واقعنا... هل من أمل؟
إن الأمل هو الأمر الذي يجعل للحياة طعم وبه يتطلع الانسان للمستقبل الأفضل، ونسميه نحن في المسيحية (الرجاء)، وبدونه يلجأ بعض الأفراد إلى الانتحار لوضع حد للحياة كونهم لا يشعرون بوجود ما يشير في الأفق على تحسن الأمور نحو الأحسن ليجد الانسان نفسه مصابا بالكآبة والاحباط وصولا إلى اليأس ومن ثم الانتحار. لكن المؤمنين يقولون: لا حياة مع اليأس، كما أن الحكماء يرددون بأن لا مستحيل في الحياة، والانسان دائما قادرا لايجاد الحلول وقهر المستحيل وإيجاد الطرق والوسائل البديلة لغد أفضل.هذه المقدمة سقتها لكي نفهم أن واقعنا القومي لابد له أن يعيش في ظل أملٍ ورجاء بوجود فجرٍ يلوح في الأفق يُحلحل التشدد الموجود عند هذا الطرف أو ذاك، وحالات التعصب عند أطراف الأمة الثلاث من : الكلدان .. السريان .. الآشوريين الذين يتجاذبون أطراف اللعبة كلٌ باتجاه مختلف حتى يخال للمراقب بأن الشبكة ستتمزق وأن الأمة ستسقط.
ولهؤلاء مبررات واقعية لكي يتصوروا بأن لا مستقبل مشرق للأمة أزاء هذا الواقع وهذه التجاوزات، فالكلداني يدعو للكلدانية والآشوري للآشورية والسرياني للسريانيه وكأن الآخرين لا ينتمون لهذا أو ذاك بصلة وقد لا نجد ذات الشيء عند السريان الذين يمكن اعتبارهم الشريحة الوسط التي تريد أن ترسو التجاذبات إلى بر الأمان لكي تجد لها سبيلا نحو المستقبل، لكن كل هؤلاء نسوا أو تناسوا بأن جميعهم يتحدثون بذات اللغة (السورث) التي يتكلم بها الكلداني والسرياني والآشوري، مع فارق اللهجات فقط، وإن القاسم المشترك بينهم هو هذه اللغة التي هي أيضا يسمونها حسب تعددهم؛ فالكلداني يسمسها الكلدانية والآشوري يسميها الآشورية والسرياني سريانية مع خصوصية الكتابة بالسريانية الغربية لاختلاف صوت وشكل الحرف وبعض القواعد لكن اللغة الدارجة هي هي أينما ذهبت في ديار السريان أو الكلدان أو الآشوريين، وبما أنها هي كذلك فما بالنا نبحث عن الفرقة والتمزق ولا نبحث عن الوحدة والتكامل؟ أليس الأمر تنقصه الحكمة والدراية؟ ألسنا بعملنا هذا نحاول أن نحجب الشمس بغربال؟ ففي النهاية لا يصح إلا الصحيح. لكن يجب علينا استخدام المنطق والعقل لتخفيف آلام الأمة وأبنائها وأن ندفع بالأمل إلى واقع الحياة كي يتشبث أبناء الأمة بالأرض يحامونها ويحرثونها وينهلون منها الحياة.
فالأمل موجود وقريب منا لكن ما ينقصنا هو تجاوز حالة التشرذم وحب الذات والعمل من أجل المجموع بقوة أكثر من عملنا باتجاه الأنا الشخصية الخاصة، وعندما نعمل هكذا فإننا نضع أصبعنا على الجرح ونشخص الداء وسيكون حب الأرض هو الذي سيشد أبنائنا في أرض آبائهم وأجدادهم وستعود نينوى لأهلها وتتذكر بابل كل الباكين والمتألمين على ضفاف الأنهر فيها، عندها سيغسل الفجر الجديد كل الجراحات ونكون أمة قوية متحدة تتحدى عوادي الزمن وتنتصر على اليأس وتحل محله الأمل في حياة (السورايى) وسيفتخر هؤلاء بكونهم؛ سورايا كلداايا، أو سورايا سوريايا، أو سورايا آشورايا، ليكون الجميع سورايا يرفعون هاماتهم وهامات أخوتهم ويحيي الجميع ذكرى أسلافهم لنكون بذلك أهلا لكي ندعى أحفادا لأولئك الأجداد العظام ولسان حال يقول يا أجدادنا لقد عثرنا على أول الطريق وسننطلق بقوة نحو الغد الأفضل، وربما ستعود الطيور المهاجرة إلى أعشاشها لتعود الخضرة داخل أسوار نينوى وكذلك على ضفاف الأنهر والسهول.
أليس هذا أفضل مما نسلكه في واقع اليوم؟ وهذا ليس حلما لأن بقليل من الخطوات العملية سنصل إليه وبسرعة فهل عقولنا وأرجلنا ستقودنا لكي نبدأ بالخطوة الأولى؟ أأمل بذلك.
عبدالله النوفلي
25 تشرين الأول 2009