخوف. ونحن عازمون على مساعدة العراق على بناء نظام سياسي جامع، يكون للناس فيه رأي في القرارات التي تؤثر على حياتهم. وعازمون على مساعدة الطوائف العراقية على تسوية خلافاتها بالطرق السلمية، بنفس الطريقة التي يسعى المعهد الأمريكي للسلام بها في هذه العملية، وعزمه على مساعدة العراق على تحديث إقتصاده، وعزمه الأكيد على مساعدة العراق على الإندماج مع المنطقة والعالم.

ما من شك في أنه برنامج عمل مضني. وسفارتنا تعمل عن كثب مع القوات الأمريكية لرسم معالم الطريق إلى الأمام. ونحن ملتزمون بهذا الطريق لا من أجل إرضاء رغبتنا في مساعدة العراق، أو تصحيح الأخطاء التي وقعت في الماضي، وإنما أيضاً لأنه ما من شك في أن عمل ذلك من مصلحة الولايات المتحدة، وأن تظل مشاركة في ذلك.

تتنوع الآراء عن العراق في الوقت الحالي بين المحللين السياسيين والأساتذة والسياسين مثلما تتنوع الإختيارات حول إختيار اللاعبين في مباريات كرة القدم الأمريكية. ويتعين علي القول أن الناس عندما يتكلمون عن الأفكار المختلفة التي لديهم، كما تعرفون، تسمعون كثيراً من المصطلحات، مثل "لابد" و"ينبغي". فمن قائل أن الولايات المتحدة لابد أن تفعل هذا، وأن العراقيين لابد أن يفعلوا ذلك، وأن وزارة الدفاع ينبغي أن تفعل هذا، وأن وزارة الخارجية لابد أن تفعل ذلك، وما إلى ذلك. وهناك كثير من "اللوابد". في الواقع، رأيت واحدة منها في صحيفة أمريكية حيث نشرت مقالاً إفتتاحياً في الكريسماس، وكان في الإفتتاحية 11 لابد. بل في حقيقة الأمر أطلقنا عليها عبارة "اللوابد الإحدى عشر للكريسماس".

ومن ثمّ، كما تعرفون، عندما ننظر إلى كل تلك اللوابد، أعتقد أنني حاولت أن ألخصها إلى ثلاثة فقط. وأول "لابد" هى أننا "لابد" أن نساعد العراق على بناء مؤسسات سياسية وديمقراطية قوية في بيئة من السلام والأمن.

ولابد الثانية هى أننا لابد أن نساعد العراق على تحديث إقتصاده. لأن العراق إذا لم يكن لديه إقتصاد حديث فلن ينجح. أقصد القول إن هذا هو اسم اللعبة.

وثالثاً، لابد أن نساعد العراق في إقامة علاقات مثمرة مع جيرانه، فنحن عندما نفعل ذلك يمكن أن نؤّمن دور العراق لا كشريك للولايات المتحدة يعتمد عليه فحسب وإنما أيضا كشريك إستراتيجي للولايات المتحدة.

الآن، بطبيعة الحال، يمكن أن يكون لدينا ألف لابد، ولكن لن يكون لها معنى بدون وضع أمني مستقر في العراق. لكن سنوات من التضحية والإستراتيجية حركتنا قريباً من هذه الحالة الخلاقة.

أولاً وقبل كل شئ، لن ننسى أبداً التضحيات التي قدمتها قواتنا المسلحة، وشركاؤنا في التحالف، وزملاؤنا العراقيون الذين تحملوا عناء هذا التحدي المميت والمضني. فبفضل جهودهم المشتركة إنخفض العنف ضد المدنيين والعنف ضد عناصر الدولة العراقية إنخفاضاً كبيراً. بالإضافة إلى ذلك، إنخفض العنف ضد قواتنا إنخفاضاً كبيراً في الشهور الأخيرة.

وهذا التغييرات الواضحة عبر 18 محافظة ليست علامة على عراق أقوى فحسب، وإنما أيضا علامة على وجود أمريكي ذكي، وجود تعلمنا فيه دروس السنوات القليلة الماضية. وبصراحة، بعض تلك الدروس كانت صعبة جداً حقاً. فكما أتينا بالتغيير إلى العراق فقد أتى العراق بالتغيير لنا. فلدينا فكر عسكري جديد، وفكر جديد في مكافحة التمرد، تطور كلاهما من تجربتنا في العراق. ولدينا شراكة مدنيةـ عسكرية جديدة. فكما تعلمون، عملت في الشراكة العسكريةـ المدنية في البلقان. وأستطيع أن أقول لكم أن مسعانا في العراق ليس له نظير من حيث المدى والدرجة التي يمكن أن نعمل بها مع القوات المسلحة. فقد طورت الولايات المتحدة إستخدامات أكثر فعالية للقوة الذكية. ويعود كل ذلك إلى هذه الحرب مباشرة.

وبينما تختلف كل حرب عن الأخرى فإن الدروس المستفادة من خلال التضحية بحياة البشر والموارد في العراق سوف تؤدي حتماً إلى تغيير الطريقة التي تتفاعل بها أمريكا مع العالم. وإن جهودنا في العراق سوف تُحفر إلى الأبد في كتب التاريخ لأجيال في المستقبل لكي تحكم عليها.

في عامي 2006 و2007 تحركت المصالح والقوة في الشوارع على خلفية الموت وعدم اليقين والخوف. واليوم، بغض النظر عن المقال الذي نشر اليوم في صحيفة الواشنطن بوست، تحتدم القوة والمصالح في معركة ملصقات الإنتخابات التي تحجب، بصراحة، معالم الجسور وتغلّف الأسواق في كل محافظة. وإذا إنتقلت بسيارتك في أنحاء العراق اليوم سوف ترى تلك الملصقات في كل مكان، وسوف تبدو أمراً مألوفاً لأي شخص شاهد الإنتخابات في أي مكان في العالم. إنه لأمر يثير الإلهام. كل شخص لديه هذه الملصقات هناك. فقد بدأت الحملة الإنتخابية لهذه الإنتخابات حقاً، حيث يعزز السياسيون العراقيون كتلاتهم ويتوصلون إلى صفقات سياسية صعبة جداً.

لقد إعتنق الشعب العراقي حقيقة الديمقراطية كواقع حقاً. وأعتقد أن من المهم أن نفهم أنه مكان يستطيع الناس فيه أن يعبروا عن آرائهم. والعراقيون يستطيعون أن يعبروا لك عن مواقفهم. والقضية هى أن نحاول خلق بعض قواعد اللعبة التي تحاول أن تشرح أن السياسة يمكن أن تكون شاقة، وأننا نحتاج إلى قدر من المعيار والقياس لرؤية الكيفية التي ستعمل بها السياسة في العراق.

من أبرز القضايا الرئيسية في الأسابيع الأخيرة التي كانت صعبة جدًا هى قضية إجتثاث البعث. فعلى ضوء التاريخ، وعلى ضوء الإرث البعثي في العراق، من المفهوم جداً لماذا تؤجج هذه القضية المشاعر والإنفعالات القوية في العراق. فعلى ضوء تاريخ الولايات المتحدة في العراق، إذا نظرتم إلى الستينيات، وكيف كانت الولايات المتحدة قلقة جداً من إحتمال إنتشار الشيوعية إلى العراق، وكيف كان البعث يرى باعتباره بديلاً عن الشيوعية، حيث كانت الولايات المتحدة في حقيقة الأمر تفضل البعثية في عملية عام 1968 والتي أدت إلى عودة البعثيين، كيف كانت الولايات المتحدة تفضل ذلك على محصلة يصبح فيها العراق شيوعياً، ومن ثمّ يكون من المفهوم، من المفهوم حقاً، لماذا ينظر العراقيون إلى نمط الستينيات، ويتصورون أنهم يرون نفس النمط اليوم، حيث كانت الولايات المتحدة قلقة جداً من أنواع النفوذ الأخرى في العراق.

ولكن بطريقة أو بأخرى عندما ينظر الناس إلى نفس النمط يعتقدون أننا، بطريقة أو بأخرى، نؤيد عودة البعث إلى العراق. بالنسبة للأمريكيين، من الصعب عليهم أن يفهموا ذلك. فقد ضحينا بأكثر من 4 آلاف شخص من أبناء وبنات بلدنا في هذا الكفاح ضد البعثية. وواجهنا صدام وألحقنا الهزيمة به. وتخلصنا من البعثيين في جميع أنحاء البلاد. وببساطة قد يصعب على الأمريكين أن يحاولوا أن يفهموا أن بعض العراقيين يعتقدون فعلاً أننا نؤيد البعثية بطريقة أو بأخرى. ولكن عندما تنظرون إلى هذا النمط في الستينيات يمكنكم أن تروا كيف يمكن لهذه المرآة المكسورة أن تؤثر على رأي الناس في الموقع الراهن. ومن ثمً لابد نحن بحاجة إلى أن نحترم التاريخ، ونحترم عواطف الناس ومشاعرهم.

أعتقد أنه عندما تُليت القائمة الأولى من المرشحين المستبعدين في مجلس النواب، وقد كانت تلك عملية لابد أن أكون واضحاً بشأنها، أننا لم نشعر أنها اجتازت أي معيار للشفافية، عملية تسمية الناس، وحرمانهم أساساً من حقوقهم في المشاركة في الإنتخابات بدون، في رأيي، أي نوع من العملية القانونية، وقد كان لدينا دواعي قلق كثيرة حولها. لكني أعتقد أن الناس يحتاجون إلى أن يفهموا أنه عندما تُليت هذه القائمة الأولية من الناخبين في مجلس النواب قوبلت بالتصفيق لفترة طويلة من كل الأعضاء هناك.

البعثية قضية حيّة، وهامة هناك. فالناس لهم آراء قوية بشأنها، ونحن بحاجة إلى إحترام ذلك، ونحن بحاجة إلى فهم ذلك، في التعامل معها، ونحتاج إلى محاولة التعامل معها، لا كقضية أساسية يعكسها الدستور، وإنما ينبغي أن نتعامل معها من منظور ما إذا كان ذلك قد تمّ بقدر كاف من الشفافية، وحدوثه خارج المنظور السياسي.

من الواضح أنه كان لدينا دواعي قلق بشأنها. وقد سجلنا هذه الدواعي من القلق لدى الحكومة العراقية. وكنا حريصين على التأكد من أن العراقيين قد فهموا آراءنا حول هذه القضية. وشعرنا على سبيل المثال أن تسجيل النقاط كان بكل تأكيد جزءاً من هذا الجدل. ومع ذلك كان من المهم جداً أن نوضح للعراقيين، وقد أعدوا العدة لإجراء الإنتخابات، أنهم يحتاجون إلى التأكد من أن القضية البعثية يتم التعامل معها في إطار سيادة القانون.

ومن ثمً، لقد إجتزنا هذه القضية الآن. ولم تكن بالأمر الهيّن. فالذين إستبعدوا يشعرون بالإستياء الشديد، لأنهم يشعرون أنهم لم يكن ينبغي أن يستبعدوا. ولكننا تجاوزنا تلك الفترة الآن. والآن، قبل أسبوعين ونصف أسبوع على موعد الإنتخابات، نشهد، في رأيي، حملة إنتخابية حيةّ جداً. وأعتقد أننا سنرى أن العراقيين سوف يصوتون بأعداد هائلة سواء كانوا من السنة أم من الشيعة أم من الأكراد.

سوف يقرر الناخبون في 7 آذار/مارس من الذي سيشغل مقاعد البرلمان وعددها 325 مقعداً، علماً بأن الكتلة الفائزة هى التي ستتبوأ مركز الصدارة في ترشيح رئيس الوزراء والمناصب الوزارية الرئيسية. والآن، أعرف أن كثيرا من الناس، ونظراً لأن واشنطن هى واشنطن، يريدون أن يعرفوا: "أجل، من الذي تعتقد أنه سوف يفوز؟ ما الذي ترجحه إستطلاعات الرأي؟" أجل، إنها عملية معقدة جداً. لأنه بعد أن تُعلن الأصوات الفعلية، وقد عملنا عملاً شاقاً مع زملائنا في الأمم المتحدة، وعملنا عملاً شاقاً مع المفوضية العليا للإنتخابات من أجل إدارة تكنولوجيا الإنتخابات، والتي نعتقد أنها ستعمل بصورة طيبة، نعلم أنهم عندما ينتهون من جمع الأصوات وإعلان النتائج سوف يكون هناك خمسة إئتلافات رئيسية، وسوف نرى ما هو الإئتلاف الذي سيفوز بالفعل. وسوف يقرر الفائز الرئيسي من الذي سيحاول تشكيل الحكومة.

وعندئذ، في ذلك اليوم، الثامن من شهر آذار/مارس، أو عندما يتقرر ذلك أخيراً، وسوف يكون ذلك بعد الثامن من شهر آذار، تبدأ عملية تشكيل الحكومة الجديدة. وهذه العملية لن تكون بالعملية السهلة. وسوف تكون عملية يحتاجون فيها إلى التواصل مع الإئتلافات المختلفة، لتشكيل نوع من الحكومة الإئتلافية.

ومن ثمّ، أعتقد أن هذه هى أول "اللوابد"، ألا وهى مساعدة العراق على بناء مؤسسات سياسية وديمقراطية قوية في بيئة آكثر أماناً—وهو أمر نحتاج إلى التركيز عليه. وتحقيقاً لهذه الغاية نبذل، ويبذل ديبلوماسيونا في السفارة في بغداد وخبراؤنا المدنيون، جهوداً مكثفة.

إن الإختبار الحقيقي للفوز لن يتمثل في سلوك الفائزين عندما تعلن النتائج أخيراً. إنما سيتمثل في الكيفية التي سيقبل بها الخاسرون في الإنتخابات نتائجها. ومن ثمّ أقيم الحجة على أنه في العراق، مثل أي مكان آخر، يقع على كاهل الخاسرين في الإنتخابات مسؤلية أكبر في أن يكونوا جزءاً من العملية السياسية. وقد شعرت دائماً أن جودة الديمقراطية يقررها الخاسرون في الإنتخابات. ولن يكون العراق إستثناءاً من ذلك. فهؤلاء الذين يخسرون يحتاجون إلى أن يفهموا أن عليهم هذه المسؤولية، وهى مسؤولية تكون في بعض الأحيان بنفس قدر مسؤولية هؤلاء الذين يفوزون بثقة الناخبين.

سوف يكون لذلك آثار على ما يمكن أن توصف بأنها عملية مطولة لتشكيل الحكومة، وهى تؤثر أيضا على الأمن. والمخاوف الأمنية تبقينا حذرين جداً من الخلافات التي كانت واضحة للعيان خلال الموسم السياسي الحالي. فهذه القضية أعمق من العمليات الحسابية الإنتخابية. ونحن نعلم جميعاً بالإنقسامات السياسية البارزة، العرب والأكراد، والسنة الشيعة. ولكنكم تعرفون، عندما تكونون هناك، بطبيعة الحال، أننا قلقون أيضاَ من القضايا العربية- الكردية، وقلقون بطبيعة الحال من القضايا السنة-الشيعية. ولكننا قلقون أيضا من القضايا السنية- السنية، والكردية-الكردية في السليمانية. وقلقون أيضاً من القضايا السنية- السنية في صلاح الدين، وقلقون أيضاً من القضايا الشيعية-الشيعية في أماكن مثل النجف.

وفي كركوك توجد قضايا كردية-عربية-تركمانية. وبصراحة، هناك تظلمات تركمانية-ومجموعات تركمانية أخرى من بعضها البعض. هذه الخلافات خطيرة جداً بالنسبة لنا، أي نحن الموجودون هناك. وما من شئ أهم من الحدود الداخلية المتنازع عليها. وتمثل الحدود الداخلية المتنازع عليها مركز النزاع العربي- الكردي. وهى كل المناطق التي يوجد حولها نزاع، والتي يوجد فيها قوات بشمرجة لا تتفق في وجهات النظر مع قوات الجيش العراقي. ونحن بحاجة إلى التعامل مع تلك الأمور.

وكركوك لديها حقول غنية بالنفط، ولها أيضاً تاريخ عسير. وقد أصبحت البؤرة الجوهرية للنزاع العربي- الكردي. والولايات المتحدة مصصمة على المساعدة في حل هذه الخلافات، وعلى القيام بدور هام مع بعثة الأمم المتحدة (يونامي) في محاولة التعامل معها. وقد أرسلنا أحد الخبراء البارزين في الشؤون الإقليمية بوزارة الخارجية الأمريكية، والذي يتحدث العربية بطلاقة، إلى كركوك، حيث يلتقي كل يوم مع الأحزاب المختلفة في كركوك، في محاولة للتعامل مع تلك المشاكل.

إن للعلاقة الشيعية-السنية آثار فيما وراء حدود العراق، وحتى إلى ما بعد عصرنا. ونحن نشهد ردود الفعل المتنوعة لقضية إجتثاث البعث في الشهر الماضي أو الإنقسامات المستمرة بين العلمانيين من السنة والسنة المحافظين من الناحية الدينية، حيث نراها مستمرة في بعض المحافظات.

بعض المراقبين يعتقدون أن للكرد جبهة موحدة، ولكن الصورة أكثر تعقيداً عندما تنظرون إلى ما يحدث، وخاصة في السليمانية، مع تطور قائمة التغيير، والتي هى كيان سياسي جديد إنبثق من حزب الإتحاد الكردستاني، أي من حزب الإتحاد الكردستاني الذي يتزعمه الرئيس طالباني. وحزب قائمة التغيير يقدم مرشحين في ثماني محافظات مختلفة، خارج نطاق المحافظات الثلاث لحكومة إقليم كردستان. والإنقسامات الشيعية- الشيعية جزء أساسي من الحملة الإنتخابية. ويسعى رئيس الوزراء المالكي في الوقت الحالي إلى صد تحديات خطيرة من الأحزاب الشيعية المعارضة، مثل المجلس الأعلى الإسلامي العراقي‎.

منذ أيام قمت بزيارة، أي أتيحت لي زيارة آية الله العظمي الشيخ حسين الصدر، الذي هو في حقيقة الأمر إبن عم مقتدى الصدر—فالإنقسامات أحياناً تكون داخل العائلة الواحدة أيضاً—وقد تحدث عن فوائد العراق الوطني الموحد الذي يضم كافة الأطياف الدينية والعرقية، وهي رسالة منعشة، في رأيي، للشعب العراقي. وجرى بيننا نقاش مطول تطرق إلى مواضيع من إجتثاث البعث إلى الحفاظ على الموارد المائية. وقد عبر عن دواعي قلقه من أن السياسيين العراقيين يعوزهم قاعدة قوية، وحقيقة أن البعض يلجأون إلى الدين والطائفية لتعريف أنفسهم. وفي حقيقة الأمر، وقد كان ذلك جزءاً من حديثنا، ولكنه ذكر حديثنا على موقعه على الإنترنت، ومن ثمً لا أمانع في الحديث عن حوارنا أيضاً.

وبإيجاز كان عندي شعور طيب أن أرى رجل دين في منزلته يتحدث عن هذه القضايا. وأعتقد أن هناك أمثاله من الناس في العراق، وهؤلاء الناس هم الذين نحتاج إلى التواصل معهم وأن نستمع إليهم، وليس فقط للسياسين في العراق، وإنما أيضاً للناس الذين يلعبون دوراً عظيماً في التأثير على الرأي العام العراقي.

وهذا يثير نقطة أعتقد أنها تثار كثيراً، وهى أنه ما من شك على أن هناك اليوم فارقاً كبيراً بين اليوم حيث يتمتع العراق بسيادته، ونحن كديبلوماسيين لابد أن نتعامل مع عراق ذي سيادة، وبين الأيام الماضية في سلطة الإئتلاف المؤقتة في عام 2003، عندما كان العراق يُحكم بالمراسيم التي كانت تصدرها الولايات المتحدة، مثل المرسوم الذي وضع السيد الجلبي على رأس مفوضية إجتثاث البعث.

ولكن أعتقد أن من المهم أن نفهم أننا نتعامل مع العراقيين من خلال الديبلوماسية. فسياستنا تقوم على أساس أننا نريد أن يكون لنا علاقة جادة طويلة الأجل مع العراق. وإذا رغب العراقيون في إقامة علاقة جادة طويلة الأمد مع الولايات المتحدة فإنه يتعين عليهم أن يعملوا معنا بشأن تلك القضايا.

هكذا تتم العملية. نحن نجلس، ونشرح القضايا التي نعتقد أنها مهمة، سواء ما إذا كانت كيف يتعاملون مع قضية إجتثاث البعث، أو كيف تعاملوا معها، أو ما إذا كانت قضية تتعلق باستخدام الجيش بطريقة غير مناسبة في صلاح الدين، وأن نحاول أن نشرح سبب أهمية تلك القضايا والمسائل بالنسبة لنا. إذا أردنا أن يكون لدينا علاقة جيدة فإننا بحاجة إلى حل تلك القضايا والمسائل.

لقد وضعنا آلية أمنية على إمتداد الخط الفاصل بين العرب والكرد. ولم يكن ذلك بالأمر الهيّن، ولكن ذلك كان ممكناً بفضل الجهود الجبارة التي بذلها الجنرال أوديرنو مباشرة وضباطه في محاولة إقناع أعضاء البشمرجة الكردية بالعمل مع الجيش العراقي، والعمل مع القوات الأمريكية، والمشاركة في برامج تدريب مشتركة. هذا أمر لابد أن نعمله خطوة بخطوة. وناجح، وبدأ في العمل بصورة ناجحة.

إننا ندعم المجتمع المدني. وإننا نقدم النصح والدعم للمنظمات المحلية التي كرست نفسها لتوحيد الطوائف، بدلاً من أن تفرقها. إننا نحتفظ بوجود قوي في المحافظات من خلال فرقنا الإقليمية لإعادة الإعمار. لدينا ناس يتعاملون كل يوم على المستوى المحلي في المحافظات، ويساعدونها في التنمية الإجتماعية والسياسية والإقتصادية.

حتى دعمنا القوي لفتح قطاع النفط العراقي، نعتقد أنه كان له أثر طيب على بعض القضايا العربية-الكردية التي نتعامل معها. أعتقد أن العراق قد بدأ في تطوير قطاعه النفطي، وأعتقد أن الاكراد مهتمون بحقيقة أن 17 في المائة مما يمكن أن يصبح على مدار 10 سنوات إنتاجاً قدره 10 ملايين برميل يومياً، 17 في المائة من 10 ملايين برميل أكثر من 100 في المائة من 100 ألف برميل يومياً. ومن ثمً، أعتقد أن ما نحاول أن نفعله، من حيث تشجيع الشفافية والإنفتاح والإدارة الدقيقة وتنمية قطاع النفط قد ساهم في الحفاظ على وحدة العراق.

مراراً وتكراراً رأينا قوة الموقف الأمريكي في القضايا المختلفة كعامل أساسي في تشجيع التسامح الضروري والحد من التطرف. فبالرغم من تخفيض الأموال وعدد القوات يبدو أن ما نفكر فيه، والأهم من ذلك، ما نعمله هو الذي يؤثر بشدة في العراق.

ومن ثمّ بالرغم من أننا جميعنا بحاجة إلى إدراك الطبيعة المتغيرة لوجودنا والإستجابة لها، فإن هذا ليس وقت التنحي أو الإنزلاق إلى حالة من التقاعس. فلابد أن تظل الولايات المتحدة متنبهه إلى نفوذها المستمر، وأن تكون مستعدة لإستخدام ذلك النفوذ في تحقيق نتائج إيجابية في العراق، تفيد الشعب العراقي والشعب الامريكي أيضاً.

ومن ثمّ، كما تحدثت عن تلك العقود النفطية، فإن الحياة الإقتصادية للعراق بحاجة إلى أن تبدأ في النضوج. فمن خلال المساعدة الذكية الموجهة من جانبنا فإن الإمكانيات ليس لها حدود تقريباً. وهذه هى "لابد" الثانية بالنسبة لنا. فلابد أن نساعد العراق على تحديث إقتصاده، وما من غموض هنا. إذ يعتمد مستقبل العراق الاقتصادي على الإدارة الجيدة لقطاعه النفطي. وقد بدأ العراق بداية جيدة، ولو أنها بطيئة، إلا أنها بداية طيبة جداً.

وهى بداية شفافة، حيث تقدمت شركات النفط بعروضها وفتحت المناقصات على شاشات التليفزيون العراقي، إذ يمكن أن يؤدي إنطلاق قطاع النفط في العراق بهذه الصورة إلى تغيير حياة كل مواطن عراقي تغييراً جذرياً، وبناء الثقة التي يحتاجها العراق للوقوف إلى جانب جيرانه. وقد أبرمت 10 عقود، إثنان منها شركات أمريكية، وبعض الشركات الأمريكية الكبري، ومن بينها أكسون موبيل، سوف تعمل في العراق. لكن العراق لديه أيضاً شركات من كل الدول الخمس دائمة العضوية، أي كل الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي. وباختصار، كثير من الدول الأخرى الآن لديها إستثمار في أمن العراق ومستقبله.
ومن ثمّ، تحديث الطاقة وقطاع خدمات الطاقة، يمكن أن يخلق عشرات الآلاف من الوظائف، ويجذب المئات من مليارات الدولارات من الإستثمارات الأجنبية، التي يمكن بدورها أن تموّل جهود إعادة الإعمار والتنمية بسرعة في العراق. ويمكن أن يستورد خبرات حديثة في مجال التجارة والأعمال والتكنلوجيا المتطورة إلى قطاع عراقي لم يشهد المشاركة الاجنبية منذ أن كان نيكسون رئيسا للولايات المتحدة. وبإيجاز، إذا نظرتم إلى حقيقة ظهور شركات النفط الأجنبية من جديد في العراق، وأعنى شركات التكنولوجيا المتطورة، يكون ذلك بمثابة تطور رئيسي جديد في العراق لم يره العراقيون منذ فترة طويلة جداً.

الشركات النفطية الأولى لم تكن أمريكية. لدينا بعض التمثيل، لكن الشركات النفطية الأولى كانت مختلفة. كان هناك شركة بريطانية، وشركة هولندية، وأيضاً شركة روسية قبل أن تأتي الشركات الأمريكية إلى هناك. ولذا، فإن الإدارة الجيدة لثروات العراق النفطية أمر ضروري لأنه لكي يتسنى للعراق أن ينجح إقتصادياً وسياسياً سوف يتعين عليه أن يحقق الإكتفاء الذاتي وأن يكون آمناً في مكانه في المنطقة.
وسيكون العراق أيضا قادراً على الإستجابة لثالث "لابد". ويتمثل ذلك في مساعدة العراق في إقامة علاقات بناءة مع جيرانه. ولا يزال أمامنا عمل كبير في هذا المجال، لأن مكانة العراق في العالم لا تتوقف علينا أو على النفط فقط، بل تعتمد على العراق نفسه وعلى جيرانه. وقد بدأت مصر وتركيا في إقامة علاقات حقيقية متعددة الجوانب مع العراق. ولكن من المثير للقلق أن الدول المجاورة، وخاصة بعض الدول العربية المجاورة للعراق، بطيئة في إحتضان العراق.
ما من شك في أن إيران قد كشفت عن وجهها الشرير في العراق، فهي تبحث عن نقاط الضعف. وحاولت أن تحبط الأهداف الأمريكية- العراقية المشتركة. وهى مسؤولة عن مساعدة جماعات الميليشيات المسلحة. وهى مسؤولة عن تدريبهم. وهى مسؤولة عن بعض الذخيرة التي وجدت طريقها إلى داخل العراق. بل إنها مسؤولة عن بعض الذخيرة التي تسقط على رؤوسنا في المنطقة الخضراء.

أستطيع أن أؤكد لكم أنه ما من أحد في سفارتنا أو في معسكر "النصر" يتسم بالسذاجة عن هذا الوجود الإيراني. فنحن نعلم أن إيران تقوم ببعض الأعمال الشريرة. ونحن نعمل مع السلطات العراقية في هذا الشأن، ونحن مقتنعون أن السلطات العراقية تشاطرنا قلقنا. فهم لم يختاروا إيران جارة لهم، ومن ثمّ في الطريقة التي يتعاملون بها مع إيران كدولة مجاورة. إنهم يتعاملون بحرص شديد، لأنهم يعرفون أنه على مدار الألف عام التالية ستظل إيران جارتهم على الأرجح، ولكن لا يعني ذلك أنهم أقل يقظة.

من المزايا الهامة التي نتمتع بها في العراق أننا يمكن أن نساعد العراق على الإندماج من جديد مع المجتمع الدولي. ففي الوقت الحالي، إيران يمكنها أن تقدم العراق إلى كوريا الشمالية، ولا أكثر من ذلك.

وآخر شئ هو أنني أريد بطبيعة الحال أن أكون موسوماً بالإفراط في التفاؤل. ولكن هذا الوقت أيضاً ليس وقتاً للتشاؤم. لقد حان الوقت للمثابرة والثبات والعزيمة، إذ يجب أن نصمد في وجه المصاعب.

ولكن مع تشكيل الحكومة العراقية الجديدة وتوضيح نوع العلاقة التي تريدها مع الولايات المتحدة، فإنها تحتاج إلى أن ترى أن الولايات المتحدة مازالت على إلتزامها ببناء علاقة تؤدي إلى المصلحة المتبادلة على المدى الطويل.

وسيستمر دبلوماسيونا وجنودنا وخبراؤنا المدنيون في تطبيق القوة الأمريكية في أفضل حالاتها من الموصل إلى بغداد، ومن الأنبار إلى البصرة. وسوف نستمر في دعم تطوير سيادة القانون بصورة قوية في العراق، على يد قضاة يتمتعون بالنزاهة والحيادية وشرطة مدربة وجيش يتمتع بالكفاءة. وهذا موضوع آخر نعمل عليه كل يوم من أيام السنة في بغداد.

إننا سنصب طاقتنا في توسيع التجارة والإستثمار للقطاع الخاص حتى يساهم رواد المشروعات الجديدة في العراق في تحقيق النجاح. وسوف نظل ملتزمين إلتزاماً عميقاً بالمساعدة في إقامة عراق سليم سياسياً ومزدهر، يعمل قادته ودبلوماسيوه وأصدقاء الولايات المتحدة بثقة وحكمة مع جيرانهم ومع العالم، في عراق مستقر وآمن ويعتمد على نفسه. وبمعنى آخر، يمكن لعراق قوي وفخور أن يكون عاملاً أساسياً مساعداً على دعم الإستقرار في المنطقة.

ومع الأخذ في الاعتبار التهديدات القائمة، وكل آلام الماضي، وكل الدماء التي أريقت هناك، فإن كل هذا سوف يمثل نجاحاً إستراتيجياً رئيسياً بالنسبة للعراق بكل تأكيد، وبالنسبة أيضًا لهؤلاء العسكريين والمدنيين الذين خدموا وضحوا بالكثير.

وفي النهاية نحن موجودون هناك. نحن في العراق لا من أجل العلاقات الأمريكية-العراقية فحسب، وإنما من أجل المصالح الأمريكية أيضاً. إننا نعتقد أن بإمكاننا أن نحقق النجاح هناك. ونحن ندرك الصعاب، ونحن ماضون قدماً إلى الأمام في مواجهة كل يوم من أيام العام. شكراً جزيلاً.

نهاية مقتطفات الخطاب










Opinions