Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

نص الحوار الذي اجرته صحيفة "انباء موسكو" مع الرئيس طالباني

25/04/2010

شبكة أخبار نركال/NNN/
نشرت صحيفة "انباء موسكو" التي اسأنفت حديثا صدورها في العاصمة الروسية حوارا مع فخامة الرئيس جلال طالباني، فيما يلي نصه:

انباء موسكو: كيف تقيمون الانتخابات الماضية ونتائجها، واذا طال امد تشكيل الحكومة، فهل سيؤدي ذلك الى اضطراب امني كبير؟
الرئيس طالباني: عام 1954، في زمن العهد الملكي، جرت انتخابات برلمانية فيها بعض ملامح التعددية، ورغم ذلك الغيت نتائجها لان 11 معارضاً فاز فيها. واذا استثنينا انتخاب صدام حسين بنسبة 100% فان العراق لم يشهد منذ ذلك الحين انتخابات ديمقراطية الا عام 2005، بعد سنتين من سقوط نظام الاستبداد. أي انه لم يمض على شروعنا بالممارسة الانتخابية الحرة الديمقراطية التعددية الا خمس سنوات. ورغم ذلك فنحن نرى ان الانتخابات الاخيرة كانت افضل من سابقتها من حيث اعتمادها القائمة المفتوحة التي تتيح للناخب امكانات اوسع لاختيار النواب، كما ان مناطق ومكونات معينة لم تشارك بفعالية في انتخابات عام 2005 اقبلت بكثافة هذه المرة على صناديق الاقتراع. ورغم وجود بعض الاعتراضات والتحفظات، وهو امر طبيعي، فاننا نعتقد ان هذه التجربة فريدة في منطقتنا واننا سائرون بخطى واثقة نحو تعزيز النظام الديمقراطي.
فيما يتعلق بالشق الثاني من سؤالك فانا اتوقع ان تقارب نتائج الكتل الاربع الفائزة لابد وان يعقد عملية التوصل الى تفاهمات سريعة، ولكننا، باذن الله، سنصل قريبا الى اتفاقات تسفر عن تشكيل الهياكل القيادية لرئاسات البرلمان والجمهورية والحكومة.
ولا شك ان القوى الارهابية والظلامية التي تدرك ان سعة المشاركة في الانتخابات وبدء انسحاب القوات الاجنبية بموجب اتفاقية سحب القوات وانفتاح الدول المجاورة على العراق، هذه العوامل كلها، تُسقط اخر الاوراق والاقنعة عن تلك القوى، ولذا فانها تسعى لاثارة البلبلة وزعزعة الاستقرار وتحاول ان تؤجج مجدداً الصراعات المذهبية والقومية. ولكن شعبنا الذي تفادى سابقاً الوقوع في شراك الحرب الاهلية لن يقع في حبائل الارهابيين وقد قال كلمته باقبال جميع فئاته ومكوناته على المشاركة في الانتخابات وقررت قواه السياسية الاساسية ان تحتكم الى صناديق الاقتراع لحل خلافاتها.

انباء موسكو: ما هو شكل النظام السياسي الذي سيقوم في العراق خلال المرحلة القادمة؟
الرئيس طالباني: من حيث الجوهر معالم النظام السياسي الاساسية حددها الدستور، ولكن لا شك ان للمرحلة التي نمر بها خصائص لا يمكن تجاوزها. ولذا نعتقد ان مبدأ التوافق سوف يبقى مطلوباً لحفظ التوازن وصيانة استقرار البلد ووحدته. ولكن ذلك يجب ان يكون امراً مرحلياً ريثما يتحقق الاستقرار الكامل وتزول كل الاخطار التي قد تتهدده. غير ان التوافق السياسي يجب ان لا يصبح تشتيتاً لمؤسسات الدولة و"تقسيمها" على اساس الولاءات القومية او الدينية او المذهبية او الحزبية، بل ينبغي ان تكون الكفاءة والنزاهة والتساوي التام بين المواطنين هي الاساس المعتمد لبناء مؤسسات الدولة.

انباء موسكو: دفع العراق حتى الان من موارده ثمناً باهظاً لحروب النظام السابق، وللاضطرابات التي اعقبت سقوطه. فمتى تتوقعون ان يبدأ العراقيون الافادة الفعلية من ثرواتهم؟
الرئيس طالباني: خسائرنا الاكبر جراء حروب النظام السابق الداخلية والخارجية، هي البشر الذين فقدنا منهم الكثير، ثم خسرنا من اخوتنا واخواتنا وابنائنا المزيد بفعل العمليات الارهابية والعنف الطائفي المتبادل والجريمة المنظمة. والى ذلك فقد واجهنا انهياراً فعلياً لكثير من المؤسسات والمرافق الحكومية، هذه العوامل جميعاً لم تتح لشعبنا الاستفادة من خيرات بلادنا على النحو الامثل ولكن لو قارنا ما كان عليه الوضع قبل 2003 والان لوجدنا فوارق هائلة، فالدخول ارتفعت عشرات بل مئات الاضعاف احياناً.
صحيح أن جزءاً من هذه الزيادة يتبدد بسبب الغلاء، ولكن هناك مؤشرات واضحة على تحسن الاوضاع الاقتصادية للمواطنين تمثلت في الاقبال على شراء المزيد من المواد الاستهلاكية وحتى الكمالية بالاضافة الى المواد الغذائية المحلية والكثير من المستوردة التي لم يكن يعرفها المواطن اصلاً.
ونحن حينما نتحدث عن ذلك لا نخفي في الوقت ذاته ما نواجهه من مشاكل وخاصة في مجال الخدمات والتربية والقطاع الصحي وغيرها، بالاضافة الى الفساد الذي هو دوماً معوق اساسي للتنمية.

انباء موسكو: ثمة احاديث تتردد على السنة قادة عسكريين اميركيين حول احتمال تمديد فترة التواجد العسكري في العراق، ما هو موقفكم من ذلك وكيف سينعكس، اذا حصل، على الوضع الداخلي؟ وما مدى استعداد قواتكم للحفاظ على الامن في حال اتمام الانسحاب الامريكي؟
الرئيس طالباني: لقد تضمنت الاتفاقية الامنية المعقودة بيننا وبين الولايات المتحدة مواعيد زمنية محددة لانسحاب القوات والطرفان ملتزمان بتنفيذ هذه الاتفاقية. ونحن نعمل طوال السنوات الاخيرة على استكمال هيكلة وتسليح وتدريب قواتنا المسلحة واجهزة الشرطة والامن بالتعاون مع مختلف الدول (وهنا اريد ان اعرب عن الامل والثقة باتساع التعاون مع روسيا في كل هذه المجالات) ولا شك ان الحفاظ على سيادة واستقلال بلادنا امر ليس عسكريا فقط، بل يعتمد على اقامة افضل العلاقات مع البلدان المجاورة وهذا ما نفعله حاليا.
ونأمل ان تكون قواتنا على اتم الجاهزية لاداء المهام المناطة بها.

انباء موسكو: تصاعدت موجة العنف مجدداً في الفترة الاخيرة، فهل تنحصر اسباب ذلك في افرازات الانتخابات، ام ان للوضع الاقليمي تاثيراً على ذلك؟
الرئيس طالباني: اشرت في جوابي على سؤال سابق الى القوى الظلامية التي تشعر بانها تفقد كل ما تبقى من "تبرير" مزعوم للعنف. فالقوات الاجنبية تنسحب وفق جدول متفق عليه والسلطة لم تعد حكراً على احد والعملية السياسية تتسع للجميع، وحتى من يعارض هذه العملية، من دون اللجوء الى العنف، فانه يجد منابر متاحة له في وسائل الاعلام المحلية والخارجية وفي تنظيمات سياسية ومنظمات اجتماعية. ولذا فان هذه القوى تخشى من فقدان اخر مرتكزاتها وتريد استثمار ما تعتبره فرصتها الاخيرة لتحقيق مآربها وتعطيل العملية السياسية واستثمار الخلافات بين بعض القوى السياسية لتأزيم الوضع وزيادة حدة التوتر. ولذا فان الاسراع في تشكيل حكومة شراكة وطنية تساهم فيها جميع القوى الفائزة في الانتخابات هو خير رد على هذه القوى.
اذا كان سؤالكم المتعلق بالوضع الاقليمي يشير الى مواقف سلبية حيال العراق من بعض الدول، فان بوسعنا القول ان صورة جديدة تتضح الان بجلاء فالدول العربية الشقيقة والدول الاسلامية المجاورة توسع وتعزز روابطها مع العراق منطلقة من ان الامن الاقليمي لا يتجزأ وان استقرار العراق هو استقرار المنطقة بأسرها وانه يفتح افاقا واسعة للتعاون الاقتصادي والتبادل الثقافي في منطقتنا.

انباء موسكو: هل يمكن القول ان علاقات بغداد وموسكو اجتازت مرحلة الفتور سياسياً؟ وفي الجانب الاقتصادي عادت بعض الشركات الروسية للعمل في العراق لكن البعض يقول ان حصة الاسد من العقود المجزية ستكون من نصيب دول التحالف خصوصاً في قطاع النفط فيما ستخسر الشركات الروسية التي عملت طويلا في العراق سابقا فرص المنافسة للفوز بعقود. كيف تنظرون لهذه المخاوف؟
الرئيس طالباني: لعلاقاتنا مع روسيا تاريخ طويل وشهدت الروابط بين بلدينا نمواً سريعاً في جميع الميادين بعد ثورة 14 تموز عام 1958، وهناك الكثير من المشاريع التي شارك في انشائها الخبراء والفنيون السوفيت والروس، بالاضافة الى ان سلاح الجيش العراقي كان في غالبيته روسي الصنع. ونحن نريد الحفاظ على هذه الروابط وتعزيزها.
وربما كان لموسكو قبل سبع سنوات بعض الهواجس من ان التغيير الجذري الذي طرأ على نظام الحكم في العراق بسقوط نظام صدام حسين، قد يؤثر سلبياً عليها من الناحيتين السياسية والاقتصادية، وقد عملت على تغذية هذه الهواجس بعض القوى المرتبطة بالنظام السابق، التي ارادت فرض عزلة دولية على العراق. ولكن الامور بدأت تتضح شيئاً فشيئاً واخذت تنتظم العلاقة وتعمل سفارة روسيا بنشاط في بغداد، وكذلك سفارتنا في موسكو. ونحن اليوم نرغب في توسيع التعاون في شتى المجالات: السياسية والاقتصادية والتعليم والثقافة والميادين العسكرية والتسليحية، وكذلك نحن بحاجة ماسة الى تعاون في مواجهة آفة سرطانية يعاني منها بلدانا وهي الارهاب الذي يعمل تحت راية دينية تارة او بزعم "المقاومة" تارة اخرى.ونحن نعتقد ان هذه المنظمات الارهابية، هنا وهناك، قد يكون لديها نوع من التنسيق والتعاون فيما بينها ما يدعو الى تظافر جهود بلدينا في هذا المجال ليكون ذلك اسهاما كبيرا في توفير الامن والاستقرار للطرفين.
اما بالنسبة للاقتصاد فاعتقد انه يكفي ان تراجعوا العقود النفطية التي وقعها بلدنا لتجدوا ان من اهمها العقد الموقع مع ائتلاف تقوده شركة "لوك اويل" التي سوف تعمل في حقل "غرب القرنة 2" وهو من اكبر حقول العراق، اضافة الى عدد من العقود المهمة الاخرى، ناهيك عن التعاون المتسع باستمرار في مجال الكهرباء والري وغيرها.
ولذا فان الافاق واسعة واعتقد واتمنى ان تتوثق هذه الروابط لمصلحة بلدينا وشعبينا.
اود شخصيا الاشارة الى انني كنت قد زرت بلادكم لاول مرة قبل اكثر من نصف قرن ثم زرتها بعد ذلك. وانني احفظ لهذا الشعب العظيم كل الود والمحبة وارجو ان تنقلوا مشاعري هذه عبر جريدتكم "انباء موسكو" التي اتمنى لها النجاح والوصول الى اوسع فئة من القراء العرب.

عن: المركز الصحفي لرئاسة جمهورية العراق. Opinions