أصل التسميات القديمة بين القومية والاقليمية(*) جزء 3
(*) كتابا قراته : الكلدان ... منذ بدء الزمان ، المؤلف عامر حنا فتوحيفي الحقيقة أن من بين جميع التسميات القديمة سومر واكد وبابل واشور وغيرها لم يعرف العراق القديم إلا تسمية قومية واحدة تنتمي إليها كافة السلالات الرافدية العظيمة ( غير السومرية ) تلك هـي تسمية كلدو ( الكلدان ) فيما أستمدت التسميات الاخرى سومر واكد وبابل وآشور تسمياتها إما بدلالة موقعها الإقليمي أو بسبب إنتسابها الجغرافي أو الطبوغرافي ، بمعنى ان اسمائها لاحقة للإستيطان ، ولتأكيد هذه الحقيقة ادرج المصادر الخاصة في مجال التأريخ والاثاروهي :
السومريون :
يذكر جورج روو في كتابه الموسوم ( العراق القديم ) ص119 : جاء اسم السومريين من الاسم القديم للقسم الجنوبي من العراق ( سومر ) وان توخينا الدقة ( شومر ) ، أما طه باقر فيستخلص: ان المعنى الحرفي لأسم السومريين كي إن غي (إر) هو (ارض سيد القصب) ولعل المقصود هنا بسيد القصب الإله إنكي /أيا ، كما يعتقد ان تسمية شومر هي اشتقاق من احد أسماء احياء مدينة نفر العاصمة المقدسة للإقليم‘ ويؤكد ذلك الدكتور فوزي رشيد في كتابه الموسوم ( قواعد اللغة السومرية ) حيث يشير الى ان السومريين وبالأكدية ( شوميرو ) كان اسم موقع يحيط بمدينة نفر وذلك قبل عام 2450 ق م ، ثم صار بعد ذلك التأريخ يطلق على كامل القسم الجنوبي من العراق القديم .
الاكديون :
يوضح د. فوزي رشيد في كتابه ( نرام سين .. ملك جهات العالم الأربعة ) صفحة 11 ان تسمية الأكديين لا تمثل الأسم القومي لهم ، بل حصلوا عليه بعد تكوينهم لأول امبراطورية في التأريخ وانشائهم للعاصمة أكد ، لأن التسمية المذكورة كما هو واضح نسبة الى عاصمتهم أكد وهو ما تذهب اليه جوان اوتس في كتابها ( بابل) حيث تقول : لايعرف متى اسس سرجون عاصمته الجديدة ( أكد ) أو شروكين القديمة ، غير أن الأسم ( أكد ) هو الذي اطلق لاحقا على سلالته وعلى اللغة التي يتحدثون بها . كما يشير د. سامي سعيد الأحمد في كتابه الموسوم ( السومريون ) صفحة 5 أن هنالك أدلة تثبت على سكن الأكديين جنبا الى جنب مع السومريين منذ عصور سحيقة في القدم ويصعب تحديدها ، والى ذلك يذهب كل من ليونارد وولي في كتابه الشهير ( السومريون ) وإدوارد مير في كتابه الموسوم ( السومريون والساميون في الأقليم البابلي /بابلونيا ) . وهكذا يتبين بأن الأكديين هم من العراقيين القدامى الوسط جنوبيين مع أن ظهورهم سياسيا كان في حدود عام 2340 ق م وذلك كزعماء سياسيين في منطقة أكد ( بين بغداد والديوانية ) .
يتضح أن تسمية الاكديين ليست تسمية قومية بل تسمية اقليمية نسبة لإقليم أكد وتحديدا عاصمة الإقليم اي مدينة أكد ، لذلك اوردت المدونات التأريخية عبارات من نوع شروكين ملك شومر وأكد وايضا نبوخذنصر ملك أكد ، علما ان كلاهما يرجعان للكلدان الأوائل وكلاهما ولدا في بابل بمعناها الواسع سواء كانت كيش أم أزوبير أم بابل المركز .
البابليون والاشوريون :
تسميتان لا تدلان وفق المدونات التأريخية والاثباتات العلمية على عرقين بمعنى قوميتين ، وإنما تدلان على مجاميع بشرية لسكان عاصمتين تعتبران من أشهر عواصم العراق القديم ، ومن اسم هاتين العاصمتين اشتقت تسميتا الدولة البابلية والدولة الاشورية ومنهما أيضا جاء التعبيران شعب بابل وشعب أشور واللغة البابلية والاشورية ، والحق فإن بابل قد أخذت اسمها من الضاحية القديمة للعاصمة والتي تسمى باربار او في قراءة اخرى ( كار دنغر را) و (نون كي ) والاسم الاخير هو صيغة أسم أو صفة قديمة لمدينة أريدو العاصمة الاولى للكلدان الأوائل 5300 ق م ، أما اسم آشور فقد جاء من اسم أ-أوسار وهو إله الاقوام الجبلية الاسيوية الهندوأوربية المعروفة بالسوباريين أو الشوبارو .
وخلاصــــــة القول انهما تسميتان غير قوميتين ، ويجمـل ذلك الدكتور فوزي رشيد فــي كتابــه الموسوم ( سرجون الأكدي ... اول إمبراطور في التأريخ ) حيث يقول : تؤكد الوقائع على أن الشعوب الكبيرة لا تحصل على اسمائها إلا من اسم المنطقة التي يسكنوها. وهذه الحقيقة الخاصة في تسمية الشعوب متبعة منذ اقدم الازمان وحتى الوقت الحاضر ، فالسومريون قد حصلوا على اسمهم من اسم منطقة سومر التي اقاموا حضارتهم فيها والاكديون نسبة الى منطقة اكد والبابليون والاشوريون نسبة الى منطقتي بابل واشور . بمعنى أن هاتين التسميتين ( البابليون والاشوريون ) هما تسميتان إقليميتان لا تدل اي منهما على فئة عرقية بمعنى قومية وإنما على نمط سكاني في موقع جغرافي محدد .
يتبع جزء 4