Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

من منا كان الأكثر براءة الأمس أم نحن...؟

في الأمس كنا نتسابق في تشكيل طوابير طويلة كلما وجدنا العجوز خنا وهي تمر في درابين تلكيف الضيقة من أجل تقبيل صليبها الفضي الكبير وهي تتوجه إلى الصلاة في كل مساء . ربما كانت البراءة هي من تجعلنا نعتقد بأن وراء صمت هذه العجوز أمراة صالحة ولو وجدنا منها اليوم عشرة لن نكرر ما كنا نفعله بالأمس أو قد يكون اليوم بوحشيته وتغيراته لم يترك في شوارعنا عجوز خبيرة ومؤمنة وصادقة فنحن في زمن الشحة والأنقراض . في الأمس قيل بأن حنا هو من أعلن للملأ بأن الأرملة التي أقترن بها وتدعى نعيمة لا زالت عذراء رغم بقائها مع زوجها الأول أكثر من عقد وحتى بعد وفاته لم تتفوه بكلمة أمام الناس ليحولها هذا الصبر وتلك الطهارة إلى مثل وصيت بين أبناء قريتها . ربما كان الأمس محكوما بعادات وتقاليد رادعة ولكنني أشك في وجود مثل تلك الخشية والسرية والصبر بين أبناء وبنات جيلي اليوم . فعلى الأغلب يسمع سابع جار وأبعد الأقرباء بما يحدث في غرف النوم بعد لحظات من دخول العريسين أليها ولا ضير من أجراء المغازلات أمام الجميع أو تحويل الخلافات إلى طاولة الأمهات المستديرة وحلقات حلولهن المفرغة .

لحظة ... ربما تكون نظرتنا في السابق هي أكثر براءة من تلك التي نبصر بها اليوم وقد يقول أحدهم بأن العالم لا زال مليئا بالكثير من التناقضات والبراءة لم تنقرض ألا من منظورنا الشخصي . ولكن هل كان الأمس مزدحما بفرص لا أخلاقية كتلك المتاحة أمامنا الأن, أليس لما يشهده العالم اليوم تأثير على سلوكنا كبشر نسعى إلى ما نظن أنه الأفضل ؟ هل كانت نعيمة قادرة على كتمان السر مع أمتلاكها لأحدث شبكات الأتصالات كالهاتف والموبايل أو لو كانت تتردد بشكل مستمر على غرف الدردشة في النت ويمتليء عنوانها الألكتروني بأسماء الكثير من الأصدقاء والصديقات .. أشك في أنها كانت تستطيع كتمان سر كهذا . صحيح بان أمسنا كان اكثر براءة من اليوم ولكن من يسير بنا على هذا الأتجاه هو الزمن وتطوراته السريعة فالأباحية طرقت حتى أتفه الأبواب وأخترقت بصيرة العميان فكيف مع المبصرين . ألا يدفع هذا المراهقين وحتى البالغين والمرضى العاطفيون في سلوك تجارب أبطال القنوات الأباحية ولقطات السكس المنتشرة في أجهزة الخليوي وتقليدهم دون التفكير في العواقب .. إلى متى سنبقى نتحدث عن براءة الأمس وما كانت تفعله جداتنا اللئيمات ونتجاهل الحديث عن ما سيحدث بعد لحظات لمراهقينا الذين لا يعرف أكثرهم ما هو الأيدز ولا كيف ينتشر . متى سنعترف بالتغيرات السريعة التي تحدث في مجتمعاتنا والتي جعلت لكل شخص حد أدنى من الحرية والأستقلالية قد يعرضه إلى مخاطر جمة إذا أساء التصرف واخطأ . أيهما أفضل أن يخطيء الأنسان لأنه كان جاهلا بكل ما أوصله إلى طريق اللأعودة أو أنه يخطيء بحريته وبناء على أختياره الشخصي ومع علمه المسبق بكل العواقب . الأ يجدر بنا اليوم أن نتوسع في التطرق إلى مواضيع كثيرة كالجنس والعلاقات غير المشروعة بكل شفافية وحرية لأن أنكارنا لها وتغازلنا بواقعنا المحافظ (( كما نزعم )) يعمينا عن الأنحرافات التي تنخر في أصغر مفاصلنا الأجتماعية . ان الأوان لنصرح بكل مشاكلنا التي لم تعد حكرا على مجتمع واحد دون أخر . أن الأوان لنتقبل تلك المشاكل ونسعى إلى معالجتها دون حرج أو خجل . تكلموا عن الأيدز في كل مكان . أشرحوا الجنس لأبنائكم قبل أن توصلهم أليه ادوات الشيطان الجديدة ، شجعوهم على التكلم عن مغامراتهم وعلاقاتهم أمامكم مهما كانت ولا تحاولوا الوقوف ضد الطبيعة أو التيار . أعترفوا بالواقع وعيشوا مع الحقائق قبل أن يقتلعكم الغد من الجذور ، لسنا أبناء الأمس حتى لو كنا لا نزال نرفض الخروج منه وكما كان مليئا بالبراءة هكذا هو عالمنا اليوم مليء بالكثير من السذج والجهلة والأميين فلا تحرمهم من صدقة تلقيها عليهم بكلامك عن أية معلومة جديدة اكيدة سمعتها أو تعرفت عليها قد تجعلهم يعيدون التفكير في قناعاتهم أو ربما يتراجعون عن نواياهم . المهم بأن اليوم لا يشبه الأمس فلا تتباكى على أيام كان الناس فيها مقيدون وليس لديهم الكثير من الخيارات بل ساعد الناس على أختيار الأصلح بين الكثير من المتاح أمامهم .

عصام سليمان – تلكيف .

Assyrian_publisher@yahoo.com

Opinions