ألقوش الكلدانية
ألقوش تلك القرية الموغلة في التاريخ، القوش هذه القصبة القديمة الحديثة، ألقوش التي جاء ذكرها في الكتاب المقدس لمرات عديدة ، وتحديداً في سفر ناحوم النبي، ألقوش التي طاب لهذا النبي أن يسكن فيها ويتفيأ بظلها ، لذا أختارها معبداً له لتقديم صلواته لله عز وجل ، قبل بزوغ الفجر وحتى المساء ، في ألقوش كتب هذا النبي نبوءته التي حملت أسمه والتي تنبأ فيها بخراب نينوى ، ألقوش لم تكتف بأحتضان هذا القديس فقط ، ولكنها أحتضنت رفات قديسين منهم مار ميخا النوهدري ومار قرداغ والربان هرمز ، القوش قلعة من قلاع الكلدان ، لها مكانتها المتميزة في قلب كل كلداني غيور شريف لم ينكر أصله وقومه ولغته وتاريخ أجداده .لقد أدنحر الآشوريين أمام التحالف الميدي الكلداني ولم تقم لهم قائمة لحد اليوم ، وسقطت جميع المناطق بيد الكلدانيين ، وأصبحت الأقاليم الآشورية وجزء من الأقاليم التركية وسوريا ولبنان وفلسطين تحت السيطرة الكلدانية ، وأصبحت جميع الأقاليم كلدانية ، تابعة للأمبراطورية الكلدانية ، وقد أعتبر الحكم الكلداني هو آخر حكم وطني حكم العراق ، ولم يكن غيره حكماً وطنياً حكم العراق ، وأستمر هذا الحكم إلى سنة 538 ق . م عندما غزا المغول العراق وأسقطوا الحكم الكلداني ، وحسب ما يقول عبد الأحد أفرام بأن الكلدانيين هي تسمية لشعب متعدد القبائل :
" إن التواجد الكلداني في المنطقة المعروفة حالياً بشمال العراق وحتى جنوب تركيا وأجزاء من إيران كان كثيفاً أبتداءاً من الألف الأول قبل الميلاد، اي قبل أن يكون هناك مسيحيون ومسيحية ، وقبل أن يكون المعتقد الكاثوليكي وغيره ، فالكلدان أقدم من الديانات نفسها ، والسبب في ذلك هو قيام الملوك الآشوريين بعد هجماتهم المستمرة على بلاد الكلدان وعاصمتهم بابل ، قاموا بتهجير وترحيل سكان تلك الإمارات إلى بلاد آشور ، بالإضافة إلى الهجرات الإدارية من قبل الكلدان أنفسهم وذلك بعد سقوط دولتهم عام 538 ق .م لذا أرتفع عدد الكلدان في تلك المناطق ليصبح أكثرية وبقية الأقوام أقلية ، كما أطلق العديد من الكتاب والباحثين على تلك المناطق الجبلية تسمية كلدانستان ، لكون معظم سكانها من الشيع الكلدانية : أبلحد أفرام الكلدان في التاريخ – ج 11 ص 13
لم يكن أسم القوش مقترناً بآشور إلا في مراحل قليلة ، وهي عندما يذكر الموقع الجغرافي ، أو في حالة التمييز بين ألقوش فلسطين وألقوش العراق ، ولكن ألقوش أقترن اسمها بأسم ناحوم أكثر مما أقترن أسمها بأسم آشور ، ذلك النبي الذي يقدّسه اليهود ، واليوم بالتأكيد قد أستبدل أسمها إلى ألقوش العراقية وذلك بعد اندثار مملكة آشور وأنتهائها بسقوطها على يد الكلدانيين قبل ميلاد السيد المسيح بأكثر من ستمائة عام .
ثم يذكر المطران بابانا ما معناه أندثار آشور وتسمية القوش بألقوش العراق حيث ذكرذلك صريحا مما جاء في ص 34 النقطة 6 :
" إن زيارة اليهود لقبر النبي ناحوم في ألقوش آشور ( العراقية ) " . طبعاً لم يأت هذا الكلام أعتباطاً حيث وضع المؤلف بين قوسين كلمة العراقية ، وهو ما يدل على أنها حالياً القوش العراقية وكذلك ورد في ص 29 السطر الأول " قبر ناحوم في ألقوش آشور ( العراق ) ". وكذلك ورد في ص 35 النقطة 7 السطر 6 " ألقوش آشور ( العراق )
وللتأكيد على كلدانية سكان ألقوش ما يقوله المؤلف في ص 21 :
" وما نأخذه عليه أنه قال : ان سكان هذه القرية – أرمن – ويجوز ان تكون غلطة مطبعية وليس تاريخية وقد سجل كلمة Aramean وأفتهم صاحب المطبعة Armenian لتشابه اللفظ باللغة الفرنسية " . وذكر سابقاً بأن الآراميين هم الكلدان والسريان .
السؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو : لماذا سمي ناحوم ب ناحوم الألقوشي ؟ ولم يسمى ناحوم الآشوري ؟ ولماذا لم يحمل الآشوريين النبي ناحوم من الأنتساب إليهم ؟ .
لأن ناحوم من مدينة القوش فمن الطبيعي ان يتسمى القوشياً – المصدر السابق ص 38 السطر 12.
يقول المصدر " لقد أحتل الآشوريون مدن كثيرة من بينها مدينة نوأمون العاصمة المصرية ( النقطة 2 ) وذلك سنة 633 ق . م ونوأمون هي مدينة الأقصر حالياً ، فهل يستطيع آثوريو اليوم المطالبة بالأقصر والمناداة بها كمدينة آشورية ؟
لماذا المطالبة بألقوش الآشورية ونغض الطرف عن أربيل الكردية وتكريت العربية والأقصر المصرية ؟
يقول المصدر :
" وهكذا أصبحت ألقوش مركزاً حسّاساً للكنيسة المذكورة ( أي الكنيسة الكلدانية ) مدة أجيال خلت وقرون مضت حيث كانت كرسياً للبطريركية المشرقية ( لكل الشرق من 1504 – 1837 ) ثم بقيت أكثر من ثلاثة قرون مدرسة لتثقيف الرهبان وأبناء الملّة فتخرج منها المطارين والأساقفة ليوفدوا إلى كل أنحاء البلاد الخاضعة للبطريركية الكلدانية البابلية المشرقية ".
ص 10 ألقوش عبر التاريخ
ومما يذكر عن صفات ألقوش ومكانتها يقول المصدر في ص 12 :
" فأصبحت القوش مهد الفضيلة والعلم بالنسبة للكنيسة الكلدانية " .
إذا كانت آشورية الهوية فلماذا يصفها المؤلف عَلَماً للكنيسة الكلدانية ؟ هل يجوز أن تعمل الكنيسة الكلدانية لغير الشعب الكلداني ؟ ألقوش هذه هي مدينة العلم والعلماء ومسقط رأس الشرفاء والرجال الأشداء ، القوش أنجبت كهنة ورجال دين يتمنطقون بالفضيلة والأخلاق الراقية وتقوى الله ، القوش الكلدانية أنجبت رجالاً يفدون الغالي والنفيس في سبيل علو أسم القوش ، حيث يقول المطران :
" ولد فيها الأحبار ذوو الأيادي البيضاء خلال مئات السنين فأصبحوا بسيرهم نبراساً للشعب الكلداني حتى يومنا هذا " المصدر السابق ص 12 السطر 18و19
المستشرق البريطاني أوستن هنري لايارد جاء إلى ألقوش في 1894 وألّف كتاباً في نفس السنة ذكر فيه وصفاً عن القوش في الفصل السابع منه ص 232 – 236 وذلك بعد زيارته معلثايي يقول ما نصه – مترجم عن الأنكليزية :
" القوش بلدة صغيرة مسيحية سكانها كانوا سابقاً كلدان نساطرة أهتدوا إلى الكثلكة ، وحسب التقليد العام الحقيقي كلداناً ". ألقوش عبر التاريخ – الفصل الأول – ص 24و25
إن هذا المستشرق هو بريطاني الجنسية ، ولا يهمه ما تكون ألقوش أو ما هي قومية أهل ألقوش ، ولكنه لم يشأ إلا أن يتكلم الصدق والصراحة ، وكتب الحقيقة كما رآها ، وقد فصّل بوضوح لا لبس فيه بين المذهب والقومية ، فقال بالصراحة التامة كلدان نساطرة ، اي أنهم قومياً كلدان ومذهبياً يتبعون البدعة النسطورية ، ومن ثم هؤلاء الكلدان الهوية أقتبلوا التعليم الكاثوليكي القويم ، أما هم فبالحقيقة كلداناً وليسوا غير ذلك ... أين هم منتحلوا الآشورية من الكلدان البائعي هويتهم القومية ..
ولكن هل يعقل أن يتسمى مذهب واحد بتسميتين ؟ هل يعقل بأ نقول ... العرب الشيعة ونقول يقصد بها الشيعة فقط ؟؟؟؟؟؟ ولكن هناك من يريد خلط الأوراق ويبين للعالم بأن الكلدانية مذهب وليست قومية ... أما لماذا ... فأشيركم إلى قراءة هادئة للرد الذي تكرم به مشكوراً المؤرخ الكلداني الأستاذ الشماس گورگيس مردو .
وإلفى القاء في الحلقة القادمة . مع تحيات نزار ملاخا
19/2/2007