Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

أساطير وخرافات لا تتناقلها أصحاب الأديان السماوية فحسب ، بل تروجها أيضٌا ، الآرامية نموذجٌا !

ليس بخاف ، على أحد أن كل الديانات السماوية مع إحترامي الكبير لها تتمسك ببعض التقاليد والخرافات البالية ، فمثلا اليهود وفق التوراة ، هم " شعب الله المختار ! " والمسيحيون يفتخرون في الهلال الخصيب بالآرامية لأن السيد المسيح تحدث ببضع مفردات منها ، والاسلام يرى أن " العرب خير أمة أخرجت للناس واللغة العربية لغة الجنة ! " من كل هؤلاء ، المسيحية فقط ليس هناك أي تأكيد اطلاقا أن للغة الآرامية أي أهمية في الكتاب المقدس سواء في العهد القديم أو العهد الجديد ، بيمنا العبرانيون والمسلمون لهم براهينهم من كتبهم المقدسة على ما يقولونه ويروجونه .
ومن الطريف أن بعض العرب ينظرون بالشماتة على اليهود لأنهم شعب الله المختار !

في أحد الأيام تلقيت خبرا من أحد المعارف بأن هناك محاضرة قيمة في أحد الأندية الآشورية وطلب مني المثول هناك إذ قال لي سأجده هناك ، والمحاضرة هذه سيديرها أستاذ / بروفيسور آشوري مع بروفيسور آخر أميركي .
وهكذا وصلت هناك في الوقت المعين ، والمحاضران كانا قد باشرا في موضوعهما وهو عن اللغة الآرامية التي كثيرا من شعبنا يفتخرون بها بحيث يعتبرونها اللغة الرسمية – على حد قول البعض بأن الأمبراطورية الآشورية اتخذتها اللغة الرسمية في البلاد وحتى في كل أرجاء أمبراطوريتهم – ومن الطريف أن المحاضرين وضعا أحد الأشرطة المصورة / فيديو كليب لجمهرة من أهالي " معلولا – بلدة قرب العاصمة السورية دمشق " حيث هناك لا زال قسما بسيطا من أهاليها ينطقون اللغة الآرامية القديمة هذه ، ولكن البروفيسورالآشوري هذا يعرف جيدا ما دمنا على حد زعمهما نحن معشر الشعب الآشوري من ناطقي هذه اللغة السماوية المقدسة ! ما كان عليه الاّ أن يجهز جمهرة كبيرة من شعبنا سكان العراق أوسوريا وحتى لبنان من اللجوء الى هذه البلدة التي ليتهم كانوا بالفعل يتكلمون اللغة الآرامية ، بل كانت كل المحادثات اجمالا على ما يبدو باللغة العربية . وهنا من أدب اللباقة لم أحب أن أحرج البروفيسور الآشوري أمام زميله الأميركي الذي لا يستطع حتما التمييز ما بين اللغتين الساميتين الشقيقتين – الآرامية والعربية - اللتين تتشابهان كثيرا .
وعندما بدأ البروفيسور الأميركي التحدث حول الموضوع بأن السيد المسيح تحدث بها وعلى أساس أننا كآشوريين لا زلنا تتحدث بها ، عندها لم أستطع أن أتمالك نفسي وكما يقال " لقد بلغ السيل الزبى " بعد إنتهائه من الحديث ، إستأذنت وقلت له بهدوء مع كل إحترامي ، بأننا معشر الشعب الآشوري لا نتحدث باللغة الآرامية ، بل لغتنا آشورية وتعرف اليوم ب " لغة آشورية حديثة \ Modern Assyrian Language " حيث طرأ عليها التغيرات عبر القرون منذ سقوط الأمبراطورية الآشورية الى اليوم وهو شأن كل لغات العالم .
والشئ الطريف ، كان بمقربتي آشوري آخر مع إبنته من إخوتنا طائفة السريان الأرثوذكس / يعاقبة ، رد عليّ بقوله أتيت هنا مع إبنتي لكي ترى عظمة لغتنا وأنت تقول بأننا لا نتحدث بالآرامية ! أجبته بهدوء وقلت له إن السيد المسيح بوسعه أن يتحدث بأي لغة ومن الجملة حتى اللغة الصينية !
شئ يبعث اليأس والقنوط أن البعض حتى في القرن الواحد والعشرين ، تصدق مثل هذه الأموروالأقاويل التي يمكن تصنيفها في خانة السخافات لا غير . إذ نرى شعبنا الآشوري المسيحي إجمالا يفتخر لأننا نتحدث اللغة التي نطق بها السيد المسيح على حساب شطب ومحو لغتنا الأصلية من الوجود . مع كل إحترامي للسيد المسيح وأي لغة يتكلم بها ، إذ لا أستسغ إطلاقا قبول مثل هذه الخرافة ! وطبعا إن الهدف من ورائه ليس إلاّ ، إذ الذين يروجونها ما هم الاّ من المعتقدين حتما بمجرد التحدث بهذه اللغة التي السيد المسيح إستخدمها في بعض الأحيان ربما لجلب الانتباه ، سيدخلون الجنة من بابها الواسع ، وهذه خرافة أخرى يضيفونها للأسف الشديد . لأن المسيحية كما هو معروف جليا إذ أعطت مفهوما واضحا والسبل في كيفية دخول الجنة وللأسف أن نخيب ظن منتحلي هذه النظرية السخيفة إذ في كل ذلك ليس للغة الآرامية أي شأن أو مقام يذكر !
والجدير بالذكر ، إن الأمة الآشورية اليوم في صراع ونزاع مستديم في الآونة الأخيرة مع إخوتنا من منتحلي الكلدانية والسريانية / الآرامية الذين يريدون حذف وشطب القومية الآشورية لا في بلاد آرام ( دمشق – سوريا ) أو في بلاد كلدو ( حول الخليج السومري ) حيث في تلك الأصقاع ليس لنا ناقة أو جمل ، بل حتى في عقر دارنا الآشورية بالذات ، والطامة الكبرى أن الذين وراء هذه المحاولة اليائسة ليس لهم دخل بآرام أو بكلدو لا من قريب أو من بعيد ، بل هم مجرد سكان ضواحي العاصمة الآشورية - نينوى - بالذات منذ أجيال سحيقة في القدم !
ليكن واضحا وضوح الشمس في ربيعة النهار بأننا لسنا ضد " الكلدان أو بالأحرى الكلدان القدامى سكان الجنوب " ولا ضد " الآراميين – الآراميين القدامى سكان بادية الشام ودمشق " بل ضد إخوتنا من منتحليها وهم أبناء بلاد آشور بالذات !
إن أي حديث عن القومية الكلدانية أو حتى الآرامية لا في بلاد آشور فحسب ، بل وحتى في بلادهم لهو خرافة ، لأن الآراميين والكلدانيين على الرغم من التضخيم والتعظيم الذي يريد البعض من ترويجه ، فهم لم يحققوا شيئا وما على القارئ اللبيب أن يتفحص الكتب التاريخية ، إذ لهذه اللحظة لا يوجد كتاب خاص بهم ( أي كتاب عن تاريخ الكلدان أو الآراميين) ما عدا ما ينشرونه هم للتشويش أو ما تصدره الفاتيكان بخصوص الكلدان ، أو ما يعلق عليه المؤرخون في سياق كلامهم عن الأمبراطورية الآشورية البابلية والسومرية ، الاّ كتاب واحد (George Smith, Chaldean Account of Genesis ) والذي في الحقيقة يتكلم عن البابليية والآشوريين . إذ الأسرة الكلدانية التي تبوأت لفترة جد وجيزة السلطة في قسم من بيث نهرين لم تكن الا سحابة ربيع كما قالها المؤرخون عموما ! أما الآراميون ، فهم قوم من البدو الرحل رغم انتشارهم الواسع في بادية الشام ( قلب الهلال الخصيب ) لم يكونوا الاّ مشيخات صغيرة مبثوثة هنا وهناك حيث ينصبون خيامهم طلبا للكلأ و المرعى .
إن النهضة القومية الآشورية لهي قديمة جداٌ بالمقارنة مع هاتين الطائفتين الكلدانية والسريانية اللتين استفاقتا من السبات Out of hibernationحديثا ليجدن أنفسهن بين عشية وضحاها قوميات أيضا ! والجدير بالذكر أن القومية الآشورية قامت وإنبعثت في أغلب الأحيان على سواعد هاتين الطائفتين وأبناء الكنيسة المشرقية النسطورية الآشورية ، بحيث كانا يرون أنفسهن ( الكلدان والسريان ) مجرد ط,وائف مذهبية لا غير .
والخلاصة ، نحن لا ننكر بوجود الكلدان والسريان إطلاقا ، بل نستنكر ونشجب طريقة تعاملهما مع الواقع التاريخي والعلمي ، وبمعنى آخر ، إن وجود الكلدان القدماء ليس في بلاد آشور ، بل كما قلنا أعلاه في جنوبي بيث نهرين / العراق ، وكذلك السريان ليسوا بأمة ، بل مفردة السريان في الحقيقة تشمل كل الذين تنصروا في القرن الأول والثاني الميلادي في الهلال الخصيب من آشوريين بابليين ، آراميين ، إبلويين / منطقة حلب ، كنعانيين وكلدانيين . والجدير بالذكر هناك جمهرة منهم قد وعوا هذه الحقيقة لذلك عمدوا في الآونة الآخيرة أن يعوضوا عنها بالآرامية التي موطنها الصحيح هو مدينة دمشق وحماه السوريتين ، ولكن هناك حقيقة دامغة أن الكلدان والآراميين قد أسلموا واستعربوا جميعا قبل القرن الحادي عشر الميلادي بإستثناء جيوب صغيرة في وسط سوريا بين دمشق وحماه .
إن تاريخنا الكنسي او بالتحديد كنيسة بابل ، يروي لنا انتقال مركز الكنيسة الى الشمال أي في بلاد آشور ومنذ ذلك الحين كان هناك نوعان بارزين للمسيحية ضمن الكنيسة النسطورية الواحدة ، إحداها الكنيسة المحلية الآشورية ، ككنيسة شوفينية لهوية إقليمية آشورية ، والأخرى كنيسة فارس ( أنظر Hagarism , The Making of Islamic World , by Patricia crone and Michael Cook , page 57 )
والخلاصة ، لم يكن هناك يوما في تاريخنا المسيحي الكنسي ما يسمى بكنيسة الكلدان إطلاقا ، إلا بعد 1443 ميلادية حيث أطلق البابا يوجين الرابع Eugene IV على جمهرة من نساطرة قبرص المنشقين عن الكنيسة الأم النسطورية لأول مرّة بكنيسة الكلدان لانضمامهم الى الكنيسة الكاثوليكية بغرض زرع الفرقة والانقسام - حيث تمّ لهم ما كانوا يريدون تحقيقه منذ مدة طويلة بالفعل - وهكذا تم تشكيل هذه الكنيسة في بلاد آشور من الشعب الآشوري جنسا ووطنا .
عندما كنت صغيرا ، أتذكر قراءة قصة عن شخص في أحد الأسواق الذي كان يدعو و يشير الناس للذهاب الى مكان معين حيث هناك يوزعون الحلويات وهو بالفعل كذبة . وبعد قضاء فترة في مكانه لم يكن منه الاّ أن صدّق كذبته بنفسه ، حيث ذهب بدوره الى ذلك المكان ، هذا هو مع الأسف وضع بني جلدتنا تماما من قبل إخوتنا الكلدان والسريان اليوم للأسف الشديد .
وختاما أضع بعد التعاريف للتسميات المتداولة في العراق اليوم لشعبنا ، لأن البعض للأسف يشوهون مفهومها الصحيح :

الكلدان –

يعتبر الكلدان آخر موجة دخلت بيث نهرين \بلاد الرافدين حيث إستقرت في الجنوب ، منطقة البصرة – فرات ميشان / ميسان - أو منطقة خليج سومر . ليس للكلدان القدامى أي صلة بشعبنا الآشوري والبابلي ، ما عدا أنهم ساميون مثل باقي الشعوب السامية في الهلال الخصيب مثل الآراميين ، الابلويين ، الكنعانيين والعبرانيين والآشوريين البابليين ، حيث لهجتهم قريبة جدا لباقي اللهجات للشعوب المذكورة والتي كونت معا ما يسمى باللغة السريانية لاحقا .
إذا كلدان اليوم ، يمكن أن يقال بأنهم لا يمثلون الكلدان القدامى ، بل مجرد آشوريون قوميا وجغرافيا ، وهم من الذين دخلوا المذهب الكاثوليكي في القرون 1600 ، 1700 ، و 1800 وسميوا كلدانا من قبل روما كما ذكرنا أعلاه .
ومن الطريف أن البعض يصدق ويدعم بأنهم من الكلدان القدامى وهم سكان لا بلاد آشور فحسب ، بل حتى نينوى بالذات ، وفي الوقت ذاته لا تجد في الجنوب قرية ذات ثلاثة بيوت من الكلدان القدامى ، وهنا لا أعرف السرلماذا هم الغالبية في بلاد آشور ! أضف الى ذلك أن كل الكلدان الموزعين في العراق ترجع أصولهم الى الشمال الآشوري بكل تأكيد .

السريان واللغة السريانية -

إن من أول الشعوب السامية التي تصادم اليونان معه في الهلال الخصيب ، كان الشعب الاشوري ، لذلك سموا منطقة الهلال الخصيب كله ب ( آشور / ASSYRIA ) و بعد فترة إستطاع اليونان أن يروا نوعا من الاختلاف بين شعوب منطقة الهلال الخصيب لذلك أطلقوا بلاد آشور Assyria على المنطقة الواقعة شرقي نهر الفرات بينما سموا المنطقة غربي نهر الفرات ب ( سوريا / Syria ) ، ولكن يذكر البعض أن حتى اسم سوريا غدا اسما عاما لكل منطقة الهلال الخصيب وهذا ما جاء به آشوري من إيران وهو كيواركيس نسطورس في كتابه عن الأمة السورية وكذلك سار عليه مؤسس الحزب القومي السوري الاجتماعي – أنطون سعادة في حديثه عن الأمة السورية .
والبعض من إخوتنا السريان الأرثوذكس يحاول التشويه بأن ( سوريا / Syria ) تعني آرام ( الأمة الارامية ) نقول صحيح بلاد آرام هي ضمن سوريا ولكن سوريا ليست ضمن بلاد آرام ، لأن سوريا سميت من قبل العرب ببلاد الشام أي اليوم تتكون من البلدان التالية – فلسطين ، لبنان ، الأردن وسوريا نفسها . وليكن واضحا في قولنا سواء سوريا أو آشور كتسمية للمنطقة ذلك لا يعني أنهم آشوريون وكذلك الشان في قولنا سوريا لا يعني كآشوريين أننا سوريون قوميا ، بل كل ما يقال أنه إسم لمنطقة جغرافية ليس الاّ كما تقول – الشرق الأوسط أو الهلال الخصيب الخ .
والحديث عن اللغة السريانية الذي يحدث كثيرا من الضجيج ، وخاصة من قبل إخوتنا من السريان في هذه الأيام ، حيث يعتبرونها اللغة الآرامية أو امتدادا للغة الارامية وبذلك يكون من الممكن إحتكار الجنة ! ولكن من الطريف رغم كل هذا فإن قسما كبيرا منهم لا يفهمونها وقد تقدر أكثر من 85% من المجموع .
إذ اللغة السريانية في الحقيقة ، هي اللغة التي تكونت من مجموع اللهجات السامية في الهلال الخصيب ومن هذه الزمرة : اللغة الاشورية البابلية ، الكنعانية ، الابلوية ، الارامية والكلدانية بفعل عاملين إثنين وهما : الأبجدية الكنعانية والديانة المسيحية التي وحدت كل هذه الشعوب تحت راية الشعب السوري والأدق السرياني Syriac \وفق المؤرخ البريطاني الذي يعتبر اول شخص استخدم هذا التعبير Arnold J. Toynbee تاريخيا .
وخلاصة القول ، يريد البعض أن يؤكد شرعية وجود الكلدان حديثا باستشهاده من أن مار توما أودو – مطران الطائفة الكلدانية - في قاموسه الشهير والمطبوع في مدينة الموصل في عام 1897 صفحة 465 أعطى تفسيرا ل – الكلدان : " بأنهم من الذين لهم دراية و علم بالأفلاك والنجوم ، واسم (لأمة قديمة ) واليوم هو اسم للسريان المشارقة ." وهنا امحص في تفسيره قليلا ! إذ لم يقل السريان المشارقة اليوم هم الكلدان ، بل هذا إسم لأمة قديمة ولكن اليوم ( حديثا ) يطلق على السريان المشارقة وهم آشوريون وإن لم يقلها كونهمم سكان نينوى ، وهنا ليكن واضحا أن مار توما أودو ينتمي الى العشيرة التي أنتمي اليها شخصيا وإن كان كلداني المذهب أما هو نسبا ينتمي الى عشيرة تخوما الآشورية والتي ترجع أصولها الى أربيل المدينة الآشورية العريقة والتي فيها نشأت آخر مملكة آشورية باسم " خذياب / حدياب " حتى قدوم العرب .
Opinions