أغاضكِ وزيرُ النقل أم النظامُ هل السياسي (الهجين) يا دكتورة أزهار الفضلي؟ 1-3
رغم نفي وزارة النقل ما أشيع عن ذهاب وزيرها إلى كل من قطر وعمان دون تنسيق مسبق ما دفع سلطات الدولتين إلى حبسه في طائرته وعدم السماح له بدخول البلدين – أقول رغم نفي وزارة النقل لهذا القول وإصرارها على وجود تنسيق مسبق مع الدولتين "الشقيقتين جداً" ومن ثم إنقلابهما على الإتفاق، فإني أتجاهل الإشاعة والرد عليها ولا أخوض فيهما لسببين:1. إن مضمون إثارة هذه القضية من قبل الدكتورة أزهار علي الفضلي في مقالها المعنون "آخر فضائح وزارة النقل العراقية" المنشور في صحيفتي "صوت العراق" و "صوت الحرية" الإلكترونيتين (المقال مدرج في الهامش (3) في نهاية هذه الحلقة) لا يوحي بوجود أدنى قدر من المصداقية بما إدَّعَتْه من أن تصرفات الوزير أدت إلى إغاضتها إغاضةً طافحة بدعوى أنه جلب الإستخفاف والسخرية والإستهانة للعراق. أعتقد أن بيت القصيد من المقال هو أمر آخر ًيتعلق بجهد متعدد الأوجه من جانب أعداء الديمقراطية يهدف إلى الإطاحة بها عبر محاولة تسفيهها. إغتاضت الدكتورة وكأن إهانة العراق وأهله بل سحقه وسحق جماهيره المسكينة لم تحصل أبداً إلا على يد هذا الوزير و "الحكومة المطنشة الفاسدة التي ينتمي إلى حظيرتها" والتي أضحكت الخليجيين "على ما آلت اليه السياسات العراقية الإرتجالية التي شاءت الأقدار أن تكون بيد الصبيان والغلمان والمنحرفين والجواسيس" الذين شوهوا "صورتنا في المحافل الدولية" والذين أثبتوا وجهة نظر الدكتورة المحترمة حتى واصلت الحديث وهي تهتف "ألم أقل لكم إن النظام العراقي الجديد لا نظير له البتة، ولا شبيه له في عموم أقطار الشرق والغرب، إنه نظام هجين مراهق قلق متخبط ، لا تحس معه بالفخر كمواطن ينتمي إلى هذه الأرض الطيبة، التي حباها الله بكل العطايا والثروات، وأسبغ عليها من نعمته ما لم يمنحه لقارات بكاملها." ؟ (ملاحظة للتأكيد: ما بين القويسات مقتبس من مقالة الدكتورة أزهار الفضلي الذي أُدرجُه في نهاية هذه الحلقة. من جانبي أضفتُ علامة الإستفهام ؛ إذ نستها الدكتورة لأنها، كما يبدو لي، إنجرفت بجو الهتاف وظنت أنها "ميرابو" العراق وأن الثورة على الأبواب وأن مخطط "حرق الأعشاش" و "الإنقلاب الأبيض" قد نجحا أو على وشك النجاح، وأن "الضربة القاضية"، التي سأل الدكتور سيّار الجميل سيّدةَ النجاة عن موعد حصولها، آتية، كالساعة، لاريبَ فيها!!!)
هل يُعقل أن الدكتورة أزهار التي كانت تُدَرِّس في الجامعة المستنصرية وغادرت العراق إلى البحرين في تسعينيات القرن الماضي (أي بعد بدء الحصار الإقتصادي) – لم تكن على علم بفضائح النظام البعثي الطغموي* التي أبكت الدنيا بأكملها وهزتها وأضحكتها ولم تبقِ للعراق ذرة إحترام في "المحافل الدولية" الحقيقية (لا محافل الدكتورة الخليجية الوهمية)؟ ربما لم تكترث الدكتورة وهي داخل العراق ولم تكترث وهي خارجه إلا عندما ظهر من "جلب لنا الهم والغم والحزن" على حد قولها الذي يُظهر أنها، وهي في العراق أو البحرين، لم يكن لديها أي قدر من "الهم والغم والحزن".
لهذا فقد رأت الدكتورة العجب العجاب في رواية سفرة وزير النقل على إفتراض صحة ملابساتها. لو كانت الدكتورة مهتمة حقاً ب "صورتنا في المحافل الدولية" لوجهت اللوم لقطر وعمان على تشددهما لحد التزمت حيال وزير من بلد "شقيق" حتى لو لم يكن هيَّأ ترتيباً مسبقاً للزيارة. هذا هو الموقف المتوقع أن يتخذه أي عراقي غيور غير متحيز بل أي إنسان سويَ على وجه البسيطة. لماذا تبدي قطر وغيرها التساهل أزاء المسئولين الإسرائيليين ويحرمون الوزير العراقي منه. لا أبخس "فضل" قطر وأنسى الأموال الطائلة التي أغدقتها على بعضٍ من العراقيين والنائب السابق السيد علي الصجري (الذي إحتج وهجر الدكتور أياد علاوي) شاهدٌ على ذلك!!. على كل حال فهذه التصرفات المعادية ليست جديدة على قطر. ألم تجبر قطر وفد الأطفال العراقيين (قبل ست سنوات تقريباً) الذين توقفوا في مطار الدوحة، وهم في طريقهم إلى ماليزيا للمشاركة في مسابقة رياضية آسيوية، على قضاء ليلتهم مفترشين أرض المطار في الوقت الذي تعاملوا فيه بشكل محترم وإنساني مع وفود أخرى؟ أما كان ينبغي على الدكتورة توجيه اللوم للدولتين الخليجيتين بدلاً من سوق ذلك الكلام السخيف البذيء عن الصبيان والغلمان والمنحرفين والجواسيس ... ووو ... ضد الحكومة العراقية؟ ومع كل هذا وذاك فإن عمان وقطر بالذات ترغبان بإقامة علاقات طيبة مع العراق غير أنهما تواجهان ضغوطاً سعودية شديدة للحيلولة دون ذلك كما أظهرت الوثائق الدبلوماسية الأمريكية التي نشرها موقع "ويكيليكس" الإلكتروني. فليس من المستبعد أن هذين القطرين فعلا ما فعلا مع وزير النقل لكسب رضا السعودية عنهما.
مادمنا بصدد القهقهة الخليجية على العراقيين بسبب "فعلة" الوزير حتى كادت الدكتورة تجزم "أنهم إستلقوا على قفاهم من شدة الضحك"، فلابأس من تأجيل بحث المآسي التي تدمي القلوب التي سببها النظام البعثي الطغموي للعراقيين في إطار سياسة التطهير الطائفي** والعرقي والإبادة الجماعية والمقابر الجماعية والتهجير الجماعي والجرائم ضد الإنسانية فهذه أمور ليست ذات أهمية من وجهة نظر البعض رغم أنها هزت العالم هزاً– ولنتناول بضع حوادث من بين مئات الآلاف مما أضحك العالم من منطلق "شر البلية ما يضحك" إذ يبدو أن البعض صدّق أن الإرهاب الأسود الذي أعقب سقوط النظام الطغموي قد أنسى العراقيين مآسي ومهازل النظام البعثي:
- في ليلة رمضانية عام 1971، قابل الإعلامي التلفزيوني السيد إبراهيم الزبيدي (حي يرزق) الحاج خير الله طلفاح محافظ بغداد كشخصية رمضانية. تكلما عن الإشتراكية. قال الحاج للزبيدي: "هي شنو الإشتراكية، جان الخليفة عمر بن الخطاب يكَعد مع العبد ويكلمه. هذي هيه الإشتراكية. آني الآن مو كاعد وياك. بعد شكو؟!!!"
- ظهر مرة "الرفيق القائد صدام" على التلفزيزن وقال: "شنو القانون؟ جيب قصاصة ورق أوقِّعلك عليها، تصير قانون." . لم يكن الرجل يمزح أو يكذب بل كان صادقاً؛ لأن الدستورالمؤقت لبلادنا (التي أبصرَت أولى القوانين في العالم النورَ فيها قبل آلاف السنين) نص آنذاك على أن قرارات مجلس قيادة الثورة أو من يخوله هي بمثابة قوانين. وكان المجلس "الموقر" قد خوَّل رئيسه "الموقر" صدام صلاحية إصدار قرارات نيابة عنه أي إصدار القوانين!!!
- صدر قانون آنذاك يمنح الحكومة "الموقرة" حق إصدار قوانين سرية.
- صدر قانون آنذاك يقضي بإعدام كل عسكري إنتمى لحزب غير حزب البعث بأثر رجعي منذ سنة 1960.
- صدر قانون ينص على إعدام كل بعثي يشجع بعثياً آخر على ترك الحزب.
- صدر قانون ينص على إعدام كل من إنتمى لحزب البعث ولم يكشف للحزب عن ماضيه السياسي وإرتباطاته الحزبية السابقة.
- قانون يقضي بإعدام كل من إنتمى لحزب الدعوة الإسلامي بأثر رجعي.
- صدر قانون بحبس من يشتم صدام (15) سنة ومن يشتم الخالق (3) سنوات!!!
- بعد إحتلال الكويت، وصف صدام الرئيس المصري ب "حسني الخفيف". أجابه الرئيس مبارك: "هو مين الخفيف أنا أو أنت الراكب حصان وجامع الأطفال من حولك يسئفولك (أي يصفقون لك)".
- بعد تحرير الكويت قال شوارتسكوف بأنه متوجه إلى بغداد لإلقاء القبض على صدام (لم يعرف شوارتسكوف أنه ما كان يستطيع إلقاء القبض على صدام لأنه كان سيهرب إلى حفرة أو حوض تعفين مهجور كما فعل بعد(12)سنة من الممارسة والصلابة!!!). لكن بوش الأب غيّر رأيه نتيجة تدخل ملوك ورؤساء عرب خائفين من إنتصار ثورة الشعب العراقي. فخاف بوش أيضاً وصرح "شيطان معروف خير من آخر غير معروف" فسمح لصدام، في خيمة صفوان المذلة، بإستخدام الطائرات التي دكت المدن الجنوبية والوسطى والكردستانية دكاً لقمع أعنف إنتفاضة عرفها العراق منذ ثورة العشرين . عندئذ طرح الرفيق القائد تحليله السياسي وصموده وإنتصاراته للعالم عبر أهزوجة رددها نعاج حزبه "هذا بوش المايتبوَّش، دسنه كلج أوبوَّشنا".
- على إثر ذلك راح الخليجيون يتندرون بسمات قائدنا الفلتة وإنتصاراته، وأصبحوا يعرفونه أكثر مما يعرفون العراق. فتردد السؤال التالي بين الخليجيين "من هو البلد النفطي إلّلي رئيسه عفطي؟"
- ظهر في فضائية الحرة قبل سنوات مَنْ أكَّدَ روايةً ضَحكَ لها العالم ، وأنا كنتُ من بين من إعتقدوا بأنها من تأليف أحبابنا المعارضين. قال الرجل: إستُدْعِيتُ لمديرية الأمن العامة لأنهم علموا بأنني قد حلمتُ أني أصبحتُ وزيراُ. أرادوا أن يعرفوا كيف أصبحت وزيراً ومن كان معي في الوزارة!!!!
- على إثر تحرير الكويت وتدمير العراق هبطت قيمة الدينار العراقي (7000) مرة وتبخر رصيد العراق الإحتياطي بل تراكمت عليه ديون قاربت التريليون (ألف مليار) دولار؛ وهبط معدل الدخل الشهري للفرد العراقي إلى (2) دولار وهم أبناء "هذه الأرض الطيبة التي حباها الله بكل العطايا والثروات وأسبغ عليها من نعمته ما لم يمنحه لقارات بكاملها." على حد قول الدكتورة التي لم تنبس ببنت شفة حول مهالك النظام البعثي التي أنزلها بالشعب العراقي، بينما إرتفع صوتها حينما إرتفع معدل الدخل الشهري الآن إلى (240) دولاراً وإرتفع معدل صرف الدينار مقابل الدولار من (3000) ديناراً إلى حوالي (1170)، كما إرتفع الرصيد الإحتياطي إلى (50) مليار دولار رغم الديون الخليجية التي لم تشطب والتي أعطيت لصدام لا لإعمار العراق بل لإدامة الحرب مع إيران وحرق العراقيين فيها (لذا يُطلق عليها إقتصادياً إسم "الديون القذرة"). تم هذا على يد حكومة أسمتها الدكتورة الفضلي بصاحبة "السياسات العراقية الإرتجالية التي شاءت الأقدار أن تكون بيد الصبيان والغلمان والمنحرفين والجواسيس".
أما تدعو هذه الترهات من جانب الدكتورة إلى القهقهة الحقيقية الممزوجة بالصراخ؟
كل واحدة من هذه الأمور تضحك حتى الحجر أمّا أسى على العراقيين أو سخريةً من النظام البعثي الطغموي. أتحدى الدكتورة أزهار الفضلي إن أبرزت سطراً واحداً إنتقدت فيه أولئك الحكام البعثيين الذين ، حسب تنويهها، ما أن أُزيحوا من السلطة حتى ضحك الناس "...على ما آلت إليه السياسات العراقية الإرتجالية التي شاءت الأقدار أن تكون بيد الصبيان والغلمان والمنحرفين والجواسيس". يالها من ذكية ووطنية وديمقراطية!!!
(1)
الطغمويون والنظم الطغموية: هم أتباع الطغم التي حكمت العراق وبدأت مفروضة من قبل الإحتلال البريطاني في عشرينات القرن الماضي، ومرت النظم الطغموية بمراحل ثلاث هي: الملكية السعيدية والقومية العارفية والبعثية البكرية-الصدامية. والطغمويون لا يمثلون أيا من مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية بل هم لملوم من الجميع ، رغم إدعائهم بغير ذلك لتشريف أنفسهم بالطائفة السنية العربية وللإيحاء بوسع قاعدتهم الشعبية. مارستْ النظمُ الطغمويةُ الطائفيةَ**والعنصريةَ والدكتاتوريةَ والديماغوجيةَ كوسائل لسلب السلطة من الشعب
وإحكامالقبضة عليها وعليه. بلغ الإجرام البعثي الطغموي حد ممارسة التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية والمقابر الجماعية والجرائم ضد الإنسانية كإستخدام الأسلحة الكيمياوية في حلبجة الكردستانية والأهوار. والطغمويون هم الذين أثاروا الطائفية العلنية، بعد أن كانت مُبَرْقعَةً، ومار سوا الإرهاب بعد سقوط النظام البعثي الطغموي في 2003 وإستفاد الإحتلال من كلا الأمرين، فأطالوا أمد بقاءه في العراق بعد ثبات عدم وجود أسلحة الدمار الشامل. كان ومازال الطغمويون يتناحرون فيما بينهم غير أنهم موحدون قي مواجهة الشعب والمسألة الديمقراطية؛
كماإنهم تحالفوا مع التكفيريين من أتباع القاعدة والوهابيين لقتل الشعب العراقي بهدف إستعادة السلطة المفقودة.
(2)
الطائفية: للطائفية معنيان: أحدهما عقائدي وهي طائفية مشروعة إذ تبيح لائحة حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة حق إعتناق أية ديانة وأي مذهب ومعتقد ديني أو سياسي أو إيديولوجي شريطة ألا يدعو إلى الكراهية والعنف والحرب. إن محاولة توحيد أصحاب المذاهب من الديانة الواحدة هو ضرب من الخيال. فالطريق الأسلم والحل الصحيح هو أن يحترم كلُ شخصٍ قوميةَ ودينَ ومذهبَ وفكرَ الآخر على ما هو عليه دون قمع أو إقصاء أو تهميش أو إكراه على التغيير القسري؛ ويتم كل ذلك في إطار الدولة المدنية الديمقراطية التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات. أما
الطائفية المقيتة والمدانة فهي الطائفية السياسية، بمعنى إضطهاد وإقصاء وتهميش طائفة على يد طائفة أخرى أو على يد سلطة طغموية لا تمت بصلة لأية طائفة. لو تعمقنا في موضوع الطائفية السياسية لوجدناها ترتبط بمصالح طبقية. والطائفي هو من يمارس الطائفية بهذا المعنى أو يؤيدها أو يدعو لها.طائفية السلطة الطغموية ضد الشيعة وغيرهم هي التي حصلت في العراق إبان العهد الملكي السعيدي والقومي العارفي والبعثي البكري- الصدامي؛ ولم يحصل إضطهاد طائفة لطائفة أخرى. وعلى يد تلك النظم الطغموية مورست العنصرية، أيضا، ضد الأكراد والتركمان والقوميات الأخرى،
كما مورس إضطهاد الأحزاب الديمقراطية واليسارية وخاصة الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي بسبب أفكارها الديمقراطية والوطنية والتقدمية. وقد حوربت الأحزاب الدينية الديمقراطية بوحشية خاصة أثناء الحكم البعثي الطغموي. الحل الصحيح للقضاء على الطائفية السياسية يكمن بإعتماد الديمقراطية بكامل مواصفاتها اساساً لنظام الدولة وعدم حشر الدين في الشئون السياسية. لا نجد اليوم في الدستور العراقي والقوانين ما ينحو بإتجاه الطائفية. وحتى برامج الأحزاب الدينية لا تحتوي على هكذا إتجاهات. وهو أمر يدعو إلى التفاؤل والتشجيع، آخذين
بنظر الإعتبار ضرورة التمييز بين ما هو شأن سياسي وما هو شأن ثقافي تراثي شعبي قابل للتطوير في أشكاله الطقوسية.
أصل مقال الدكتورة أزهار علي الفضلي:
كان من المتوقع أن تتجاهل الحكومة العراقية الفضيحة المزدوجة, التي جلبها لنا وزيرها المدلل عامر عبد الجبار في مطار الدوحة ومطار مسقط, فقد صفعه القطريون على خده المفلطح الأيمن, وصفعه العمانيون في اليوم نفسه على خده الآخر, فتغاضت الحكومة العراقية عن الحادث كعادتها في كل مرة, ولم تبد أي تذمر, كما لو كانت متعودة على تلقي الصفعات والركلات.
صفعتان خليجيتان في يوم واحد, كانت الأولى في الدوحة والثانية في مسقط, اغلب الظن أن الخليجيين كانوا يتفرجون على هذه المسرحية الساخرة, التي كتب تفاصيلها مهندس المشاريع العراقية الفاشلة في زمن السقوط والتردي, وأكاد اجزم أنهم استلقوا على قفاهم من شدة الضحك, على الطائرة العراقية وهي تحوم فوق دول مجلس التعاون الخليجي, وتبحث لها عن عش يؤويها, فلم تلق غير الهش والنش والطرد,
وأُغلقت المطارات الخليجية كلها بوجه الوزير الطائش, وتعاملت معه بتعال وعجرفة كما كانت تتعامل مع الشغالات السريلانكيات في ثمانينات القرن الماضي, أما اليوم فالمطارات الخليجية تتعامل معهن بأسلوب حضاري, وتستقبلهن بأفضل بكثير مما استقبلت به وزير النقل العراقي, الذي احتجزته في مقعده داخل الطائرة, مثلما تحتجز المشبوهين بالاتجار بالمخدرات, وحولته إلى مادة للسخرية والأخبار الطريفة النادرة, وجعلته أضحوكة للرايح والجاي, ولم تسمح له بملامسة أرضها وتربتها.
وجهت له الدوحة اهانة ما بعدها اهانة, وصفعته مسقط صفعة قاسية شعرنا بها جميعا, وتصرفت معه بأساليب مبتذلة جرحت كرامتنا, وأساءت ألينا كلنا, لكنها لم تجرح مشاعر الوزير الطافش أبدا, ولم تجرح مشاعر الحكومة المطنشة الفاسدة التي ينتمي إلى حظيرتها, والتي كانت ولا تزال سخية جدا في فتح منافذها الحدودية على مصراعيها, من مخفر صفوان الى مخفر ربيعة, ولم تكن بخيلة أبدا مع أبناء الأمراء القطريين الباحثين عن متعة صيد الصقور وطيور الحبارى في البوادي العراقية العذراء.
ألم اقل لكم ان النظام العراقي الجديد لا نظير له البتة, ولا شبيه له في عموم أقطار الشرق والغرب, انه نظام هجين مراهق قلق متخبط, لا تحس معه بالفخر كمواطن ينتمي إلى هذه الأرض الطيبة, التي حباها الله بكل العطايا والثروات, وأسبغ عليها من نعمته ما لم يمنحه لقارات بكاملها.
ان قلبي يكاد ينفجر من الغضب وانا أشاهد ما فعله بنا هذا الوزير الطائش, الذي يجهل ابسط مبادئ الدبلوماسية, ويركب الطائرات والقطارات, واليخوت, ويصطحب معه في جولاته الصبيانية أفواج من الإعلاميين والمطبلين والمزمرين, وتحف موكبه جوقة من المهرجين, تراه يتنطط في كل مكان مثلما يتنطط الأطفال, ويتحرك على هواه من غير رادع ولا وازع, ويتصرف حسبما تملي عليه نزواته وشطحاته من دون ضوابط ولا قواعد.
لقد كتبت عنه الصحف الخليجية, بعد فضيحة الدوحة, مئات المقالات الساخرة, وكانت تتندر في كتاباتها على ما آلت إليه السياسات العراقية الارتجالية التي شاءت الأقدار ان تكون بيد الصبيان والغلمان والمنحرفين والجواسيس.
ووصلت السخرية بالصحف الخليجية إلى المستوى الذي جعلها تشوه صورة شعار الخطوط الجوية العراقية بعبارة (خطوط الحرامية العراقية), بل انها كتبت تحت الشعار عبارة بالانجليزية مخدشة للحياء, لا يسمح لي حيائي كامرأة ان أترجمها لكم, لكنني اترك لكم حرية ترجمتها على انفراد, فقد كتبوا تحت شعار الخطوط الجوية العراقية, عبارة:
(Ass Airways)
يا للعار, يا للمصيبة, ويا للخسة, ويا للنذالة, اللهم اخسف الأرض بكل من جلب لنا الهم والغم والحزن, اللهم اهلك كل من شوه صورتنا في المحافل الدولية, ولا تؤاخذنا بما فعله هؤلاء السفهاء والمنحرفون. وصدق من قال:
من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميت إيلام