Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

أفلاطون وأرسطو والنظام السياسي في العراق

هناك عدة مفاهيم للنظام السياسي للدولة منها المفهوم الضيق الذي يعبر عن مجموعة من المؤسسات الرسمية الدستورية - القانونية التي تشكل الحكومة ، وهناك ايضاً المفهوم الواسع الذي يشمل كافة اشكال الممارسات السياسية التي لا تقتصر على النظام السياسي للدولة وحسب ، بل على حقائق الحياة السياسية ايضاً ، اما المفهوم الأوسع الذي ينظر الى النظام السياسي باعتباره مجموعة عمليات متقاطعة او نظاماً فرعياً يتفاعل مع بقية الأنظمة الأخرى من اقتصادية واجتماعية وثقافية --- وهذا الاتجاه يؤكد اهمية دراسة التطور السياسي من جوانبه المختلفة.ومن خلال دراسة هذه المفاهيم تطور مفهوم النظام السياسي للدولة منذ ان عرف الانسان نفسه ( اعرف نفسك ايها الانسان ) - سقراط -( 470 - 399 ق . م ) اي منذ قيام الحضارات الشرقية : من ابداع المصريين في فن الهندسة والرياضيات ومسح الارض وبناء الاهرامات وفن التحنيط ، وما يقال عن المصريين ينطبق على البابليين الذين اوجدوا علم الفلك ليفيدهم في الزراعة ، ووضعوا او القوانين ( حمورابي ) ا، واختراع الكتابة وايجاد المكتبات ودور الكتب في الحياة العامة ، والسؤال الذي يطرح نفسه هو : ألم يكن كل هذا تهيئة ونتيجة لولادة انظمة حكم؟ وهذه الأنظمة تختلف باختلاف الظروف الذاتية والموضوعية التي مر بها الفكر الانساني من تطور ، مثلا قال فيثاغورس (275 - 497 ق.م ) ان الناس ثلاثة فئات وشبههم بالجماعات التي تحضر المباريات الاولمبية - فئة تحضر للمشاركة ( الشعب ) ، واخرى للتجارة ( طبقة التجار ) ، والثالثة للملاحظة ( الفلاسفة والحكام ) ( را: الصراف نوال/ المرجع في الفكر الفلسفي - دار الفكر العربي 1983 ص8 سطر26 ) ، من خلال نظرة فيثاغورس نتبع اثر ملموس لنوع من انواع النظام السياسي ، وها هو افلاطون ( 428 - 348 ق.م) احد عظماء فلاسفة اليونان يضع نظرية في السياسة نتيجة تأثره باعدام سقراط (470-399ق.م) الذي اقنعه بعدم ملائمة الحكم السياسي انذاك لا نظرياً ولا عملياً ، لذلك جاء بفكرة بناء المدينة الفاضلة ، مدينة متكاملة ومتميزة بفئات ثلاث : الفئة الاولى - فئة الحكام او الملوك او الفلاسفة- وهي قليلة جداً وتتميز بعلمها ومقدرتها وكفائتها العقلية في ادارة الدولة ،والفئة الثانية - هي فئة الجنود التي تتميز بفضيلة الشجاعة ، والفئة الثالثة - هي فئة العامة والتي تتكون من المنتجين والحرفيين والعمال ، ويقول ان الدولة تبعاً للسياسة تنقسم الى ثلاث : غاية الدولة ومهمتها ، نظام الطبقات ، والثالث - المدينة الفاضلة ، ويؤكد بأن على الدولة ان تهيأ احسن الظروف لتحقيق الفضيلة ، وان الدولة تتكون من افراد مختلفوا الطبيعة ، لذا تكون حياة فئة العمال والزراع والصناع اقرب ما تكون الى حياة الخنازير ، ( را / بدوي عبد الرحمن / موسوعة الفلسفة - ج1 -
بيروت 1984 ص182 سطر18) ،لننظر مرة أخرى الى تطور مفهوم النطام السياسي للدولة حيث رأيناه بوضوح عند افلاطون ، وسنراه بشكل أوضح عند أرسطو 384 - 322 ق . م ) عندما يقول : ان غياب الحكومة تعني الفوضى ، هذا قول كان قبل 2325 سنة تقريباً ولم يكن يعلم ارسطو ان مقولته هذه سوف تنطبق على حال العراق اليوم،وخاصة تأكيده على أهمية الصفات الفردية والحرية الشخصية كون المواطن في دولة أرسطو هو الشخص الحر الذي يفرغ حياته لخدمة الدولة ، وخاصة ان كانت - أي الدولة - تحميه وتلبي طلباته ! كم أنت عظيم سيدي الفيلسوف وخاصة ان معظم لا بل جميع المفكرين والفلاسفة واللاهوتيين لا يمكنهم خطو خطوة إلا ويمرون بأفكارك النيرة التي هي حية وستبقى كونها تلبي مطالب فكر وطموحات الحياة الحرة الكريمة ، وخاصة انه يعتبر ملك التفكير العلمي الفلسفي المعتمد على الملاحظة " انظر - نوال الصايغ - المرجع في الفكر الفلسفي - دار الفكر العربي ص 83 سطر 25 " ، نعم تأثر ارسطوبالأفكار العلمية التي سبقته وخاصة طاليس وانكسيمندر وهيرقليدس والذي قرأ عن نظرية التغير - فالأشياء في تغير مستمر ، وهناك حركة وتغير دائمين ما عدا شيئ واحد يبقى ثابتاً وهو القانون ، هكذا تأثر الفيلسوف بهذه الأفكار غير ان اتجاهه كان انسانياً اكثر منه طبيعياً ، وبداية تفكيره العلمي في هذا المجال هو بداية صراع مع تفكير افلاطون ، وكما نوهنا اعلاه ان هذا الصراع ما زال حياً وسيبقى مما حدا بأحد الفلاسفة ان يقول : - ان كل واحد منا اما ان يولد افلاطونياً او ارسطوطالياً ، عليه نرى ان الصراع القائم والموجود أصلاً بين مختلف التيارات الفكرية ( السياسية - الأحزاب والمنظمات ، والدينية - بين الكنيسة الواحدة والكنائس المتعددة ، وبين التيارات الفكرية والفلسفية الأسلامية المتعددة أيضاً ، ) هو نتيجة الصراع بين تفكيرين ، بين نظريتين ، بين نظرتين ، بين موقفين ، بين المطلق والنسبي ، بين الحسي والمثالي ، بين الكلي والجزئي ، بين العلمي والميتافيزيقي ، نعم ان كليهما لم يأت بالحقيقة الكاملة غير انه لا يمكن رفض تفكير احدهما على حساب تفكير الآخر لوجود عنصر مشترك في تفكيرهما وهو البحث عن الحقيقة ، فعليه ان من اهم الأسباب للصراع الدائر الآن في العراق هو بين الموقفين المتناقضين ( كل فكر منهما له تفرعاته واتجاهاته المتعددة ) ، فهل يمكن دمجهما؟ تجيب د نوال الصراف بنعم على الأقل كمسعى ! كون احدهما بحاجة للآخر، ولكن هناك تفاوت كبير بين مفهوم الله ومفهوم العالم بين الأتجاهين ، وبين نظرة كل منهما الى الأنسان كبشر له حياته وكرامته وقيمه واخلاقه وحريته ، وبين الأنسان كسلعة ، كعبد ، يقول نعم مولانا مع انحناءة ، وان قال لا ولو لمرة واحدة يهدر دمه ، ويكون من الكافرين ، ويسحب منه البيت الذي منح له في الجنة ويعطى لمن ينحني أكثر مع المشروب والغلمان والحوريات ، وكلما ينحني أكثر ويقول نعم ونعم ! يزاد له عدد المتعة الجسدية في الجنة ، أي في حضرة الله ، وكأن الرب يرتاح عندما ينظر الى ممارسة المتعة الموعودةالموجودة في خيال و تفكير هؤلاء ، فهل يا ترى يمكن دمج المتناقضات ، ماذا يحدث عندما يلتقي التيار الكهربائي السالب مع الموجب ، وماذا يحدث عندما يتوازيان ،من هنا تبدأ الحرومات والأنشقاقات والمواقف المتباينة بين الحزب الواحد ، والمذهب الواحد والطائفة الواحدة ، والدين الواحد ، وبالنتيجة بين المذاهب والطوائف والأديان الأخرى ، فهل يمكن دمج الحرية مع العبودية ، والحق مع الباطل ، والخير مع الشر ، لذلك لا يمكن أبداً أن يكون هناك نظام سياسي في العراق مبني على التناقضات ، وعليه سوف تكون هناك حكومات عدة في المستقبل لحين التقاء الخير مع الخيرين ، وان يكون هناك إحترام لكرامة الشخص البشري ، أي الأنسان كقيمة وليس كبهيمة ، والأعتراف بالآخر مهما كان دينه ولونه وشكله ، لا سيد ولا عبد ،لايوجد ولا يمكن أن يوجد أحد ( نقصد اية جهة ) ان يقول : انني أو اننا نمتلك كل الحقيقة ، أو نملك الحقيقة كاملة ! والا اصبح أو أصبحوا في مقام الله ، لا ومليون كلا ، الكل سواسية عدا ما يقدمه كل إنسان ، نعم كل إنسان مهما كان منصبه ، الديني والسياسي ، ما يقدمه لأخيه الأنسان من خير وحق وطمأنينة ، والا سنرى 7 سبع سنوات أخرى عجاف .

shabasamir@yahoo.com Opinions