Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

أعطو الأسلام ما هو له واعطوا الدولة ما تستحقه وضعوا العواطف على الرفوف

هذا الموضوع لا ينفصل عن الذي سبقه . أي أنه في سياق التنمية الشاملة التي يحتاجها العراق , ولكنني أخترت أسما أخر هو أصلا ضمن ما سيأتي أليه المقال وذلك نزولا عند رغبة القراء الذين لا يأبهون بالعناوين العملية وينساقون دائما وراء السجالات والمناقشات التي لن توصلنا ألا لما نحن عليه الأن .

كما أسلفنا سابقا لا يوجد تنمية أقتصادية دون أخرى أجتماعية تكون هي ألاساس وقاعدة النجاح التي تنطلق منها أية محاولات في النمو , لذا فالدولة العراقية القادمة بحاجة ماسة إلى تكوين منظورها المدني في رؤية الأمور الأجتماعية إذا كان فعلا سياسيونا لهم رغبة حقيقية في أحداث أصلاحات شاملة في طريقم نحو التنمية , فلو أستمرت الدولة في أعتمادها على علماء ورجال الدين وسطوتهم على الحياة الأجتماعية فنحن عندها سائرين في تخلف طويل لا نهاية له وقد يكون مصيرنا كبنغلاديش والباكستان وغيرها , حتى لو تخيل الكثيرين بان العراق بلد غني وله ثروات هائلة فهذا ليس صحيحا , لأن مشاكلنا اكبر من تلك الثروات وتأخرنا يحيل الكثير منها إلى التقاعد . كالأملاح في الجنوب وتذبذب الأمطار في الشمال , كالنفط الذي لا نعلم لحد الأن متى سنصل إلى طاقتنا القصوى في أنتاجه وهو ما نحتاج أليه بشدة , كالكبريت , كالفوسفات...... الخ من الثروات التي أحالتها ثوراتنا وحروبنا إلى لا شيء .

لذا لو أراد المصلح الأقتصادي العراقي ملامسة نتائج تنميته يجب عليه أن يلعب على وتر المجتمع ولا ننسى هنا نظرية توماس مالثوس في الأقتصاد التي تقول ببساطة (( أي زيادة تنموية في الأنتاج = أو ربما هي أقل من حجم الزيادة السكانية )) والنتيجة هي مكانك راوح وإلى الوراء سر . لذا أنا أدعو كل من يقرأ إلى التفكير في ما سيرد من كلام ومناقشته وتداوله وصولا إلى الراي الأنسب للعراق .

وما أقترحه هنا على دولة بلدي أن تستعيد وجهها المدني وتضع الدين في مجاله الحيوي بين أبنائه وذلك في أول خطوة تخطوها في مسعاها لتطوير المجتمع . على الدولة أن تطالب مواطنيها بواجباتهم المدنية تجاه المجتمع مهما كانت ديانتهم وطائفتهم وتترك لهم الحرية الكاملة في تطبيق الدين . لأنه وبصراحة ويؤسفني ما سأقوله هنا نوعية المجتمع اليوم في العراق متدنية كثيرا ومستوى الوعي الذاتي لدى المواطن منخفض جدا . لذا على الدولة أن تطالب مواطنيها اليوم بواجباتهم تجاهها لكي لا تسير في دائرة مفرغة من المطالبات التي لا تنتهي من المواطن بحجة ان على الدولة كذا وكذا وعليه لا شيء . واهم نقطة أرتكاز هنا هي أحداث أصلاحات كبيرة على القانون المدني العراقي بما يتوافق مع تطورات هذه المرحلة وما يشهده العالم . واول خطوة هي ان نضع عواطفنا ومشاعرنا الدينية كسياسيين وكأقتصاديين على الرف ونفكر بعقلانية وهنا يمكن ان نطرح الكثير من الأسئلة على كل من يعارض هذا الراي .

أنت مسلم ؟ هل تريد تطبيق أسلامك سياسيا وأقتصاديا ؟ هل تجد ان ذلك ممكن ؟ هل ستحقق بنظرياتك الأسلامية ما حققته أبسط دولة غربية لمواطنيها ؟ أليس من المستحيل أن تحقق عدالة وشمولية خصوصا بعد ان عرف العالم كله ان الأسلام شأنه شان الأديان الأخرى ليس واحدا ؟

أن الأوان لكي نغير طريقة تفكيرنا ونحصل على خبرات الأخرين في طرق أجتيازهم للمرحلة التي نحن فيها اليوم وخصوصا في موضوع الدولة والدين فأذا كنت ضمن حزب ديني أوصلك للسلطة فانت الأن لست كالبارحة وعليك تغيير أستراتيجيتك . لا بأس قل لمن أوصلك بأنك لا زلت شيعيا مخلصا أو سنيا غيورا ولكن في تفكيرك عن العراق أعمل على أختيار الأفضل للجميع وهنا أذكر الأسلام فقط لانه دين الأغلبية .

لا بأس فليكن لدينا محاكم شرعية أسلامية مختلفة ولكن كدولة لن أعترف باي عقد أو اي أتفاق ما لم يمر على موظف حكومي سواء قاضي او كاتب عدل او غيره .

كمسلم لا بأس أستطيع طلاق زوجتي والزواج من أخرى وانجاب الكثير من الأبناء ولكن بعد ان أضع حساب للدولة فهي من سيدفع للزوجة أذا ترملت وللأطفال عندما يتيتمون . يجب على المواطن ان يعي قسرا بأنه في مجتمع مدني منظم وليس بعد الجاهلية بسنة او سنتين . أذهب للمحكمة وطلق زوجتك لكن بعد موافقتها هي أيضا على ذلك . فالعالم تغير . أذهب وتزوج اخرى بعقد عند الشيخ او السيد ولكن عندما تاتيني كدولة لن أعترف بعقدك وقد تلاحق قانونيا لأنك خرقت القانون المدني ما لم تاتيني بموافقة الزوجة الأولى على زواجك الثاني وان تدفع بدلا نقديا كبيرا عن كل زوجة أضافية أو كل عقد زواج تريد تسجيله فالعالم تغير . ان تعي بأن كل طفل ستنجبه بحاجة ماسة لقائمة طويلة عريضة من الخدمات التي ستعود وتطلبها من الحكومة لذا استشر نفسك , ما هو العدد الذي تستطيع أعالته في ظل غلاء المعيشة ومتطلبات الحياة واذا لم يصل العراقي لتك المرحلة من الوعي يجب أن تدخل الدولة بثقلها المدني وتخطط لمن لا يابه لتخطيط حياته وتقول له ستسجل ذلك العدد من المواليد من كل زوجة أو تدفع بدلا نقديا كبيرا عن كل مولود أضافي , فما ذنب المجتمع كله أن يعاني بسبب وجود من لا يعي ولا يأبه وحتى لو وجد اولئك يجب أن يلجمهم القانون المدني لأن العالم تغير . لن يجدي نفعا الكذب على البسطاء باطالة اللحايا ورفع الأصوات في المنابر لأن شعوبكم اليوم تمتلك الأنترنت والفضائيات وهي على أطلاع على ما ينتهجه العالم في تنظيم مجتمعاته بعيدا عن الدين . وقد لا تستغرب أي قرار أو قانون في هذا المجال أو قد تطالب به الجماهير مستقبلا تماما كمطالبتها بأحوال معيشية كتلك السائدة في دول العالم المتقدمة فصحيح ان تلك الدول لا تلجم سكانها من نواحي الأنجاب ولكن سكانها واعون لا يحتاجون إلى قوانين كتلك التي نحتاجها اليوم نحن في هذه المرحلة التي تتطلب تنمية شاملة واعادة اعمار كل ما دمرته الحروب .





عصام سليمان – تلكيف .

Assyrian_publisher@yahoo.com

Sydney – Australia



Opinions