Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

نوري السعيد رجل المهمات البريطانية الكبرى / الحلقة الثامنة

الحرب العالمية الثانية وحركة الكيلاني ومواقف نوري السعيد
أولا: نوري السعيد والموقف من الحرب العالمية الثانية:
لم تكد بريطانيا تعلن الحرب على ألمانيا، واشتعال لهيب الحرب في أنحاء أوربا، حتى بادر السفير البريطاني للاتصال بنوري السعيد على الفور طالباً منه تطبيق معاهدة التحالف المبرمة بين البلدين في 30 حزيران 1930، وإعلان الحرب على ألمانيا، وقد طمأن نوري السعيد السفير البريطاني، ووعده بقطع العلاقات مع ألمانيا، وإعلان الحرب عليها بأسرع وقت. (1)
وعلى الفور أبلغ نوري السعيد الوصي عبد الإله برغبة بريطانيا بإعلان الحرب على ألمانيا، وتقرر عقد اجتماع لمجلس الوزراء برئاسة عبد الإله في 5 أيلول 1939، وطرح نوري السعيد أمام مجلس الوزراء الطلب البريطاني، لكن خلافاً حاداً حدث داخل مجلس الوزراء، فقد رفض وزير الدفاع [طه الهاشمي ] ووزير العدل [ محمود صبحي الدفتري ] فكرة إعلان الحرب على ألمانيا، طالبين الاكتفاء بقطع العلاقات الدبلوماسية معها، وأعلنا أنهما سيقدمان استقالتهما إذا ما أصر نوري السعيد على إعلان الحرب. (2)
وإزاء ذلك الموقف اضطر نوري السعيد للتراجع مؤقتاً، والاكتفاء بقطع العلاقات الدبلوماسية، وسارع بالطلب من السفير الألماني [الدكتور كروبا] بمغادرة البلاد تحت حراسة الشرطة نحو سوريا، كما قام نوري السعيد باعتقال كافة الرعايا الألمان، وسلمهم للقوات البريطانية المتواجدة في قاعدة الحبانية، ثم جرى تسفيرهم إلى الهند كأسرى حرب.
أما عبد الإله فقد سارع إلى إرسال برقية إلى الملك جورج، ملك بريطانيا، يبلغه أن العراق سوف يلتزم تماماً بمعاهدة الصداقة والتحالف المعقودة مع بريطانيا عام 1930، وسوف يقدم العراق كل ما تتطلبه المعاهدة. (3)
كما أذاع نوري السعيد بياناً للحكومة في 17 أيلول أعلن فيه التزام العراق بمعاهدة التحالف مع بريطانيا، واستعداد الحكومة للقيام بما تمليه تلك المعاهدة من واجبات تجاه الحليفة بريطانيا.
سبب موقف نوري السعيد وحكومته موجة من السخط العارم على تلك السياسة المتعارضة مع المصلحة الوطنية، والتي تهدف إلى زج العراق في الحرب الإمبريالية. أما نوري السعيد فقد أقدم على تعطيل مجلس النواب الذي نظمت وزارته انتخابه قبل مدة وجيزة، ولجأ إلى إصدار المراسيم المخالفة للدستور، والهادفة إلى قمع كل معارضة لسياسته الموالية لبريطانيا، وكان من بين تلك المراسيم مرسوم مراقبة النشر رقم 54 لسنة 1939، ومرسوم الطوارئ رقم 57 لسنة 1939، منتهكاً بذلك الحقوق والحريات التي كفلها الدستور للشعب. (4)
وتطبيقاً لمعاهدة 1930، فتح نوري السعيد الباب على مصراعيه للقوات البريطانية لكي تحتل العراق من جديد، وليصبح العراق طرفاً في حرب استعمارية لا ناقة له فيها ولا جمل كما يقول المثل.
لم تترك الحرب العالمية الثانية بعد أن أمتد لهيبها ليشمل أوربا وأسيا وأفريقيا بلداً إلا وكان لها تأثير كبير عليه، سواء كان عسكرياً أم اقتصادياً، أم اجتماعياً، وكان العراق غارقاً في خضم تلك الحرب بعد أن احتلته القوات البريطانية احتلالاً كاملاً لمنع القوات الألمانية من الوصول إليه، حيث يمتلك العراق مصادر الطاقة [النفط] التي كانت ألمانيا بأمس الحاجة لها لإدامة آلتها الحربية.
لقد عانى الشعب العراقي الأمرّين من تلك الحرب حيث أفتقد المواد الغذائية،والملابس، وغيرها من الحاجات المادية الأخرى، وأصبحت تلبية تلك الحاجات أمراً صعباً للغاية، واضطرت الحكومة إلى تطبيق نظام الحصص[الكوبونات] لكي تحصل الأُسر العراقية على حاجتها من المواد الغذائية والأقمشة لصنع الملابس، واشتهرت تلك الأيام بـ[ أيام الخبز الأسود] بسبب النقص الخطير في الحبوب، ورداءة نوعية الطحين.
كما أن حكومة نوري السعيد كانت قد سخرت موارد البلاد لخدمة الإمبريالية البريطانية وحربها، مما أثار غضب الشعب العراقي وحقده على الإنكليز، والنظام الملكي. وفي تلك الأيام جرى اغتيال وزير المالية [ رستم حيدر] في 18 كانون الثاني 1940،على يد مفوض الشرطة [حسين فوزي توفيق] في مكتبه بالوزارة، وقد تم اعتقال القاتل.
حاول نوري السعيد أن يستغل الحادث لتوجيه تهمة التحريض على القتل لعدد من الشخصيات السياسية المعارضة، حيث أقدم على اعتقال كل من الوزيرين السابقين[ صبيح نجيب ] و[إبراهيم كمال ]، والمحاميين المعروفين [ نجيب الراوي ] و[شفيق السعيدي] موجهاً لهم تهمة التحريض على قتل الوزير. وقام نوري السعيد بمقابلة القاتل في السجن وضغط عليه، ووعده بالتخفيف عنه لكي يعترف بأن صبيح نجيب، وإبراهيم كمال قد حرضاه على قتل [رستم حيدر]. (5)
أثار تصرف نوري السعيد هذا حفيظة العديد من رؤساء الوزارات والوزراء السابقين، بالإضافة إلى وزير الداخلية في حكومة السعيد [ناجي شوكت] حيث وجدوا أن نوري السعيد يريد استخدام حادث القتل لتصفية عدد من خصومه السياسيين، ولذلك فقد لجئوا إلى الوصي عبد الإله، مستنكرين أعمال نوري السعيد بزج أسماء أولئك الذين اتهمهم بالتحريض على قتله، وكان من بين أولئك الذين قابلوا الوصي، وشكوه من تصرفات نوري السعيد كل من ناجي السويدي، وجميل المدفعي، وتوفيق السويدي، وكلهم من رؤساء الوزارات السابقين. (6)
ورغم كل تلك الاحتجاجات حاول نوري السعيد إحالة هؤلاء المعتقلين إلى المجلس العرفي العسكري لمحاكمتهم بتهمة التحريض، إلا أن وزير الخارجية[ علي جودت الأيوبي ]، ووزير المواصلات والأشغال[ جلال بابان] عارضا بشدة محاولة نوري السعيد، وطالبا بإحالة القضية إلى محكمة مدنية.
كما هدد وزير العدل [محمود صبحي الدفتري ] بالاستقالة إذا ما مضى السعيد بخططه، وقد أيد موقف الوزير اثنان آخران من الوزراء، وبذلك فشلت خطط نوري السعيد، وأصبح من المتعذر عليه الاستمرار في الحكم بتلك التشكيلة الوزارية، فتوجه باستقالة حكومته إلى الوصي في 18 شباط 1940. (6)
استقالة وزارة نوري السعيد:
قبل أن يقدم نوري السعيد استقالة حكومته إلى الوصي، دعا مساء يوم 14 شباط القادة العسكريين الذين كان يتوكأ عليهم، وهم العقداء [ صلاح الدين الصباغ ] و[ فهمي سعيد ] و [محمود سلمان ] و[ كامل شبيب ] و[ سعيد يحيى ] و [إسماعيل نامق ] إلى العشاء معه في داره، وفي أثناء المأدبة فاتحهم بموضوع وزارته وأوضاعها، بعد مقتل [رستم حيدر] معرباً عن رغبته في الاستقالة، وأبلغهم أنه اتفق مع [ طه الهاشمي ] على إسناد رئاسة الوزارة إلى [رشيد عالي الكيلاني]، وقد عبر قادة الجيش عن معارضتهم لاستقالة نوري السعيد ودعمهم له.
لكن نوري السعيد عاد بعد يومين إلى فكرة الاستقالة، وفي الوقت نفسه قام وزير الدفاع [ طه الهاشمي ] بجمع قادة الجيش في 18 شباط وشرح لهم ضرورة استقالة الحكومة، وتأليف حكومة جديدة قوية
ولما بلغ أسماع رئيس أركان الجيش [الفريق حسين فوزي] تلك التحركات، أستدعى أولئك القادة العسكريين، وأبلغهم أن في نية نوري السعيد الاستقالة، وتكليف[رشيد عالي الكيلاني] بتشكيل الوزارة الجديدة على أن يشغل نوري السعيد وزارة الخارجية، و[طه الهاشمي ] وزارة الدفاع ،وأبدى رئيس أركان الجيش الفريق[حسين فوزي]، وقائد الفرقة الأولى اللواء [أمين العمري] رغبتيهما في عدم إشراك هذين القطبين اللذين استخدما الجيش في المسائل السياسية، وضرورة إبعاد الجيش عن السياسة. (7)
ولما علم نوري السعيد بتحركات الفريق حسين فوزي والفريق أمين العمري قرر سحب استقالة حكومته، وأصدر قراراً بإحالة كل من [حسين فوزي] و[أمين العمري] و[عزيز ياملكي] على التقاعد في الوقت الذي كان هؤلاء يخططون لعمل ضد حكومته، لكن السعيد كان أسرع منهم حيث وجه لهم ضربته، وعاد يمتلك السلطة والقوة من جديد حيث كلفه عبد الإله بتأليف الوزارة الجديدة. (8)
ثانياً: نوري السعيد يؤلف الوزارة من جديد:
حاول عبد الإله في بادئ الأمر تشكيل وزارة محايدة برئاسة الشيخ [محمد الصدر] رئيس مجلس الأعيان، إلا أن الصدر اعتذر عن هذه المهمة بسبب ضغوط العسكريين الموالين لنوري السعيد، كما اعتذر [رشيد عالي الكيلاني] عن المهمة لنفس السبب.
أما نوري السعيد فقد ذهب لمقابلة الوصي عبد الإله وأبلغه أن الجيش معه، فلم يجد الوصي سبيلاً سوى تكليف نوري السعيد من جديد في 22 شباط 1940، وتم تشكيل وزارته الخامسة بنفس اليوم، لكن هذه الوزارة كانت قصيرة العمر، حيث لم تمكث في الحكم سوى خمسة أسابيع،عمل خلالها نوري السعيد جاهداً على إدانة المتهمين بالتحريض على قتل [رستم حيدر] لكنه لم يوفق في ذلك بعد أن طلبت منه الحكومة البريطانية إجراء محاكمة مدنية لهم . (9)
واضطر نوري السعيد إلى سحب الدعوة من المجلس العرفي، وأحالها إلى المحاكم المدنية التي نظرت في الدعوة، وقررت براءتهم من التهمة الموجه لهم، إلا أنها حكمت على وزير الدفاع السابق [ صبيح نجيب] بالسجن لمدة سنة واحدة بسبب تهجمه على حكومة نوري السعيد، حيث اعتبرت المحكمة ذلك التهجم إثارة للرأي العام ضد الحكومة.
أما القاتل فقد حكم علية بالإعدام، ونفذ الحكم به فجر يوم الأربعاء 27 آذار 1940، وقد تفوه القاتل قبيل تنفيذ الحكم بعبارات تثير الشكوك في أن يكون لنوري السعيد يد في تدبير اغتيال رستم حيدر، وبإعدامه أسدل الستار على هذه القضية التي أراد نوري السعيد استخدامها وسيلة للتنكيل بخصومه السياسيين، وأصبحت حكومة نوري السعيد في موقف ضعيف جداً بعد افتضاح اللعبة التي لعبها مما اضطره ذلك إلى تقديم استقالة حكومته إلى الوصي في 31 آذار 1940، حيث تم قبول الاستقالة في نفس اليوم، وباشر الوصي مشاوراته لتأليف وزارة جديدة حيث دعا رؤساء الوزارات السابقين السادة [علي جودت الأيوبي] و[توفيق السويدي] و[ناجي السويدي] و[جميل المدفعي] و[نوري السعيد] و[رشيد عالي الكيلاني] و[ناجي شوكت] وتباحث معهم في أمر تأليف وزارة ائتلافية تضم جميع الأطراف، وتستطيع مجابهة الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، حيث استقر الرأي على تكليف [ رشيد عالي الكيلاني]، وقيل آنذاك أن السفير البريطاني هو الذي أشار على الوصي بتأليف وزارة قومية تضم جميع الأطراف والتكتلات. (10)
ثالثاً: رشيد عالي الكيلاني يؤلف وزارة جديدة:
في 31 آذار 1940 صدرت الإرادة الملكية بتكليف رشيد عالي الكيلاني الذي كان يشغل منصب رئيس الديوان الملكي آنذاك بتأليف الوزارة الجديدة، واحتفظ الكيلاني بوزارة الداخلية، وأصبح نوري السعيد وزيراً للخارجية، وطه الهاشمي وزيراً للدفاع، فيما شغل ناجي السويدي وزارة المالية، وناجي شوكت وزارة العدل.
وهكذا جاءت الوزارة الكيلانية الجديدة وهي تضم أربعة من رؤساء الوزارات السابقين، ومختلف الكتل، وحاولت تحسين صورتها أمام الرأي العام العراقي، فأقدمت على إلغاء الأحكام العرفية في الموصل وبغداد، وأطلقت سراح العديد من المعتقلين السياسيين الذين أدانتهم المجالس العرفية.
لكن الحكومة بدأت باكورة أعمالها بإصدار مرسوم [ صيانة الأمن العام وسلامة الدولة] في 30 أيار 1940، وجاء هذا المرسوم أشد وطأة من المرسوم الذي أصدره نوري السعيد، والذي رفضته المحكمة العليا فيما بعد لمخالفته أحكام الدستور، في 11 أيلول 1939، حيث خول المرسوم الجديد صلاحية اعتقال الأشخاص المشتبه بكونهم يمثلون خطراً على الأمن العام ونفيهم، أو سجنهم لمدد تصل إلى 5 سنوات، وفرض المرسوم قيوداً جديدة على الصحف، وكافة وسائل النشر ومراقبة الرسائل البريدية، والتلفون، والبرقيات، ومراقبة المطبوعات والمطابع، وصلاحية غلقها، ومنع الاجتماعات والتجمعات، وتفريقها بالقوة، وغلق النوادي والجمعيات، ومنع التجول، وتفتيش الأشخاص والمساكن والمحلات، وغيرها من الإجراءات الأخرى المخالفة للدستور، وخول المرسوم وزير الداخلية صلاحية اتخاذ كل ما يلزم لتنفيذ هذا المرسوم، واعتبر هذا المرسوم لطخة سوداء في تاريخ الوزارة الكيلانية.
لم تكد تمضي سوى مدة شهرين على تشكيل الوزارة الكيلانية حتى دبت الخلافات بين أركانها بسبب الموقف من إيطاليا التي أعلنت الحرب على بريطانيا وفرنسا في 10 حزيران 1940 ، ودخلت الحرب إلى جانب ألمانيا.
فقد سارع السفير البريطاني إلى الاجتماع بنوري السعيدـ وزير الخارجية ـ وطلب منه قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيطاليا، وطلب منه أيضا أن يصله جواب الحكومة قبل الساعة الثانية عشرة من ظهر ذلك اليوم. (11)
وعلى الفور قام نوري السعيد بإبلاغ رئيس الوزراء بطلب السفير البريطاني، وتقرر أن يجتمع مجلس الوزراء فوراً برئاسة الوصي عبد الإله لدراسة الطلب البريطاني، واتخاذا قرار بشأنه.
وخلال النقاش الذي أجراه مجلس الوزراء ظهر انقسام شديد بين أعضائه، فقد انقسم المجلس إلى تيارين، التيار الأول دعا إلى إعلان قطع العلاقات مع إيطاليا فوراً، تنفيذاً لطلب بريطانيا وتزعم هذا التيار [نوري السعيد] وضم [محمد أمين زكي] و[صادق البصام] و[رؤوف البحراني] و[عمر نظمي] .
أما التيار الثاني والأقوى بزعامة رئيس الوزراء[ رشيد عالي الكيلاني] وضم [ طه الهاشمي ] و[ناجي شوكت] و[ناجي السويدي] فقد دعا إلى التريث، وعدم التسرع في اتخاذ أي قرار، ولاسيما وأن الحرب قد اتخذت لها مساراً خطيراً، بعد أن استطاعت ألمانيا اجتياح معظم البلدان الأوربية، مؤكدين على ضرورة أن تراعي الحكومة مصلحة البلاد، وتراقب أوضاع الحرب وتطوراتها لكي لا تنعكس سلباً على العراق.
تأزمت الخلافات داخل مجلس الوزراء بين التيارين، وهدد الوزير [محمد أمين زكي] بالاستقالة إذا لم تقرر الوزارة الاستجابة لطلب بريطانيا.
غير أن مجلس الوزراء لم يتوصل إلى أي قرار، وتم الاتفاق على عقد جلسة أخرى مساء اليوم نفسه، وفي مقر مجلس الوزراء.
وتم عقد الاجتماع في الموعد المقرر، وواصل مناقشة الموضوع، واتخذت الحكومة قرارها بالتريث في مسألة قطع العلاقات مع إيطاليا، مع الإقرار بتمسك الحكومة بمعاهدة التحالف مع بريطانيا، واستعدادها للقيام بما تمليه عليها معاهدة 1930 المعقودة مع بريطانيا.
أثار قرار الحكومة غضب السفير البريطاني الذي أسرع لمقابلة رئيس الوزراء في 12 حزيران، وعبر له عن دهشة، وقلق بريطانيا من القرار، وتردد الحكومة في قطع العلاقات مع إيطاليا، وأبلغه بأن هذا الموقف من جانب الحكومة يؤثر تأثيراً بالغاً على صدقيه الحكومة في تنفيذ بنود معاهدة
التحالف الموقعة عام 193.
لكن الكيلاني أجابه على الفور أن الحكومة تقرر ما تراه موافقاً لمصلحة البلاد، فكان أن سأله السفير فيما إذا كان هذا الموقف يمثل رأيه الشخصي أم رأي الحكومة ؟ وقد رد عليه الكيلاني أن القرار قد اتخذته الحكومة، وأنا أرى شخصياً أن لا يورط العراق نفسه في عمل من شأنه أن يؤثر على حاضره ومستقبله، ويقلق الرأي العام العراقي.
أثار تصرف رئيس الوزراء الكيلاني هذا غضب المستر [تشرشل ] رئيس الوزراء البريطاني حيث صرح قائلاً :
{إن حكومة الكيلاني تتصرف بروح استقلالية لم يسبق لأي رئيس وزارة عراقية أن تصرف بمثلها من قبل }. (12)
وحاولت الحكومة البريطانية الضغط على حكومة العراق بأساليبها العسكرية، فقد أبلغت السفارة البريطانية وزارة الخارجية العراقية بكتابها المرقم 284 في 21 حزيران 1940أن الحكومة البريطانية قررت إنزال قواتها العسكرية في البصرة، لغرض التوجه إلى حيفا، وطلبت أن تسمح الحكومة للقوات الجوية البريطانية بتأسيس معسكرات للاستراحة في البصرة وبغداد والموصل، وتأسيس خطوط مواصلات عبر الصحراء بين بغداد وحيفا،وقد أجابت الحكومة العراقية بالموافقة على الطلب البريطاني في 22 تموز،عملاً ببنود معاهدة 1930، وكان ذلك أكبر خطأ ارتكبته حكومة الكيلاني، فقد كان الهدف الحقيقي من جلب القوات البريطانية لغرض فرض الهيمنة البريطانية المطلقة على العراق، وإسقاط حكومته، كما سنرى فيما بعد.
رابعاً: تطورات العلاقة العراقية الألمانية والعراقية البريطانية
لم يمضِ سوى أسبوع واحد على دخول إيطاليا الحرب إلى جانب ألمانيا حتى استطاعت الأخيرة دحر القوات الفرنسية، واحتلال العاصمة الفرنسية باريس.
وفي تلك الأيام وصل إلى العراق [الحاج أمين الحسيني ] مفتي فلسطين هرباً من ملاحقة القوات البريطانية له، وكان معروفاً عنه أنه كان على علاقة جيدة مع ألمانيا غريمة بريطانيا، وقد نصح الحسيني الكيلاني بأن يجري اتصالاً مع السفير الألماني في تركيا [فون بابن ] للوقوف على وجهة نظر ألمانيا تجاه مستقبل البلاد العربية، وسوريا على وجه الخصوص، حيث كانت تحت الانتداب الفرنسي. (13)
جرى الاتفاق بين الكيلاني والحسيني أن ترسل الحكومة وفداً مؤلفاً من وزير الخارجية[نوري السعيد] ووزير العدل [ ناجي شوكت] إلى تركيا بحجة التباحث مع الحكومة التركية حول مستقبل سوريا بعد انهيار فرنسا،على أن يقوم ناجي شوكت بعد انتهاء المباحثات وعودة نوري السعيد بزيارة إلى [اسطنبول] لبضعة أيام بدعوى الراحة والاستجمام لغرض الالتقاء مع السفير الألماني [فون بابن] دون علم نوري السعيد لعدم ثقة الكيلاني به، وقد زود أمين الحسيني السيد ناجي شوكت برسالة إلى السفير [فون بابن ] الذي تربطه به علاقات وثيقة. وبعد سفر الوفد إلى تركيا أجرى محادثات مع الحكومة التركية حول مستقبل سوريا، بعد انهيار فرنسا، وقد عاد نوري السعيد إلى بغداد بعد انتهاء المباحثات، فيما توجه ناجي شوكت إلى اسطنبول، بحجه قضاء بضعة أيام فيها للراحة والاستجمام، والتقى بالسفير الألماني هناك وبحث معه موقف ألمانيا من البلاد العربية، وأبلغه أن العرب يطمحون إلى التخلص من الاستعمار البريطاني والفرنسي ، وهو يود معرفة موقف ألمانيا من الأماني العربية، وناشده أن تصدر ألمانيا وإيطاليا بياناً حول الموضوع، وقد وعده السفير الألماني بنقل ما دار في اللقاء إلى حكومته، وأن يبذل جهده لحمل الحكومة الألمانية على تحقيق الأماني العربية.
وفي ختام اللقاء ترك إلى السفير العراقي [كامل الكيلاني] مهمة مواصلة اللقاءات مع السفير الألماني، وعاد إلى بغداد في 12 تموز، واطلع رفاقه الكيلاني، والهاشمي، وناجي السويدي على ما دار في ذلك اللقاء. (14)
أما السفير[ فون بابن ] فقد توجه بعد اللقاء إلى ألمانيا ليجري اتصالاته مع الحكومة حول لقائه مع الوزير العراقي، واستطاع أن يقنع الحكومة بأن تصدر بياناً ألمانياً إيطالياً مشتركاً حول موقف دول المحور من البلاد العربية، ومستقبلها. ثم عاد إلى اسطنبول وأبلغ السفير العراقي كامل الكيلاني، شقيق رئيس الوزراء، بقرار الحكومة الألمانية، وقام السفير بدوره بإبلاغ أخيه بالأمر.
وبناء على ذلك قرر رشيد عالي الكيلاني إرسال ناجي شوكت إلى اسطنبول مرة أخرى بحجة الراحة والاستجمام للقاء السفير[ فون بابن] وتقديم مسودة بالأسس التي تود الحكومة العراقية أن يتضمنها البيان، وكان في مقدمتها الاعتراف الصريح من جانب ألمانيا وإيطاليا باستقلال البلاد العربية، وحق العرب في إقامة وحدتهم القومية، ورفض إقامة كيان صهيوني في فلسطين.
غادر ناجي شوكت إلى اسطنبول في 2 آب 1940، حيث التقى بالسفير الألماني، وسلمه مسودة البيان الذي تقترحه الحكومة العراقية، وطلب منه إرساله إلى حكومته، وأبلغه أن الحكومة العراقية بانتظار صدور البيان الألماني الإيطالي المنتظر، الذي يتضمن هذه الأسس التي نقلها إليه. وفي 23 تشرين الأول 1940 أذيع من راديو برلين وراديو روما البيان الموعود، لكن البيان جاء بعبارات عمومية لم تتضمن الأسس التي جاءت بها المسودة التي نقلها الوزير العراقي للسفير الألماني[ فون بابن] الذي أعلم السفير العراقي أن هذا البيان هو مجرد بداية !!. (15)
تدهور العلاقات العراقية البريطانية :
على اثر قرار حكومة الكيلاني بالتريث في قطع العلاقات مع إيطاليا رغم إلحاح السفير البريطاني، بدأت العلاقات العراقية البريطانية تأخذ بالتأزم، ولاسيما بعد أن وصل إلى علم الحكومة البريطانية الاتصالات التي أجراها ناجي شوكت مع السفير الألماني في تركيا [ فون بابن ].
لقد أدرك السفير البريطاني صعوبة التعاون مع حكومة الكيلاني، وأخذ يتحين الفرصة لإسقاطها، وبالمقابل أخذت حكومة الكيلاني تضيق على تحركات الإنكليز، ووسائل دعاياتهم ضد دول المحور متذرعة بعدم رغبة الحكومة بخلق مشاكل لها مع هذه الدول .
وازدادت الأزمة تصاعداً عندما رفضت بريطانيا تزويد الجيش العراقي بالأسلحة التي كان بأمس الحاجة لها، حيث قيدت معاهدة 1930 العراق بشراء الأسلحة البريطانية فقط ، فلما وجدت حكومة الكيلاني أن الباب موصود أمامها للحصول على السلاح البريطاني لجأت إلى إيطاليا واليابان لشراء الأسلحة منهما، وكان رد الفعل البريطاني على خطوة حكومة الكيلاني أن امتنعت الحكومة البريطانية عن شراء القطن العراقي رغم تدني أسعاره، مما دفع بحكومة الكيلاني إلى عقد اتفاقية مع اليابان باعت بموجبها جميع محصول القطن، ومحصول التمور لها، مما أثار غضب الحكومة البريطانية إلى أقصى الحدود، ولاسيما وأن اليابان كانت قد دخلت الحرب إلى جانب ألمانيا.
ومن جانب آخر أقدمت حكومة الكيلاني على إقامة العلاقات الدبلوماسية مع الاتحاد السوفيتي، مما أوصل العلاقات بين العراق وبريطانيا إلى أقصى درجات التأزم، بحيث أبلغ السفير البريطاني نوري السعيد بأن الحكومة البريطانية لم تعد تثق بحكومة الكيلاني، وأن على العراق أن يختار بين الاحتفاظ بحكومة الكيلاني أو الاحتفاظ بصداقة بريطانيا العظمى. (15)
وهكذا بدأ الصراع المكشوف بين الحكومة البريطانية والسفير البريطاني وسارع الكيلاني إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء لبحث التدخل البريطاني السافر بشؤون العراق الداخلية، وتقرر تقديم احتجاج رسمي إلى الحكومة البريطانية على تصرفات سفيرها في بغداد. (16)
ولممارسة المزيد من الضغوط على حكومة الكيلاني لجأت بريطانيا إلى الولايات المتحدة داعية إياها للضغط على حكومة الكيلاني، حيث اتصل السفير الأمريكي بالكيلاني، وطلب منه التعاون مع الحكومة البريطانية، ومنع دعاية الكراهية لبريطانيا بين صفوف الشعب العراقي.
وقد أكد الكيلاني للسفير الأمريكي أن الحكومة لا تنوي الإضرار بالمصالح البريطانية، وأنها حريصة على تطبيق بنود معاهدة 1930 لكن شائعات سرت بعد بضعة أيام تقول أن الحكومة العراقية تنوي إعادة العلاقات الدبلوماسية مع ألمانيا.
لم يستطع نوري السعيد تحمل سياسة الكيلاني، وهو المتحمس إلى أبعد الحدود لتشديد ارتباط العراق بالعجلة البريطانية، فكتب مذكرة إلى الكيلاني، وبعث بنسخة منها إلى الوصي عبد الإله، وإلى السفير البريطاني ينتقد فيها سياسة الحكومة تجاه بريطانيا العظمى، ويتحدث عن فقدان الانسجام والتعاون بين أعضاء الوزارة، ويحذر من مغبة السير بهذا الطريق، ويدعو الحكومة إلى إعادة النظر في مجمل سياساتها. (17)
أما الوصي عبد الإله فقد دعا لعقد جلسة لمجلس الوزراء برئاسته في البلاط، في 17 كانون الأول، لمناقشة مذكرة نوري السعيد، وسياسة الحكومة. وخلال الاجتماع بدت على الوصي علامات الانفعال من سياسة الكيلاني،حيث تحدث إليه قائلاً:{ إنني ألاحظ أن التآزر بين أعضاء الوزارة القائمة مفقود، والاختلافات بين أركانها في تزايد مستمر، ولاسيما فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، وعلاقات بلادنا بالحليفة بريطانيا العظمى}. (18)
وقد رد السيد ناجي السويدي قائلاً أن ليس هناك من خلافات خطيرة تستوجب ذلك.
لكن نوري السعيد أصر على موقفه من وجود الخلافات، وانتهى الاجتماع مع الوصي دون حدوث أي تغير. ولم يكد أعضاء مجلس الوزراء يغادرون البلاط الملكي حتى لحق رئيس الديوان الملكي السيد عبد القادر الكيلاني برشيد عالي الكيلاني ليطلب منه تقديم استقالته بناء على رغبة الوصي، حرصا على عدم إحراجه مع الإنكليز، وكان هذا التصرف من جانب الوصي بناء على طلب الحكومة البريطانية. وهكذا بدأت الأزمة بين حكومة الكيلاني والوصي عبد الإله، وقرر مجلس الوزراء إرسال وفد لمقابلة الوصي برئاسة رئيس الوزراء الكيلاني وعضوية كل من وزير الدفاع
[طه الهاشمي] و ناجي شوكت ـ وزير المالية .
وخلال اللقاء أبلغ الوفد الوصي أن طلب استقالة الوزارة عمل غير دستوري، وأن ليس من حقه بموجب الدستور أن يقيل الوزارة. (19)
كان رشيد عالي الكيلاني في ذلك الوقت قد أمّن وقوف قادة الجيش العقداء الأربعة[ صلاح الدين الصباغ ] و[فهمي سعيد] و[محمود سلمان] و[كامل شبيب] إضافة إلى مفتي فلسطين الذي يتمتع بنفوذ كبير لدى الضباط القوميين.
وفي 21 كانون الأول 1940، أعلن الكيلاني أمام مجلس النواب أن العراق دولة مستقلة، وعليه أن ينشد في كل تصرفاته مصالحه الوطنية، وأمانيه القومية، وينبغي أن لا ينجرف وراء ما لا يتلاءم مع هذه المصالح والأماني، وان الحكومة حريصة على عدم القيام بأي عمل يجر العراق إلى شرور الحرب والمساس بسلامة البلاد.
وعلى أثر ذلك قطع السفير البريطاني أي صلة له بالحكومة ورئيسها وأخذت صلاته تجري مع الوصي بصورة مباشرة، متخطيا الحكومة الشرعية ورئيسها.اشتدت الأزمة داخل مجلس الوزراء، ولاسيما بين نوري السعيد المتحمس للإنكليز، وناجي شوكت المعارض لهم، واقترح طه الهاشمي لحل الأزمة أن يستقيل نوري السعيد وناجي شوكت من الوزارة، وبالفعل قدم نوري السعيد استقالته من الوزارة في 19 كانون الأول فيما قدم ناجي شوكت استقالته في 25 منه.
لكن الوصي رفض التوقيع على الاستقالة مطالباً رشيد عالي الكيلاني بتقديم استقالة وزارته، غير أن تدخل العقداء الأربعة أجبر عبد الإله على توقيع استقالة الوزيرين، وأسندت وزارتيهما إلى ناجي السويدي، وعمر نظمي وكالة. (20)
لم يرضِ هذا الإجراء السفير البريطاني الذي كان يلح على استقالة الوزارة، مشدداً ضغطه على الوصي عبد الإله، الذي أخذ يمتنع عن توقيع الإرادات الملكية والقوانين والمراسيم والأنظمة. وأخيراً أخذ يحرض الوزراء على الاستقالة من الحكومة، واستمر الوصي في ضغطه على الكيلاني بأن أرسل بطلب الوزير عمر نظمي في 25 كانون الأول 1940، وطلب منه إبلاغ الكيلاني بأنه سيستقيل من الوصاية إذا لم تقدم وزارة الكيلاني استقالتها حتى ظهر يوم الغد. (21)
أما مجلس الوزراء فقد عقد اجتماعاً في اليوم التالي 26 كانون الأول لمناقشة الأزمة، ولم يحضر الوزيران المستقيلان، وخلال الاجتماع فاجأ الوزراء جميعاً رئيس الوزراء بتقديم استقالاتهم من الوزارة، ما عدا رؤوف البحراني، مما تسبب في إحراج الكيلاني الذي حاول جاهداً تثنيهم
عن الاستقالة. (22)
خامساً:أزمة خطيرة بين الوصي والكيلاني واستقالة الوزارة:
تصاعدت الأزمة بين الوصي عبد الإله ورئيس الوزراء رشيد عالي الكيلاني بعد أن قدم الوزراء استقالاتهم، وحاول الوصي إرغام الكيلاني على تقديم استقالته عن طريق اللجوء إلى القوة العسكرية، حيث بادر لاستدعاء رئيس أركان الجيش، ومدير الشرطة العام، وطلب إليهم عدم إطاعة رئيس الوزراء، وأبلغهم أن الوزارة أصبحت غير شرعية.
لكن الكيلاني لجأ إلى قادة الجيش [العقداء الأربعة] الذين قرروا إرسال مندوب عنهم إلى الوصي ليبلغه أن الجيش يريد بقاء الكيلاني على رأس الحكومة، وبالفعل قابل العقيد[محمود سلمان ] أحد العقداء الأربعة الوصي وأبلغه بالأمر.
ورغم محاولات الوصي ثني قادة الجيش عن موقفهم لكنه فشل في إقناعهم، فقد قابل العقيد محمود سلمان الوصي للمرة الثانية بحضور الشيخ [محمد الصدر] رئيس مجلس الأعيان، وأبلغه بقرار قادة الجيش وقد نصح الشيخ الصدر الوصي بالرضوخ للأمر الواقع تجنياً لما قد لا يحمد عقباه، إذا ما أصر على موقفه من الكيلاني. (23)
وهكذا تراجع الوصي ولو مؤقتاً، وأصدر إرادة ملكية بتعين [يونس السبعاوي] وزيراً للاقتصاد و[علي محمود الشيخ علي] وزيراً للعدلية في 28 كانون الثاني بناء على طلب الكيلاني وقادة الجيش. وفي اليوم التالي قدم ناجي السويدي استقالته من الوزارة،وأسرع الكيلاني إلى تعين [موسى الشابندر] وزيراً للخارجية والمحامي [ محمد علي محمود] وزيراً للمالية، واستصدر إرادة ملكية بتعيينهم في نفس اليوم المصادف 29 كانون الثاني 1941.
حاول الكيلاني أن يوطد مركز حكومته باللجوء إلى حل البرلمان وأجراء انتخابات جديدة، وتوجه إلى عبد الإله طالباً منه التوقيع على الإرادة الملكية بحله. (24)
طلب الوصي إمهاله حتى المساء لدراسة الأمر، وغادر الكيلاني البلاط على أمل أن يوقع على حل البرلمان، لكنه بدلاً من ذلك غادر الوصي بغداد سراً بعد خروج الكيلاني، وتوجه إلى الديوانية، حيث حاول استعداء قائد الفرقة الرابعة اللواء الركن [إبراهيم الراوي ] على حكومة الكيلاني.
كما اتصل من هناك بقائد الفرقة الثانية في كركوك [ قاسم مقصود] لنفس الغرض، بالإضافة إلى مجموعة من السياسيين والوزراء السابقين وعدد من متصرفي الألوية الذين طلب منهم الوصي عدم إطاعة أوامر الكيلاني
والعمل على إسقاط حكومته.
كما فرَّ نوري السعيد إلى المحمودية، واختفى في مزرعة شقيق قرينته هادي العسكري جرياً على عادته أن يفعل ذلك عند حدوث أي أزمة يشم منها رائحة الخطر. (25)
كاد الأمر أن يؤدي إلى حرب أهلية طرفاها الجيش لولا موقف القائدين الراوي ومقصود المتعقل، حيث أبلغا الوصي أنهما لا يودان زج الجيش في المشاكل السياسية، وأنهما كعسكريين يتلقيان الأوامر من رئيس أركان الجيش.
أما الكيلاني فقد دعا مجلس الوزراء إلى عقد اجتماع عاجل لبحث الأزمة بعد هروب الوصي، وقد حضر الاجتماع قادة الجيش، وأمين الحسيني، ويونس السبعاوي، ومحمد أمين زكي، وتقرر في الاجتماع مواجهة الوزارة لمجلس النواب، وانتزاع الثقة بالوزارة منه، وقد دعا الحاضرون إلى صمود الوزارة بوجه محاولات الوصي، والسفير البريطاني لإسقاطها. وفي أثناء الاجتماع حضر كل من الشيخ [محمد الصدر] و[طه الهاشمي] وطلبا من الكيلاني معالجة الأمور قبل استفحالها، والحيلولة دون وزج الجيش في حرب أهلية، وتمكنا من إقناع الكيلاني لتقديم استقالة حكومته. (26)
وبالفعل قدم الكيلاني استقالته في 31 كانون الثاني 1941 في برقية بعث بها إلى الوصي في الديوانية .
بادر الوصي فور استلام البرقية إلى قبول الاستقالة، ودعا عدد من رؤساء الوزارات والوزراء السابقين، ورئيس مجلس الأعيان للبحث في تشكيل وزارة جديدة. وفي بغداد،عقد المدعوين للاجتماع بالوصي اجتماعاً فيما بينهم وتباحثوا في الأمر، وقد استقر رأيهم على أن يذهب كل من الشيخ [محمد الصدر] و[صادق البصام ] إلى الديوانية لمقابلة الوصي والوقوف على ما يريد. وبالفعل استقل الاثنان طائرة عسكرية نقلتهم إلى الديوانية، وتباحثا مع الوصي في سبل حل الأزمة، ثم اختلى الشيخ الصدر بالوصي، وأجرى معه نقاشاً حول خطورة الأزمة، وقد أقترح الشيخ محمد الصدر على الوصي تكليف [ طه الهاشمي ] بتأليف الوزارة الجديدة إذا ما أراد الخروج من الأزمة، وتجنب وقوع الحرب الأهلية. (27)
سادساً:الوصي يكلف طه الهاشمي بتأليف الوزارة:
على أثر اللقاء الذي تم بين الوصي والشيخ الصدر، استدعى الوصي السيد طه الهاشمي بحضور صادق البصام، وكلفه بتأليف الوزارة الجديدة،على الرغم من عدم اقتناعه به، ورضاه عنه، لكن الظروف الدقيقة والخطيرة ونصيحة الشيخ الصدر هي التي جعلته يكلف الهاشمي. وقد حاول الوصي أن يشهّد البصام على تعهد الهاشمي بتشتيت شمل قادة الجيش [ العقداء الأربعة ]، وحذره من المتصيدين في الماء العكر، والإيقاع مجدداً بينه وبينهم، ووعد الوصي بأنه سوف يسعى إلى لقاء القادة الأربعة به لتقديم الولاء والطاعة، لكن ذلك لم يتم بسبب نصيحة السفير البريطاني لعبد الإله بعدم استقبالهم. (28)
تم تأليف الوزارة الجديدة في 31 كانون الثاني 1941،وعبّر السفير البريطاني في برقيته إلى وزارة الخارجية البريطانية عن سروره لإخراج الكيلاني من الحكم، ولكنه أعرب عن عدم اطمئنانه لطه الهاشمي، ووعد بأن يكون عمر الوزارة قصيراً، وأشاد السفير بدور نوري السعيد،والجميل الذي أسداه لبريطانيا،غير أنه قد فقد نفوذه في الآونة الأخيرة، ورأى أن يكون بعيداً عن الأنظار حالياً. (29)
كان همْ السفارة البريطانية بعد استقالة حكومة الكيلاني هو التخلص من العقداء الأربعة بأي طريقة كانت لكي يستقر الوضع لصالح بريطانيا.
أما الوصي فقد طلبت منه حكومة الهاشمي العودة إلى بغداد، وأرسلت لمرافقته كل من عمر نظمي،وزير الداخلية، ووكيل رئيس أركان الجيش،أمين زكي، إلا أن الوصي تردد في العودة خوفاً من وجود مؤامرة لقتله، مما اضطر الهاشمي إلى السفر إلى الديوانية وإقناعه بالعودة، وعاد الوصي بصحبة الهاشمي في 3 شباط 1941.
سابعاً: حركة الكيلاني الانقلابية وموقف نوري السعيد:
بدا الوضع السياسي بعد تشكيل حكومة الهاشمي يميل نوعاً ما إلى الهدوء بعد تلك العاصفة التي حدثت بين الكيلاني والوصي. لكن النار كانت لا تزال تحت الرماد، فقد كان عنصر الثقة بين الوصي والهاشمي شبه مفقود، كما كانت الثقة بين الكيلاني ومن ورائه العقداء الأربعة المسيطرين على الجيش وبين الوصي قد تلاشت.
وكان الوصي ومن ورائه السفارة البريطانية يعمل في الخفاء من أجل تشتيت شمل قادة الجيش تمهيداً للتخلص منهم ومن الكيلاني، ومارست السفارة البريطانية ضغوطها على رئيس الوزراء من أجل إبعاد العقداء الأربعة عن أي تأثير سياسي في البلاد، كما ضغطوا على الهاشمي لقطع العلاقات مع إيطاليا، وكان الهاشمي يخشى رد فعل الشعب إن هو فعل ذلك. ونتيجة لتلك الضغوط أقدم الهاشمي بصفته وزيراً للدفاع وكالة بتاريخ 26 آذار 1941 على نقل العقيد [ كامل شبيب] إلى قيادة الفرقة الرابعة في الديوانية، ليحل مكانه صديق الوصي الذي أواه في الديوانية اللواء الركن [إبراهيم الراوي ] . كما أصدر قراراً آخر بنقل مقر قيادة الفرقة الثالثة التي يقودها العقيد [صلاح الدين الصباغ ] من بغداد إلى جلولاء. (30)
كانت تلك الإجراءات التي اتخذها الهاشمي بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، كما يقول المثل، فلم يكد يبلغ القرار لقادة الجيش حتى قرروا على الفور التصدي له ورفضه، واتخاذ التدابير السريعة والضرورية لحل الأزمة بصورة جذرية.
ففي مساء يوم 1 نيسان 1941، أنذر العقداء الأربعة قطعات الجيش في بغداد، وتم إبلاغها بما ينوون القيام به حتى إذا انتصف الليل، نزلت القوات العسكرية لتحتل المراكز الهامة والحساسة في بغداد، كدوائر البرق والبريد والهاتف والجسور ومداخل الطرق الرئيسية، وجميع المرافق العامة في بغداد، وتوجه العقيد [ فهمي سعيد ] وبرفقته وكيل رئيس أركان الجيش [محمد أمين زكي ] إلى دار رئيس الوزراء السيد [ طه الهاشمي ] وأجبروه على الاستقالة.
واضطر الهاشمي إلى تحرير كتاب استقالة حكومته إلى الوصي وسلمها لهما حرصاً على عدم إراقة الدماء. (31)
أما الوصي فقد أيقضه الخدم من النوم، وأبلغوه أن هناك أوضاع غير طبيعية في منطقة القصر، وأن الجيش متواجد في المنطقة، فما كان من الوصي إلا أن صمم على الهرب مرة أخرى، واستطاع الإفلات من قبضة الجيش، ولجأ إلى السفارة الأمريكية بعد أن تعذر عليه الوصول إلى السفارة البريطانية، وقامت السفارة الأمريكية بنقله إلى قاعدة الحبانية، ومن هناك تم نقله على متن طائرة حربية بريطانية إلى البصرة حيث نقل إلى البارجة الحربية البريطانية [ كوك شبير] الراسية قرب البصرة، وكان برفقته كل من [ علي جودت الأيوبي ] ومرافقه العسكري [عبيد عبد الله المضايفي ] ثم لحق بهم [ جميل المدفعي ]. (32)
وحاولت السفارة البريطانية الاتصال بأعضاء وزارة طه الهاشمي ،في محاولة لنقلهم إلى البصرة للالتحاق بالوصي، لكن العقداء الأربعة حالوا دون خروجهم . كما نصبت القوات البريطانية للوصي إذاعة لاسلكية حيث قام بتوجيه خطاب إلى الشعب في الرابع من نيسان .
وقامت الإذاعة البريطانية في لندن بإعادة إذاعة الخطاب مرة أخرى، وقد هاجم الوصي في خطابه الكيلاني والعقداء الأربعة، واتهمهم بالاعتداء على الدستور، والخروج على النظام العام واغتصاب السلطة.
كما أخذ الوصي يحرض قائد الفرقة الرابعة في الديوانية [إبراهيم الراوي] وقائد حامية البصرة العقيد[رشيد جودت] وعدد من شيوخ العشائر الموالين للبلاط والإنكليز للتمرد على الكيلاني وقادة الجيش، والزحف على بغداد، لكن الراوي وجودت رفضا السير مع الوصي بهذا الطريق الذي لو تم لوقعت حرب أهلية لا أحد يعرف مداها.
بادر العقداء الأربعة بعد هروب الوصي إلى تشكيل مجلس الدفاع الوطني، وتم اختيار[ رشيد عالي الكيلاني] رئيساً للمجلس ليقوم مقام مجلس الوزراء.
وفي أول اجتماع لمجلس الدفاع الوطني قرر المجلس إرسال مذكرة إلى الحكومة البريطانية تحذرها من التدخل في شؤون العراق الداخلية، وتقديم الدعم والمساندة للوصي عبد الإله.
كما قرر المجلس إرسال قوات عسكرية إلى البصرة لمنع أي تحرك ضد مجلس الدفاع الوطني، وتم اعتقال متصرف البصرة [ صالح جبر ] الذي قطع صلاته ببغداد تضامناً مع الوصي، وتم تسفيره إلى بغداد. (33)

ثامناً:عزل عبد الإله وتعين شريف شرف وصياً على العرش
رداً على تحركات الوصي الرامية إلى إسقاط حكومة الدفاع الوطني وهروبه من العاصمة، وتعاونه مع المحتلين البريطانيين في هذا السبيل فقد وجهت حكومة الدفاع الوطني إنذاراً له بالعودة إلى بغداد فوراً وإلا فإنها ستضطر إلى عزله من الوصاية وتعين وصي جديد على العرش بدلا منه.
ولما لم يستجب عبد الإله للإنذار قررت حكومة الدفاع الوطني عزله من الوصاية، وتعيين [ الشريف شرف ] وصياً على العرش بدلاً عنه، وقد صادق البرلمان على هذا الإجراء في جلسته المنعقدة في 16 نيسان 1941. (34)
وبعد أن تم تعيين [الشريف شرف] وصياً على العرش، قدم مجلس الدفاع الوطني برئاسة رشيد عالي الكيلاني استقالته إلى الوصي الجديد في 12 نيسان 1941 لغرض تشكيل حكومة مدنية جديدة، وقد كلف الوصي السيد الكيلاني بتشكيل الوزارة الجديدة في اليوم نفسه، وتم تشكيل الوزارة على الوجه التالي :
1 ـ رشيد عالي الكيلاني ـ رئيساً للوزراء ووزيراً للداخلية .
2ـ ناجي السويدي ـ وزيراً للمالية .
3 ـ ناجي شوكت ـ وزيراً للدفاع.
4 ـ موسى الشابندر ـ وزيراً للخارجية .
5 ـ رؤوف البحراني ـ وزيراً للشؤون الاجتماعية .
6 ـ علي محمود الشيخ علي ـ وزيراً للعدلية .
7ـ يونس السبعاوي ـ وزيراً للاقتصاد .
8 ـ محمد علي محمود ـ وزيراً للأشغال والمواصلات .
9 ـ محمد حسن سلمان ـ وزيراً للمعارف .
وفور تشكيل الوزارة أعلن الكيلاني عن عزم الحكومة على عدم توريط العراق في الحرب مع الالتزام بمعاهدة التحالف مع بريطانيا، والتمسك بالتعهدات الدولية.
وقد لاقت حكومة الكيلاني تأييداً كاسحاً من أبناء الشعب الحانقين على الاستعمار البريطاني وعملائه.
تاسعاً: بريطانيا تسقط حكومة الكيلاني،وتعيد عبد الإله:
تسارعت التطورات في البلاد بعد أحكام سيطرة رشيد عالي الكيلاني والعقداء الأربعة على مقاليد الحكم، ولاسيما وأن الحركة قد لاقت تأييداً واسعاً من أبناء الشعب عامة الذين كانوا يحدوهم الأمل في التخلص من الاستعمار البريطاني الذي أذاقهم الأمرّين، وهكذا أصبحت الأمور صعبة للغاية بالنسبة لبريطانيا وتنذر بمخاطر كبيرة .
وبناء على ذلك طّير السفير البريطاني [كورنوليس] برقية إلى [المستر تشرشل] رئيس الوزراء جاء فيها :
{ إما أن ترسلوا جيشاً كافيا إلى العراق أو انتظروا لتروا البلاد في أيدي الألمان}.
فلما اطلع تشرشل على البرقية أسرع بالإبراق إلى وزير الهند لإرسال قوات عسكرية، وإنزالها في البصرة على عجل. (36)
كانت الحكومة البريطانية قد أبلغت العراق قبل وقوع الانقلاب أنها عازمة على إنزال قوات في البصرة لنقلها عبر العراق إلى حيفا في فلسطين حيث تقتضي ضرورات الحرب.
وبموجب المعاهدة العراقية البريطانية يحق لبريطانيا ذلك، بعد إبلاغ ملك العراق بذلك، ولذلك فقد اتصل القنصل العام البريطاني في البصرة بوكيل المتصرف يوم 10 نيسان، وأبلغه أن فرقة من الجيش الهندي على ظهر ثلاث بواخر حربية، وبحراسة طرادين حربيين، وثلاث طائرات سوف تدخل المياه الإقليمية العراقية خلال 48 ساعة، وطلب منه إبلاغ حكومته بذلك للموافقة على نزول تلك القوات في البصرة.
كما قام مستشار وزارة الداخلية المستر [ ادمونس ] في بغداد بزيارة رئيس الوزراء الكيلاني وابلغه بنفس الأمر. (37)
وعلى الفور أجتمع مجلس الوزراء، وبحث الأمر، وبعد مناقشة مستفيضة اتخذ قرارا بالسماح للقوات البريطانية بالنزول، وفق الشروط التي اتفق عليها في 21 حزيران 1940، والتي نصت على نزول القوات لواء بعد لواء،على أن يبقى اللواء مدة معقولة وهو في طريقه إلى فلسطين، ثم يليه نزول اللواء التالي، بعد أن يكون اللواء السابق قد غادر الأراضي العراقية، وعلى الحكومة البريطانية أن تشعر الحكومة العراقية بعدد القوات المراد إنزالها.
كما قررت الحكومة العراقي إيفاد اللواء الركن [ إبراهيم الراوي] إلى البصرة لاستقبال القوات البريطانية كبادرة حسن نية من الحكومة.
لكن بريطانيا كانت قد قررت غزو العراق،وإسقاط حكومة الكيلاني بالقوة وإعادة عبد الإله وصياً على عرش العراق.
وكانت تعليمات القيادة البريطانية تقضي باحتلال [منطقة الشعيبة ] في البصرة واتخاذها رأس جسر لإنزال قواتها هناك، والانطلاق بعد ذلك إلى بغداد، ففي يومي 17 و 18 نيسان 1941 نزلت القوات البريطانية في البصرة، وعلى الفور أبرق رئيس الوزراء البريطاني تشرشل إلى الجنرال [ ايمسي ] في رئاسة الأركان البريطانية يأمره بالإسراع بإنزال 3 ألوية عسكرية في البصرة. وقد بدا واضحاً من تصرف تلك القوات أنها لن تغادر العراق، كما هو متفق عليه، بل لتبقى هناك حيث قامت بحفر الخنادق وإقامة الاستحكامات، وترتيب بقائها لمدة طويلة .
وفي 28 نيسان 1941 أبلغ مستشار السفارة البريطانية في بغداد وزارة الخارجية العراقية بنية بريطانيا إنزال قوة أخرى قوامها 3500 جندي وضابط في 29 نيسان، وقبل رحيل القوات التي نزلت في البصرة قبلها. عند ذلك أدركت حكومة الكيلاني أن بريطانيا تضمر للعراق شراً، وأنها لا تنوي إخراج قواتها كما جرى عليه الاتفاق من قبل، بل لتستخدمها لاحتلال العراق من جديد، وعليه اتخذت قرارها بعدم السماح لنزول قوات بريطانية جديدة في البصرة قبل مغادرة القوات التي وصلت إليها من قبل.
كما طلبت الحكومة العراقية من السفير البريطاني تقديم أوراق اعتماد حكومته كدليل على اعتراف بريطانيا بالوضع الجديد في العراق. وفي الوقت نفسه قررت الحكومة العراقية القيام بإجراءات عسكرية احترازية لحماية العراق، وأصدرت بياناً إلى الشعب بهذا الخصوص، وقد أشار البيان إلى إخلال بريطانيا بنصوص معاهدة التحالف، وأن الحكومة قد قدمت احتجاجاً رسميا إلى الحكومة البريطانية. كما أشار البيان إلى عزم الحكومة على التمسك بحقوق العراق وسيادته واستقلاله.
لكن الحكومة البريطانية تجاهلت مواقف الحكومة العراقية واحتجاجاتها وأنزلت قوات جديدة في البصر في 30 نيسان، وحاولت تلك القوات قطع الطريق على القوات العراقية المتواجدة هناك، لكن القوات العراقية استطاعت الانسحاب إلى المسيب، مقرها الدائم .
وهكذا أيقنت حكومة الكيلاني أن الصِدام بين الجيشين العراقي والبريطاني قد أصبح أمرا حتمياً، وقررت اتخاذ عدد من الإجراءات العسكرية لحماية بغداد. (38)
فقد أرسلت عدداً من قطعاتها العسكرية إلى المنطقة القريبة من [الحبانية] حيث توجد قاعدة جوية بريطانية كبيرة.
لكن ثلاث أسراب من الطائرات البريطانية قامت على الفور بقصف تلك القوات المتمركزة في [ سن الذبان ] بجوار بحيرة الحبانية وذلك صباح يوم الجمعة المصادف 2 أيار 1941، وبذلك اشتعلت الحرب بين العراق وبريطانيا، وقام على الأثر السفير البريطاني بإصدار بيان موجه إلى الشعب العراقي كان قد أعده سلفاً، وهاجم فيه بشدة حكومة الكيلاني، واتهمها بشتى التهم، وبذلك كشف البيان عن جوهر السياسة البريطانية وأهدافها الاستعمارية العدوانية تجاه العراق.
وفي اليوم نفسه قدم السفير البريطاني إنذاراً للحكومة العراقية بسحب قواتها من أطراف الحبانية، وهدد باتخاذ أشد الإجراءات العسكرية ضدها. (39)
وعلى اثر تلك التطورات والأحداث المتسارعة أجتمع مجلس الوزراء واتخذ قرارات هامة للدفاع عن العراق كان منها:
1ـ إعادة العلاقات مع ألمانيا، والطلب بإرسال ممثلها السياسي على الفور، وطلب المساعدة منها.
2 ـ إقامة العلاقات الدبلوماسية مع الاتحاد السوفيتي فوراً.
3ـ نشر بيان صادر من رئيس الوزراء حول العدوان البريطاني على القوات العراقي.
4 ـ إرسال مذكرة احتجاج إلى الحكومة البريطانية على تصرفاتها تجاه العراق. (40)
وعلى الأثر قام الوزير العراقي المفوض في تركيا بمقابلة السفير الألم Opinions